الإفتاء والأوقاف “تتملقان” السيسي بتكفير الإخوان والأزهر يرفض
إعداد محمد أحمد
أثارت فتوى دار الإفتاء المصرية بوصم جماعة الإخوان المسلمين “بخوارج العصر”، ودعوات وزير الأوقاف إلى استئصال شأفة الجماعة التي وصمها “بالإرهابية”، انتقادات وردود واسعة.
تأتي تلك الفتوى والدعوة على التحريض بـ”البتر” بالتزامن مع احتفال النظام في مصر بالذكرى السادسة لمظاهرات 30 حزيران/ يونيو، وانقلاب تموز/ يوليو 2013.
في المقابل، لم تحذ مشيخة الأزهر، وعلى رأسها الشيخ أحمد الطيب، حذو الإفتاء والأوقاف في موقفهما المعادي لجماعة الإخوان، ووصمهم بالخوارج تارة وبالإرهاب تارة أخرى، أو تدعو إلى محوهم.
وقالت دار الإفتاء المصرية، بمناسبة ذكرى مظاهرات 30 يونيو، وانقلاب 3 يوليو، إن جماعة الإخوان “الإرهابية خوارج العصر”، وأعداء مصر، نشروا الدمار والخراب في البلاد باسم إقامة الدين منذ نشأتهم.
وقالت الإفتاء المصرية، في “فيديو غراف” بعنوان “جماعات الخوارج إلى زوال وتبقى الأوطان”، عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك: “تاريخ الجماعة الإرهابية مليء بالشعارات الجوفاء والخطب الرنانة والمؤامرات والتحالفات الشيطانية”، على حد زعمها.
كما حرض وزير الأوقاف، محمد مختار جمعة، على استئصال شأفة جماعة الإخوان، قائلا: “إن تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية ومن يدور في فلكها من الجماعات الضالة، كل ذلك يحتاج إلى البتر، ولا تصلح سياسة الاستيعاب مع أناس لا يؤمنون إلا بأنفسهم”.
“تهاوي الأوقاف والإفتاء”
النائب المصري السابق وأستاذ التاريخ الإسلامي، محمود عطية، اتهم وزير الأوقاف والمفتي “بالتملق” للنظام على حساب تكفير جماعة الإخوان، قائلا: “وزير الأوقاف هو الوزير الوحيد الموجود منذ أول حكومة بعد الانقلاب حتى الآن، وهذا دليل قاطع على أسلوب حياته ودوره، والمفتي هو صاحب التصديق على أحكام الإعدام، ولن يتأخر لحظة في تكفير ووصم الإخوان بالخوارج”.
ورأى في حديثه لـ”عربي21” أن موقف الأزهر المغاير يدحض فتاوى الأوقاف والإفتاء، ويجعلها بلا قيمة، قائلا: “الأزهر ممثلا في الشيخ أحمد الطيب هو أقلهم انزلاقا في الهاوية، فلم يتحدث بإثم نحو جماعة الإخوان كما فعل وزير الأوقاف والمفتي؛ وبالتالي لا يشعر الناس بالمضض تجاه مشيخة الأزهر كما يشعرون تجاه الأوقاف والإفتاء”.
كرسي شيخ الأزهر
واعتبر الكاتب الصحفي المتخصص في الشؤون الدينية، محمد عبد الشكور، تصريحات الأوقاف والإفتاء تقربا للسلطة، وقال: “منذ تولي وزير الأوقاف الحالي منصبه وهو ينفذ أجندة معينة، ويقوم بالفتوى وإدخال نفسه في أمور ليست من صميم عمل وزير الأوقاف، مستغلا عمامته في ذم هذا ومدح ذاك، وتبعه المفتي الحالي في وصم جماعة الإخوان بالخوارج والإرهابيين تقربا للسلطة”.
وأوضح لـ”عربي21” أن “الأوقاف والإفتاء ليستا من مؤسسات الدولة الدينية بحكم نشأتهما؛ فوزارة الأوقاف مهمتها المحافظة على الأوقاف، وإدارة شؤونها المالية، وتنميتها، وغيرها من المهام الإدارية. أما الإفتاء، فهي حتى وقت قريب كانت تابعة لوزارة العدل”، مشيرا إلى أن “المفتي ووزير الأوقاف يتسابقان أيهما يتقرب من النظام بمهاجمة الإخوان، وكلاهما يمني نفسه بالحصول على منصب شيخ الأزهر”.
وفيما يتعلق بموقف الأزهر، أكد أنه “على الرغم من أنه ما زال تابعا للنظام، إلا أن منهج الأزهر الوسطي يبعد تماما عن منهج التكفير منذ نشأته، وهذا ما يسير عليه رجال الأزهر، والشيخ أحمد الطيب بات يغرد خارج سرب النظام؛ بسبب عدم تبنيه فتاوى التكفير، ومعاداة الإخوان، وهو ما جعل هناك أزمة بين الشيخ ومؤسسة الرئاسة يستغلها إعلام النظام في الهجوم عليه”.
“الأزهر والإخوان”
وقال الداعية الإسلامي الشيخ شعبان عبدالمجيد، لـ”عربي21“: “تقحم وزارة الأوقاف نفسها في معارك قوية وشرسة، لتعلن ولاءها للنظام الحاكم أيا كان، كمحاولة للحفاظ على منصب الوزير، والمكتسبات التي ينالونها من وراء نفاقهم للسلطة، ووزير الأوقاف الحالي هو أسوأ من تولى وزارة الأوقاف على الإطلاق، وسجله كمخبر أمني معروف”.
وأكد أن “وزارة الأوقاف ليس من سلطتها إصدار فتاوى أو بيانات، لكن عملها فقط عمل إداري بحت، يتمثل في إدارة الأوقاف الضخمة التي تحت يدها، وتوفير احتياجات المساجد من الخطباء ومقيمي الشعائر وعمال النظافة وأدوات النظافة وغيرها، حتى وزيرهم -جمعة- غير مؤهل علميا لإصدار الفتاوى، لكنه النفاق الرخيص والفجور في العداوة غير المبررة، لكسب ثقة السيسي”.
ورأى أن موقف الأزهر يبرئ الإخوان من انزلاقات الأوقاف والإفتاء، وقال: “شيخ الأزهر الحالي لم يورط الأزهر في كثير من القضايا التي طلبها النظام، كعدم إثبات الطلاق الشفوي، وموقفه من الهجوم على السنة وصحيح البخاري، وأخيرا رفض التورط في تكفير الإخوان أو غيرهم، فقد سبق أن طلبوا منه تكفير السلفية، لكنه رفض، وهذا موقف يحمد عليه، رغم ضعفه في قضايا أخرى، كتأييد الانقلاب، وعدم رفض الاستبداد، وموقفه من التعديل الدستوري”.
وذهب عبدالمجيد إلى القول إن “هذا الموقف من الأزهر يدل دلالة واضحة على أن هناك صراعا مكتوما بين المؤسستين، الأزهر من جهة، ومؤسسة الانقلاب وأذرعه الأمنية والإعلامية والدعوية من جانب آخر، وكل من الطرفين يعلم بحقيقة هذا الصراع، ويتوجس من الآخر، ويخاف منه ويحذره، فلا السيسي يستطيع عزل شيخ الأزهر المحصن دستوريا، ولا هو راض عنه”.
(المصدر: عربي21)