الإسلام والغرب جدل مثير في أوروبا حول ضرورة مساواة الرجال بالنساء في حق إمامة المسلمين والمسلمات
بقلم سعدي بزيان
النساء كإئمة، لماذا لا؟
نشرت مجلة Elle الباريسية المهتمة بالمرأة في العالم، مقالا طويلا حول ضرورة المساواة بين الرجال والنساء في إمامة المسلمين، ولماذا ظلت قضية الإمام حكرا على صنف الرجال دون النساء في وقت يتزايد فيه الحديث عن المساواة بين الرجال والنساء في جميع الحقوق وكانت الدانمارك إحدى بلدان أوروبا الشمالية المتقدمة قد شهدت لأول مرة امرأة مسلمة من أب مسلم سوري تؤم المصلين، وقد شهدت مدينة برلين عاصمة المانيا الاتحادية تجربة مماثلة قامت بها إحدى النساء المسلمات الألمانيات من أصل تركي، وهي محامية أسست مسجدا في حي شعبي وتتولى في هذا المسجد إمامة المصلين، وهي أول مرأة مسلمة في ألمانية الاتحادية تقوم بهذه التجربة، ومجلة Elle الباريسية تقدم لنا قراءة في هذا الموضوع بعنوان: “المرأة كإمامة لماذا لا؟ وقدمت لنا في هذه الدراسة قصة إمرأة فرنسية مسلمة من أصل جزائري كاهنة بهلول، من أب جزائري مسلم تريد هذه المرأة 39 سنة أن تفتح مسجدا يضم هذا المسجد الرجال والنساء وتدار فيه الإمامة بين الرجال والنساء على قدم المساواة وتبدي كاهنة بهلول قلقها إزاء المساجد والمصليات المنتشرة وعلى رأسهم مسجد باريس الكبير التي يتولى فيها الإمامة الرجال وإقصاء النساء بصورة كاملة وتضيف كاهنة: إن المسجد الذي أعتزم إنشاءه يكون فيه ارتداء الحجاب اختياريا لا إجباريا، عكس ما هو قائم في فرنسا اليوم حيث ” الحجاب ممنوع في المدارس والثانويات والمعاهد الرسمية منعا باتا وقدا صدر قانون المنع في مارس 2004 في عهد شيراك، وصادق كل من البرلمان ومجلس الشيوخ على هذا القانون وصدر في الجريدة الرسمية الفرنسية، وقد صارت ضجة وسط الجالية ورجال الدين في الوطن العربي دون نتيجة احتجاجا على ما قامت به الحكومة الفرنسية. والغريب أن شيخ الأزهر يومئذ وكان الطنطاوي قد أيد إجراء الحكومة الفرنسية وقال إن الحكومة الفرنسية لها الحق في إصدار قوانين تراها صالحة لها وهي حرة في ذلك أيضا وهي بلدها.
كاهنة بهلول مسلمة فرنسية جزائرية تفتح جبهة جديدة في الساحة الإسلامية في فرنسا إذ تطالب بحث المرأة في الإمامة.
تتحدث كاهنة بهلول كمسلمة عن إسلام كما درسته في أطروحة جامعية لها حول الإسلام في معهد العلوم التطبيقية للدراسات العليا في باريس وقالت هناك عدم المساواة بين النساء والرجال في مجال إمامة المصلين، وما زالت الإمامة حكرا على الرجال دون النساء وهو موقف صارخ لمعاداة حق المساواة بين الرجال والنساء في إمامة المصلين وإنني كما تؤكد كاهنة بهلول قد قاطعت الصلاة في المساجد بحيث أؤدي الصلوات الخمس في منزلي وحدي إلى إشعار آخر وإلى أن يكون للنساء حق المساواة بين الرجال والنساء في الإمامة وهل يتحقق ذلك في فرنسا، لا ندري.
بداية كاهنة بهلول بالاهتمام بالإسلام كان وليد الأحداث الدامية التي عاشتها الجزائر في العشرية السوداء في التسعينات من القرن الماضي.
وما وقع في فرنسا في سنة 2005 من اعتداءات دموية أصابت أناسا أبرياء لا ناقة لهم ولا جمل فيما يجري هنا وهناك من طرف أناس استبد بهم الجهل والتطرف وسوء فهمهم للإسلام دينا وعقيدة.
إن كاهنة بهلول تسعى اليوم لإقامة مسجد يؤم فيه الصلاة الرجال والنساء معا بدون تمييز ولا تفريق وتسعى هي شخصيا لتكون أول إمامة من جنس النساء وتؤم المصلين من الرجال والنساء معا في فرنسا مثلما ما وقع في برلين في عاصمة ألمانيا وفي الدانمارك وقد أسست كاهينة بهلول جمعية إسلامية باسم ” حدثني عن الإسلام”.
وأكدت كاهنة بهلول انها متأثرة في أفكارها الإسلامية بالأستاذ رشيد بن زين الذي يقدمه الإعلام الفرنسي كشخص مختص بالإسلام وأنها قرأت كتاب المرأة في الإسلام للباحثة المغربية أسماء لمرابط والتي تؤكد في كتابها هذا أنه لا يوجد حديث نبوي شريف ولا سورة من سور القرآن الكريم تنص على منع المرأة من إمامة المصلين من النساء والرجال كما هو الواقع حاليا، في الوطن العربي والعالم الإسلامي.
إنما هذا المنع كان وليد أفكار فقهاء ورجال الدين المسلمين على امتداد العصور الغابرة، وقد سألت كاهنة بهلول أنور كبيبش الذي شغل منصب رئيس المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية، فكان جوابه بعيدا عن الحقيقة، وهو أساسا ليس فقيها ولا ضليعا في الشريعة الاسلامية وكان عليها ان تسأل رجال المجلس الأوروبي للافتاء والبحوث، ومقره إيلاندا ويرأسه د. يوسف القرضاوي وهو مرجعية دينية لمسلمي أوروبا، ولو أنه مجهول من طرف الشباب من مسلمي أوروبا لأن كتبه ومجلته العلمية تصدر بالعربية ولا توزع تجاريا في الأرسواق، ولا توزع حتى في المكتبات الإسلامية في باريس ويبقى موضوع إمامة المرأة للمصلين والمصليات حديثا يتكرر في فرنسا من حين لآخر فهذه مجلة عالم الديانات وهي مجلة تصدر عن مؤسسة لوموند اليومية المسائية الباريسية تخصص صفحات عن هذا الموضوع بعنوان: “هؤلاء النسوة اللائي يعملن على زعزعة الدين، وقد أعادت إلى أذهان القراء قصة المرأة المسلمة في الدانمارك وهي اول امرأة تؤم المصلين في هذا البلد من ببلدان أوروبا الشمالية كما قدمت لنا المجلة صورة لإمامة مسلمة تؤم المصلين من الرجال والنساء في مدينة “أكسفورد” البريطانية، ويبدو أن هذا الموضوع أخذ حيزا في الإعلام الغربي دون أن يثير أي نقاش في العالمين العربي والإسلامي، وكان من المفروض من الفقهاء وكبار علماء المسلمين الإدلاء برأيهم في هذا الموضوع، وتنوير الرأي العام العربي والإسلامي في الغرب، وقد لاحظت وأنا أتابع هذا الموضوع وكل ما له صلة بالإسلام في الغرب، وموقف الغرب من الإسلام، ومكانة الإسلام والمسلمين في الغرب، كل هذه المواضيع لا تحرك السواكن في إعلامنا، وكأن الموضوع لا يعنينا ناسين أن هناك في الغرب أكثر من 60 مليون مسلم، وهناك حوالي 5 ملايين مسلم جزائري ومغاربي أوروبا وأكثر من 90 بالمائة من هؤلاء موجودين في فرنسا والعدد مرشح لأن يتضاعف في السنوات القادمة لماذا الصمت الرهيب حول الموضوع قبل أن يتحول إلى حقيقة.
(المصدر: صحيفة بصائر الالكترونية)