البلاغ المبين
بشأن القول بالوصية بالخلافة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أو ما يسمى (بعيدِ الغديرِ أو عيدِ الولاية)
بقلم الشيخ عارف بن أحمد الصبري “عضو هيئة علماء اليمن” (خاص بالمنتدى)
مسألة:
من أوجب الواجبات هذه الأيام هو بيانُ الموقف الشرعي في مسألة الولاية، والقول بالوصية بالخلافة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ لاحتفال الشيعة في الثامن عشر من ذي الحجة بما يسمى بعيد الولاية، وادعائهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى فيه بالخلافة لعلي بن أبي طالب؛ وما ترتبَ على هذا الادعاء من تكفيرِ المسلمين واستحلالِ دمائهم وأعراضهم وأموالهم.
راجياً من الجميع نشر هذه الرسالة براءةً للذمة، وبياناً للحق، وإقامةً للحجةً، وصيانةً لدين المسلمين وعقيدتهم، والدال على الخير كفاعله.
مسألة:
يعتقد الشيعة أن الإيمان بإمامةِ علي رضي الله عنه وذريته ركنٌ من أركان الدين، كالأركان الخمسة، ولا يتم إيمانُ المسلم إلا بهذا الركن، ولهذا كفَّروا الصحابة رضوان الله عليهم وضللوهم؛ لأنهم يرون أنهم اغتصبوا الخلافة من علي رضي الله عنه.
مسألة:
لما كان الشيعة ينظرون إلى منصب الإمامة بأنه ركنٌ من أركان الدين، فيلزمهم أن يأتوا بالدليل الصحيح الصريح من القرآن الكريم والسنة النبوية، والإجماع كما هي أدلةُ سائرِ أركان الإسلام من شهادتين وصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ وحجٍ،
ولا دليل!!
مسألة:
أما أهل الإسلام: فلا يلزمهم إقامة دليلٍ على خلافة أبي بكر رضي الله عنه؛ لأن قضية الإمامة عندهم: هي من الأمور الفقهية الفرعية، والمسائل التكليفية التي تنظرُ فيها جماعة المسلمين، فيقومون باختيار رجلٍ منهم، يَصلحُ لسياسة أمورهم، وليس شخصاً محدداً، منصوصاً عليه بالوحي.
مسألة:
أهل العلم بالتاريخ من علماء السنة، بل ومن علماء الشيعة أيضاً: نقلوا أن أول من قال بالوصية لعلي رضي الله عنه، هو عبد الله بن سبأ اليهودي، الذي ادعى الإسلام، و رَوَّجَ الأكاذيبَ الشنيعةَ، والتي كان منها ادعاء الوصية لعلي رضي الله عنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وَأَصْلُ الرَّفْضِ: مِنْ الْمُنَافِقِينَ الزَّنَادِقَةِ، فَإِنَّهُ ابْتَدَعَهُ ابْنُ سَبَأٍ الزِّنْدِيقُ، وَأَظْهَرَ الْغُلُوَّ فِي عَلِيٍّ، بِدَعْوَى الْإِمَامَةِ وَالنَّصِّ عَلَيْهِ، وَادَّعَى الْعِصْمَةَ لَهُ).
مسألة:
مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينصْ صراحةً على شخصٍ بعينه يكون هو الخليفة بعده، بل ترك اختياره لجماعة المسلمين يقدِّمون الأصلح منهم.
مسألة:
القول بالوصية بالخلافة لعلي بن أبي طالب كذبٌ على الله ورسوله والمؤمنين، وكذبٌ على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نفسه، وكذبٌ على الحسن والحسين رضي الله عنهم.
مسألة:
القول بالوصية طعنٌ في علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم أوصى من بعده بالأمر لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، ثم حدث أنْ بايعَ عليٌّ رضي الله عنه أبا بكر، ثم عمر ثم عثمان، مع فرض علمه بالوصية؛ لكان في ذلك إزراءً بعلي رضي الله عنه، واتهاماً له بتضييع وصية النبي صلى الله عليه وسلم.
قال القرطبي: (وقد أكثرَ الشِّيعةُ والرَّوافضُ من الأحاديث الباطلة الكاذبة، واخترعوا نصوصًا على استخلاف النبي صلى الله عليه وسلم عليًّا، وادعوا أنَّها تواترت عندهم. وهذا كلُّه كذبٌ مركبٌ، ولو كان شيءٌ من ذلك صحيحاً، أو معروفاً عند الصحابة يوم السَّقيفةِ لذكروه، ولرجعوا إليه ولذكره عليٌّ مُحتجًّا لنفسه، ولما حَلَّ أن يسكت عن مثل ذلك بوجهٍ، فإنَّه حقُّ الله، وحقُّ نبيه صلى الله عليه وسلم وحقُّه وحقُّ المسلمين.
مسألة:
عندما قُتِل عثمان ولَّى المسلمون باجتهادهم عليًّا، ولم يذكر هو، ولا أحدٌ منهم نصًّا في ذلك؛ فعُلم قطعًا كذب من ادعاه.
مسألة:
أجمع المسلمون على خلافة أبي بكر بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مسألة:
أجمع المسلمون على أن أبا بكر أفضلُ الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتواترت الآثار عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول: (خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر).
وكان علي بن أبي طالب يقول: (لا أوتى بأحدٍ يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حدَّ المفتري)
مسألة:
لم يقل علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوماً ما إن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى له بالخلافة، ولا سعى إليها، ولا نازع الخلفاء الراشدين الثلاثة قبله فيها.
مسألة:
بايع علي بن أبي طالب أبا بكر بالخلافة.
ولما ماتت فاطمة رضي الله عنها كرر البيعة لأبي بكر تأكيداً للبيعة الأولى، وإظهاراً للناس أنه مع الجماعة، وليس في نفسه شيئ من أبي بكر.
كما أنَّ عليَ بن أبي طالب لم يفارق الصديق في وقت من الأوقات، ولم ينقطع عن صلاة من الصلوات خلفه.
مسألة:
كان الصحابة بما فيهم علي رضي الله عنهم يرون أن أبا بكر أحق الناس بالخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لإنه الصاحب في الغار، وثاني اثنين، ولعلمهم بشرفه، ومنزلته بين المسلمين، وإقراراً منهم بأنه خيرهم وأفضلهم وأحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولتقديم رسول الله صلى الله عليه وسلم له بالصلاة بالناس وهو حي.
مسألة:
يرى ابن كثير ومجموعة من أهل العلم أن عليًا جدّد بيعته بعد ستة أشهر من البيعة الأولى، أي بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها، وجاءت في هذه البيعة روايات صحيحة. ولكن لما وقعت البيعة الثانية اعتقد بعض الرواة أن عليًا لم يبايع قبلها.
مسألة:
إخلاص عليٍّ لأبي بكر، ومساندته له في حروب الردة، وحرصه على حياته؛
فلما توجه أبو بكر رضي الله عنه بنفسه إلى ذي القصة، وعزمه على محاربة المرتدين، وقيادته للتحركات العسكرية ضدهم بنفسه، وما كان في ذلك من مخاطرة وخطر على الوجود الإسلامي،
فاعترضه علي بن أبي طالب وقال له: (أقول لك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: “لُمّ سيفك ولا تفجعنا بنفسك، وارجع إلى المدينة”، فو الله لئن فجعنا بك لا يكون للإسلام نظام أبدًا”، فرجع).
مسألة:
عدم استخلاف عليٍّ لأحدٍ بعده:
عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال: (قيل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا تستخلف علينا؟ قال: ما استخلفَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فأستخلف، ولكن إن يرد الله بالناس خيرًا فسيجمعهم بعدي على خيرهم، كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم).
مسألة:
قال ابن تيمية: (وقد تواترت عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: خير الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، وقد رُوي هذا عنه من طرق كثيرة قيل إنها تبلغ ثمانين طريقًا، وعنه أنه يقول: لا أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلاّ جلدته حد المفتري).
وقال أيضًا: ولم يقل قط أحد: أني أحق بهذا أي الخلافة من أبي بكر، لا قرشي ولا أنصاري)
ولم يقل أحد قط: إني أحق بهذا الأمر من أبي بكر. ولا قاله أحد في أحد بعينه: إن فلانًا أحق بهذا الأمر من أبي بكر، وإنما قال من فيه أثر لجاهليةٍ عربيةٍ أو فارسيةٍ إن بيت الرسول أحق بالولاية؛ لأن العرب في جاهليتها كانت تقدم أهل الرؤساء، وكذلك الفرس يقدمون أهل بيت الملك.
فأما الذين كانوا لا يحكمون إلا بحكم الإسلام المحض وهو التقديم بالإيمان والتقوى فلم يختلف منهم اثنان في أبي بكر ولا خالف أحد من هؤلاء ولا من هؤلاء في أنه ليس في القوم أعظم إيمانا وتقوى من أبي بكر فقدموه مختارين له مطيعين فدل ذلك على كمال إيمانهم وتقواهم واتباعهم لما بعث الله به نبيهم من تقديم الأتقى فالأتقى وكان ما اختاره الله لنبيهم ﷺ ولهم أفضل لهم والحمد لله على أن هدى هذه الأمة وعلى أن جعلنا من أتباعهم).
مسألة:
بعد موت أبي بكر بايع عليٌ عمرَ بنَ الخطاب بالخلافة، ولما مات عمر بايع عليٌ عثمانَ بنَ عفان بالخلافة.
مسألة:
موقف جميع المسلمين من الخلافة بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم هو موقف جميع الصحابة رضي الله عنهم، وهو موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي ثبتت بيعته لأبي بكر وعمر وعثمان بالإجماع.
مسألة:
كيفية إنتقال الخلافة إلى بني أمية.
إنتقلت الولاية إلى بني أمية عن طريق آل البيت: بتنازل أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب لمعاوية بالخلافة إختياراً.
مسألة:
قام الحسن بن علي بالتنارل لمعاوية بالخلافة، وبايعه على السمع والطاعة.
مسألة:
شهد الحسين بن علي الصلحَ والتنازلَ بالخلافة من أخيه الحسن لمعاوية، وبايع الحسين معاوية بالخلافة والسمع والطاعة.
مسألة:
مكث معاوية بن أبي سفيان خليفةً للمسلمين عشرين سنة، وقد أوفى الحسن والحسين ببيعتهما بالسمع والطاعة لمعاوية ولم ينقل عنهما منازعته ولا الخروج عليه قط.
مسألة:
القول بالوصية طعنٌ في عليٍّ الذي بايع الخلفاء الراشدين الثلاثة قبله، وطعنٌ في الحسن والحسين اللذَينِ بايعا بالخلافة لمعاوية.
مسألة:
خرافة الولاية عند الشيعة ذريعة لتكفير المسلمين واستحلال دمائهم وأعراضهم وأموالهم.
مسألة:
القول بالوصية بالخلافة لعليٍ كذبٌ محضٌ.
ولا يجوز لأحدٍ من المسلمين المشاركة فيما يُسمى زوراً (عيد الغدير أو عيد الولاية)؛ لمخالفته للإسلام ومناقضته لما اجتمع عليه المسلمون.
مسألة:
حديث: (من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه)، حديثٌ صحيح.
وهناك فرقٌ بين: الوِلاية بالكسر و الوَلاية بالفتح.
الوَلاية بفتح الواو معناها المحبة والنصرة والتأييد
وهذا المعنى هو المقصود قطعاً، بدليل ما جاء في الحديث نفسه: (اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه)
فالموالاه هنا ضد المعاداه.
أما الوِلاية بكسر الواو فمعناها: الحكم والسلطة.
وليست المقصودة هنا.
لما تقدم معنا من إجماع الصحابة بما فيهم علي بن أبي طالب على بيعة أبي بكر الصديق.
طَلَبٌ:
أرجو أن تصل هذه الرسالة إلى كل مسلمٍ، وانظروا هل يستطيع شيعيٌ أن يرد على ما أوردناه، إلا بالمكابرة والقول بالباطل.
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، واحفظ علينا ديننا، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمةً إنك أنت الوهاب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.