مقالاتمقالات مختارة

الإعدام بدون محاكمة يشكل ناقوس خطر للنسيج الاجتماعي الهندي

الإعدام بدون محاكمة يشكل ناقوس خطر للنسيج الاجتماعي الهندي

شهدت الهند منذ السنوات الأخيرة حالات للإعدام بدون محاكمة على أيدي جموع جنونية من العامة، وللقتل عَلنا يشتبه أن تكون جرائم كراهية ضد المسلمين، وأدى ذلك إلى تنامي الشعور بعدم الأمان عند كثير من المسلمين، وإلى ارتفاع التوترات الدينية بين مختلف شرائح المجتمع الهندي، الأمر الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الهند،والذي يبعث على القلق الزائد العميق.

     ففي شهر يونيو تعرض مسلم للإعدام بدون محاكمة على أيدي حشد مسعور من أعضاء منظمة حراســــــــــــــــــة البقـــــــــرة (Gau Raksha) بتهمـــــــــــــــة الاتجار بها، وذلك في مدينـــــة «هافور» من ولاية أترابراديش– أكبر الولايات الهندية-؛ حيث ضرب الحشد الجنوني المدعو «قاسم» ضربًا مبرحًا حتى الموت، و رغم أن مقاطع الفيديو تؤكد أن الضالعين في القضية أقدموا عليها باسم حراسة البقرة إلا أن الشرطة المحلية سجلت القضية على أنها قضية قتل على أيدي مجهولين دون أن تشير في البلاغ الأولي إلى أنها إعدام متعمد بدون محاكمة على أيدي حرّاس البقرة المزعومين، في إصرار على أنه لايوجد دافع ديني وراء الاعتداء. ويبدو قاسم في الفيديو محاطًا بالحشد المسعور وقد تمزقت ثيابه كلها، وهو يئن تحت جروحه، ويسحب الحشدُ الجنوني جسدَه المثخن بالجروح على مرأى ومسمع من ثلاثة رجال من الشرطة.

     ولم يكن قاسم وحده تعرض لجريمة الكراهية ضد المسلمين في هذه الحالة؛ بل صب الحشدُ الجنوني جامَ غضبه على مسنٍّ مسلم آخر في الوقت نفسه وهو «سميع الدين» البالغ من العمر 65 عامًا، الذي لقي ضربًا مبرحًا على يد الحشد الغاضب، وتم نقله في أعقابه إلى المستشفى، وهو يصارع الموت فيه. ويؤكد مقطع الفيديو لضربه أنه تمَّ نتف لحيته وإرغامه على الاعتراف بقتل البقرة.

     إن جرائم الكراهية التي تُرتكب ضد المسلمين مع إفلات الجناة من العقاب ترتفع حالاتها مع مرور الأيام، ولم يعد الاتهام بقتل البقرة إلا حيلةً من الحيل التي يستغلها هؤلاء الراكبون رؤوسهم. ومما لاشك فيه أن وراء هذه الأحداث حفنة من المشاغبين، تسعى جاهدة لتشويه سمعة الهند – التي عُرفت بالتسامح و اللاعنف والمواساة والأخوة- على المستوى العالمي، وستؤدي بالبلاد إلى عواقب وخيمة لايعلم مدى أضرارها إلا الله تعالى؛ فقد وقعت أيضًا حوادث عنف واعتداء على «المنبوذين» من الهندوس أنفسهم للاشتباه في قيامهم بنقل أبقار بصورة غير قانونية، وقتل أشخاص بزعم أنهم من المتاجرين بالأطفال في بعض الولايات الهندية.

     ويتطلب القضاءُ على مثل هذه الحالات، والحيلولةُ دون أن تتكرر اتخاذَ إجراءات مخلصة على عدة مستويات بجانب نوايا صادقة وعزيمة سياسية صارمة و توعية الشرطة الكافية للتغلب على مثل هذه الأحداث بغضِّ النظر عن  الانتماء الديني للضحية.

(المصدر: مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى