بقلم منذر الأسعد – موقع المسلم
لكي يكون شبابنا على بيِّنة مما يلوكه الإعلام التغريبي مؤخراً من مصطلحات زائفة ومفاهيم محرفة، حول تاريخنا القديم والقريب، نضع هذه الصورة الموجزة لتفسير ما يجري.
بدايات مراوغة
في مستهل التسلط العسكري التغريبي على العالم العربي برداء قومي، لم يكن الوقت ملائماً للجهر بالعداء للإسلام والطعن في رموزه ومقدساته.. لذلك اقتصر التشويه في مناهج التعليم المؤدلجة ووسائل الإعلام الفجة، على العثمانيين، فشاع بين العرب مصطلح: الاستعمار أو الاحتلال العثماني!!
كان المصدر الأساس لتلك المفاهيم المزورة أبناء الأقليات الطائفية الموتورة، التي حقدت على العثمانيين، بالرغم من إفراطهم في التسامح إلى حدود خيالية أتاحت للصليبية الغربية دس أنفها وتحريك الأقليات إلى أن فككوا الدولة العثمانية وقزموا تركيا في قبضة أتاتورك، واحتلوا المشرق العربي ومهَّدوا الطريق لإقامة كيان الظلم الصهيوني على حساب فلسطين.
ولكي تنطلي الخدعة على المسلمين المغفلين، كان دهاقنة “القومجية” يتظاهرون بتوقير النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم مع تحريف خفي بتصويره بطلاً عربياً – في جحود مضمر لنبوته!!-.
مطايا الأعداء
في السنوات الأخيرة، زادت جرعة التزوير، فاستهدفت أبطال التاريخ الإسلامي مثل السلطان قطز بطل عين جالوت وصلاح الدين الأيوبي قائد المسلمين في موقعة حطين، ثم تصاعدت موجة الحقد لتطعن في قادة الفتوحات الأولى كعقبة بن نافع فاتح إفريقيا وصاحب الخطوات التأسيسية لفتح الأندلس في مرحلة لاحقة.
وأخيراً وصل الدجل إلى قاع الحضيض، فأصبحت أبواق الطغاة تثرثر بوقاحة عما تسميه “الاحتلال العربي” أو “الإسلامي”!!
صارت الفتوحات الإسلامية التي شهد بعظمتها مؤرخون غربيون ليسوا مسلمين، صارت احتلالاً!!
وكالعادة، تبدأ انطلاقة التزوير الحقود من ضغائن الأقليات التي ترد لنا الجميل بالبغضاء، ثم يأتي التغريبيون المنحدرون من عائلات مسلمة ليصبحوا مطية لهؤلاء!! وتصبح التبعية العمياء لكهنة المجوس وأحبار اليهود والنصارى “تنويراً”!!
وما أصدق الدكتور محمد عمارة الذي وصف هذا التنوير الزائف بأنه تزوير في عنوان أحد كتبه التي تصدت لأباطيل القوم.
فكراهية صلاح الدين مستقرة لدى المجوس منذ مئات السنين.. ويشاركهم فيها حلفاؤهم الصليبيون..
وتحريف التاريخ بتصوير فتح مصر الذي حررها من هيمنة الاحتلال الروماني على أنه غزو عربي، انطلق من دهاليز الكنيسة التي تخون حتى كتابات مؤرخين نصارى عاصروا تلك الصفحة الذهبية وكتبوا عنها بكثير من الإنصاف!!
الغزاة فاتحون
لا تكتمل المؤامرة بما سبق على قبحه، إذ إن لها وجهاً آخر.. فلا يكفي تشويه التاريخ الإسلامي والافتراء عليه، من دون قلب المفاهيم وتصوير وحوش الصليب التي احتلت بلادنا وأهلكت الحرث والنسل، على أنهم “متحضرون” أرادوا إنقاذنا من تخلفنا!!- كذا والله-.
وكذلك كانت البدايات على أيدي الصليبيين، فقلب المفاهيم عن حملة نابليون الإجرامية على مصر، تولى كبرها ابتداء الهالك لويس عوض، الذي أسبع على عميل فرنسا القبطي “المعلم يعقوب” صفات البطولة والوطنية!! وأفحمه الراحل محمد جلال كشك بمنطق مدعم بالأدلة القاطعة والوثائق الدامغة.. ثم نشر الدكتور عمارة كتابه: الحملة الفرنسية في الميزان، لتأتي الضربة القاضية على يد الدكتورة ليلى عنان في كتابيها الرائعين: الحملة الفرنسية 1- تنوير أم تزوير 2- في محكمة التاريخ.
وعنان خريجة المدارس والجامعات الفرنسية وهذا ما جعل صفعتها لعبيد الاحتلال أقوى وأشد إيلاماً.. فقد أثبتت استناداً إلى كتابات مؤرخي الحملة أنفسهمأن جيش نابليون بونابرت غزا مصر بالمدفع وليس بالكتاب، وبالخوازيق والبارود وليس بالمطبعة والعلماء!!
في ظل الحِراب دائماً
قلت مرات وأجدد قولي: لا يفلح التغريبي حيث أتى.. فهو لا يستطيع العمل إلا في ظل حماية توفرها له قوة قهرية -سواء أكانت من الغازي الأجنبي أو من وكيله المستبد بعد رحيله-.. ولذلك يراهن دائماً على بقاء المحتل أو الطاغية..
ولذلك يكره ثورة الاتصالات التي كسرت احتكاره السابق لوسائل الإعلام، حيث كان يفرض ضلالاته لتبدو حقائق، حيث كانت الأصوات الأخرى ممنوعة من الظهور.. وخير شاهد -من عشرات الشواهد- منع الطغيان الناصري الأستاذ محمود محمد شاكر من تعرية لويس عوض الذي شبع افتراءات على القرآن الكريم في صحيفة الأهرام، يوم كان هيكل قد جعلها مزرعة له ولأشباهه من التغريبيين الكارهين للإسلام!