مقالاتمقالات مختارة

اضطهاد الإيغور.. دول “كافرة” تستنكر و”إسلامية” تؤيد

اضطهاد الإيغور.. دول “كافرة” تستنكر و”إسلامية” تؤيد

بقلم مصطفى الحسناوي

كان موقفا إنسانيا نبيلا، ذلك الذي عبرت عنه 22 دولة “غربية”، في رسالة وقعها سفراؤها، ووجهوها إلى رئيس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، كولي سيك، والمفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، منتقدين سياسات الصين بخصوص أقلية الإيغور المسلمة، الناطقة بالتركية. الرسالة جرى توقيعها، يوم الإثنين 08 يوليو، خلال اجتماعات الجلسة الـ 41 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة في مكتب الأمم المتحدة بجنيف، من طرف كل من: أستراليا، النمسا، بلجيكا، كندا، الدانمارك، إستونيا، فندلندا، فرنسا، ألمانيا، إيسلندا، إيرلندا، اليابان، لاتڤيا، ليثوانيا، اللوكسمبورغ، هولندا، نيوزيلندا، النرويج، إسبانيا، السويد، سويسرا، المملكة المتحدة.

واتهمت هذه الدول، التي لا توجد بينها دولة عربية أو إسلامية واحدة، الصين، باحتجاز واضطهاد المسلمين الصينيين، في إقليم شينجيانغ، بحيث تجمعهم في ما يسمى بمعسكرات إعادة التعليم في شينجيانغ، وهي معسكرات لإعادة التربية والتأهيل والإدماج في المجتمع الصيني، تقوم فيها السلطات، بسلخ المسلمين عن دينهم وهويتهم، باعتبارهما سببا في تطرفهم. وتستهدف بشكل خاص أقلية الإيغور، وخاصة من يظهر عليهم الالتزام الظاهر والتمسك بالدين في المظهر، كاللحية والنقاب والحجاب، ويأتي في المرتبة الثانية المسلمون في باقي الأقاليم.

ويتم إجبار النساء المسلمات على حضور دروس ومحاضرات وتداريب، في معسكرات الاحتجاز هذه. وأعربت الدول الموقعة، عن قلقها من معسكرات الاعتقال الضخمة، والمراقبة والتضييق، وغيرها من القيود، داعية الصين إلى وقف سياسة الاعتقال التعسفي الجماعي، والامتثال لقوانينها الوطنية، والالتزام بمسؤولياتها وفقا للقوانين الدولية، واحترام الحريات الأساسية وحقوق الإنسان، بما فيها حرية الاعتقاد، كما طالبت بالسماح لخبراء حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة بما فيهم باشيليت بدخول شينجيانغ. واعتبرت الصين على لسان ممثلها الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف شو تشين، الذي قال في كلمة له خلال اجتماعات المجلس، الخميس، إن “الرسالة كُتبت بدافع سياسي، وتقف وراءها مجموعة صغيرة من الدول الغربية”.

وكانت الصين، لجأت إلى هذه الإجراءات الصارمة، والتدابير الأمنية المتشددة، بل والانتهاكات الخطيرة بحق المسلمين، منذ 2017، بعد أن تعرضت لهجمات إرهابية دامية في شينجيانغ، ونسبت إلى أفراد أقلية الأويغور. هذه الانتهاكات الحقوقية الخطيرة، والمحاولات المتكررة لسلخ الناس عن دينهم، باستهداف مئات آلاف الأبرياء، في معتقداتهم وحريتهم الدينية، وهم لم يقوموا لابعمليات إرهابية ولا أيدوها ولا سمعوا بها، اعتبرتها دول أخرى إجراءات ضرورية لمكافحة الإرهاب والقضاء على التطرف، متجاهلة كل العهود والمواثيق التي وقعتها، وكل الشعارات التي رفعتها ولازالت ترفعها وستظل ترفعها.

فقد كتبت 35 دولة رسالة أخرى إلى الأمم المتحدة، يوم الجمعة 12 يوليو، تقول فيها إنها تؤيد سياسة الصين في إقليم شينجيانغ الواقع في غرب البلاد. وأشادت تلك الدول بما وصفته بإنجازات الصين الملحوظة في مجال حقوق الإنسان. وجاء في الرسالة: “في مواجهة التحدي الخطير المتمثل في الإرهاب والتطرف اتخذت الصين سلسلة من إجراءات مكافحة الإرهاب والقضاء على التطرف من بينها إقامة مراكز التعليم المهني والتدريب”. واعتبر الموقعون أن: “الأمن عاد إلى شينجيانغ وأن هناك حفاظا على حقوق الإنسان الأساسية للأشخاص من جميع الجماعات العرقية في الإقليم”. بحيث أنه: “لم يقع هجوم إرهابي واحد منذ ثلاث سنوات وأن الناس لديهم إحساس أقوى بالسعادة والإنجاز والأمن”. الغريب في الأمر كله، أن من بين الدول 35 الموقعة، توجد 7 دول عربية تؤيد الصين في اضطهادها للمسلمين، وهي: السعودية والإمارات والبحرين وسلطنة عمان والكويت وقطر وسوريا.

إن مثل هذه المواقف، ينبغي أن تدفع الكثيرين، لتغيير عدد من المسلمات والصور النمطية، التي تكون سببا في الحيلولة دون فهمهم للدوافع التي تحرك الدول، وتؤسس للعلاقات والتحالفات، بل وتكون حاجزا سميكا يحول دون التواصل مع العالم وفهمه، فمن يصدق أن دولا “كافرة” تدافع عن المسلمين، لاعتبار أو آخر، وأن دولا “مسلمة” تدعم اضطهادهم، حفاظا على علاقاتها ومصالحها الاقتصادية.

(المصدر: مدونات الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى