اعتقال أصحاب الرأي والكلمة.. سفر الحوالي
بقلم عزيز عديل
إن الكلمة أصبحت تشكل خطرا كبيرا على بعض من لا يحبون أن يظهر الحق للناس، كما أن قول الحق سواء كان ذلك بواسطة كتاب مازال لم يخرج مطبوعا للعوام، فيه من النصح بوجوب لزوم جماعة الإسلام، والبعد عن أعدائها. كما أن ما تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي من عبارات لصاحب الكتاب العالم الرباني سفر الحوالي لهي واقع تم بالفعل، فالشيخ حفظه الله ما قال إلا الحق، وأسدى النصح. لكن هنالك دوما وعبر التاريخ من لا يحبون الناصحين.
الأمر المهم والذي ينبغي الإشادة به هو أن الأمة ولله الحمد مازال فيها رجال مثل هذا الشيخ الذي ينبغي الوقوف بجانبه، ففي الوقت الذي كنا نسأل عن العلماء الربانيين وعن صمتهم إزاء ما يجري ويقع للأمة من أهوال وفرقة، خرج الحوالي ليصدع بكلمة الحق في وجوه ولاة أمور المسلمين. كلماته هاتي المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمقتبسة من كتابه لقيت تجاوبا عظيما وتداولا كبيرا بين جموع الشباب العربي المسلم. والذي أيد بدوره هذه العبارات والاقتباسات لأنها تعبر عن جوهر الدين الإسلامي. كما وتبين أن الأمة تحتاج لمثل هؤلاء الرجال العظام.
لقد شاهدت أقوالا جميلة في حق هذا العالم من قبل العديد من المتابعين الذين تفاعلوا مع أقواله في كتابه، لكن أحدهم ومن لديه نسخة من الكتاب قال وأنا اقرأ كتابه وما فيه من نصح وحديث عن الأموال التي استخدمت لصالح غير المسلمين، وغيرها من العبارات، كنت متأكدا أن سلطات بلاده ستعتقله وكنت أنتظر خبر ذلك على وسائل الإعلام، وفعلا ذلك ما تم.
لقد أضحت الكلمة الحق مصدر تهديد لمن يحاربون الحق وأهله، وأصبحت الكلمة أشد فتكا من أي سلاح، نعم فما يحتاجه المسلمون اليوم كلمة حق توضح للناس الأمور، وتبين لهم حقيقة الأحداث التي تعصف بحال المسلمين. نعم نحتاج للكلمة وخاصة إن كانت من أهل العلم وأهل الاختصاص. فهي تقف في وجه الكلمة الأخرى التي يتبناها أهل السلاطين من وجوب طاعة أولياء الأمور ووجوب السمع والطاعة لهم. وهنا يمكن القول أن وجوب السمع والطاعة يلزم معه تطبيق شرع في مختلف المجالات والنواحي، كما يلزم معه العدل بين الرعية تحقيق كل حقوقها قبل مطالبتها بما يجب عليها تجاه من يحكمها.
كلمة الحق لها أهلها ممن اختارهم الله واجتباهم من صفوة خلقه، وهم مثل هؤلاء العلماء الربانيين الصادقين. فإلى متى سيبقى هؤلاء الحكام يبعدون حقيقة الدين الحنيف عن عامة المسلمين؟
لكن لا شيء من هذه الأمور متحققة، فكيف يتم طلب السمع والطاعة من قبل علماء السلطان، والسلطان نفسه لا يعرفه هل الحج عرفة أم لا؟ إن الحاكم الذي لا يعرف قراءة حتى ما يعطى له كيف له أن يحكم أمة هم ساهموا في ابعادها عن دين الله، أوليس ديننا يأمرنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ إن ما قام به الشيخ سفر الحوالي يدخل في هذا الإطار، وكما تناهى إلى علم الجميع فهو لم يدعو لخروج عن الحاكم، ولم يدعو إلى فتنة، إنما دعا الى النصح والرشد، والحكم بما أنزل الله تعالى، لا إلى الحكم بما يتم فرضه من قبل غير المسلمين على أهل درا الإسلام في إطار ما يسمى الانفتاح، وما أصبح يعرف بالإسلام المعتدل.
كلمة الحق ليست أمرا سهلا لا في زمننا هذا ولا في باقي الأزمان الماضية، ولها ضريبة تدفع خاصة في وقت الأمة أحوج فيه إلى قولها حتى يأتي اليوم التي ينصر الله فيه أهل الحق ويأذن بذلك. لقد سبق الشيخ الحوالي أعلام أفذاذ دافعوا عن دين الله. وانصرفوا لنصرة الحق وأهله. ومحنة أبي حنيفة من أعظم المحن، التي تعرض لها علماء الأمة عندما عارض الخليفة ووقف في وجهه في مسألة خلق القرآن، فقد عارض الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله الخليفة ولم يقل بقوله، بل صبر وقال بأن القرآن كتاب منزل من الله على محمد بن عبد الله واستمر على قوله حتى نصره الله وأظهر الأمر وبين بطلان قول الخليفة الذي كان متأثرا بعقائد جماعة منحرفة عن نهج رسول الله وصحبه، واليوم يسطر الشيخ الحوالي أنموذجا مماثلا بقوله الحق، في وجه من يدعون نصرة الإسلام والمسلمين، وقضايا الأمة سواء من هؤلاء السلاطين الجدد، ومن يزين لهم أعمالهم من قبل علماء يتقاضون أجورهم من مشغلهم مقابل فتاة هو التي تناسب ما يرده السلطان أو الحاكم.
كلمة الحق لها أهلها ممن اختارهم الله واجتباهم من صفوة خلقه، وهم مثل هؤلاء العلماء الربانيين الصادقين. فإلى متى سيبقى هؤلاء الحكام يبعدون حقيقة الدين الحنيف عن عامة المسلمين؟ وصدق الشاعر إذ قال: لا بد لليل أن ينجلي، ولا بد للقيد أن ينكسر. فظلام الليل الحالك يعقبه نور فجر ساطع، وقيد السجان وسطوته لا بد أن ينكسران، وكلمة الحق منتصرة لا محالة.
(المصدر: مدونات الجزيرة)