التايمز: قيس سعيّد يقود تونس نحو الاستبداد
إعداد بلال ياسين
نشرت صحيفة “التايمز” تقريرا عن الوضع في تونس، وقالت إن الديمقراطية الوحيدة في العالم العربي تنزلق نحو الديكتاتورية.
وقالت إن الرئيس التونسي قيس سعيّد رفض التخلي عن السلطات الطارئة التي منحها لنفسه بموجب المادة 80 في الدستور التونسي الشهر الماضي، وقرر تعليق البرلمان لأجل غير مسمى، ما أثار اتهامات بأنه يقود الدولة الوحيدة من دول الربيع العربي التي خطت مسارا ديمقراطيا والعودة بها من جديد نحو الاستبداد.
وبدعم من الجيش قام سعيّد بعزل رئيس الوزراء وتعطيل البرلمان في 25 تموز/ يوليو، ومنح نفسه سلطات تنفيذية طارئة لمدة 30 يوما.
لكن الرئيس وقبل دقيقة من انتهاء المدة أصدر مرسوما رئاسيا جاء فيه إن “الإجراءات الاستثنائية” ستبقى لأجل غير معلوم. ولم يقدم تفسيرا لقراره، ولكنه قال إنه سيلقي خطابا للأمة.
وشجب مايكل غاهلر، المقرر الدائم في البرلمان الأوروبي التحرك، واعتبره “هجوما على قلب الديمقراطية التونسية”.
واتهمت حركة النهضة كبرى الأحزاب في البرلمان سعيّد بأنه “يجر البلد بعيدا عن حكم القانون”.
وأدت الانتفاضة التي عرفت بالربيع العربي في تونس عندما أحرق بائع الفاكهة محمد بوعزيزي (26 عاما) نفسه وأدت لرحيل الديكتاتور زين العابدين بن علي. وعقدت تونس بعد الثورة سلسلة من الانتخابات الحرة وتمتع سكانها بحرية التعبير في وقت عانت فيه دول أخرى مثل اليمن وليبيا وسوريا من حروب وديكتاتورية عسكرية كما في مصر.
إلا أن الديمقراطية التونسية الناشئة لم تسهم في تحسين ظروف الحياة كما توقع السكان، ما عبد الطريق أمام قيس سعيد (63 عاما)، المحاضر السابق في القانون للفوز بانتخابات عام 2019 على بطاقة مكافحة الفساد.
وأكد سعيد أن قراراته بمحاصرة الجيش مقرات الحكومة وفرضه منعا للتجوال مبررة بسبب الوضع الاقتصادي السيئ وإثر فيروس كورونا وعجز الحكومة السابقة.
وحثته الولايات المتحدة والدول الغربية على العودة إلى المسار الديمقراطي وضمان الحريات والحقوق التي حققها البلد خلال العقد الماضي.
واقترحت استطلاعات الرأي أن تحركات سعيد حظيت بدعم شعبي، لكن الأسابيع الماضية أظهرت عدم ارتياح من “التحول نحو الاستبداد”.
ولم يعين سعيّد بعد رئيسا للوزراء، وتم اعتقال عدد من النواب بناء على تهم قديمة. وتم وضع قضاة ورجال أعمال ومسؤولين تحت الإقامة الجبرية، أو منعوا من السفر، وبدون إبداء أسباب.
وعلل سعيد الفساد بأنه “نتاج عشرة أعوام من السرقة وعدم تطبيق القانون”. وبرر أفعاله بناء على المادة 80 التي تسمح للرئيس بتولي السلطات التنفيذية وبشكل مؤقت حالة تعرض البلد للخطر.
وقالت سناء بن عاشور، المحاضرة في القانون الدستوري بجامعة قرطاج، إن قرار تمديد الفترة الطارئة لأجل غير مسمى غير قانونية، رغم مزاعم سعيد، وأضافت: “نحن في الطريق لدفن الدستور”.
وجاء تحرك سعيد الشهر الماضي بعد تظاهرات ضد الحكومة وطريقة معالجتها لأزمة كوفيد-19، ورحب الكثيرون بعزل رئيس الوزراء هشام المشيشي الذي لم يكن يحظى بشعبية.
وتولى الجيش مهمة احتواء كوفيد-19، وزاد من عمليات توفير اللقاح إلى نصف مليون في اليوم، وبدعم أجنبي.
ووصفت النهضة قرار سعيد في البداية بالانقلاب، ثم خففت من لهجتها بعد التأكيد أن الإجراءات هي لمدة محددة.
وتعاني الحركة من خلافات داخلية فاقمت الأزمة السياسية. وأعلن زعيمها راشد الغنوشي قبل ساعة من إعلان الرئيس عن حل المكتب التنفيذي بعد دعوات لاستقالته.
وفي مقابلة مع “التايمز” الشهر الماضي، اتهم الإمارات بدعم تحركات سعيد، مضيفا أنها عازمة على “إنهاء إصلاحات الربيع العربي في تونس”.
ودعم الاتحاد العام التونسي للشغل إجراءات سعيد، ولكنه دعا للعودة في المستقبل إلى الديمقراطية.
وقال محمد علي البوغديري، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد: “البرلمان هو مصدر الأزمة، وسعيد بحاجة لوقت لحل المشاكل”.
ورغم المطالب الواسعة، فلم يقدم سعيد “خريطة طريق” لحل المشاكل وإعادة الحريات الديمقراطية. وقال سعيد: “من يتحدث عن خرائط فليبحث عنها في كتب الجغرافيا”.
المصدر: عربي21