مقالات

الاصطفاف الإعلامي ضد الدعاة…!

بقلم د.حمزة بن فايع الفتحي

ليته كان اصطفافا إسلاميا خالصا قد امتطى رماحه، تجاه الأعداء، أو حشد فيالقه لخناق المنافقين، أو التصدي للمشروع الإيراني والصهيوني …!

كلا .. ولكنه اصطفاف غير أخلاقي، يذكرك باصطفاف الملأ الوجاهي القديم، (( قال الملأ من قومه إنَّا لنراك في ضلال مبين )) سورة الأعراف .

وهو تغريدٌ خارج السرب، وتفكيك للوَحدة، وحَيدة عن السياق، وافتعال لمعركة، وإشغال للأذهان، وهروب من الواقع الوطني …! حينما تتعالى أصوات إعلامية ضد دعاة وخيار، استفاض خيرهم وبِرهم، فلِم هذا التوجه، وما أبعاد هذا الاصطفاف،،،؟!

ما سببه ؟ ومن يقف وراءه ؟!

ولِمَ كل تلك الضجة،،،؟! ولِم لا ينكفئون على وسائلهم الإعلامية ، يطورونها، ويحسّنون من أدائها ..؟! وبعضهم بكل أسف، يتوتر الكترونيا لنقد الدعاة وخطابهم، ولم يدفع بأية خطوة للإصلاح الإعلامي أو السياسي أو الاجتماعي، بل جل تغريداته في العلماء والدعاة وتباشير المساجد…!

سلم منهم الأعداء والمنافقون، والروافض والصفويون، وأرباب الصليب، والقصف الروسي للشام، وشلل المفسدين باقري المال العام، والحشد الشعبي الصفوي التطهيري لسنة العراق، ومسطحو الفكر، وباعة الذمم، والعصابات الحوثية، والاحتلال الصهيوني،،،. ولم يسلم منها فضلاء الدعاة، وأمناء البلد، والمشهود لهم بالخير والحكمة والقبول….!!

وتحزّبوا ضد الدعاة ولم نرَ// مِن صفِ ملتحمٍ على الأوغادِ

ما قد رأينا جهدَهم وجلادَهم// في قلب (إيران) الوضيع السادي!

وتناغمَ الصهيون معْ رغْبائهم// وتعانق القلبانِ في الإيرادِ

ولا ننزه الدعاة عن الخطأ، ولكن،،،،، ياقوم العبوا على كل الاتجاهات،،،! لا باباً دون باب،،،،!

وحنانَيك بعض الشر أهون من بعض….!! أما البقاء في مستنقع دائم وهو الاصطفاف المتحامل والمقصود، فله دلالاته،،،!

لكأن الإخوة الإعلاميين متضايقون بشدة من وهج الدعاة وانتشارهم، وطيب ذكر الناس لهم…! (( إن الله يحب فلانا فأحبوه)) كما في الحديث القدسي .

فلم ينصحوا بصدق، أو ينقدوا بموضوعية، بل لا يعدو الأمر كونه شكلا من التحامل المرفوض، والألسن المشبوهة…! كما قال أبو الطيب :

وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ// فهي الشهادةُ لي بأني كاملُ

ومن المؤسف ، اتخاذها الدعاة غرضاً لها، وتحاول الصحافة ناصبةً كادحةً، إشعال معركة مع دعاتنا بغير حكمة، لا في وقتها أو تقديرها ومقدماتها…!

مما يؤكد أن هؤلاء بلا قضية، ويخدمون أجندة طارئة وأخرى موجهة، لحاجة في نفس الجهلة والفارغين…!!

أنا لولا أن لي من أمتي// خاذلاً ما بت أشكو النوَبا..!

فما أسباب ذاك كله،،،؟!

١/ تهوين الرمز الدعوي: والإزراء به، بحيث يضعف أثره، وتقلّ كلمته، ولا يبقى له أدنى احترام أو توقير في قلوب الناس،،، إلى أن ينتهي ذلك بالإسقاط والإهانة..!

وزادوا على ذلك تلفيق المقاطع

المخزية، والأكاذيب المتعمدة، علهم أن يظفروا بمكسب ثقافي أو اجتماعي، رغبةً في التهوين والإسقاط، ولكن الله غالب على أمره، ويدافع عن الذين آمنوا، والله لا يصلح عمل المفسدين .

٢/ تذويب الهُوية المحلية : من محبة الإسلام والتعلق بالتدين وفعل السنن، والسباق للفضائل ، بل القفز أحيانا على الاتجاه السلفي والوهابي، وأنه وراء كل تهمة عالمية،،،!(( وجادلوا بالباطل ليُدحضوا به الحق )) سورة غافر. والتفكير الانعتاق من السلفية ،،،،! لأن من يغذيها يوميا، وأسبوعيا هم دعاة الإسلام، وحماة الهوية، وحراس الأمن والسفينة، وربما شطح بعضهم بمحاولته، شق الصف الديني، باسم الطريق الحق، والسبيل الأقوم، ولكنها دعاوى مزيفة لا قيمة لها ولا اعتبار ..!

٣/ تقطيع التمدد الإصلاحي : من تأثيرٍ ميمون، ونصح رقيق، وكلمة حانية، وأمر بمعروف أو نهي عن منكر، لها وقعها وأبعادها الوجدانية على الناس، وتزمّهم بزمام الاستقامة والانضباط، فلا تفلت أو انفتاح سافر، يغرّب ويهوّن ويمزق…!

٤/ تحقيق المقاصد التغريبيّة : والتي تتنامى في مناخ مجرد من الكلمة الدعوية، والهيمنة الشرعية، ويهدف في جوهره إلى الانطلاق في المحاكاة الغربية، تعلقا وانبهارا وعماية،،،!(( ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما )) سورة النساء .

٥/ الإشغال الثقافي العام: بحيث ينصرف الدعاة وعقلاء المجتمع إلى جدل ثقافي عام، يشغل عن قضايا جادة، أو هموم متأكدة، أو مسارات حاضرة،،،!(( لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه )) سورة فصلت .

من نحو وَحدة المسلمين، ونصرة المضطهدين، ليبيتوا يناقشوا قضايا فرعية، غايتها الإشغال والإجهاد والإكلال..!

٦/ زعزعة الثقة الاجتماعية: فحتى من لا يسمع للمشايخ والدعاة ، من العامة، تلقاه يُجلّهم ويحبهم، لذكرهم الطيب، ودفاعهم عن الإسلام، وسموّهم الأخلاقي ..! بسبب مكانة الدعاة في أفئدة الناس(( يرفعِ اللهُ الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )) سورة آل عمران .

٧/ فشل مشاريعهم المستوردة : من تغريب الوطن، وتحليل الاختلاط، ونبذ النقاب، وتمييز المرأة، وإخراجها من مسكن الزوجية، ودعوات التمرد الأخلاقي،،،، وأكثرها فشل وانحسر بحمد الله تعالى، والسبب : يقظة الدعاة لهم، ويقظة الخطاب الدعوي المتتبع لهم ولأفكارهم ،،،!

٨/ الإفلاس الإعلامي : فبرغم ما يملكونه من قنوات ومواقع ومأجورين،، لم يفلحوا ولم ينجحوا، ورد الله تعالى كيدهم في نحورهم، فأحسوا بالخيبة، وبرغم ما فعله (صاحب الثامنة) من حملات قبلهم، باءت كلها بحمد الله بالفشل، وجعل الله تربصهم وعنادهم في سفال،،،! وبدلا من أن يقلدهم جماهير الناس، أدركوا كذبهم وزيفهم، وأنها مسلك نفاقي تخريبي تحريضي، لم ينتج عنه إلا عزة الدعاة، وازدياد تمسك الخلائق بهم،،(( فغُلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين )) سورة الأعراف .

٩/ مزاحمة القدوات : لأنهم ليسوا محل اقتداء، ولا يعيشون في بساتين الثناء، ولا يجمعون حظوات الدعاة وامتيازاتهم، أو ظهورهم الإعلامي المنمق والمجمل، ومع ذلك فإن المطالعين يعدون الدعاة قدوات فاضلة، ومُثُل تُحتَذى، ويُصغى لتوجيهاتهم…!

١٠/ تغيير الوجهة الثقافية: وهو ناتج التشويه ، ومحاولات التهوين والتخوين والتجهيل والتسفيه، الممارسة إعلاميا تجاه دعاتنا وفضلائنا، بحيث تقل الجموع المتطلعة، ويبيت الدين ثانويا في حياة المتلقي، وتنتقل الوجهة والاستقبال جهة البرامج الإعلامية من رياضة وفن وتطبيل وتدجين ثقافي وفكري، ينتهي للسفه والخيبة والسطحية ،،.!!

وتبيت القيم الدينية هشةً في قلوب أهل الإسلام، ويتم تغريبهم أو علمَنتهم أو أمرَكتهم، وهو ما يحدث في بعض البلدان المنسلخة من قيمها الدينية والعربية الوطنية ،،،! ولكن تبقى لبلاد الحرمين رمزيتها الدينية والعلمية، وهي من خطوط الدفاع الصلبة، والله الموفق .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى