اسم الكتاب: الإسلام النفعي (الإسلام الذي تريده أمريكا).
اسم المؤلف: محمد إبراهيم مبروك.
عدد الصفحات: 192 صفحة.
الناشر: مركز الحضارة العربية – القاهرة.
نبذة عن الكتاب:
هذا الكتاب هو واحد من تلك الكتب التي توصِّف الأزمة التي تحياها المجتمعات الإسلاميَّة، خصوصًا المجتمعات الفقيرة منها، والمجتمع المصري بصفة أخصَّ. والمؤلِّف يسلِّط الضوء على الأفكار النفعيَّة البراجماتيَّة الأمريكيَّة، ويعدُّها هي الشيطان الذي يدمِّر الجميع. وقد تألَّف الكتاب من مقدِّمة للطبعة الثانية، إضافة إلى مقدِّمة الطبعة الأولى، وثلاثة أقسام؛ وصف في المقدِّمتين حالة الشَّقاء والتعب التي يحياها المواطن؛ جرَّاءَ السياسة النفعيَّة التي غزت المجتمع في كلِّ كياناته، وذكر أهميَّة الحديث عن هذه السياسة لتجلية حقائقها، وتوضيح خطرها على المجتمعات.
فأمَّا القسم الأوَّل: فقد جعله للمبدئيَّة في مواجهة الأفكار والمفاهيم النفعيَّة (البراجماتية)، وجعله في ثلاثة أبواب، مبتدئًا بباب تمهيديٍّ تحدَّث فيه بإيجاز عن خلفية الصِّراع الفكريِّ والحضاريِّ بين الإسلام والغرب، مشيرًا إلى أنَّ المكوِّنات العضويَّة للحضارة الغربيَّة تكوَّنت من الوثنيَّات، والأسطورة الإغريقيَّة والرُّومانيَّة، والفلسفات الهِيلينيَّة، والدِّيانتينِ اليهوديَّة والنصرانيَّة، معرِّفًا بكلٍّ منها باختصار، ثم ذكَر أنَّه بعد ذلك أتى الإسلام بنوره الذي أشرق وحطَّم تلك الأساطير والخرافات كلها، وألقى بها في مزبلة التاريخ، وامتدَّ الإسلام واتَّسع من حدود الصين شرقًا، إلى المحيط الأطلنطي غربًا، وأحاط بأوروبا، فاضطرمت نار الحقد والانتقام في صدور الأوربيِّين، فكانت الحروب الصليبيَّة، وانتهت باندحار الصليبيِّين، ولكنَّ خُلطتهم بالمسلمين منحَتْهم المعطياتِ النهضويَّة التي تلقَّتها واستفادوا منها بعدُ وإلى هذه الأيَّام، ثم أشار إلى عودة الكَرَّة على المسلمين؛ بسبب جهلهم بالتاريخ وبحقائق الإسلام، فشعروا بالدُّونية والانسحاق أمام الغرب، ممَّا جعلهم أوعيةً متَّسعةً ومفتوحةً لكلِّ ما ينتجه الغرب.
ثم تحدَّث في الباب الأوَّل من هذا القسم عن التصوُّر الإسلامي للوجود، ذاكرًا عنصرين لهذا التصوُّر: الأوَّل: الطريق إلى الحقيقة عند حكماء المسلمين، مشيرًا إلى أنَّ حكماء المسلمين سلكوا عدَّة طرق، وكلها تستقي من معينٍ واحد هو معين الحقيقة؛ أوَّل تلك الطرق: طريق الوحي المنزَّل، ومنها: طريق العقل بقِسمَيهِ (البدهيَّات العقليَّة، والاستدلالات العقليَّة والمنطقيَّة)، ومنها: الطريق التَّجريبي، وكذلك طريق الوجدان. الثاني: التصوُّر الإسلامي للوجود وأثره في الإنسان والمجتمع، وأنَّ هذا التصور منطلق من إيمان المسلم بوجود الله تعالى، والغاية التي أوجد الله سبحانه هذا الكونَ لأجلها، وهي العبادة له وحده دون غيره، ثم تحدَّث عن توحيد الله تعالى بأقسامه، وعن حاكميته سبحانه لهذا الكون، وغير ذلك.
والباب الثاني خصَّه للحديث عن الفلسفة البراجماتية، مقدِّمًا بمدخل عرَّف فيه بالفلسفة البراجماتية، موضِّحًا موقفها من الدِّين،وخلاصة موقفها: أنَّها تدافع عن الدين من الناحية النفعية فقط، ومفصِّلًا الحديث عن أشهر الفلاسفة البراجماتيين (وليم جيمس)، ثم موجِّهًا النقد لتلك الفلسفة وذلك الفيلسوف من جوانب عدَّة؛ منها: إرادة الاعتقاد، ومنها: الموقف البراجماتي من الدِّين.
وفي الباب الثالث: عقد مقارنة بين القِيم الإسلاميَّة والقِيم البراجماتيَّة، معدِّدًا أوجه هذه المقارنة في عبارات مختصرة؛ مثل: فإذا كانت قوَّة البراجماتي في تحقيقه أكبر قدْر من رغبات النفس مهما كانت تفاهتها، فإنَّ قوَّة المسلم في قُدرته على التحكُّم في رغبات نفسه مهما كان ثِقل إلحاحها عليه وقدرته على تلبيتها. وإذا كانت قوَّة البراجماتي في الأنانيَّة، فإنَّ قوَّة المسلم في الإيثار…إلخ.
وأمَّا القسم الثاني: فقد كان الحديث فيه عن الغزو البراجماتي وأثَره في مجتمعنا، وجعله في بابين؛
الباب الأوَّل: تحدَّث فيه عن طرائق الغزو البراجماتي لمجتمعنا، والتي منها:الغزو عن طريق التبعيَّة الإعلاميَّة (الإعلام البراجماتي) ذاكرًا كثيرًا من مظاهرها، ومنها: الغزو عن طريق التبعيَّة السياسيَّة والاقتصاديَّة. ثم تحدَّث عن الفقر في هذه المجتمعات بعدِّه أحَدَ المؤثِّرات الأساسيَّة في سرعة انتشار تلك القِيم البراجماتيَّة.
وفي الباب الثاني كشف النِّقاب عن الآثار المدمِّرة للأفكار البراجماتيَّة على المجتمع المصري، مقسِّمًا إيَّاها لآثار عامَّة وآثار خاصَّة؛ فمن الآثار العامَّة: انتشار التعاليم البراجماتية النفعية في المجتمع المصري، حتى صار المال بين الناس إلهًا! ومشيرًا إلى أنَّ انتشار هذه التعاليم سببٌ في تدمير المجتمع،بل في تدمير الإنسان نفسه، ثم رفَع الالْتباس عن بعض المسائل الدقيقة؛ مثل: أنَّ المال ليس هو المنفعة الوحيدة للبراجماتيين، وأنَّ الإسلام ليس ضدَّ المنفعة، وأهمية الالتجاء إلى الإسلام كحلٍّ حضاري. وأمَّا الأثر الخاص لتلك القِيم البراجماتية؛ فهو انتشار ما أَطلق عليه (الإسلام البراجماتي)، وهو أَوْلى القضايا في هذا الكتاب وأخطرها، وبراجماتية الدِّين تعني باختصار: الوقوف موقفَ المنتفع من الدِّين، وتكييفيه بالطريقة التي تُريح، فهو بمنزلة المخدِّر المؤقَّت، وليس هناك تفضيلٌ بين الأديان، فعلى الجميع أن يجرِّبوا من الأديان ما يناسبهم – بحسب طريقة جيمس! وضرب مثالًا على البراجماتيَّة في (النصرانية):الكنائس في أمريكا، والتي هي لكلِّ شيء إلَّا العبادة؛ فهي للهو والمرح (fun)، وكذا أندية الكنائس، والحفلات الكنسيَّة، والليالي الحمراء…إلخ.وأمَّا البراجماتيَّة في الإسلام فتعني النفعية من الدِّين، وحذَّر من تغلغلها في المجتمع،مشيرًا إلى أن الممثِّلين للإسلام البراجماتي عِدَّة نماذج؛ منهم: المثقفون المسلمون الذين استهلكتْهم الأفكار الغربيَّة، ومنهم: الذين يعشقون الزعامة خصوصًا من الملتزمين بالدِّين…إلخ.
أمَّا القسم الثالث والأخير من الكتاب: فقد كان للحديث عن الأُسس الموضوعيَّة لانتصار القِيم الإسلاميَّة على القِيم البراجماتيَّة؛ ومن أهمِّ تلك الأسس: الجهاد ضدَّ التبعية والاستبداد والقهر، والفقر والجوع والتخلف، والأفكار الإلحاديَّة الغازية، وقول كلمة الحق عند كلِّ سلطان جائر، وهو كل قوَّة طاغوتيَّة مستبدَّة تفرض على الناس ما تريد، وتعوق سير الدَّعوة إلى الله تعالى. ومنها: الوعي الحقيقي بمدى واقعيَّة الإسلام ورحمته بالناس، والبُعد عن التلويح ببعض الأحكام الظاهريَّة له دون مراعاة لما يتعلَّق بهذه الأحكام. ومنها: الاعتناء الكبير بمشاكلنا الاقتصاديَّة وأزمتنا الإنتاجيَّة، ومحاولة إيجاد احتياجات الشُّعوب والاضطلاع بها؛ فإنَّ نظام الدِّين لا يحصل إلَّا بنظام الدنيا – كما يقول الإمام الغزالي. وقد أشار المؤلِّف إلى أنَّ جشع الأغنياء والبراجماتيِّين هو من أكبر الأسباب في تلك الأزمة، وأنَّ تحصيل الزكاة بجميع أصنافها، وتكافُل المسلمين مع بعضهم عند نزول الحاجات بهم، كفيلٌ بحلِّ هذه الأزمة. مشيرًا في نهاية الكتاب إلى أنَّه لا مكان لتلك الأفكار البراجماتيَّة المسمومة في مجتمع يُطبَّق فيه الإسلام كاملًا، وتسود فيه قِيمُه السامية في إطارٍ من العدالة الاجتماعيَّة الحازمة.
المصدر: الدرر السنية.