الاستراتيجيات الأمريكية والتحالفات الدولية عرض ونقد وتقييم 3
إعداد أكرم حجازي
المبحث الثاني
استراتيجية الأمن القومي[1] لسنة 2015
وما بين الإستراتيجيتين، وفي 5/1/2012، أصدرت الولايات المتحدة إستراتيجية عسكرية لسنة 2011، مثلت بالفعل حدا فاصلا بين حروب الولايات المتحدة قبل الحرب الباردة وبعدها. وتزامنت، في حينه، مع خطط الولايات المتحدة لاندفاع حركة طالبان في مقاومة الاحتلال الأمريكي لأفغانستان. المهم؛ أن الإستراتيجية أسدلت الستار على عصر الحرب الشاملة، التي اعتمدتها الولايات المتحدة طوال مرحلة الحرب الباردة، أو ما يسمى بـ « حروب التكلفة»[2]. وبموجبها؛ تخلت أمريكا عن فكرة خوض حربين منفصلتين في وقت واحد[3]، بل وتخلت عن فكرة الحرب الشاملة برمتها، لتحل محلها « الحروب السرية» أو « الحرب من وراء ستار» أو ما أُسمي بـ« حروب القيادة من الخلف Leading from behind».
أما جواهرها فتكمن في التركيز على ثلاثة محاور تقضي بـ:
- تقليص عدد القوات في أوروبا، وهو ما يعني أن تتحمل أوروبا عبء الحماية، وتدفع الثمن كما دفعته الولايات المتحدة.
- خفض الإنفاق الدفاعي، مع التركيز على آسيا، وخاصة انتشار القوات الأمريكية جنوب شرق الصين،
انطلاقا من أستراليا، لمراقبة النمو الاقتصادي الصاعد للصين، فضلا عن، وهو الأهم، النمو العسكري النوعي الذي تشهده تكنولوجيا التسلح الصيني.
- لكن الأمر الحاسم في الإستراتيجية كان التحول النوعي في الحروب، عبر اعتماد استراتيجيات الحرب الأمنية القائمة على (1) الاستخبارات مع قوات قتالية خاصة للتدخل الطارئ[4]، و (2) نظم الحرب الرقمية، و
(3) القتال عن بعد عبر نظام الطائرات بدون طيار[5].
لا ريب أن استراتيجية 2015 عكست، بشكل أبلغْ، فلسفة أوباما في الحروب، والبناء في الداخل، دون أن تتخلى عنها. وهو ما أشارت إليه Falila Gbadamassi في مقالتها، نقلا عن مايا كاندلالتي لاحظت أن: «التدخّلات العسكرية لم تتوقّف على أيّة حال خلال حكم باراك أوباما؛ بل أصبحت أقلّ وضوحًا؛ إذ يندرج الانسحاب من العراق، والالتزام بالخروج من أفغانستان، وخيار عدم التدخّل علنًا في سوريا، في الفلسفة العامّة نفسها، الّتي تسلّط الضوء على الإرهاب المضادّ، وتركّز على لاعبين غير حكوميين، مع الرغبة في إدارة التهديد – بما في ذلك بصورة وقائية- مع مستوى تدخّل متدن من قبل الأمريكان».
وكما يقال في المثل فالمكتوب (الرسالة) يُقرأ من عنوانه! فقد قدَّم الرئيس الأمريكي للإستراتيجية مستعملا عبارة « الصبر الاستراتيجي»*. وفي المضمون صيغت، كسابقتها، باستخدام الفعل المستقبلي، وفي المحصلة، لولا بعض التغييرات، لجاءت كنسخة تحديثية في تفصيل ما لم يفصل من مواضيع. وبفعل الأحداث الجسيمة التي تجري وقائعها في المنطقة وروسيا بشكل خاص، والعالم بشكل عام، فقد أظهرت الإستراتيجية من المشاكل ما لم تظهره سابقتها.
وبالإجمال تضمنت خمسة محاور مركزية، وهي (1) القيادة و (2) الأمن و (3) الاقتصاد و (4) القيم و (5) النظام الدولي. ومن المفارقات أن ست سنوات مضت على الإستراتيجية الأولى (2010) ومع ذلك لم تغب هذه المحاور عن إستراتيجية 2010 أو التذكير بها في عدة مواضع.
أولا: القيادة
أول فقرة وردت في الإستراتيجية التي قدم لها الرئيس الأمريكي قالت: «Today, the United States is stronger and better positioned to seize the opportunities of a still new century and safeguard our interests against the risks of an insecure world = اليوم، الولايات المتحدة أقوى ولا تزال في وضع أفضل لاغتنام الفرص في القرن الجديد وحماية مصالحنا ضد المخاطر في عالم غير آمن». والعبارة التالية قالت: « America’s growing economic strength is the foundation of our national security and a critical source of our influence abroad = إن القوة الاقتصادية المتنامية لأميركا هي الأساس لأمننا الوطني ومصدرا هاما من نفوذنا في الخارج».
لذا ولأننا: « في هذه اللحظة الحاسمة»، وإذ« نواصل مواجهة تحديات خطيرة على أمننا القومي» … فإن: « التطرف العنيف والتهديد الإرهابي المتطور وما يثيره من مخاطر استمرار الهجمات على أمريكا وحلفائنا»، وكذا« تصاعد التحديات التي تواجه الأمن السيبراني، والعدوان من قبل روسيا، والآثار المتسارعة لتغير المناخ، وتفشي الأمراض المعدية» .. كل هذا « يؤدي إلى تعاظم القلق بشأن الأمن العالمي». وعليه « ينبغي أن نكون يقظين على هذه وغيرها من التحديات» لاسيما« وأن الولايات المتحدة لديها قدرة فريدة على تعبئة وقيادة المجتمع الدولي للوفاء بها». وعليه فإن« أي استراتيجية ناجحة، لضمان سلامة الشعب الأمريكي وحماية مصالح أمننا القومي، يجب أن تبدأ بحقيقة لا يمكن إنكارها أن أمريكا يجب أن تقود .. قيادة أميركية قوية ومستدامة أمر ضروري لنظام دولي قائم على القواعد التي تعزز من الأمن العالمي والازدهار وكذلك كرامة وحقوق الإنسان لجميع الشعوب».
لكن! «The question is never whether America should lead, but how we lead? = السؤال ليس أبدا ما إذا كانت أميركا يجب أن تقود، ولكن كيف لنا أن نقود؟». وفي السياق كانت إستراتيجية 2010 قد تحدثتعن موارد النفوذ الثلاثة التي أشرنا إليها في مطلع النص ( القوة العسكرية والاقتصاد والدبلوماسية)، ولأن:« التحديات، بما في ذلك التطرف، والعدوان الروسي، والهجمات الإلكترونية، والتغير المناخي، من الأفضل أن تعالج بحشد التحالفات الدولية»[6]. فإن القوة، والكلام للرئيس الأمريكي،: « لا تعني أننا نستطيع أو يجب أن نحاول إملاء المسارات لكل الأحداث في العالم»»! أما لماذا؟ فلأن « مواردنا ونفوذنا ليست بلا نهاية»».
وتبعا لذلك لم يكن غريبا أن يكون أول ما تحدثت عنه الإستراتيجية، في محور القيادة، هو القوة العسكرية والقيم، وليس الاقتصاد، الذي اعتُبر مصدر القوة الأمريكية في إستراتيجية 2010، فضلا عن الربط بين التوجه للداخل، كشرط لاستمرارية القوة في الخارج. بل وفيما لا يزيد عن سطرين، جرى الحديث عن الاقتصاد بصيغة: « ما زال الأكثر حيوية ومرونة في العالم وفرص العمل»! وقبل أن يكتمل السطر الثاني تقطع الإستراتيجية الشك باليقين عبر الربط بين « القوة» و « القيم» بدلا من الاقتصاد، الذي ربما تعتقد الإدارة الأمريكية بأنه تجاوز تداعيات الأزمة العقارية سنة 2008 بما لا يحتاج معها إلى التأكيد، مقارنة بما تحتاجه القيم، لاسيما وأن مصداقية الولايات المتحدة تعرضت للاستنزاف في مناطق عدة من العالم: « مصدر قوتنا هو قوتنا العسكرية التي لا منافس لها في العالم, إضافةً إلى قيمنا التي تم تأسيس الدولة عليها». وبناء على
ذلك:
- « ستقود أمريكا العالم وتكون مثالاً يحتذى به؛
- ستقود أمريكا العالم من خلال شركاء قادرين: لا يمكن إيجاد حلول للمشكلات العالمية في عالم مرتبط مع بعضه بعضاً من دون الولايات المتحدة؛
- ستقود أمريكا العالم من خلال ما لديها من وسائل القوة: الجيش الأمريكي .. الدبلوماسية .. اقتصادنا وتجارتنا واستثماراتنا في الداخل والخارج العقوبات … العلاقات الشخصية.
- ستقود أمريكا العالم من منظور طويل الأجل: مع الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الخمس التي وقعت في السنوات الست السابقة حيث (1) أصبحت القوى بين الدول أكثر ديناميكية، وفعالية (2) المجتمع المدني، و (3) الاعتماد المتبادل والمتزايد للاقتصاديات العالمية على بعضها بعضاً, والسرعة المتزايدة للتغيرات التكنولوجية، و (4) تغير سوق الطاقة العالمي، وأخيرا (5) مرونة البنية الإستراتيجية وسلاستها .. بما يؤسس لمجموعة من الأولويات الملائمة لقوة عالمية رائدة ذات مصالح في كل جزء من العالم الآخذ في ترابطه مع بعضه بعضاً».
ثانيا: الأمن
تحت محور الأمن؛ نجد عشرة بنود تتحدث عن: « (1) تعزيز وتقوية دفاعنا القومي، و (2) تعزيز وتدعيم الأمن الداخلي، و (3) مكافحة تهديد الإرهاب المستمر، وضمنه أفغانستان والدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، و (4) بناء القدرة لمنع الصراع، و (5) منع انتشار واستخدام أسلحة الدمار الشامل، مع الإشارة إلى كوريا الشمالية وليبيا وسورية وإيران، و (6) مواجهة تحدي المناخ، و (7) أمن الشبكة العنكبوتية، و (8) أمن الفضاء الخارجي، و (9) الأمن الحيوي والبحري، و (10) زيادة أمن الصحة العالمية».
أول ما تتحدث عنه الإستراتيجية في مجال الأمن، وتركز عليه بالترتيب هو:« (1) حماية المواطنين الأمريكيين, و (2) صون الأمن العالمي لحماية المصالح الأمريكية، و (3) الالتزام مع الحلفاء والشركاء، و (4) التعامل مع التهديدات العالمية». ولأنه، بحسب الإستراتيجية، « لا مجال للمساومة عليها»، فإن:أولوياتنا اليوم هي: (1) مواجهة الإرهاب, وخاصة إرهاب القاعدة والمنظمات المنتسبة إليها، .. وتعزيز وتقوية الآخرين لمواجهة الأيديولوجيات المتشددة والمتطرفة والخطيرة .. ومن أولوياتنا الكبرى (2) منع الانتشار النووي، ثم (3) منع وصول المواد النووية إلى الإرهابيين».
في إطار« الدفاع عن الأمن القومي» تشير الإستراتيجية إلى جاهزية القوات العسكرية الأمريكية لممارسة « الردع»، كمرحلة أولى، ضد أي « تهديد لبلدنا وإلحاق الهزيمة به, بما في ذلك تهديد الصواريخ والتجسس على شبكتنا العنكبوتية أو الاعتداءات الإرهابية». ويشمل « الردع» القيام بـ« عمليات عالمية لمواجهة الإرهاب, وطمأنة الحلفاء», وحتى« التواجد والاشتباك». وإلى هذا الحد لا تبدو الولايات المتحدة عازمة على التدخل بعمليات برية كبرى بما أنها تحصر تدخلاتها في دائرة « الردع» وضمن أدواته ووسائله فقط، ووفقا للإستراتيجية فـ « لن يكون استخدام القوة هو خيارنا الأول». لكن « إذا فشل الردع»، وهي المرحلة الثانية، « ستستخدم الولايات المتحدة القوة العسكرية منفردة إن كان ذلك ضرورياً»، وعليه: « فإن القوات الأمريكية ستكون جاهزة لاستخدام قوتها على الساحة الدولية لمنع العدوان وإلحاق الهزيمة به في الساحات الدولية متعددة الجوانب»، بشرط « أن يكون لاستخدام القوة هدف محدد وواضح»، وهو شرط أمني، بقدر ما هو سياسي، حتى لو تم تفعيله في سياقات « القانون الدولي والقيم الأمريكية». وفي كل الأحوال سيبقى أي تدخل أمريكي تحت سقف الردع، على الأقل، طالما بقي أوباما وفريقه « المحافظ» في السلطة.
أما الإستراتيجية التي تحدثت في محور القيادة عن قيادة أمريكية طويلة الأجل للعالم نجدها في بند « تعزيز وتدعيم الأمن الداخلي»، تتحدث عما يشبه التعايش مع « الإرهاب» مع التأكيد على أن أمريكا « أكثر أماناً .. وأكثر قدرة على حماية بلدنا من الإرهاب بسبب تقاطع المعلومات وأمن الطيران والحدود والتعاون الدولي», لكن، وبلغة الإستراتيجية، « يجب أن نستمر في التعلم والتكيف مع التهديدات والمخاطر المتحولة». وفي هذا البند يمكن ملاحظة الإستراتيجية وهي تعتمد رسميا، لأول مرة، عبارة « التطرف العنيف» بدلا من العبارات التي تغزو الإعلام الأمريكي مثل « التطرف الإسلامي أو الإرهاب الإسلامي».
حول« مكافحة تهديد الإرهاب المستمر»؛ فإن أول ما تتحدث الإستراتيجية ما تسميه بـ« المنظمات الإرهابية» التي « تمتد من جنوب آسيا إلى الشرق الأوسط وصولاً إلى أفريقيا. كما أنها تضم مجموعات عالمية توجهها القاعدة والمنظمات المنتسبة اليها, إضافة إلى عدد متزايد من جماعات إقليمية لها ارتباطات دولية تحمل عقيدة القاعدة مثل الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام, والتي يمكن أن تشكل خطراً على الوطن الأمريكي».لكن التركيز يمس أفغانستان و « الدولة الإسلامية في العراق والشام»، مع الإشارة بالذكر إلى الصومال. وفي بند لافت، أملته التقييمات والمناقشات التي استقر الرأي فيها على استعمال وتعميم عبارة« التطرف العنيف»، قالت الإستراتيجية: « ترفض أمريكا الأكذوبة القائلة بأنها وحلفاءها في حالة حرب مع الإسلام».
تحت سقف « القيادة من الخلف» ستنشط الولايات المتحدة في بناء الشراكات المحلية عبر (1) تأهيل الدول الأضعف والأكثر عرضة لـ « الإرهاب» كأفغانستان والعراق وسوريا وحتى الصومال، و (2) تدريب ما تسميه الجماعات المحلية. وفي السياق كان لافتا حقا ذلك البند المتعلق بسوريا والذي يقول: « بنفس الوقت, فإننا نعمل مع شركائنا لتدريب ومد المعارضة السورية المعتدلة بما تحتاجه كي توفر قوة موازية تقف في وجه الإرهابيين ووحشية نظام الأسد»، علما أن برنامج التدريب فشل، كما أٌعلٍن، على خلفية الطلب من المؤهلين للتدريب التوقيع على وثيقة تلزمهم فقط بقتال « الدولة الإسلامية» دون « النظام النصيري». ولو تتبعنا موضوعيا الحضور السوري في الإستراتيجية، لتبين أنه لم يزد عن خمس مرات، مقارنة بالحضور العراقي، الذي بلغ نحو 12 مرة. بل أن الحضور السوري اقتصر على مسألتين هما (1) تدريب المعارضة المعتدلة و (2) الحل السياسي.
أما فيما يتعلق بروسيا، التي حضرت في الإستراتيجية عشر مرات، فقد استُعملت بحقها توصيفات غير مسبوقة في إستراتيجية 2010 مثل: « انتهاك، وتنتهك، واعتداء، والعدوان، وصراع، وتشن، ومواجهة، والمخادعة، وعقوبات». وأكثر من ذلك حين وردت العبارة التالية في الفقرات الأولى من إستراتيجية 2015، لتؤشر على تحول بالغ الخطورة تجاه روسيا: « إننا نقود جهوداً عالمية لمواجهة روسيا»، التي غدت، وفق بند « بناء القدرة لمنع الصراع» عدوا« استفزازيا» مثل« كوريا الشمالية»، أو قريبا من العدو« كالصين وإيران» التي حضرت في الإستراتيجية 12 مرة. لذا فإن: « الدبلوماسية الأمريكية والقيادة الأمريكية, وبدعم من القوة العسكرية, ستبقى أساسية لردع العدوان بين الدول تنفيذاً لالتزاماتنا مع شركائنا وحلفائنا. وسوف نجعل تلك الدول التي تهدد جيرانها وتنتهك المعايير الدولية, تدفع ثمناً». إذ أن:« انتهاك روسيا لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها, وكذلك سياستها العدوانية تجاه دول أخرى جارة لها, يعرض المعايير الدولية المعترف بها بشكل واسع منذ انتهاء الحرب الباردة إلى الخطر».
ومن الواضح أن الولايات المتحدة ترد على ممارسات روسيا بمفردات من نوع:« قيادة، جهود، مواجهة، ردع، دفع الثمن،… »، وكأن المطلوب من روسيا والصين أن تكونا من ضمن « الشراكة» لكن ليس من ضمن « القيادة».
ثالثا: الاقتصاد
كبقية المحاور، لا يخلو المحور الاقتصادي من مزاعم وطموحات جرت عنونتها بـ « الرفاهية والازدهار»، لاسيما، وكما تقول الإستراتيجية، بأن: « اقتصادنا هو أكبر اقتصاد في العالم وأكثره انفتاحاً وابتكاراً, وإن استمرار واستدامة قيادتنا للعالم يعتمد على صياغة نظام اقتصادي عالمي صاعد يعكس مصالحنا وقيمنا»، وأن: « الاقتصاد الأمريكي هو بمثابة المحرك للنمو الاقتصادي العالمي, وهو مصدر استقرار للنظام العالمي»، فضلا عن أنه« أداة القوة والتأثير الأساسي, فإنه كفيل بضمان قوتنا العسكرية ونفوذنا الدبلوماسي». لكن واقع الحال يقول بأن الولايات المتحدة مدينة بأكثر من إجمالي الناتج القومي، وأنها بالكاد تشغل مؤسساتها، فكيف لها أن تبلغ « الرفاهية والازدهار»[7] لاسيما أن اقتصادها الذي يشكل 23.3% من الاقتصاد العالمي، صار مدينا له بنسبة 29.1٪، بحسب أرقام موقع « visualcapitalist» الصادرة في 6/8/2015؟ وأن الرقم يتعلق بنحو 200 تريليون$!!!! هذا فضلا عن الحديث على وضع حد للفقر المدقع في العالم، في الوقت الذي تتمركز فيه الثروات الخاصة بأيدي 85 شخصا في العالم يمتلكون نصف ثروات الأرض، كما قالت منظمة « أوكسفام» البريطانية.
منذ ربع قرن والولايات المتحدة تتحدث بصيغة سـ: « نجعل اقتصادنا يعمل»، ولم ينكر أحد أنها، منذ خروجها من عزلتها، خلال الحرب العالمية الثانية، أنها تقودو« ستقود العالم بالعلم والتكنولوجيا والابتكار». لكن هل توقفت الولايات المتحدة عن المكابرة ،وأقرت بأنها تتراجع؟ الحقيقة أنها أقرت بذلك. وفي بند الاقتصاد نلحظ هذا الأمر فيما يتعلق بعبارة « تطوير أمننا القومي». فلطالما كانت الطاقة ومصادرها وسلاسة انتقالها« مسألة أمن قومي أمريكي» يمتد عبر العالم، لكنها هذه المرة تتحدث عن« تطوير» لا عن مجرد أمن. وليس هذا بسبب الانبعاثات الكربونية وكوارث التغير المناخي الذي يدمر أسباب الحياة في أنحاء الكرة الأرضية، بل لأن الطاقة، بكميات إنتاجها وخطوط إمدادها الدولية مع أوروبا على وجه الخصوص، صارت من جهة (1) أداة صراع على النفوذ، وتحطيم ما يسمى بقواعد القانون الدولي كما تفعل روسيا في أوكرانيا، ومن جهة (2) بالغة التكلفة، بالمقارنة مع المديونية المرتفعة التي تهدد بانهيار النظام الاقتصادي العالمي وكذلك الدولي.
رابعا: القيم
كل ما ورد في هذا المحور هو تفصيل لما تضمنته استراتيجية 2010. لكن التفصيل هنا لا يعني التكرار بقدر ما يعني الإصرار على منطق عولمة، لا يمكن أن يمر إلا بتحطيم قيم الآخرين وحضاراتهم وثقافاتهم ومعتقداتهم، بحيث يبدو الإنسان في الشرق مجرد نسخة عنه في الغرب. وحتى ينجح هذا الأمر: « على الولايات المتحدة أن تطبق قيمها في الداخل الأمريكي, وأن تشجع على تطبيق قيم عالمية». وفي موضع آخر تقول الإستراتيجية: « إن قيمنا هي مصدر قوة وأمن لنا, وإن قدرتنا على دعم هذه القيم في الخارج مرتبطة برغبتنا وإرادتنا الالتزام بها في داخل بلدنا». وفي موضع ثالث لا يبدو أن الولايات المتحدة يمكن أن تأمن على نفسها، ما لم تطمئن إلى أن يتساوى جميع من في الأرض: « إن القيم الأمريكية هي انعكاس للقيم العالمية التي تعد أمريكا رائدة لها في هذا العالم»، والحديث هنا يتعلق مبدئيا بالحرية والعدالة والمساواة، ويشمل ذلك بحسب الإستراتيجية « حرية التعبير والعبادة والتجمع السلمي والقدرة على اختيار القيادة بشكل ديمقراطي, والحق في اختيار الطريقة المناسبة وإدارة العدالة بشكل متساو». أما الفقرة التي أرادت الإستراتيجية تمريرها فهي التي وضعت تحت بند« الدفع بالمساواة إلى الأمام»، ونصها: « سنكون رواداً للمجتمعات التي تتعرض باستمرار إلى العنف والإساءة والإهمال مثل الأقليات القومية والدينية والمعوقين والمثليين والسحاقيين والعمال المهاجرين».
يسهب محور القيم في الحديث عن حقوق الإنسان ومقاومة الاستبداد ودعم الحريات والالتزام بالقانون. ويشن حملة على الأنظمة الاستبدادية التي تعارض الديمقراطية. بل ويتطرق إلى الثورات العربية بالقول: « لقد جرت الانتفاضات الشعبية التي بدأت في العالم العربي في منطقة ذات تقاليد ديمقراطية ضعيفة، وعصبية استبدادية قوية، وتوترات طائفية، وعناصر متطرفة وعنيفة, ولهذا ليس مستغرباً أن الانتكاسات فاقت الانجازات. ومع ذلك, فإن التغيير لا مفر منه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لكن اتجاه ذلك التغيير ليس مقدراً سلفاً … ولنا مصلحة قوية في أن نقود رداً دولياً على الإبادة الجماعية للشعوب والفظائع الجماعية التي ترتكب بحقهم عندما تحدث, وإننا ندرك أن الخيارات أكثر كلفة، لكنها أقل كلفة عندما نتصرف بشكل مسبق، قبل أن تصل الحالات إلى حالات الأزمة».
ولو أخضعنا هذه الفقرة لاختبارات ميدانية في شتى أنحاء العالم لما احتجنا إلى دليل[8]. بل أن أعجب ما يمكن تصوره في هذا السياق أن الإستراتيجية أتت على ذكر روسيا وعدوانيتها في أوكرانيا لكنها لم تأت على ذكر مصر ولا مرة واحدة رغم تخصيصها في ذات المحور لبند يتعلق بـ « دعم الديمقراطيات الصاعدة» وآخر بـ« منع الفظائع بشكل جماعي»!!! فهل سقطت مصر في مثل هذه الوثائق الضخمة سهوا؟ وإلا! فعن أية قيم تتحدث أمريكا؟
خامسا: النظام العالمي
تدرك الولايات المتحدة، من رأسها حتى أخمص قدميها، أن النظام الدولي قد غدا في مهب الريح. ويتساءل الكثيرون عن الشكل المحتمل إعادة بناءه لهذا النظام. أما الإستراتيجية فتتحدث عن (1) قصور في بنية النظام الهندسية، و (2) تهديدات دولية مباشرة للنظام، تقوم بها روسيا، وأخرى محتملة قادمة من الصين، و (3) تهديدات إرهابية. فما الذي ستفعله الولايات المتحدة للإبقاء على النظام الدولي؟
بحسب النص: « يعتمد النظام الدولي الراهن في عصرنا الحديث وبشكل كبير على (1) الشكل والتصميم الذي سيأخذه للتأكيد الدولي والمؤسسات الاقتصادية والسياسية, وأيضا على (3) التحالفات والشراكات التي أوجدتها الولايات المتحدة، و (3) الأمم التي تشاطرها نفس الذهنية والتفكير بعد الحرب العالمية الثانية». وبُعيدَ بضعة جمل أشادت بإيجابيات النظام منذ نشأته، تلاحظ الإستراتيجية أن: « النظام لم يكن كاملاً ومكتملاً, إذ يتم تحدي عناصر منه بشكل متزايد. لقد شاهدنا (1) حالات كثيرة أدى فيها فشل تنظيم إرادة ومصادر العمل الجماعي إلى اللاعمل, والى (2) تعرُض الأمم المتحدة ومؤسساتها المتعددة الأطراف إلى المطالبة بمصادر, وإلى (3) أمور أخرى أدت إلى التنافس بين الدول الأعضاء, والى (4) الحاجة إلى إصلاح طيف من المجالات السياسية والإدارية بالرغم من التوترات والضغوطات التي لا تريد الغالبية العظمى من الدول تبديل النظام الحالي».
رغم أن أي تحرك أمريكي مشروط بـ « حيث يكون ذلك ممكنا»، إلا أن « الولايات المتحدة (1) ستستمر في عملها لتحقيق تقدم في إيجاد حلول مستدامة لجميع هذه المجالات كونها أولوية في سياستها الخارجية … و (2) ستستمر باحتضان الشكل والهندسة القانونية لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية – بدءاً من ميثاق الأمم المتحدة إلى المعاهدات المتعددة الأطراف التي ترسم السلوك أثناء الحرب, واحترام حقوق الإنسان, ومنع الانتشار, ومواضيع أخرى كثيرة تهم العالم – على أنها ضرورية وأساسية لتنظيم عالم سلمي وعادل, تعيش فيه الأمم بسلام ضمن حدودها, ويتمتع فيه جميع الرجال والنساء بحقوق متساوية للوصول إلى ما يصبون إليه».
لكن الواقع يؤكد أن حالة النظام الدولي اليوم أشبه ما تكون بالضبط كحالة الرئيس السوري بشار الأسد في ظل الثورة السورية. وهذا ما أدركته الإستراتيجية التي لم تجد بدا من الاكتفاء بالمحافظة على التصميم الهندسي والقانوني للنظام كما نشأ منذ مائة عام. لذا لا تتوانى الإستراتيجية عن التأكيد على استخدام (1) أنظمة الردع، كالقوة العسكرية والعقوبات والعلاقات الأمنية، و (2) تعميق التحالفات القديمة (كوريا الجنوبية واليابان والفيلبين وتايلاند) و (3) الشراكات الجديدة ( فيتنام واندونيسيا وماليزيا وبورما) لمواجهة أي إخلال بتوازن القوى في منطقة آسيا والباسيفيك: « سنوسع ونعمق ونشعّب علاقاتنا الأمنية مع آسيا, وكذلك مكانتنا وحضورنا الدفاعي. إننا سنقوم بتحديث تحالفاتنا مع اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين, وبتعزيز التفاعلات فيما بينهم لضمان أن يكونوا قادرين بشكل كامل على الرد على التحديات الإقليمية والعالمية».
هذا ما تقوله الولايات المتحدة عبر الإستراتيجية في ردها على الصين: « نرحب ببروز وصعود صين مزدهرة وسلمية ومستقرة، ونبحث عن تطوير علاقة بناءة معها .. وبينما سيكون هناك تنافس إلا أننا نرفض المواجهة، وفي نفس الوقت فإننا سندير موضوع التنافس ونعالجه من موقع القوة, ونصر على دعم والتزام الصين بالقواعد والمعايير الدولية حول مسائل واسعة تشمل الأمن البحري والتجارة وحقوق الإنسان. وسوف نراقب عن كثب تحديث الصين لقدراتها العسكرية, وتوسيع حضورها على الساحة الأسيوية, بينما نبحث عن الطرق والوسائل التي تقلص من مخاطر سوء التفاهم والحسابات الخاطئة». وفي إطار تعميق العلاقات الأمنية الساعية إلى « إعادة التوازن»، تصرح الإستراتيجية: « سنستمر في تعزيز شراكتنا الإستراتيجية والاقتصادية مع الهند» … وتزيد في التعويل على الدور الهندي أكثر، لمواجهة الصين: « إننا ندعم دور الهند كضامن ومزود إقليمي للأمن, ومشاركتها الواسعة في المؤسسات الإقليمية الحساسة».
ورغم أن أكثر الذين يتحدثون عن انهيار النظام الدولي هم الأمريكيون والأوروبيون، فإن الولايات المتحدة معنية أكثر من أي وقت مضى باستعمال أوروبا كعصا في مواجهة روسيا القادمة من عصر القياصرة، حيث لم تُعرَف إلا كدولة توسعية لا يردعها قوة ولا قانون. ومع أنها سئمت من التردد الأوروبي تجاه الحزم مع روسيا إلا أن الأمريكيين، وبنص الإستراتيجية، بدوا وكأنهم يعلنون الحرب على روسيا وتوريط أوروبا، حين عبروا عن: التزام عميق تجاه أوروبا الحرة والموحدة وفي حالة من السلم». إذ أن: « أوروبا القوية هي شريكنا الذي لا يمكن الاستغناء عنه, .. إن حلف شمال الأطلسي هو أقوى تحالف شهده العالم, وهو النواة لشبكة أمنية عالمية .. إن التزامنا بالمادة (5) التي تنص على الدفاع الجماعي لجميع أعضاء الحلف, هو الدرع الفولاذي .. إن التزامنا هو ضمان بقاء التحالف جاهزاً وقادراً على الرد على الأزمة والتعاون الأمني». وتأسيسا على ذلك فإن: « اعتداء روسيا على أوكرانيا يجعل من الواضح أن الأمن الأوروبي والقواعد والمعايير الدولية ضد العدوان على الأراضي لا يمكن اعتباره أنه بديهي».
وتتابع الإستراتيجية القول:« رداً على ذلك العدوان, فقد قدنا جهداً دولياً لدعم الشعب الأوكراني عندما اختار الشعب مستقبله وأراد تطوير ديمقراطيته واقتصاده. إننا نعيد التأكيد لحلفائنا, ونعزز التزاماتنا الأمنية, ونزيد من ردنا من خلال التدريب والمناورات, ومن خلال وجودنا الحيوي في وسط وشرق أوروبا لمنع عدوان روسي آخر .. و سنستمر في فرض تكاليف كبيرة على روسيا من خلال العقوبات ووسائل أخرى, وسنواجه دعاية روسيا المخادعة بحقيقة جلية وواضحة» ..
باختصار: « سوف نردع العدوان الروسي, وسنبقى على أهبة الاستعداد لمواجهة قدراتها الإستراتيجية, وسنقدم المساعدة لحلفائنا وشركائنا لمقاومة الإكراه الروسي على المدى البعيد عند الضرورة. وبنفس الوقت, ستبقى الأبواب مفتوحة أمام تعاون أكثر مع روسيا في مجالات المصالح المشتركة في حال اختارت طريقاً مختلفاً».
وفيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط؛ لا تتحدث الإستراتيجية عن تهديدات للنظام الدولي بقدر ما تتحدث عن« الشبكات الإرهابية التي تهدد شعبنا» وعما أسمته بـ « العدوان الخارجي على حلفائنا وشركائنا» وعن ضمان « التدفق الحر للطاقة من المنطقة إلى العالم», وعن« منع تطوير وانتشار واستخدام أسلحة الدمار الشامل»، مع ملاحظة
أنه: « لا يوجد عنف أكثر مأساة وزعزعة في أي مكان من العالم مما هو موجود في الصراع الطائفي من بيروت حتى بغداد».
أما الحلول التي تطرحها الإستراتيجية، دون أن تتورط بنفسها، فتتطلب « شركاء قادرين على الدفاع عن أنفسهم». عبر الاستثمار في« قدرة إسرائيل والأردن وشركائنا الخليجيين على ردع العدوان, و (2) ندعم الجهود التي تخفف من حالة تصعيد التوترات الطائفية والتوتر بين المجتمعات الشيعية والسنية في جميع إنحاء المنطقة»، ولأن « السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يتطلبان أيضاً تقليص الأسباب الكامنة للصراع»، فإن الولايات المتحدة ستعمل على: « (1) إيجاد اتفاقية شاملة مع إيران، والالتزام (2) بإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من خلال إيجاد حل الدولتين، و (3) دعم الجهود التي تخفف من حالة تصعيد التوترات الطائفية والتوتر بين المجتمعات الشيعية والسنية في جميع إنحاء المنطقة، و (4) مساعدة الدول التي تمر بمرحلة الانتقال على تحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية وبناء قدرة الدولة للمحافظة على الأمن والقانون والنظام واحترام الحقوق العالمية».
[1] نص « استراتيجية الأمن القومي لسنة 2015»، موقع « levantri»، على الشبكة: http://cutt.us/9ztcH
[2] نقلت صحيفة « ديلي تلغراف» البريطانية عن « تقرير نشره معهد الشؤون الاقتصادية والسلام (IAB) »، أن أكثر من 14 ترليون$ تم إنفاقها على الصراعات المسلحة في العالم خلال سنة 2014، وأن هذا المبلغ يمثل نسبة 13% من الناتج الإجمالي العام في العالم. وأن التكلفة المذكورة تساوي تقريبا مجموع قيمة اقتصادات المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وكندا وإسبانيا والبرازيل. للمتابعة: « كلفة الحروب 14 ترليون دولار العام الماضي»، 18/6/2015، موقع « الجزيرة نت»، نقلا عن صحيفة « الديلي تلغراف» البريطانية، على الشبكة: http://cutt.us/NHV9B
[3] يتحدث Peter Harris عن تداعيات خفض عدد الجيش على الهيمنة الأمريكية، وتوقفها عن خوض الحروب الشاملة بالقول:« في عهد الرئيس كينيدي، كان من المفترض أن يكون الجيش قادرًا على شن حربين ونصف على نطاق واسع في وقت واحد. وفي ثمانينيات القرن الماضي، وضع وزير الدفاع، كاسبر واينبرغر، خططًا استراتيجية لخوض ثلاث حروب ونصف الحرب في وقت واحد. لكن في عام 2010، أعلن روبرت غيتس أنّ الولايات المتحدة لم تعد مستعدة لخوض حربين في وقت واحد، وتفضل بدلًا من ذلك تنظيم نفسها لمواجهة التهديدات غير التقليدية مثل الأمن الإلكتروني والإرهاب. هذه الجاذبية البعيدة عن التخطيط للقتال والفوز بالحروب البرية الكبيرة سوف تزداد إذا تقلص حجم الجيش على نحوٍ غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية». يمكن الاطلاع على المزيد لدى: Peter Harris: « بانخفاض حجم الجيش: هل تنتهي الهيمنة الأمريكية؟ – 14/7/2015»، موقع « nationalinterest»، على الشبكة: http://cutt.us/TQs4Jفريق ترجمة موقع « راقب»: http://cutt.us/3dL77
[4] في 30/9/2014 أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية ( البنتاغون) عن نيته نشر قوة مقاتلة من مشاة البحرية الأمريكية (المارينز) في منطقة الشرق الأوسط تكون مهمتها التدخل السريع عند اندلاع أزمات في المنطقة. وبحسب المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، فإن « وحدة التدخل هذه لن تكون مرتبطة بالعمليات الجارية في العراق» ضد « الدولة الإسلامية في الشام والعراق» بل ستكون مهمتها « التحرك في حال وقوع حدث غير متوقع». وبحسب ضابط في مشاة البحرية فإن القوة « ستتمركز في الكويت». وبدأت فكرة هذه الوحدات تشق طريقها لدى العسكريين الأمريكيين « بعد الهجوم الذي تعرضت له القنصلية الأمريكية في مدينة بنغازي الليبية في 11/9/2012. وللإشارة فثمة « قوة مماثلة تتمركز في إسبانيا، وأنشئت لتغطية منطقة أفريقيا». للمتابعة: « البنتاغون يتجه لنشر قوة تدخل سريع بالشرق الأوسط»، 1/10/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/cVwtx
[5] تشير Falila Gbadamassi في مقالتها: « كيف استحق باراك أوباما في نهاية المطاف جائزة نوبل للسلام؟ – 3/8/2015»، حول المحور الثالث بالذات، إلى أن أوباما: « استمرّ في تفضيل أشكال جديدة من التدخّل العسكري تشترك في خصوصية: جعل التدخّلات العسكرية الأمريكية أقلّ وضوحًا وأقل تكلّفة». وثمة استشهاد لها بـ « مايا كاندل» تقول فيه: « تتفق الاغتيالات المحدّدة واللجوء إلى القوّات الخاصّة وخيار الحرب الإلكترونية … جميعها فيما يمكن تسميته بفلسفة أوباما في السياسة الخارجية ( القائمة على) جعل الزعامة الأمريكية “أكثر حذرًا وتواضعا” وفقًا لما وصفه المستشار الرئيس الّذي وضع عبارة « leading from behind»؛ لأنّ الأمريكيين أصبحوا على دراية بالتأثيرات ذات النتائج العسكرية من تواجدهم العسكري الهائل. وهذا ربما أهمّ درس مستفاد من الفشل العراقي- وتجنّب أي عملية بريّة هائلة جديدة في الشرق الأوسط» … موقع « geopolis»، على الشبكة: http://cutt.us/wFDQ
* من اللافت للانتباه أن عبارة « الصبر الإستراتيجي» استعملتها وزارة الدفاع الأميركية عبر المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، في 30/9/2014. أي قبل أكثر من أربعة شهور من استعمال الرئيس الأمريكي لها. وذلك في تعقيبها على الانتقادات التي تتعرض لها الحملة الجوية على العراق من قبل وسائل الإعلام الأمريكية. هنا: « البنتاغون يدعو إلى “صبر إستراتيجي” بمواجهة تنظيم الدولة»، 1/10/2014. لدى موقع « incanews»، على الشبكة: http://cutt.us/iMQP
[6] « تنظيم الدولة يقلب إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي، 7/2/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/wQ4H
[7] من الطريف حقا أن مثل هذه المصطلحات بالضبط استعملها رئيس الحكومة الإسبانية خوزيه لويس ثاباتيرو (23/12/2010) حين تجرأ على القول بأن: « بلاده تحتاج إلى خمس سنوات لتصحيح الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الوطني وتحقيق الازدهار والرفاهية للشعب الاسباني». ومن الأطرف أن التصريحات جاءت بعد إقرار مجلس النواب الاسباني لقانون الميزانية العامة لسنة 2011، وهي السنة الأكثر تقشفا منذ بدء الأزمة الاقتصادية، والأعلى تخفيضا في مستوى الإنفاق العام بنسبة 7.9%، مقارنة بما كان عليه سنة 2010، فضلا عن بطالة في حينه وصلت إلى 20%، وهو ما ينذر بأن إسبانيا كانت على مقربة من الانفجار وليس الازدهار. وفعليا لم تمض بضعة شهور حتى تفجرت الاحتجاجات في أكثر من 160 ساحة مركزية في مختلف المدن الإسبانية، بما فيها العاصمة – مدريد.
[8] ففي مقالة له بصحيفة الـ« غارديان – 14/5/2014» البريطانية، استشهد الكاتب البريطاني جون بيلغر، في مقالته بصحيفة الـ« غارديان – 14/5/2014» بـ« موجز سجل السياسة الخارجية الأميركية» الذي ينشره كل عام المؤرخ الأميركي وليام بلوم، والذي يبرز محاولات الولايات المتحدة منذ عام 1945 للإطاحة بأكثر من خمسين حكومة، انتُخب كثير منها ديمقراطيا. مشيرا إلى أنها تدخلت بشكل فج في انتخابات ثلاثين دولة وقصفت السكان المدنيين في ثلاثين دولة أيضا، واستخدمت الأسلحة الكيميائية والبيولوجية وحاولت اغتيال زعماء أجانب. وأن بريطانيا كانت معاونة لأميركا في كثير من الحالات. وختم بأن =
= وزارة الدفاع الأميركية تدير حاليا عمليات خاصة، حروبا سرية، في 124 دولة، بينما داخليا الفقر يزداد وضياع الحريات صار النتيجية الطبيعية التاريخية لدولة الحروب الأبدية ومخاطر حدوث حرب نووية. موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/MqQ3I
المصدر: رسالة بوست