البيان الختامي للملتقى الدولي الثالث لمؤسسات العلماء
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين؛ وبعد:
فقد لبى علماء الأمة أفراداً ومؤسسات من أكثر من 30 دولة نداءات غزّة العزّة التي أثخنتها الجراح وأجلب عليها العدو الصهيوني المجرم وحلفاؤه من الأمريكان والأوروبيين بخيلهم ورجلهم وبوارجهم ودباباتهم يبيدون البشر والحجر، واستغاثات المسجد الأقصى المبارك الذي يستفردُ به الصّهاينة فيعيثون فيه خرابًا وتقسيما، وصرخات فلسطين التي تعاني احتلال العدوّ وخذلان كثير من المنتسبين إلى الأمّة.
ولقد وفق الله تعالى ويسر أن يختم الملتقى الدولي الثّالث لمؤسسات العلماء الذي انعقد في إسطنبول يومي الخميس والجمعة الثالث والعشرين والرابع والعشرين من جمادى الأولى لعام 1445 الموافق للسابع والثامن من ديسمبر كانون الأول لعام 2023م،
وبحث فيه العلماء في الجرح النازف في غزّة العزّة وواجبات العلماء العاجلة والأمة الإسلاميّة تجاهها، وما يجري في القدس والمسجد الأقصى المبارك وسائر مناطق فلسطين من عدوان متصاعد، وفي ختام الملتقى يؤكد المشاركون على الآتي:
أولًا: يتقدم الملتقى الدولي الثالث لمؤسسات العلماء بأعظم تحيات الاعتزاز والإجلال إلى أهلنا الصابرين الثابتين في غزة العزّة الذين يضربون للعالم أروع الأمثلة في الصمود والثبات، وللمجاهدين الأبطال من كتائب وفصائل المقاومة الذين يدافعون عن كرامة الأمة جمعاء بجهادهم ومقاومتهم.
ثانيًا: يعلن العلماء بكل وضوح أن العبور الكبير في طوفان الأقصى يوم السابع من أكتوبر هو يومٌ من أيّام الله تعالى، أعزّ الله فيه الحقّ وأهله، وأذلّ فيه الباطل وأهله، وأنّ كلّ محاولات العدوّ المستميتة مع أذنابه في تشويه ذلك اليوم وإفراغه من حقيقته إنما هي محاولة بائسة يائسة لتشويه الجهاد في سبيل الله تعالى وما كيد الظالمين إلا في ضلال.
ثالثًا: لقد أصدر العلماء فتوى تفصيليّة في وجوب صدّ الاحتلال الصهيوني ومصالحه وملاحقة وقادته في كلّ مكان ووجوب استهداف رموز وشخصيات الكيان الصّهيوني داخل فلسطين وخارجها، وعلى وجوب الجهاد بالسبل كافة لدعم أهلنا في غزة العزّة.
رابعًا: وأمام المعركة البطوليّة التي يخوضها المجاهدون الأبطال في غزّة العزّة بكل بسالة يجدد العلماء تأكيدهم أنّ الطريق الأوحد لتحرير الإنسان والدفاع عن الحرمات والذود عن المقدسات هو الجهاد في سبيل الله تعالى، وأنّ طريق الهوان والاستسلام والتطبيع المهين لن تجلب على الأمة سوى الهزيمة والهوان.
قال تعالى: “وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ” الأنفال: 7، 8
خامسًا: يؤكد العلماء أن المجاهدين الأبطال في غزة العزة قد جسّدوا الصورة الحضاريّة والتفوق الأخلاقيّ للمسلم المجاهد في سبيل الله تعالى وإنّ مقارنة بسيطة بين تعامل المجاهدين مع أسرى العدو وتعامل الصهاينة مع أسيراتنا من الحرائر والأطفال كفيلة ببيان الفرق، وبالرغم من ذلك فإن الصهاينة ومن شابههم يصرّون على تشويه المجاهدين من خلال الافتراءات المستمرّة، وهذا يوجب على فعاليات الأمة كافة من العلماء والكتاب والإعلاميين وأصحاب التأثير الاستمرار في الدفاع عن المجاهدين في سبيل الله تعالى، وتعرية الدعاية الصهيونية الكاذبة وكشف كذبهم بحق أهلنا و مجاهدينا الأبطال.
سادسًا: إنّ المجازر المروعة المتصاعدة والإبادة الجماعية بحقّ أهلنا المدنيين العزل الصابرين في غزة العزة دليل على إفلاس العدو الصهيونيّ وانتقامه مما يذوقه من بأس المجاهدين الأبطال، وإنّ هذه الدماء البريئة تستدعي من الأمة الإسلاميّة وأحرار العالم انتفاضة عارمة لا تهدأ، وإننا ندعوهم ألا يبرحوا الساحات والميادين وأن يعتصموا عند السفارات والقنصليّات الصهيونيّة والأمريكيّة في عواصم ومدن العالم حتى يتوقف العدوان.
سابعًا: يؤكد العلماء أنّ إغلاق معبر رفح جريمة حرب ومشاركة عملية بقتل الشعب الفلسطينيّ وتجويعه، ويطالب العلماء السلطات المصريّة بفتح معبر رفح، كما يناشدون فضيلة شيخ الأزهر بعد تحيته على مواقفه المشرفة أن يتقدم صفوف العلماء والجماهير في مسيرة وقافلة علمائيّة شعبيّة تتوجه إلى معبر رفح ولا تقبل إلا بفتحه وكسر الحصار عن أهلنا في غزّة.
ثامنًا: يؤكد العلماء وجوب تفعيل الجهاد بالمال في سبيل الله تعالى إلى أقصى مدى ممكن في مختلف بلاد العالم، وهذا يوجب على المؤسسات والأفراد أن يبذلوا غاية ما في وسعهم من المال والجهد في جمعه جهادًا في سبيل الله تعالى، ودعماً لصمود أهلنا في غزة العزة.
قال تعالى: “لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيما” النساء: 95
تاسعًا: يؤكّد العلماء أنَّ الأنظمة المهرولة إلى التّطبيع مع الكيان الصّهيوني والمصرة على الاستمرار في التطبيع معه بعد كلّ هذه الجرائم شريكة له في جرائمه بحق شعبنا في غزة وبحق أمتنا ومقدّساتنا، وتتحمّل مع الكيان المجرم المسؤوليّة عن هذه الإبادة والعربدة والغطرسة والجرائم الإرهابية الممنهجة.
عاشرًا: وفي ظل استفراد العدو الصهيوني بالمسجد الأقصى المبارك ومحاولات فرض السيادة عليه؛ يؤكّد العلماء أنَّ المسجد الأقصى المبارك حق حصريّ للمسلمين بكل أجزائه وأبنيته وجدرانه وأسواره؛ وأنَّ أيّ اعتداءٍ عليه أو على أي جزء منه هو اعتداء على ثالث أقدس المقدّسات عند المسلمين جميعًا بعد الحرمين الشريفين؛ ممّا يوجب على الأمّة كلّها النّفير والتّحرّك بالإمكانات المتاحة لوقف هذا العدوان الإجراميّ.
كما ينكر العلماء ذلك الصّمت المخجل في بلاد المسلمين والفتور غير المقبول في ردّات الفعل الرسمية والشّعبية الأمر الذي يعطي الضّوء الأخضر للكيان الصّهيوني ويشجّعه على ارتكاب المزيد من الجرائم الارهابية بحقّ شعبنا الفلسطيني ومقدّساتنا وبلادنا وأمّتنا.
قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” التوبة: 38-39
حادي عشر: يطالب علماء الملتقى جميع علماء ودعاة وخطباء الأمة الإسلاميّة ـ لا سيّما علماء وخطباء المسجد الحرام والمسجد النبويّ شقيقَي المسجد الأقصى المبارك ـ إلى القيام بكامل واجباتهم في بيان ما يجب على الأمّة لمواجهة الكيان الصهيوني الغاصب، ووجوب دعم المرابطين في القدس وفلسطين، وإصدار الفتاوى المبينة لوجوب الجهاد.
وختامًا: فإنّ العلماء المشاركين في الملتقى الدولي الثالث ومؤسساتهم يجددون العهد مع الله تعالى أن يبقوا مرابطين في ساحات العلم والعمل نصرة لدين الله تعالى، ودفعًا للباطل وأهله، ومددا لأهلنا الصامدين في غزة البطولة، ومسرى النبي صلى الله عليه وسلّم، حتى يأذن الله تعالى بالنصر المبين، والله غالب على أمره ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون.