مقالاتمقالات مختارة

الاستبداد والظلم والطغيان .. هذه هي أسباب الثورة

بقلم أ. مجاهد ديرانية

يميل بعض أهل الثورة، ولا سيما بعدما فَشَتْ فيها فاشيةُ “الأدلجة”، إلى ربط ثورتنا بأسباب دينية بحتة، كمنع الصلاة في جيش النظام ومحاربة الدروس الدينية وتسلّط شخص غير مسلم على رئاسة البلد. والذي أراه أن هذا الربط خطير جداً، لأنه يعيد الأمة -ضمناً- إلى حالة الخنوع التاريخي الذي عاشته عبر القرون الطويلة، ويمهّد الطريق لتنظيمات الغلاة للسيطرة على البلاد والتحكم بالعباد.

إن مجرد كون الرئيس مسلماً والأذان مرفوعاً والصلاة مقامة والشريعة مطبقة (في الظاهر) لا يمنح الحاكمَ حصانةً تلقائية ولا يبرر له الظلم والاستبداد، ولو أنه ظلمَ واستبدّ فإن الثورة عليه جائزة، بل واجبة، لرفع الظلم ودفع الاستبداد.

وليس المقصودُ -حتماً- الثورةَ العسكرية، فالعسكرة خيار سيّئ جداً وهي تساعد المستبدين على إجهاض الثورات وتكريس الاستبداد. المهم أن لا يرضى الشعب بالظلم ولا يسكت عن الاستبداد لمجرد “أسلمة” الحاكم والدولة، وإلاّ صارت داعش خيارَنا المفضَّل على الإطلاق، فهي تسمح بالصلاة وإعفاء اللحى (بل لعلها تعاقب من لا يفعل) والبغدادي مسلم وكذلك قادتها المعروفون، فلماذا إذن رفضناها وعاديناها وحاربناها، وما زلنا نفعل؟

لو فكرنا سنجد أن الاستبداد هو أبو الشرور والآثام وهو الموجِبُ الأصلي للثورة، فلو خلت سوريا من الاستبداد والظلم والطغيان لعاش الناس في حرية وأمان، فمَن أراد الصلاة في الجيش صلّى، ومن أحب دروس العلم شارك في دروس العلم، ومن لم يرضَ عن رئيسٍ منتخَبٍ انتخب غيرَه في دورة انتخابية تالية.

الاستبداد، هذا هو سبب الثورة الأصيل وغيرُه فروعٌ وتفاصيل، فإن لم نَعِ هذه الحقيقة الكبرى أوشكنا أن ننتقل من تحت الدلف لتحت المزراب، وسوف تصبح سوريا -لا قدّر الله- نسخةً من “مزرعة الحيوانات”، حكاية أورويل الخالدة التي سأكتب عنها في يوم آتٍ إن شاء الله.

(المصدر: رابطة العلماء السوريين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى