مقالاتمقالات مختارة

البناء العلمي للفقيه المعاصر عند الحجوي

بقلم أ. حماد القباج

قدم الفقيه العلامة محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي (ت 1956) رحمه الله تعالى؛ نموذجا صالحا لبناء فَقِيه مغربي معاصر ..
يقول في الفكر السامي:
1 “أما عقيدتي فسنية سلفية أعتقد عن دليل قرآني برهاني ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الراشدون”.
2 “مالكي المذهب ما قام دليل”.
فهو مالكي في تفقهه وفي المسائل التي لا يخالف فيها المذهبُ الدليلَ.
ومع ذلك ينفتح في اجتهاده على كل المذاهب:
3 قال في موطن آخر من الكتاب نفسه: “كل مذهب فيه صواب وخطأ لم يتعمده قائله … فلتطرح الأمة التعصب؛ ولتكن مذهبا واحدا؛ وهو: اعتبار جميع المذاهب بما يوافق الأدلة ويناسب روح العصر”.
تأمل هذين الضابطين:
• موافقة الأدلة
• مواكبة التطور المعاصر
وهذا هو التقدم والتحديث دون تفلت، والاتباع دون جمود ولا تخلف ..
– لا بد من إصلاح مناهج التعليم بما يلي:
4 التركيز على تكوين ملكة التفكير وعدم الاقتصار على ملكة الحفظ؛ وفي هذا الصدد يقول الحجوي:
“غالبا ما ينشط المدرسون .. ملكة الحفظ من غير أن يوجهوا وجهته إلى الفكر والنظر، وهذا غلط كبير؛ فينبغي أن لا يقتصر للتلاميذ على استخدام القوة الحافظة فقط؛ فتضعف القوة المفكرة ويصير التلميذ بليدا”.
وقد حث على تدريب المغاربة منذ صغرهم “على إعمال التفكير الصحيح لتتربى فيهم ملكة الذكاء والنباهة والقوة على استنباط اللوازم من الملزومات؛ فليس الفضل في الحفظ وسرد آلاف المسائل؛ وإنما الفضل كل الفضل في التفكير والابتكار، وما ارتقى العالم إلا بالنبهاء المفكرين لا بالحفاظ المتشدقين”.
5 الارتباط بالقرآن والسنة والتقليل من كثرة الحواشي:
فقد أنكر في فكره السامي على الفقهاء “إغراقهم في تعقيد الفقه بالشروح والملخصات وتضييع الأعمار بحل مقفل كلام المخلوق، والإعراض عن كلام الله ورسوله عليه السلام”.
6 كما حث الطلبة على “فهم أحوالهم (أي: واقعهم) وأحوال الأمم غيرهم”.
7 وفي موطن آخر أرشد المعلمين والمتعلمين إلى الإقبال على العلوم العصرية، وعدم الجمود على المعارف التي أنتجها القدماء؛ وقال:
“أيها السادة: إني لا أنقص التواليف الإسلامية التي مرت ولا أقلل من أهميتها، بل لأصحابها الفضل، ولكن الأزمان تغيرت والأحوال انقلبت والأفكار تبدلت، ولكثرة الاحتياج إلى العلوم الدنيوية أو العصرية ..”.
هذه التوجيهات السبع في نظري كفيلة بإنتاج فَقِيه متين مواكب لعصره قادر على المشاركة في إصلاح وتنمية وطنه وترقية أمته ..
(المصدر: موقع الأستاذ حماد القباج)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى