مقالاتمقالات المنتدى

الإسلام دين جميع الأنبياء والمرسلين وأتباعهم المخلصين

الإسلام دين جميع الأنبياء والمرسلين وأتباعهم المخلصين

 

بقلم د. علي محمد الصلابي (خاص بالمنتدى)

 

إنَّ الإسلام هو دين الله الخالد الذي لا يقبل الله سواه، وأن هذا الدين هو الدين الذي فرضه الله على البشر، منذ خلقهم، جاء به آدم، وإدريس ونوح وإبراهيم وآل إبراهيم وآل عمران، وأنه تمَّ برسالة خاتم النبيين، وأن هذا الدين جاء به النبيون لأنه هو الدين الوحيد الذي يدعو إلى الوحدانية الخالصة التي لا يشوبها أدنى شرك.

وهو الدين الذي يشمل العقائد الصحيحة والأحكام العامة التي لا تتغير بتغيُّر الزمان أو المكان أو بتغير أحوال الناس في سلسلة حياتهم الإنسانية على وجه الأرض مهما اختلفت ألوانهم وأجناسهم ولغاتهم وبيئاتهم، ومهما تغيرت مهنهم وحرفهم وثقافتهم في الحياة الدنيا.

إن جميع الأنبياء والمرسلين قد بعثهم الله بعقيدة الإسلام التي كانت تتلاءم مع البشرية والإنسانية على مرِّ القرون والعصور مع اختلاف البيئات، وبالرغم من تقلُّبات الزمان وتغير عقليات الناس قرناً بعد قرن، وجيلاً بعد جيل.

ولم يشأ الله تعالى بفضله ورحمته وكرمه أن يترك خلقه في ظلامات الجهل، تعبث بهم الأهواء وتضلُّهم المطامع والأغراض، فأرسل إليهم الأنبياء والمرسلين على توالي القرون والعصور، يبيِّنون لهم سبل الرشاد، ويمدُّونهم بالتعاليم التي تقوِّي عزمتهم، ويزوِّدونهم بالأفكار الصالحة التي يستطيعون أن يهتدوا بهديها والتي تساعدهم على التمييز بين الظلام والنور، وبين الهداية والضلال، وبين الطريق المستقيم والطريق المعوجّ الذي يؤدي إلى الهلاك والفشل والدمار.

1 ـ نوح عليه السلام والرسل من قبله كانوا على الإسلام:

بيَّن الله تعالى في كتابه الكريم أن نوحاً والرسل والنبيين عليهم السلام من قبله كانوا يعتنقون الدين الإسلامي، وأن هذا مصرَّحٌ به في قوله تعالى للرسول الكريم خاتم النبيين(ﷺ): ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ ۝ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ  إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ  وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [يونس: 71-72].

وإن في قول نوح (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)، لدليل على أن الإسلام كان دين من كان قبله، وأن ما قاله نوح هو عين ما قاله محمد رسول الله (ﷺ)، وخاتم النبيين إذ قال: ِ ﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [النمل: 91]، فقد أمر خاتم النبيين أن يكون من المسلمين، كالذين سبقوه من المؤمنين برسالة الدين الإسلامي، كنوح والنبيين من قبل نوح، والنبيين من بعد نوح، كما سنبين بإذن الله تعالى.

2 ـ إبراهيم عليه السلام كان ممن حمل رسالة الإسلام بعد نوح:

لقد كان إبراهيم ممن حمل رسالة الدين الإسلامي من بعد نوح، فقد قال تعالى بعد أن ذكر في سورة الصافات قصة نوح ﴿وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ﴾ [الصافات: 83].

ثم قال: ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: 130-131].

3 ـ إسماعيل عليه السلام يحمل رسالة الإسلام مع إبراهيم:

ولقد حمل إسماعيل رسالة الإسلام مع أبيه إبراهيم وهو قوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: 127‑128].

4 ـ دين لوط عليه السلام هو الإسلام:

ذكر الله أن لوطاً عليه السلام آمن بالدين الإسلامي الذي آمن به إبراهيم قال تعالى: ﴿فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ﴾ [العنكبوت: 26]، وصرَّح الله تعالى بأن دين لوط هو الإسلام في قوله تعالى في مناسبة إهلاك قريته: ﴿فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الذاريات: 35-36].

5 ـ إسحاق ويعقوب والأسباط مسلمون:

قال تعالى: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ۝ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: 132-133].

6 ـ يوسف كان مسلماً:

وكان يوسف عليه السلام مسلماً يدعو ربه أن يميته على الإسلام قال تعالى: ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [يوسف: 101].

7 ـ موسى يدعو قومه إلى الإسلام:

وكان موسى عليه السلام يعتنق الدين الإسلامي ويدعو قومه إليه، قال تعالى: ﴿فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ ۝ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ﴾ [يونس: 83-84].

ولقد بين الله أن سحرة فرعون آمنوا برسالة الإسلام التي جاء بها رسول الله (ﷺ)، إذ قالوا لفرعون حين هدَّدهم بالتقتيل ﴿قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ ۝ وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ﴾ [الأعراف: 125-126].

8 ـ أنبياء بني إسرائيل يدعون إلى الإسلام:

وذكر الله أن أنبياء بني إسرائيل يدينون بالدين الإسلامي وهو قول الله تعالى:

﴿وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ﴾ [المائدة: 44]. وتبين الآية الكريمة أن الربانيين والأحبار كانوا كذلك مسلمين.

9 ـ داود وسليمان يدعوان إلى الإسلام:

قال تعالى: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ﴾ [النمل: 16]، ثم ذكر الله سبحانه وتعالى أن سليمان عليه السلام بعث إلى أهل اليمن يدعوهم إلى اعتناق الدين الإسلامي، دين التوحيد الخالص وذلك في رسالة أرسلها إلى ملكتهم ملكة سبأ، إذ كانت هي وقومها: ﴿يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ﴾ [النمل: 24].

وأخبر الله تعالى أن بلقيس ملكة سبأ تلت هذه الدعوة على قومها، قال تعالى: ﴿قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ۝ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ۝ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ [النمل: 29-31].

وذكر الله تعالى أن ملكة سبأ اعتنقت الدين الإسلامي، قال تعالى:﴿قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ٤٤﴾ [النمل: 44].

10 ـ المسيح عيسى ابن مريم يدعو إلى اعتناق الدين الإسلامي:

وأرسل الله تعالى المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام برسالة الإسلام فكان يدعو قومه إلى اعتناق هذا الدين، المؤسَّس على الاعتراف بالخالق ووحدانيته، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ۝ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [آل عمران: 52‑53].

وذكر الله تعالى أنه هو الذي أوحى إلى الحواريين، باعتناق الدين الإسلامي، وهو قوله: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ﴾ [المائدة: 111].

وطبيعيٌّ أن الحواريين ظلوا يدعون الناس إلى الدين الإسلامي بعد وفاة المسيح، فآمن منهم من آمن وكفر منهم من كفر، وظل المؤمنون منهم معتنقين للدين الإسلامي مؤمنين بالله الذي لا إله إلا هو، لا يحيدون عن دين التوحيد الحقيقي، يتوارثون هذه العقيدة الصحيحة جيلاً بعد جيل حتى لحقهم زمن خاتم النبيين.

11 ـ استمرار الإسلام حتى نزول القرآن الكريم:

إن استمرار الإسلام حتى نزول القرآن الكريم، وبقاء قوم يؤمنون بالدين الذي اعتنقه المسيح من قبل والحواريون، ودعوا إليه واستمرار ذلك حتى الزمن الذي بدأت فيه دعوة خاتم النبيين، فيدل عليه قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ۝ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ ۝ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ﴾ [القصص: 51-53].

وقال تعالى: ﴿أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ۝ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ [القصص: 54-55].

12 ـ محمد عليه الصلاة والسلام يدعو إلى الإسلام:

نزل القرآن الكريم على الرسول الكريم (ﷺ) حامل رسالة الإسلام، فكان هو أول من آمن به، وهو قوله تعالى:  ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ﴾ [البقرة: 285].

ومن الطبيعي أن يؤمن الرسول بما أنزل إليه من ربه قبل أن يدعو الناس إلى الإيمان به، ولهذا أمره الله تعالى أن يؤمن بالإسلام أولاً ثم يدعو الناس بعد ذلك أن يسلموا، وهو قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ۝ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الزمر: 11-12] ، وقال تعالى: ﴿فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ  قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ  وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: 14].

لقد كان الرسول الكريم محمد (ﷺ) أول المسلمين بالنسبة للوقت الذي كلف فيه بحمل رسالة الإسلام، وإلا فهو بالنسبة لاعتناق الإسلام على وجه عام ليس بسابقٍ للنبيين والمرسلين في اعتناقه، فقد نطق بنفس اللفظ الذي نطق به نوح عليه السلام من قبل كما قدمنا وقال: ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [النمل: 91].

والرسول الكريم محمد (ﷺ) مع أنه كذلك أول المسلمين في قومه إلا أنه بالنسبة للعلاقة الدينية بينه وبين جدِّه إبراهيم كان معتنقاً للدين الذي كان يعتنقه كذلك إبراهيم من قبل، قال تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ۝ شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ  اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ۝ وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً  وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ۝ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا  وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [النحل: 120-123]، وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا  وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ۝ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ لَا شَرِيكَ لَهُ  وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: 161-163].

والرسول الكريم محمد (ﷺ) مع أنه خاتم النبيين، وأنه الرسول الذي أكمل الله برسالته الدين، إلا أنه حسب العلاقة الدينية بينه وبين جميع النبيين والمرسلين من قبله ليتميز عنهم بالنسبة لعمل رسالة الإسلام واعتناقها والدعوة إليها، فالإسلام هو دين الله الذي فرضه على الجنس البشري في سلسلة حياته الإنسانية، منذ خلق الإنسان على وجه الأرض، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولهذا يقول الله جل شأنه لخاتم النبيين ﴿قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 84].

لقد أخبر الله متَّبعي رسالة خاتم النبيين أنهم سمُّوا مسلمين حسب تسمية إبراهيم لهم من قبل، قال جل شأنه: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [الحج: 78].

ونرى الحكمة من تسمية أتباع محمد بالمسلمين؛ لأن محمداً (ﷺ) هو خاتم النبيين، وأنه به تمَّت رسالة الإسلام، وأن أتباع محمد (ﷺ) هم الذين سيحملون لواء الإسلام إلى اخر الزمان، ليبقى اسم الإسلام هو الإسلام الباقي الخالد، الذي يحمل في معناه حقائق الدين والعقائد الصحيحة التي توجه الناس إلى سعادة الدَّارين.

وليكن لفظ الإسلام هو اللفظ الذي يضم بين طيَّاته جميع العقائد التي أتى بها المرسلون والنبيون عبر التاريخ، قال تعالى: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: 136].

ومن نعم الله على البشر أن أرسل إليهم الرسل عبر التاريخ الإنساني متعاقبين ومتواترين، يحملون رسالة الإسلام، ويذكِّرونهم بدينهم قرناً بعد قرن، وجيلاً بعد جيل. قال تعالى: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 165].

المصادر والمراجع:

  • علي الصلابي، المسيح عيسى بن مريم الحقيقة الكاملة، ص 233- 240.
  • محمد وصفي، الارتباط الزمني والعقائدي بين الأنبياء والرسل، دار ابن حزم، بيروت، ط1، 1418ه، 1997م.ص 318 – 328.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى