عنوان الكتاب: الاعترافُ الواقِعيُّ بالدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ وآثارُه في أحكامِ السِّيَر
اسم المؤلف: علي بن حمد الصالحي
نوع الكتاب: بحثٌ تكميليٌّ لمرحلة الماجستير
الناشر: مركز تأصيل للدراسات والبحوث- السعودية
سنة الطبع: 1437- 2016
عدد الصفحات: 303
التعريفُ بموضوعِ الكِتابِ:
ممَّا جاءت ببَيانِه الشَّريعةُ بيانُ أحكامِ العلائِقِ التي تكونُ بين الدُّوَلِ الإسلاميَّةِ وبين غَيرِها مِن دُولِ الكُفرِ، وطرائِقِ تعامُلِ الدَّولةِ الإسلاميَّة والفَردِ المُسلِم مع دارِ الكُفرِ ورَعاياها، ورَسَمَت الشَّريعةُ قواعِدَ ومَبادئَ فيها المَخرجُ من كُلِّ مَأزِقٍ ومِن كُلِّ نازلةٍ تَنزِلُ بالمُسلِمينَ، ومن تلك المبادئِ التي جاءت بها الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ وبَنَت عليها كثيرًا مِن أحكامِ السِّياسةِ الشَّرعيَّةِ مَبدأُ (الاعترافِ الواقعيِّ بالدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ).
وكتابُ هذا الأسبوع (الاعترافُ الواقعيُّ بالدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ وآثارُه في أحكامِ السِّيَر) يبحَثُ في هذا الموضوعِ ويَسبُرُ أغوارَه.
وقد قسَّم المؤلِّفُ الكتابَ إلى مُقَدِّمةٍ وتَمهيدٍ، وفَصلَينِ وخاتمةٍ.
فذكَرَ في المُقَدِّمةِ أهمِّيَّةَ الموضوعِ، وأسبابَ اختيارِه له، ومَنهَجَه في البحثِ؛ ومِمَّا ذكَرَه في مَنهجِه:
- أنَّه يُحَرِّرُ المسألةَ مَورِدَ البَحثِ، ويَذكُرُ ما اتُّفِقَ عليه مِن صُوَرِها إن وُجِدَ اتِّفاقٌ، ومحَلَّ الخلافِ إن وُجِد.
- في المسائِلِ الخلافيَّةِ يَذكُرُ أقوالَ المذاهِبِ الأربعةِ، وربَّما يذكُرُ مَذهَبَ الظَّاهريَّة.
- يُبَيِّنُ أثَرَ الاعترافِ الواقعيِّ بالدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ في كلِّ مسألةٍ مِن المسائِلِ المَبنيَّةِ على هذا المبدأِ.
ثم التَّمهيد وشرَحَ فيه التَّحديدَ المفاهيميَّ لِمُفرداتِ العُنوان، فذكَرَ تعريفَ عناصِرِ العُنوانِ باعتبارِها مُفردةً، ثمَّ باعتبارِها مُرَكَّبةً، وفيه ذكَرَ تَعريفَ مُصطلَحِ الاعترافِ الواقعيِّ بالدُّوَل، ومُصطَلَح الدَّولةِ غَيرِ المُسلِمة، وأقسام الدَّور عند فُقَهاء المُسلِمينَ، وذكَرَ أنَّهم يُقَسِّمونَ العالَمَ إلى قِسمَينِ رَئِيسَينِ: دارِ إسلامٍ، ودارِ كُفرٍ، وذكَرَ المُستنَدَ الشَّرعيَّ والأدلَّةَ الشَّرعيَّةَ لهذا التَّقسيمِ.
وكذلك عَرَّف ببعضِ المفاهيمِ ذاتِ الصِّلةِ بالعُنوانِ، فذكَرَ التَّفريقَ بين الدَّولةِ والحُكومةِ، وأنَّ الدَّولةَ هي: مجموعةٌ مِن الأفرادِ تختَصُّ بإقليمٍ مُعَيَّنٍ تُقيمُ فيه على وَجهِ الدَّوامِ، وتتولَّى شُؤونهَا هَيئةٌ حاكِمةٌ ذاتُ سيادةٍ. أمَّا الحكومةُ فهي: الهيئةُ الحاكِمةُ التي تتولَّى تَنظيمَ شُؤونِ الدَّولةِ في داخِلِ إقليمِها وفي حُدودِ القانونِ الوَطنيِّ لهذه الدَّولةِ، وهي التي تُمَثِّلُها في خارجِ الإقليمِ. وغيرها من المفاهيمِ.
ثمَّ شرَعَ في الفصل الأول الذي خَصَّصه لدراسةِ أحكامِ الاعترافِ الواقعيِّ بالدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ في الفِقه الإسلاميِّ، مُقارَنًا بالقانونِ الدَّوليِّ. وذكَرَ فيه أنَّ (الاعتِرافَ بالدُّوَل) ينقَسِمُ إلى نوعَينِ:
الاعترافُ القانونيُّ: وعَرَّفَه بأنَّه: إجراءٌ صَريحٌ ودائِمٌ تُقِرُّ الدَّولةُ بمُقتَضاه بأنَّ الوحدةَ المُعتَرَفَ بها هي دولةٌ وَفقًا لأحكامِ القانونِ الدَّوليِّ.
الاعترافُ الواقعيُّ: وذكَرَ أنَّه حصَلَ في تعريفِه خِلافٌ بين أساتذةِ القانونِ الدَّوليِّ العامِّ، وأنَّ الذي يذهَبُ إليه كِبارُ الأساتذةِ منهم: أنَّه اعترافٌ ضِمنيٌّ عن طريقِ الدُّخولِ في عَلاقاتٍ مع الدَّولةِ الجديدةِ دونَ التعَرُّضِ بصِفةٍ رَسميَّةٍ صريحةٍ لِمَوضوعِ وُجودِها القانونيِّ؛ ووقتيٌّ، أي: اعترافٌ غيرُ نِهائيٍّ؛ فقد يُسحَبُ هذا الاعترافُ إذا تغَيَّرَت الظُّروفُ التي دعَت إلى اتِّخاذِه، أو يُحَوَّلُ إلى اعترافٍ قانونيٍّ.
ثم تكَلَّمَ عن أنواعِ الاعترافِ بالدُّوَل في عِلمِ السِّيَر، وأشار إلى أنَّه ينقَسِمُ إلى نوعَينِ:
الاعترافُ الشَّرعيُّ، أو الاعترافُ بشَرعيَّةِ الدَّولةِ: ويتمَثَّلُ في الإقرارِ بأنَّ هذه الدَّولةَ غَيرَ المُسلِمةِ التي تقومُ على غيرِ الإسلامِ دَولةٌ شَرعيَّةٌ لها الحَقُّ في بقائِها وبَسْطِ سُلطانِها على إقليمِها ورَعاياها بصِفةٍ دائِمةٍ، ويُمنَعُ السَّعيُ في إخضاعِها لحُكمِ الإسلامِ، أو ابتغاء إزالتِها مُطلَقًا، سواءٌ كانت هذه الدَّولةُ غَيرُ المُسلِمةِ قائِمةً في دارِ كُفرٍ أصليَّةٍ، أو مُستَولِيةً على دارِ إسلامٍ.
وعن حُكمِ الاعترافِ الشَّرعيِّ بالدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ: ذكَرَ أنَّه لا يجوزُ شَرعًا الاعترافُ بدَولةٍ غَيرِ مُسلِمةٍ، وذكَرَ الأدلَّةَ على ذلك، ومنها:
- النُّصوصُ الآمِرةُ بجِهادِ الكُفَّارِ، مِثل قَولِه تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39].
- إجماعُ الفُقَهاءِ على أنَّ مِن شُروطِ عَقدِ الهُدنةِ مع دارِ الكُفرِ ألَّا يكونَ عَقدُ الهُدنةِ مُؤَبَّدًا.
- وبالنِّسبةِ للدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ المُستَوليةِ على دارِ إسلامٍ، فإنَّ القاعِدةَ الفِقهيَّةَ المُقَرَّرةَ: أنَّ الحَقَّ لا يَسقُطُ بتَقادُمِ الزَّمانِ.
أمَّا الاعترافُ الواقعيُّ أو الاعترافُ بواقعيَّةِ الدَّولةِ فذكَرَ مَفهومَه: أنَّه إقرارٌ إجرائيٌّ غيرُ مُؤَبَّدٍ بسُلطانِ الدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ الفِعليِّ على إقليمِها ورَعاياها، دَعَت إليه حاجةُ الدَّولةِ المُسلِمةِ والظُّروفُ التي تمُرُّ بها في التعامُلِ مع هذا الكِيانِ الخارِجِ عن سيادتِها، باعتبارِه دَولةً واقعيَّةً لا شَرعيَّةً، وتَحكُمُ هذا الاعتِرافَ قَواعِدُ الاستثناءِ في الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ، مع اعتقادِ وُجوبِ تَحقيقِ سِيادةِ الإسلامِ على هذا الكِيانِ عند الإمكانِ وَفقَ قواعِدِ الشَّريعةِ وكُلِّيَّاتِها.
ثم ذكَرَ من خصائِصِ هذا الاعترافِ الواقعيِّ:
- أنَّه اعتِرافٌ غيرُ مُؤَبَّدٍ.
- أنَّ هذا الاعترافَ لا يُضفي الصِّفةَ الشَّرعيَّةَ على الدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ.
- أنَّ هذا الاعتِرافَ استِثناءٌ مِن الأصلِ.
- أنَّ هذا الاعتِرافَ تَحكُمُه قواعِدُ الاستِثناءِ في الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ.
ثمَّ تكَلَّمَ عن غايةِ الدَّولةِ المُسلِمةِ، وذكَرَ أنَّ غايتَها تحقيقُ سيادةِ دينِ الإسلامِ في الأرضِ، وذكَرَ أنَّ وسيلةَ الدَّولةِ المُسلِمةِ في تحقيقِ هذه الغايةِ أمرانِ:
- تبليغُ الدَّعوةِ بالحُجَّةِ والبَيانِ.
- تحقيقُ سيادةِ دِينِ الإسلامِ بالسَّيفِ والسِّنانِ.
ثم تكَلَّمَ عن حُكمِ الاعترافِ الواقعيِّ بالدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ، وذكَرَ أنَّه لا يأخُذُ حُكمًا واحِدًا، فأشارَ إلى أنَّه في حالِ قُوَّةِ وعِزَّةِ الدَّولةِ المُسلِمةِ يكونُ الاعترافُ الواقعيُّ بالدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ حرامًا.
أمَّا إذا كان عدَمُ الاعترافِ الواقعيِّ بالدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ يتَرَتَّبُ عليه ضَرَرٌ بليغٌ يلحَقُ الدَّولةَ المُسلِمةَ، فيكونُ الاعترافُ الواقعيُّ بها في هذه الحالةِ واجبًا.
وأشار إلى أنَّ الاعترافَ الواقعيَّ بالدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ يكونُ واقِعًا بين الإباحةِ والكَراهةِ والاستِحبابِ، بحَسَبِ تَقديرِ المَصالِحِ والمَفاسِدِ المُترتِّبةِ على هذا الاعتِرافِ.
ثمَّ تناوَلَ المؤَلِّفُ الأدِلَّةَ الشَّرعيَّةَ والقواعِدَ الكُلِّيَّةَ على مبدأِ الاعترافِ الواقعيِّ بالدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ.
ومِن أبرَزِ الأدِلَّةِ التي ذكَرَها:
- الاستِدلالُ باعترافِ نبيِّ اللهِ يُوسُفَ عليه السَّلامُ بدَولةِ مَلِكِ مِصرَ اعترافًا واقِعيًّا.
- الاستِدلالُ باعتِرافِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم بدَولةِ النَّجاشيِّ اعتِرافًا واقعيًّا.
- الاستِدلالُ بسِيرةِ النَّبيِّ في مُكاتَبتِه لرُؤساءِ الدُّوَلِ في عَصرِه. وغيرُها مِن الاستِدلالاتِ.
أمَّا الفَصلُ الثاني من الكتابِ، فقد كان مُخصَّصًا لِعَرضِ آثارِ الاعترافِ الواقعيِّ بالدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ في الفِقهِ الإسلاميِّ مُقارَنةً بالقانونِ الدَّوليِّ.
وتكَلَّم فيه عن آثارِ الاعترافِ بالدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ في عِلمِ السِّيَر، فتناولَ أثَرَ الاعترافِ الواقعيِّ بالدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ في عَقدِ الهُدنةِ والمُعاهداتِ، وتناوَلَ أيضًا أثَرَ الاعترافِ الواقعيِّ بالدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ في إعطاءِ الأمانِ لِمُمَثِّليها، وذكَرَ أنَّه إذا أُعطِيَ مُمَثِّلُ الدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ الأمانَ، فقد عَصَمَ بذلك دَمَه ومالَه، ويَجِبُ على المُسلِمينَ جَميعًا الوَفاءُ بمُقتَضى هذا الأمانِ، فيَحرُمُ قَتلُ مُمَثِّلي الدُّوَل غَيرِ المُسلِمةِ أو أَسْرُهم أو استِرقاقُهم، أو التَّعرُّضُ لهم والاعتداءُ عليهم أو على أموالِهم، ويَجِبُ حِمايتُهم والدِّفاعُ عنهم.
ثمَّ ذكَرَ الأدِلَّةَ على ذلك مِن الكِتابِ والسُّنَّةِ؛ ومِنها قَولُه تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [النحل: 91]، وقَولُه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن قَتَل مُعاهَدًا لم يَرَحْ رائِحةَ الجَنَّةِ، وإنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِن مَسيرةِ أربعينَ عامًا)) وغيرَها مِن الأدِلَّةِ.
وكذلك تناوَلَ أثَرَ الاعترافِ الواقعيِّ بالدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ في إجراءاتِ مُخاطَبةِ رَئيسِها ومُكاتَبتِه، وغَيرَها مِن الآثارِ. ثمَّ تَناوَلَ آثارَ الاعترافِ الواقعيِّ بالدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ على رَعاياها مِن المُسلِمينَ، فتكَلَّمَ عن حُكمِ التَّجنيسِ بِجنسيَّةِ الدَّولةِ غيرِ المُسلِمةِ، وذكَرَ أنَّه حصَلَ اختِلافٌ في حُكمِها ويَصعُبُ التَّرجيحُ في هذه المسألةِ بإطلاقِ حُكمٍ واحدٍ في جميعِ الحالاتِ.
وكذلك تكَلَّمَ عن أثَرِ الاعترافِ الواقعيِّ بالدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ في التَّقاضي إلى محاكِمِها، وتقَلُّدِ المُسلِمِ لِمَنصِبٍ عامٍّ فيها، وفي المُشارَكةِ في انتِخاباتِ المَجالِسِ المُنتَخَبةِ وفي الاستفتاءِ.
ثم كانت الخاتِمةُ وفيها أبرَزُ النَّتائِجِ والتَّوصِياتِ، ومن النَّتائِجِ التي ذكَرَها:
- عَظَمةُ التَّشريعِ الإسلاميِّ، وسُمُوُّه وكَمالُه وشُمولُه.
- أنَّ في قواعِدِ الشَّريعةِ مُستَندًا لكُلِّ نازلةٍ تَنزِلُ بالمُسلِمينَ.
- أنَّ حُكمَ الاعترافِ الواقعيِّ بالدَّولةِ غَيرِ المُسلِمةِ يختَلِفُ باختلافِ الدَّولةِ المُسلِمةِ مِن القُوَّةِ والضَّعفِ.
ومِنَ التَّوصِياتِ التي ذكَرَها المُؤَلِّفُ:
- ضَرورةُ العِنايةِ بفِقهِ السِّياسةِ الشَّرعيَّةِ دِراسةً وتَدريسًا.
- ضرَورةُ العِنايةِ بدِراسةِ النَّوازِلِ الشَّرعيَّةِ في عِلمِ السِّيَرِ والعَلاقاتِ الدَّوليَّةِ.
(المصدر: موقع الدرر السنية)