الإسلام والمرأة – الميثاق الإسلامي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
يؤمن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بأن الإسلام يكرِّم المرأة، باعتبارها إنسانا وهي مكلّفة كالرجل تكليفا كاملا، لها حقوقها، وعليها واجباتها، قال تعالى: (فاستجاب لهم ربّهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى، بعضكم من بعض..) [آل عمران3/195]، أي الرجل من المرأة والمرأة من الرجل، هو يكملها وهي تكمله.
إن الإسلام يقرّر مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في كلّ ما يتّصل بالكرامة الإنسانية والمسؤولية العامّة لأنّ (النساء شقائق الرجال). أما ما يتعلّق بوظيفة كلّ منهما داخل الأسرة وداخل المجتمع، فإنّ الإسلام يقرر مبدأ التوازن بين الحقوق والواجبات المتبادلة، وهو حقيقة العدالة: (ولهن مثل الذي عليهنّ بالمعروف)… [البقرة 2/128].
إنّ الإسلام يرعى المرأة بنتا، وزوجة، وأمّا، وعضوا في الأسرة، وفي المجتمع، ويفسح لها المجال لتشارك في العبادة، وفي التعلم، وفي العمل، وخصوصا إذا احتاجت هي إليه، أو احتاجت إليه أسرتها، أو احتاج إليه المجتمع، مع مراعاة ما تتميز به باعتبارها أنثى وزوجة وأما، تحتاج إلى توفير ضمانات خاصة لحمايتها ورعايتها، حتى من الزوج إن ظلم، والأب إن فرّط، والابن إن عقّ وأساء، بشرط ألا يلغـي عملها واجبَها في رعاية البيت والزوج والولد.
إنّ رعاية الأسرة هي أولى مهمّات المرأة بلا جدال، ولا يستطيع غيرها أن يقوم مقامها فيها.
أما فائض الوقت والجهد حين يوجد فإنّ المرأة تستخدمه للقيام بسائر واجباتها الاجتماعية، والواجبات يتحدد نطاقها باختلاف ظروف المرأة نفسها، واختلاف ظروف المجتمع وحاجاته وتطوّره. وهو يشمل كلّ نشاطات المجتمع الاقتصادية والسياسية ناخبة ومرشّحة- فيما عدا الإمامة العظمى-. بل إنّ الإسلام يجعل المرأة شريكاً للرجل في أعباء الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومقاومة الشرّ والفساد (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)… [التوبة9/70]0
وهو- انطلاقا من احترام كرامة المرأة وإنسانيتها- يأبى أن تتخذ أداة للإثارة واللهو، والاستمتاع الرخيص، ويوجب عليها- في ملاقاتها للرجال الأجانب عنها- الاحتشام والتصون، والتزام الأدب والوقار، في اللباس والتجمل، والمشي والحركة، والكلام والنظر، حتى تُعرف المرأة بجديتها، فلا تؤذى: (… ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين)… [الأحزاب33/59]، وحتى لا يطمع الذي في قلبه مرض من الرجال: …(فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا) [الأحزاب33/32]. كما يطلب الإسلام من الرجل والمرأة عند لقائهما أن يلتزما بكلّ هذه الآداب (قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم.. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن..) [النور24/30].
والإسلام لا يضع الرجال والنساء موضع الحرج، ولا يوجب عليهم التأثّم من مشاركة المرأة في النشاطات الاجتماعية، وإنما يسبغ عليها آدابه الشرعية كما أسبغها على سائر ميادين النشاط الاجتماعي، ويضع لها الضوابط التي تحفظها وتحفظ المجتمع، مثل حجاب المرأة، وتحريم الخلوة، وتحديد شروط الاختلاط، وغير ذلك من الأحكام المتعلّقة بمشاركة المرأة في نشاطات المجتمع. فبعضها آداب تحمي وتصون، وبعضها الآخر سدّ للذرائع أمام المفاسد والمحرّمات.
لكنّها جميعاً شرعت لتنظّم مشاركة المرأة في النشاطات الاجتماعية لا لتمنعها، لذلك لم يكن غريباً أن يمتلئ تاريخنا العربي الإسلامي بنماذج رائعة من النساء اللواتي كان لهنّ دور رائد في المجتمع سواء في المجال العلمي أو السياسي أو الأدبي أو حتى الجهادي.
المصدر: الميثاق الإسلامي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين