مقالاتمقالات مختارة

الإسراء والمعراج .. والمعراج الفضائي

بقلم فيصل العشاري

 

مناسبة الإسراء والمعراج التي تصادف ٢٧ رجب من كل عام (على أحد الأقوال) هي مناسبة دينية جديرة بالاهتمام، ولكن عادة يتم تناولها من زوايا تاريخية بحتة؛ حيث السرد التفصيلي للحادثة. نريد أن تناول في هذه المقالة ربط المعراج الديني بالمعراج الفضائي حيث محاولات الإنسان المستمرة لغزو الفضاء والبحث عن كائنات عاقلة أخرى.

 

وسنأخذ مثالا على هذه المحاولات العلمية مسيرة المركبة الفضائية فوياجر(١و٢) حيث احتفلت ناسا في ٢٠١٧/٩/٥ م بإكمال فوياجر أربعين عاما في الفضاء ولا تزال قيد الخدمة والتواصل مع الأرض رغم المسافة الشاسعة بيننا وبين فوياجر١، حيث بلغت ١٤١ وحدة فضائية (الوحدة الفضائية: المسافة بين الشمس والأرض وتساوي 150 مليون كم تقريبا) أي ما يعادل ٢١ مليار كيلو متر، ويستغرق الاتصال بين المحطة الأرضية والمركبة ١٩ ساعة ذهابا ومثلها إيابا..

 

الطريف في هذه الملحمة الفضائية أنه تم تضمين المركبتين قرصا نحاسيا فونوغرافيا مطليا بالذهب يستمر لمليار سنة قادمة -حسب موقع ناسا العربي- كما يشتمل القرص على رموز تشير إلى الإنسان وكوكب الأرض مضمنا بأكثر من مائة صورة لأبرز معالم الحياة الإنسانية، وعلى تحايا سكان الأرض لسكان السماء بخمسين لغة بما فيها صوت الأمين العام للأمم المتحدة حينها. “تحياتنا للأصدقاء في النجوم، يا ليت الزمان يجمعنا” تلك كانت التحية العربية بصوت بشري.

ما يعنينا هنا بضعة أمور:

للمؤمنين بالغيب: إذا تأملتم الوقت اللازم الذي تقطعه إشارة الراديو بين المركبة فوياجر١ وبين المحطة الأرضية ١٩ ساعة ذهابا ومثلها إيابا، فكم هو الزمن اللازم الذي تقطعه إشارة الدعاء بينكم وبين رب هذا الكون؟!

1- إلى الآن لم يتم التحقق من أي كائن فضائي -بالرغم من تأكيد باحثين في معهد سيتي لعلوم الفضاء الأمريكي بإمكانية التواصل مع هذه الكائنات خلال العشرين سنة القادمة-وذكروا فروضا عديدة لعدم التواصل من بينها: أن تلك الكائنات هي أذكى منا بكثير ولكنها لا تهتم لنا، فنحن بالنسبة لها كالنحل بالنسبة للإنسان، فكيف يمكن أن يتواصل الإنسان مع النحل رغم إنه أذكى منها! وهذا الافتراض -الماورائي-يتم التسليم به كفرضية علمية، بينما لا يتم التسليم بوجود قوة عاقلة تدير هذا الكون بما فيه التواصل والاتصال عبر الأنبياء والرسل مع البشر!

2- رسالة السلام الأرضية للفضاء بخمسين لغة مختلفة ورسالة الأمين العام للأمم المتحدة هي رسالة واعية ومطلوبة؛ لكن هل نحن كأمم متحدة طبقنا السلام البشري فيما بيننا؟ لماذا لا تزال تسفك الدماء، ودماء المسلمين في دول إسلامية على وجه التحديد؟ ماذا سيكون موقفنا كبشر أمام الكائنات الفضائية فيما لو قرأت رسالتنا واطلعت على حالنا في ذات الوقت، ألا يحق لها تدميرنا بحجة خداعنا الميكيافيلي؟!

3- مسيرة التقدم العلمي في الذرة والمجرة على حد سواء تشير بشكل أو بآخر إلى وحدة التصميم الذكي التي تدل بالضرورة المنطقية إلى وجود مصمم وخالق حكيم، ورب حليم عليم رحيم، ومهما فر إنسان اليوم من التسليم بهذه الحقيقة فلا بد من مجيء ذلك اليوم الذي تعجز فيه أدوات البحث التجريبي عن الوصول إلى كنه (نظرية كل شيء) لأنه ببساطة حقل العلم التجريبي يختلف تماما عن الحقل الفلسفي الوجودي، فلا يمكن للحقل التجريبي أن ينفي أو يثبت الما ورائي (الغيب) وإنما يمكن أن يشهد ويدل عليه -فحسب-.

4- لسنا نعلم تماما التكييف الفيزيائي لعروج النبي صلى الله عليه وسلم، هل كانت عبر “ثقوب دودية” في الثقوب السوداء، ومن ثم تمر إلى الطرف الآخر إلى الثقوب البيضاء حيث الأكوان المختلفة (أو السموات السبع قرآنيا) أو كانت شيئا آخر؟ لا تزال هذه الافتراضات قيد الدرس الرياضي فضلا عن التطبيق الفيزيائي.

5- للمؤمنين بالغيب: إذا تأملتم الوقت اللازم الذي تقطعه إشارة الراديو بين المركبة فوياجر١ وبين المحطة الأرضية ١٩ ساعة ذهابا ومثلها إيابا، فكم هو الزمن اللازم الذي تقطعه إشارة الدعاء بينكم وبين رب هذا الكون؟!

 

أليست مضمنة في قوله تعالى: “وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ“؟! (ق:١٦). فكم أنتم محظوظون بهذا القرب وبهذه السرعة الفائقة! وما أجمل البحث في الآفاق عن آيات الخلاق! وصدق الله العظيم في قوله: “سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ..” (فصلت:53)

 

(المصدر: مدونات الجزيرة)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى