البابا فرانسيس وتنصير العالم
بقلم زينب عبد العزيز
أعلن راديو الفاتيكان يوم 7/12/2018 ما أكده الكرسي الرسولي حول زيارة البابا فرنسيس لدولة الإمارات المتحدة من 3 الى 5 فبراير 2019، حيث سيقوم بلقاءات حول موضوع “الأخوة الإنسانية”، وذلك تحت عنوان “اجعل مني أداة للسلام”.. إلا ان البرنامج لم يتم الإعلان عنه بعد. وتأتي هذه الزيارة تلبية للدعوة التي تلقاها البابا منذ عامين تقريبا من وليّ عهد أبو ظبي، الشيخ بن زايد آل نهيان، عندما كان في زيارة للفاتيكان. كما بادرت جماعة الكاثوليك المقيمة في أبو ظبي بتأييد هذه الدعوة، وأغلبهم من الهنود أو الفليبينيين العاملين في المنازل أو المهن العمالية، أي من العمالة السيارة المرتبطة بعقد عمل محدد والتي لا يحق لها في أي دولة من دول العالم التدخل في الشؤون الدينية أو القانونية لهذه الدول. ويواصل الخبر، أنه مثلما فعل في القاهرة العام الماضي، ومثلما سيفعل في المغرب في أواخر شهر مارس 2019، فقد طالب البابا أن يكون ضمن برنامج الزيارة توجيه خطابا الى المسلمين وإقامة قداسا في مكان عام بأبو ظبي. بينما أضافت جريدة “التايمز الإسرائيلية”، الصادرة في نفس يوم إذاعة الفاتيكان للخبر، يوم 7/12/2018، تحت عنوان أنه سيذهب الى أبو ظبي لتوطيد روابطه مع المسلمين” وللمساهمة في نقاش حول “الأخوة الإنسانية”، وللقاء الكنيسة الكاثوليكية المحلية. وهي أول زيارة لرئيس الكنيسة الكاثوليكية في الجزيرة العربية. وأنه ستسبق هذه الزيارة زيارته للمغرب في أواخر شهر مارس 2019، حيث ينوي البابا مواصلة جهوده ونسج المزيد من العلاقات التنازلية في العالم الإسلامي.. ويوضح المقال الذي يكشف عن مدى علاقة الفاتيكان بالكيان الصهيوني المحتل لدولة فلسطين، إذ كان أول من علق على هذا الخبر الصادر عن الكرسي الرسولي في روما، وأن فرانسيس من أنصار الحوار مع مجمل الطوائف المسيحية والديانات الأخرى، إلا أنه من الملاحظ ان معظم البلدان الكاثوليكية عرفا لا تستجيب لدعوته توحيد الكنائس، إذ انها تعني في نفس الوقت التنازل عن الهوية الأصلية وإتّباع هوية كاثوليكية الفاتيكان. ومن المقطوع به أن البابا فرنسيس مصرّ على مواصلة الحوار بين الأديان، إلا أنه من الواضح أن الصعوبة قد تبدلت بوضوح بعد اندلاع القلاقل سنة 2006 عقب الخطاب الهجومي الذي ألقاه البابا بنديكت 16 في نفس ذلك العام والمعروف باسم “خطاب راتسبون”، الذي أكد فيه أن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام “لم يأت إلا بأشياء شريرة ولا إنسانية وأمر نشر الدين بالسيف”، وأكد فيه على الصلة بين الاسلام والعنف. مما تسبب آنذاك في اندلاع مظاهرات عارمة في العالم الإسلامي. ومن المعروف أن البابا يعتمد على ما يقوم به مجلس الحوار بين الأديان، الذي تم إنشاؤه بقرار من ضمن قرارات مجمع الفاتكان الثاني سنة 1965. وترأسه الكاردينال جان لوي توران، الذي كان اول من يقتحم السعودية بزيارة تتواصل أصداء توابعها التنازلية حتى يومنا هذا.. وقد علق الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس الإمارات، على هذه الزيارة بأنها “سوف تقوي روابط علاقاتنا وفهمنا المشترك وستدعم الحوار بين الأديان وتعاوننا على العمل معا للحفاظ على السلام وبنائه بين الأمم”.. كما بادر المونسنيور ݒول هيندر، أسقف جنوب شبه الجزيرة العربية (الإمارات، عمان واليمن)، بالترحيب بكرم السلطات الإماراتية التي وافقت على إقامة البابا قداسا على أراضيها ووضعه رسميا في برنامج الزيارة يوم 5 فبراير في أبو ظبي. ومن اللافت للنظر أن يكون موضوع هذه “الغزوة الصليبية” الصريحة: “إجعلني أداة لسلامك”، وهي أول جملة في أشهر صلاة للقديس المبشر فرانسيس الأسيزي، الذي حاول تنصير السلطان الحاكم، والشخص الذي اختار اسمه يورج برجوليو عند اختياره لتولي منصب بابا الفاتيكان سنة 2013، تيمنا بجهوده التنصيرية. كما أضاف جريج بروك، المتحدث الرسمي باسم الفاتيكان: “إن هذه الزيارة، مثلها مثل زيارته لمصر، توضح الأهمية الأساسية التي يضفيها البابا فرانسيس للحوار بين الأديان ،وهو ما أوضحه في مقال كتبته سنة 2008. فزيارة البابا لمصر التي يصفها المتحدث الرسمي للفاتيكان بأنها توضح الأهمية الأساسية التي يضفيها ذلك البابا على الحوار بين الأديان” ليست مثالا لثقافة اللقاء، وإنما هي فرض لمزيد من التنازلات. ويكفي ان نطالع أنه قد أعقب زيارته في مصر تثبيت “أكذوبة زيارة العائلة المقدسة لمصر” إضافة الى بناء آلاف الكنائس بلا تراخيص وقد تم تقنين وضع 508 كنيسة وفقا لجريد الأهرام في صفحتها الأولي يوم 7/12/2018، وجاري دراسة وضع 5404 كنيسة تم بناؤها بلا ترخيص!! ولو تأملنا أهم النقاط التي وردت في هذا العرض لزيارة البابا فرانسيس للإمارات في مطلع شهر فبراير 2019، وهي وضع شبه الجزيرة العربية، الحوار بين الأديان، وخطاب راتسبون، لأدركنا على الفور أنها رحلات تنصيرية تتم بالتواطؤ مع بعض المتساهلين جهلا أو عن عمد، لنزع الهوية الإسلامية ومساندة الأقليات المحلية توطئة لنزع الإسلام وتفريغ شبه الجزيرة العربية من الإسلام و”الاكتفاء بسور الحرمين الشريفين ورشق تلك المساحة الشاسعة بالكنائس والصلبان” على حد قول البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في كتاب “الجغرافيا السياسية للفاتيكان”. فبعد ان كانت أرض الحرمين الشريفين معروفة بمعالمها التي تمثل وترمز لأهم معالم الإسلام، وتتمسك بقول الرسول عليه الصلاة والسلام، بألا يجتمع في هذه الأرض المشرّفة دينان.. يبدو ان الفاتيكان وأذنابه أكبر وأهم مما على هذه الأرض.. لقد بدأ الغزو البطيء بالعمالة السيارة، وتم ترسيخه بالتنازلات التدريجية، حتى كرسها الكاردينال جان لوي توران بزيارته التي تبعتها تنازلات تتواصل بين الصمت والضياع وسط متطلبات الحياة المعيشية وصراعاتها.. ولا يسعني إلا أن أضيف لذلك البابا الزائر، بكل ما يحمله من عناوين طنانة، إن: “الأخوة الإنسانية” لا تعني اقتلاع الأخر من دينه، خاصة إن كان هذا الدين هو الإسلام، الدين الوحيد المتبقي من الرسالات التوحيدية الذي لم تمتد اليه الأيدي بالتلاعب والتبديل والتغيير، لكن ذلك هو ما تنوون فرضه على الإسلام والمسلمين.. ليتك تكون “أداة سلام” فعلا وتكف عن سياسة تنصير العالم التي تقودها بإصرار شرس، فقبول الآخر لا يتم من طرف واحد.. وكما فرضتم وألصقتم الارهاب على الإسلام، ليتك تراجع كتابك المقدس الذي يحتوي على أكثر من 15000 آية عنف دموي وقتل وذبح بحد السيف.
(المصدر: طريق الإسلام)