الأمل والتفاؤل لا اليأس والإحباط
د. عبد الله المشوخي (خاص بالمنتدى)
في جلسة حوارية مع بعض الأصدقاء حول الأوضاع في غزة تكلم أحد الحضور بنظرة تشاؤمية عن الوضع في غزة وما لحق بأهلها من دمار وشهداء وجرحى ومآسي وخراب بسبب معركة طوفان الأقصى .
من المؤسف أن ينظر البعض من زاوية واحدة ضيقة دون النظر للمشهد بصورة شاملة.
فينظر لمصابنا وآلامنا وما حل بنا ولا ينظر إلى ماحل بالكيان الصهيوني من مصائب ومآسي وآلام والأصل نستذكر قول الله سبحانه وتعالى : {إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون}.
وقوله تعالى: {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله}.
وطوفان الأقصى كما أصابنا بألم وضرر وحزن كذلك أصاب الكيان الصهيوني بمصائب عدة ومسهم من الشر الكثير من ذلك على سبيل المثال:
هزيمة الكيان في أمنه وتمزيق غطرسته وعنجهيته وتفوقه المزعوم.
هزيمة ألحقت بجنوده وعتاده خسائر كبيرة لم يعهدها من قبل وعاهات وأمراض نفسية لحقت بآلاف الجنود .
هزيمة أفقدته صوابه جعلته يتخبط دون تحقيق أي هدف من أهدافه.
إضافة إلى خسائره الاقتصادية الفظيعة والعجز الكبير الذي أصاب موازنته.
ورعب حل بقطعان مستوطنيه دفعهم إلى هجرة داخلية وخارجية لعدم شعورهم بالأمن والأمان .
وفقدان ثقة بكيانهم كملاذ آمن لليهود.
ومن انجازات الطوفان محاكمة الكيان لدى محكمة العدل الدولية وإدانته بجرائم حرب وإبادة جماعية وتشويه صورته لدى الرأي العام العالمي لأول مرة في تاريخه رغم جرائمه المتعددة.
كما تسبب طوفان الأقصى بزيادة حدة الخلاف داخل الكيان سياسيا وأمنيا واجتماعيا .
ومن نتائج الطوفان استنزاف الكيان بحرب طويلة الأمد لأول مره يتجرع مرارتها.
ومن النتائج قطع بعض الدول علاقتهم بالكيان وتحول الرأي العام العالمي من مؤيد له إلى معادي.
وبسبب ما لحق الكيان الصهيوني من خسائر أخذ بعض قادتهم يحذرون من نهاية دولتهم وزوالها.
كما كشف الطوفان حقيقة الكيان وأنه كيان هش ضعيف يعتمد بالدرجة الأولى على مساعدة الآخرين .
ومن نتائج الطوفان أنه كشف القناع عن وجوه كالحة انكشف زيفها وحقيقة أمرها للجميع حيث تكشف الوجه الحقيقي للغرب الصليبي الحاقد على المسلمين الموالي لليهود .
كذلك أسقطت معركة طوفان الأقصى ورقة التوت للتكشف سوأة الأنظمة العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني ليظهر الخذلان بصورة فاضحة.
وهذا بحد ذاته يعد انجازا كبيرا
فلطالما انخدعت الشعوب العربية بشعارات فارغة ووعود كاذبة وحلول زائفة وتهديدات عقيمة ومتاجرة خاسئة حتى جاءت معركة طوفان الأقصى لتبدد الوهم وتكشف حقائق الأمور وتضع النقاط على الحروف.
ومن نتائج الطوفان عودة قضية فلسطين إلى زخمها وأهميتها بعد أن تم تهميشها ووضعها في ذاكرة النسيان.
كما أوقف الطوفان وتيرة التطبيع مع الكيان الغاصب.
ومن انجازات طوفان الأقصى أنه ثبت للقاصي والداني أن هناك شعبا متجذرا في أرضه يطالب بحقه وبمقدساته ويضحي بالغالي والنفيس في سبيل تحرير أرضه، يقابله شعب يشعر أنه طارئ دخيل على بلد يفكر بمغادرته بمجرد شعوره بالخوف وافتقاره للأمن والرفاهية…فكان طوفان الأقصى الدليل العملي لإثبات ذلك والبرهنة عليه.
في الختام لكل من يظن أن تحرير الأوطان يأتي على طبق من فضة أو وفق محادثات سلام فهو واهم
فتحرير الأوطان يحتاج إلى تضحيات جسيمة.
فما بالك بوطن وصفه الله بالأرض المباركة…وطن الأنبياء…وطن فيه مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم…وطن فيه مسجد تشد إليه الرحال..ألا يستحق منا الدماء.
فتاريخنا علمنا أن جيشا تم تجهيزه والدفع به للقتال من أجل استغاثة امرأة فكيف لا نقاتل في سبيل الدفاع عن ديننا وأقصانا وشرفنا وكرامتنا وأسرانا ونسائنا وأطفالنا وحصارنا ومحاولة اذلالنا…الخ
كل مفردة مما سبق تستحق منا التضحية والفداء والجهاد فما بالك إذا ما اجتمعت.
ولعل دماء الشهداء وصمود المقاومة وتضحيات أهلنا في غزة العزة تكون بداية نهاية الكيان الصهيوني فالعد التنازلي للكيان وخلخلة بنيانه وسوء وجوههم بدأ يوم السابع من أكتوبر مع معركة الطوفان يوم وصفوه باليوم الأسود وسيبقي سواده عليهم إلى يوم زوالهم القريب، وإن النتائج المعنوية ستكون أعظم وأعمق بإذن الله.