الأولويات في ساحة الأمة (2) – د. محمد يسري إبراهيم
(خاص بالمنتدى)
ثاني الأولويات: أولوية الرد إلى الأمر الأول:
إن أولى أولويات الإصلاح بعد التوحيد، ورأس المهمات في دعوة أمة الإجابة كل زمان ومكان هي الرد إلى الأمر الأول!
وهو «مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي»([1])، فما لم يكن يومئذ دينًا فلن يكون اليوم دينًا([2])، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها([3]).
فطوبى للغرباء الذين يستمسكون بالهدي الأول، ويتبعون الرعيل الأول، ويرابطون على منهجهم!
إن المرابطة على منهج أهل السنة تعني الكشف عنه وتحريره في كل مجال علمي وعملي أولًا، كما تعني الاستمساك بالغايات والأصول والثوابت والمقاصد، والانضباط بالمشروعية في الوسائل والبرامج.
فالثبات على المنهج الحق أولوية العلماء والدعاة لا يجوز الإخلال بها لممارسة سياسية، ولا لمسألة مصلحية!
وقد يسع السياسي المسلم في ظل الصراعات الجارية- ما يترجح من التوافقات والمواءمات- ما لا يسع الداعية والعالم، فلتحرر المواقف المنهجية، وليعذر أهل الإسلام العاملون في ظل الظروف الاستثنائية القاهرة اليوم.
ومعقد الولاء إنما هو على الإيمان، لا على الحزبية الدعوية، فضلًا عن الحزبية السياسية!
ومن أهم مؤيدات أولوية الرد إلى الأمر الأول اليوم قيام حرب فكرية أيديولوجية لاختطاف الإسلام والحرب عليه من داخله، عبر تغيير المفاهيم، وتحريف معاني الآيات والأصول والمصطلحات، وخلخلة ثوابت العقيدة والأحكام الشرعية!
ويخوض تلك الحرب نيابة عن أعداء الأمة وكلاء رسميون بأسماء وصور متنوعة!
______________________________________________________________
([1]) أخرجه الترمذي (2641) بنحوه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وأخرجه بلفظه المروزي في السنة (59)، والحاكم في المستدرك (444).
([2]) من كلام الإمام مالك رحمه الله، الإحكام، لابن حزم (6/ 225).
([3]) أخرجه الجوهري في مسند الموطأ، من قول وهب بن كيسان ¬ (783).