كتب وبحوث

استراتيجية الكيان الصهيوني في التطبيع مع الدول العربية كيف نفهمها ونقاومها؟

استراتيجية الكيان الصهيوني في التطبيع مع الدول العربية كيف نفهمها ونقاومها؟

 

إعداد أ. عماد الدين عشماوي

 

تعاني القضية الفلسطينية، اليوم، من خطر عظيم، في ظل تحول الحكومات العربية للهرولة نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، في حين يجد هذا الكيان، نفسه، أمام فرصة سياسية قلما تعوض يحاول الاستفادة منها لتثبيت مشروعه الاستعماري الإحلالي الاستيطاني من ناحية، ومصالح رعاته الغربيين وداعميه الجدد من الأنظمة العربية المطبعة من ناحية أخرى.

وجوهر التطبيع، بالنسبة للكيان الصهيوني؛ بمساراته واشتراطاته، هو تصفية وليس لتسوية القضية الفلسطينية، وتوفير اللحظة التاريخية التي يتحول فيها الفلسطيني من المقاومة إلى التسليم والقبول بالمعروض كما تحاول صفقة القرن. كما أنه يحقق للكيان الصهيوني فوائد عدة أخرى؛ بخلاف فرض الرؤية الصهيونية في تسوية الملف الفلسطيني، منها: السماح لهذا الكيان بالاستفادة اقتصادياً من محيطه العربي، وتحسين مكانته الدولية بين الدول، خصوصاً الداعمة للقضية الفلسطينية؛ وفي القلب منها الدول الإسلامية غير العربية، كل ذلك من دون أن يضطر إلى تقديم أية تنازلات.

وتقوم استراتيجية التطبيع الصهيوني، على إدراك جيد للمشهد العربي الراهن، ومحاولة استغلاله من أجل تحقيق الأهداف السابقة. ف”التطبيع” الصهيوني، يهدف إلى التعامل مع قضية غير استراتيجية(السلام مع الدول العربية)، للوصول إلى الهدف الاستراتيجي الصهيوني في الهيمنة على العرب.

ومن هنا تأتي أهمية البحث في أسس هذه الاستراتيجية وعوامل نجاحها وآليات تنفيذها، وكيفية مقاومتها. حيث تحاول الدراسة، فهم أسس استراتيجية التطبيع الصهيوني وأسباب نجاحها ومداه، وتحاول فهم قضية التطبيع مع الكيان الصهيوني، وما تطرحه من تحديات على العرب وداخل هذا الكيان ذاته. واستشراف ملامح استراتيجية مضادة له، تستشرف مستقبل فلسطين من دون الارتهان لشروط اللحظة القائمة وموازين القوة فيها. تنطلق من التركيز على أنماط التحرك الهادفة للتأثير على الوعي الجمعي للجمهور العربي والإسلامي وتأجيجه ضد التطبيع؟ وكيف يمكن التصدي لتيار المتصهينين العرب من المطبعين؟ وكيف يمكننا أن نؤثر على النقاشات العالمية التي تتعلق بنا كعرب وفلسطينيين؟ وكيفية تكوين حلف شعبي عربي مضاد للحلف الحكومي العربي المتساوق مع السياسات الإسرائيلية؟

وتنقسم الدراسة إلى خمسة مباحث وخاتمة توضح نتائج البحث. يناقش المبحث الأول، أسس الاستراتيجية الصهيونية للتطبيع. ويتتبع المبحث الثاني، مراحل استراتيجية التطبيع الصهيوني العربي. ويوضح المبحث الثالث، آثار التطبيع على الكيان الصهيوني والقضية الفلسطينية. ويناقش المبحث الرابع، فرص نجاح التطبيع من خلال مقاربة تاريخية معرفية. ويحاول المبحث الخامس استشراف ملامح استراتيجية عربية لمقاومة التطبيع.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول

أسس الاستراتيجية الصهيونية للتطبيع

سعى الصهاينة ومن يدعمونهم من القوى الغربية(بريطانيا ثم الولايات المتحدة الأمريكية)، منذ بدايات الهجمة الصهيونية على فلسطين وإلى اليوم، لمحاولة تطبيع العلاقات مع العرب، لتحقيق أهدافهم في المنطقة من خلال غرس هذا الكيان الاستعماري الإحلالي الاستيطاني واعترافنا بوجوده داخل منطقتنا العربية. وقد كان هذا السعي لتطبيع العلاقات مع العرب، سعياً مخططاً يخضع لاستراتيجية طويلة المدى، واستخدم آليات متنوعة.

والاستراتيجية، هي رؤية شاملة نابعة من عقيدة، لتحقيق أهداف محددة على مدى زمني من خلال مجموعة من الآليات والبرامج باستخدام المصادر المتاحة الاستخدام الأمثل في البيئة التي تعمل من خلالها. ويمكن تعريفها، من الناحية الإجرائية- بأنها “عملية التخطيط اللازمة لتعبئة الموارد والإمكانات، وتوجيه السياسات، واستخدام الأدوات والوسائل المتاحة، من مرحلة لأخرى، لمواجهة موقف معين، من أجل تحقيق أهداف محددة”[1].

والتطبيع، لغة: إعادة الشىْ إلى طبيعته، أما اصطلاحاً: فهو مصطلح صهيوني، ظهر لأول مرة في المعجم الصهيوني للإشارة إلى يهود المنفى، حيث طرحت الصهيونية نفسها على أنها الحركة السياسية التي ستقوم بتطبيع اليهود، أي إعادتهم إلى “طبيعتهم” كأمة واحدة بدلاً من جماعات قبليه منتمية إلى أمم متعددة[2].

ومع الهجمة الصهيونية المتدثرة بالإمبريالية الغربية، تم تعدية المفهوم لوصف العلاقة مع العرب، ليعني، الاعتراف بوجود الكيان الصهيوني، وقبوله كحقيقة واقعة في المنطقة العربية وإن كان انتماؤه وولاؤه غربي، من خلال: الاعتراف الكامل بشرعيته الاستعمارية الاستيطانية، وشرعية مشروعه ودولته اليهودية الخالصة، وانهاء المقاطعة الاقتصادية، والثقافية والدبلوماسية، وإيقاف النشاط المعادي في المؤسسات والمنابر الدولية، والتعاون الإقليمي والثنائي[3].

 

 

أولاً: جوهر الاستراتيجية

تقوم الاستراتيجية الصهيونية للتطبيع، على مسلمة رئيسية لم يتغير، وهي أن العرب لا يمكن أن يطبعوا علاقتهم بهذا الكيان إلا في حالات ضعفهم، أو ذوبان شخصيتهم القومية والدينية، وهو أمر يكاد يدخل في نطاق المستحيل.

ومن هنا كان جوهر استراتيجية التطبيع مع العرب، مبنياً على اعتبار الأمن وتحقيق التفوق الصهيوني الشامل والدائم للكيان الصهيوني عليهم، ومحاولة تغيير الصورة الذهنية للصهاينة من أعداء إلى شركاء، وإعادة تركيبها لتتوافق مع فكرة وجود وشرعية واستحالة زوال الكيان الصهيوني.

ثانياً: أسس الاستراتيجية

تقوم الاستراتيجية الصهيونية للتطبيع، على أساس رؤية محددة للصهيونية في علاقتها باليهود والعرب وبفلسطين وبالعالم الغربي، ومن خلال اكتشاف المتغيرات الحاسمة في التاريخ، واستغلال القدرات والآليات المتاحة لديها تعمل-مع الوقت- على أن تجعلها مقبولة مصدقة منهم جميعاً. وهذا التصور يقوم على الأسس التالية:

1-اختلاق واقع تاريخي، يناسب الرواية الصهيونية لأسباب الصراع العربي معها، يلغي الرواية الحقيقية لأسباب الصراع، من خلال الادعاء أن فلسطين أرض يهودية، فهي أرض الأجداد وأرض التوراة ووطن جميع اليهود في العالم. وأن الصراع بين العرب وإسرائيل ليس سببه احتلال فلسطين، لكنه يعود إلى رفضهم وجود الكيان الصهيوني داخل المنطقة العربية العرب. وأن الصراع، سينتهي فقط عندما يقتنع العالم العربي بأسره، وكذلك إيران غير العربية، بأن إسرائيل حقيقة قائمة[4].

2- تفسير الحاضر على الاختلاق السابق، من خلال عرض خاطئ ومضلل للحقائق، وترويج ذلك بما يجلب له دعم القوى الإمبريالية صاحبة المصلحة في وجوده واستمراره، والمضللين بدعاياته أو المؤمنين بها من معتنقي المسيحية الصهيونية.

3-اعتبار العقبة الرئيسية أمام التطبيع، هي الرأي العام في العالم العربي-وفي القلب منه الشعب المصري بثقله العربي والإسلامي-، الذي يحركه الدين والقومية، مما يستلزم  مواجهة خطاب الحركات الإسلامية والقومية بخطاب منافس يعيد تشكيل منظومة القيم والمفاهيم العربية بكل السبل الممكنة. وإحداث اختراقات سياسية وأمنية واقتصادية وثقافية، تؤدي إلى تصعيد التوتر والاحتقان الطائفي والاجتماعي داخل المجتمعات العربية، لتوليد بيئة متصارعة متوترة دائماً ومنقسمة إلى أكثر من شطر, ولكى يعجز أي نظام في معالجة الانقسام والتخلف والوهن.

4-اعتبار أن السلام بين مصر وإسرائيل هو حجر الزاوية في عملية التطبيع مع العرب.

ثالثاً: آليات الاستراتيجية                      

1- التطبيع السياسي والأمني مع الحكومات العربية، والعمل من خلاله على عزل القضية الفلسطينية عن عمقها العربي والإسلامي والإنساني.

2-التطبيع الثقافي، من خلال تطوير قنوات للتواصل مع الجمهور العربي لتغيير صورة الكيان الصهيوني العدوانية.

2-التطبيع الاقتصادي، من خلال الترويج لنظريات “السلام الاقتصادي” ورشوة الفلسطينيين ببعض الإغراءات الحياتية الاقتصادية، في مقابل تخليهم عن حقوقهم الاقتصادية التاريخية.

4- التطبيع الإعلامي، من خلال تصوير الصراع العربي “الإسرائيلي” على أنه صراع فلسطيني “إسرائيلي.

5- التطبيع التكنولوجي، من خلال الترويج للتعاون التقني الذي تتفوق فيه إسرائيل وما يحققه من مكاسب للأنظمة الحاكمة العربية ، وخصوصاُ البرمجيات التي تمكن هذه الأنظمة من البقاء، حيث يشكل بقاؤها مصلحة استراتيجية لإسرائيل[5].

رابعاً: الاستراتيجية الصهيونية للتطبيع اليوم

دخلت استراتيجية التطبيع، في العام الحالي 2019م، مرحلة جديدة لن تقتصر على الجانب السياسي والأمني والاقتصادي والثقافي والإعلامي والتكنولوجي بين الكيان الصهيوني والعرب، بل طالت ثوابت الأمن القومي العربي والموقف من فلسطين. وذلك نتيجة لعدة معطيات جديدة، تتمثل في:

1- فشل ثورات الربيع العربي، وعودة الاستبداد كأقوى ما يكون في غالب الدول العربية، في ظل حالة انقسام الفلسطيني متزايدة.

2- أصبحت غالبية الدول العربية، ترى أن تهديدات إيران، والقوى الإسلامية المعارضة في الداخل، أهم من “الصراع العربي- الصهيوني”. وأن هذه التهديدات، تهدد الكيان الصهيوني أيضاً، مما يدفعهم إلى رؤية إسرائيل كحليف استراتيجي للحفاظ على أنظمتهم السياسية من الانهيار، خاصة مع وجود نوع جديد من القيادات داخل تلك الأنظمة ترفض رؤية الصراع باعتباره صراع وجود، وترى أن إسرائيل وجدت لتبقى، بل إن بعضها يروج لحقوق يهودية في فلسطين[6].

3- رئاسة ترامب للولايات المتحدة الأمريكية، حيث انتقلت إدارته من الانحياز لإسرائيل إلى الشراكة الكاملة والتماهي مع المشروع الصهيوني، وضغطها المباشر على الدول العربية التابعة له، للمضي قدماً بمشروع التطبيع الكامل مع دولة الاحتلال وتصفية القضية الفلسطينية.

4- التوافق الكبير داخل الأحزاب السياسية الصهيونية، على أن الفرصة سانحة للوصول إلى دولة يهودية خالصة تنعم بالأمن، بين جيران يبحثون عن تحالف معها يساعدهم على البقاء في الحكم ويفتح لهم من خلالها أبواب واشنطن.

 

 

 

 

 

 

خامساً: المنطلقات الجديدة لاستراتيجية التطبيع اليوم

التغيرات السابقة في معادلة الصراع، راكمت جملة مصالح المشتركة بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني الوظيفي التابع لها وأنظمة الحكم العربية، كسرت كل ثوابت الصراع، وفتحت كل الأبواب، بل هدمت كل السقوف أمام التطبيع، لاستثمار الوهن الشامل الذي تعانيه الأنظمة العربية، وهو الأمر الذي استدعى استحداث أهداف جديدة تتمثل في:

1-الدفع بالقضية الفلسطينية إلى ذيل قائمة الاهتمامات العربية والإسلامية، وعزلها عن مسارها العربي الإسلامي، وجعل الأولوية للتطبيع بينها وبين الكيان الصهيوني.

2- تجاوز مبادرة السلام العربية، وجعل التفاوض على مستقبل ما تبقى من فلسطين مع الدول العربية، وإجبار الفلسطينيين على التنازل عن حق العودة والقدس وتعويض اللاجئين، والاعتراف بيهودية فلسطين، والتنازل عن القدس، والقبول بدولة مقطعة الأوصال في غزة والضفة. واعتبار التطبيع مع العالم العربي وتطور العلاقة معه هو ما قد يفضي إلى تحسين العلاقة مع الفلسطينيين، وليس العكس.

2- إحياء نظريات “السلام الاقتصادي” والفوائد التي ستجنيها الاقتصادات العربية من التبادل الاقتصادي والتكنولوجي مع الكيان الصهيوني.

3-التعاون مع السلطة الفلسطينية، كشريك مسئول عن الترويج لما سبق وفرضه على الشعب الفلسطيني، من خلال الاستفادة من خلافها مع حركة حماس وباقي الفصائل الفلسطينية. وقيام مصر والأردن ودول الخليج، بتقديم ضمانات للسلطة لبقائها مقابل دورها في تنفيذ خطة تصفية القضية. والتوافق مع دول العالم العربي في موضوع الجولان تجاوباً مع رغبة الكيان بالاحتفاظ بالمرتفعات المحتلة بحجة مواجهة إيران.

4- التفاهم على وحدة المصالح بين الأنظمة العربية والكيان الصهيوني، لمواجهة الأخطار الحقيقية أو المتوهمة ضد الدول العربية: الإرهاب الإسلامي، إيران.

5-استغلال حالة الهرولة الحكومية العربية تجاه الكيان الصهيوني، في تعزيز وتفعيل التناقضات السياسية والثقافية العربية، الأمر الذي يجعل من هذه التناقضات حاكماً في العلاقات العربية العربية، فيتخذ بعضها من تل أبيب حليفاً وصديقاً ضد الدول الأخرى، وتقديم خلافاتها معاً على خلافاتها مع دولة الاحتلال.

 

المبحث الثاني

تطور مراحل استراتيجية التطبيع الصهيوني مع العرب

مرت الرؤية الاستراتيجية الصهيونية لعملية التطبيع، بعدة مراحل تاريخية، كانت كل منها تشكل انعكاساً لطبيعة الظروف التاريخية السياسية وموازين القوى القائمة، لكن يجمع بينها جميعاً التركيز على قضية شرعية وأمن الكيان وتفتيت العرب. ويمكن تقسيمها إلى ستة مراحل كما يلي:

المرحلة الأولى: وهم التعاون والاستفادة المتبادلة

عندما كان العرب يواجهون سياسات التتريك التي هضمت حقوقهم في الدولة العثمانية -في بدايات القرن الماضي- وتشجيعها-في ذات الوقت- للحركة الصهيونية لاستيطان فلسطين، ظهرت دعوة للتفاهم العربي-الصهيوني، تزعمها حزب اللامركزية العربية، للاستجابة للدعوة الصهيونية للتفاهم مع العرب من أجل التوصل إلى تسوية بين الطرفين، وللاستعانة بالصهيونية للوقف في وجه سياسة التتريك الاتحادية باعتبارها قوة إقليمية فاعلة يمكن التعاون معها،  والاستفادة من أموال المهاجرين اليهود وقدراهم وذكائهم  في مقابل أن ينالوا اعترافاً صحيحاً بحقيقة مراكزهم في فلسطين. فالعرب واليهود جنس واحد ولكل منهما مزايا متممة للآخر، فعند اليهود علم ومال ونفوذ، وعند العرب بلاد واسعة وقوى هائلة وكنوز أدبية ومادية لا تنضب، فالتوفيق بينهم يكون لخيرهما خير الشرق كله

لكن الصهاينة لم تكن لديهم النية الصادقة، بل كانت دعوتهم تكتيكية تهدف لتحقيق التباعد والعداء بين العرب والاتحاديين واكتساب حقاً شرعياً في فلسطين وفهم نفسيات وعقليات وتفكير القادة العرب مع بقائهم على مبادئهم الصهيونية. وقد اكتشف القادة العرب حقيقة الخديعة الصهيونية بظهور وعد بلفور والاعتداءات الصهيونية الوحشية عليهم في فلسطين[7].

المرحلة الثانية: العلاقات السرية مع الحكام والتيارات الفكرية الأممية

تحولت تلك الاستراتيجية، بمجرد قيام الحرب العالمية الأولى والحصول على وعد بلفور، إلى محادثات سرية مع الحكام العرب، وأولهم الشريف حسين وأبنائه للحصول على اعتراف رسمي بكيانهم الجديد[8]. كما تخلل الفترة من وعد بلفور حتى نكبة فلسطين وإعلان الدولة اليهودية عام 1948م، محاولات لبناء سلام زائف مع بعض القوى السياسية والثقافية العربية بحجة الوقوف أمام الإمبريالية الغربية، وأن قضية فلسطين تحل بالتحالف بين الطبقات والقوى العاملة العربية والصهيونية، التي اعتنقت الأفكار الأممية[9].

المرحلة الثالثة: بناء العلاقات القانونية والثقافية السرية

مع إعلان قيام الكيان الصهيوني، عملت استراتيجية التطبيع على عدة اتجاهات: الأول تثبيت واقع الدولة الجديدة قانونياً عبر عقد هدنة مع مصر والأردن وبناء علاقات سرية مع الأردن باتفاقية عدم اعتداء في مارس سنة 1950، والذي تم بعدها بشهر في نيسان ضم مملكة شرق الأردن للضفة الغربية[10].

والثاني: تطوير لاستراتيجية الحوار مع اليساريين والتقدميين العرب مع نظرائهم الإسرائيليين والترويج لحل اشتراكي للأزمة بهدف إحداث اختراق داخل النخب السياسية العربية. والثالث: كان المسار الاقتصادي الذي تركز على بيان أضرار المقاطعة للاقتصادين العربي والصهيوني والمزايا التي يحققها التطبيع بينهما.

وكانت مصر في المقدمة، كانت المرشح الأول لعملية التطبيع وهدف استراتيجيتها الأساسي، لإيمان الصهاينة” إن مفتاح السلم أو خطر العدوان يوجدان في مكان ما على ضفاف النيل. فمصر هي مقدمة الصف، كما أنها أهم الدول العربية، فهي تعطي اللحن، وبدونها ، ليس هناك من موسيقى”[11].

المرحلة الرابعة: التطبيع الرسمي

ومع دخول عصر السلام الأمريكي، في سبعينيات القرن الماضي، بدأت الاستراتيجية تأخذ منحنى جديد. كان الأردن أول من توصل إلى ممارسة تحالف سري استراتيجي مع “إسرائيل” في عام 1970، حينها قرر الأردن الانسحاب من القضية الفلسطينية وطرد الفلسطينيين من أراضيه[12].

وتبعتها مصر بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979م، وبدأت السودان وعمان والمغرب وتونس والمغرب والأردن ودول الخليج في التطبيع مع الكيان الصهيوني السر، حيث تعود علاقة الكيان الصهيوني بعُمان، مثلاً، إلى سنة 1979م.

وفي نفس الوقت الذي وقع فيه الكيان الصهيوني اتفاقات ملزمة مع مصر والأردن وأقام علاقات سرية مع غيرهم، كان يواصل سياسة الحوار السري لكن مع منظمة التحرير الفلسطينية ، ففي 1976م نظم هنري كوريل ما عرف ب”لقاءات باريس “لإجراء اتصالات بين الفلسطينيين والإسرائيليين للاعتراف المتبادل بينهما ضمت مستشار عرفات[13].

لتبدأ مرحلة جديدة من التطبيع تميزت بتراجع أيدلوجية التحرير الكامل لفلسطين إلى الحديث عن مبادرات سلام، وانكسر أول جدار لمعارضة التطبيع المتمثل في الحكومات في العالم العربي، والتي فتحت أبواب الحكومات الإسلامية والدولية المقاطعة لإسرائيل[14].

المرحلة الخامسة: التطبيع الجماعي العلني

مع حلول الثمانينات والتسعينيات، وبداية انفراط التضامن العربي، تقدم مشروع التطبيع بخطوات متسارعة.

وتميزت الاستراتيجية، في الثمانينيات، بإغراء العرب بمبادرات سلام، وصولا إلى إنهاء الانتفاضة عبر التلويح لقادة منظمة التحرير بكيان فلسطيني بناء على قرارات الشرعية الدولية، حتى الوصول لاعتراف منظمة التحرير بدولة إسرائيل وخصوصا بعد “تقارب أردني قوي” في عام 1988.

وتطورت هذه الرؤية مع بداية عقد التسعينيات لتجعل التفاوض هو المرجعية لا الشرعية الدولية، وإعطاء أولوية للتطبيع بين الأنظمة العربية والكيان الصهيوني؛ إذ شهد النظام الإقليمي العربي تصدعاً كبيراً جرّاء حرب الخليج الأولى عام1990، وبدء مفاوضات السلام في مدريد عام 1991، وصولا إلى  أوسلو 1993م مع منظمة التحرير، ووادي عربة 1994م مع الأردن.

المرحلة السادسة: من التطبيع إلى الشراكة

مع توقيع منظمة التحرير اتفاق أوسلو والأردن اتفاق وادي عربة ووقوف مصر كوسيط في الصراع لا كأصيل فيه، ظهرت العلاقات الإسرائيلية العربية إلى العلن، ابتداء من عمان سنة 1994م من خلال مكاتب لرعاية المصالح التجارية بينهما. تبعتها خلال الفترة من 1996–2000 كلا من المغرب وموريتانيا وقطر وعُمان وتونس. والآن وحسب “حملة المقاطعة–فلسطين، فإن ثمة 15 نظاماً عربياً يقيمون علاقة بشكل أو بآخر مع الكيان الإسرائيلي[15].

وخلال ولاية الرئيس الأمريكي الحالي ترامب، انتقلت استراتيجية التطبيع إلى آفاق غير متوقعة، حيث انتقل الأمر من التعاون الاقتصادي والتبادل الدبلوماسي والتعاون الأمني إلى التفاهم على المصالح، وأخيراً، كما بدا في مؤتمر وارسو الأخير، الوصول إلى التحالف بين الأنظمة العربية والكيان الصهيوني لمواجهة الأخطار الحقيقية أو المتوهمة من الإرهاب الإسلامي حتى إيران. وانتقال النظم العربية من اعتبار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو أهم مسألة يجب حلها، إلى الاعتقاد أن التحدي الأكبر في تاريخهم مصدره الجمهورية الإسلامية في إيران، وأنه من دون تأثير إيران السام يمكن الاقتراب من حل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، لأنهم من يدعم حركتي حماس والجهاد الإسلامي[16].

 

 

المبحث الثالث

آثار التطبيع على القضية الفلسطينية والكيان الصهيوني

أولاً: الآثار على القضية الفلسطينية

لا شك أن القضية الفلسطينية، قد عانت الكثير من التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني، وتحولات الأنظمة العربية التي باتت تتعامل مع هذا الكيان باعتباره حليفاً لا عدواً. وتأتي في مقدمة تلك الأنظمة السلطة الفلسطينية، التي انقلبت على أهدافها وأسباب وجودها، وصارت تعمل شرطياً للكيان المحتل. وكان لاتّفاقيّات أوسلو التي وقعتها معه، عواقب كارثيّة بالنسبة إلى معيشة الفلسطينيّين ومستقبل القضية، بل وعلى التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، حيث أدى التطبيع الفلسطيني إلى فتح بوابة التطبيع العالمي والإسلامي مع الكيان الصهيوني.

كما أن التطبيع العربي، قد خلقت في العلن تياراً عربياً قوياً من المثقفين ورجال الأعمال يتبنى التطبيع مع الكيان الصهيوني، ويروج لأوهام السلام مع الكيان الصهيوني مما أدى لبلبة كثير من أبناء الشعب العربي وتشوش موقفهم من القضية الفلسطينية ومن التطبيع مع العدو الصهيوني. كما أن التطبيع العربي قد أثر على حركات المقاومة العربية بسبب التضييق الرسمي عليها داخل دولها.

لكن، على الرغم من هذه التأثيرات الضارة، إلا أن التطبيع بسلبياتها كلها، قد كان سبباً من أسباب استمرار صمود الشعب الفلسطيني، وصمود المقاومة وإبداعها في مقاومة التطبيع في الداخل الفلسطيني، وانكشاف الوجه الصهيوني القبيح للخارج العربي، حتى خبت دعوات السلام والتطبيع، ونشطت دعوات مقاومة التطبيع من جديد. بل إن التطبيع، قد جعل زمام المبادرة بين يدي الشعوب المؤتمنة عليها وشريكة الفلسطينيين في الدفاع عن فلسطين ورفض التطبيع مع الكيان الصهيوني.

ومن المفارقات الغريبة، أن تراجع المقاطعة العربية الرسمية وبداية التطبيع، لم يتوقف عند صحوة الشعب الفلسطيني والشعوب العربية فقط، لكن واكبه موجة جديدة من حملات المقاطعة على مستوى العالم في الظهور، بدعوة من المجتمع المدني الفلسطيني في البداية، وبعدها أخذت الحملات حياة خاصة بها، وأصبحت معروفة ببساطة بالأحرف الأولى «بي دي إس»، أي مقاطعة، عقوبات، وسحب استثمارات[17].

ومن يشاهد الإنسان العربي الفلسطيني، اليوم، في مسيرات العودة، يوقن أن فمازالت المقاومة الفلسطينية قائمة تدل على أن فاتحة الطريق نحو تحرير فلسطين. وأن الحضور العربي الداعم للفلسطينيين، هو أساس فرض أي حل عادل للقضية.

ثانياً: الآثار على الكيان الصهيوني

تبدو مظاهر التطبيع العربي، وكأنها حققت الأمن للصهاينة، فبعد سنوات طويلة من الصراع، والرفض العربي لوجود إسرائيل، أتى التطبيع وربما يأتي السلام. خاصة وأن الكيان الصهيوني، يدعي أنه يعيش أفضل لحظاته: إدارة أمريكية شريكة في جرائمه، شبكة علاقات واسعة مع معظم دول العالم، تطبيع عربي غير مسبوق.

لكن الأمور ليست ما يدعي قادة الكيان الصهيوني، فلا تزال الأنظمة العربية في أغلبها لم توقع اتفاقات رسمية معهم، وسلام مصر والأردن بارد لا حياة فيه إلا عبر التنسيق الأمني.

وليس هذا كل ما في الأمور، فاستطلاعات الرأي المتواترة داخل الكيان تدلل على تهاوي قيمة السلام في نظر الجمهور الإسرائيلي. والسلطة فلسطينية، بكل ما قدمته للكيان من خدمات، ما زالت  خطراً على أمن دولة إسرائيل وترفض الاستسلام لصفقة القرن. وفك الارتباط مع غزة لم يؤد للأمن بل عرض الكيان لهجمات مستمرة. وعلى الرغم من الطنين المزعج لنجاح التطبيع مع الدول العربية إلا أنه لا توجد لدى إسرائيل استراتيجية واضحة حيال الصراع الجوهري مع الفلسطينيين وماذا ستفعل فيه في ظل سعيها لدولة يهودية خالصة، فهل ستهجر الفلسطينيين أم ستظل تعاملهم معاملة الأبارتهايد، وفي كلتا الحالتين، هل سيؤدي ذلك لاستمرار التطبيع؟؟ بالطبع لا، خاصة في ظل إدراك قادة الكيان أن أكبر عقبة أمام توسيع دائرة السلام ليست زعماء الدول التي تحيط بهم، بل هي الرأي العام في الشارع العربي الذي يرفض الكيان الصهيوني ولن يسكت على احتلال أرضه وهضم حقوق إخوانه في فلسطين[18].

 

المبحث الرابع 

فرص نجاح التطبيع مقاربة تاريخية معرفية

نقصد بالمقاربة التاريخية المعرفية، محاولة رؤية الصراع العربي كما رواه التاريخ  وتكشفه المعرفة التي تجرد الحقائق من الوقائع. فهذه المقاربة، برأينا، تؤكد أن التطبيع كما يروج له الكيان الصهيوني الأنظمة العربية والمثقفين المطبعين، محكوم عليه بالفشل مهما ظهر في الواقع العربي الرسمي بخلاف ذلك.

أولاً: فرص نجاح التطبيع تاريخياً

فشل التطبيع في بدايات القرن الماضي، بين قادة الحركة التحريرية العربية وبين قادة الصهاينة،  لأن الصهاينة لم تكن لديهم النية الصادقة وانكشفت حقيقتهم بسرعة. كما فشل التطبيع في لبنان من خلال التطبيع مع حزب الكتائب اللبناني وبث الفتنة بين اللبنانيين. كما فشل التطبيع عبر تجارب السلام في كامب ديفيد ووادي عربة واتفاقات أوسلو.

فالتاريخ، طوال قرن ونصف من المواجهات، وسبعون سنة من نكبة فلسطين، يؤكد أنه يمكن للصهاينة أن يخططوا للتطبيع، وأن للأنظمة العربية أن تطبع وتتشارك مع الكيان الصهيوني، لكن الشعب العربي في أغلبيته، حتى اليوم، غير مستعد لأن يعترف بهذا الكيان الغاصب على حساب إخوانهم الفلسطينيين.

ثانياً: فرص نجاح التطبيع معرفياً

ونقصد به دراسة التطبيع بين الأنظمة العربية والكيان الصهيوني على أسس معرفية، تفتش عن الجوهري في العلاقة، وصولاً للمستوى الحقيقي، الذي يتم فيه إدراك الحقيقة الكلية والنهائية الكامنة وراءها  من خلال بناء نموذج تحليلي لعملية التطبيع ومآلاتها[19].

يقوم هذا النموذج، على أن التطبيع كما يفهمه العدو الصهيوني، مشروع هيمنة صهيونية يحقق الأمن الرخاء والاستمرار له، وهو الأمر الذي يحتاج إلى سيادة الرواية الصهيونية وقبولها من الشعوب العربية، وفي القلب منهم الفلسطينيين العرب، وهو مشروع مستحيل معرفياً، لأنه:

1-يستلزم تغيير عقائد العرب وتنازلهم عن ثقافتهم وتاريخهم وإلغاء هويتهم العربية والإسلامية.

2-وحتى لو تم ذلك، فكيف سيعالج الكيان الصهيوني ومن يطبعون معه، معاملته الوحشية للفلسطينيين وخططه المستمرة لدفعه للهجرة أو التهجير من أرضه والاستيلاء على مقدساته ومعاملته العنصرية القائمة على التفرقة في الحقوق والواجبات داخل الكيان، وكيف سيبررونها للشعوب العربية وللعالم.

3-وقضية التطبيع ،  قضية خاسرة، لأنها قائمة على الاعتراف بفكرة الدولة الصهيونية اليهودية الخالصة، القائلة بالحفاظ على إسرائيل كدولة يسودها العنصر اليهودي من الناحية الديمغرافية، في حين أن أعداد الفلسطينيين تتزايد بمعدلات أكبر من الصهاينة، وهو ما يجعل  الدولة اليهودية مستحيلة، إلا بالقهر أو التهجير القسري للفلسطينيين، وهو ما يعني في الأخير فشل التطبيع.

4-وحتى لو تخطت الكيان الصهيوني كل ما سبق، فكيف ستتجاوز هاجسها الأمني وهاجس الزوال ومصير الصليبين الذي يطاردها، فيجعلها لا تطمئن للعرب مهما طبعوا، فالتاريخ يعلمهم أن العرب ما إن يفيقوا من غفلة سيحرروا أوطانهم منهم، وهو الأمر الذي يجعل صدامهم بالعرب متوقعاً في كل لحظة مما يضعف أي فرصة لاستمرار التطبيع.

5-التطبيع اليوم، قائم على ضغوط الولايات المتحدة الأمريكية على الأنظمة العربية، والتوحد حول الخطر الإيراني والخطر الإسلامي والقومي الداخلي واستمرار قيادات خانعة للكيان الصهيوني في السلطة الفلسطينية والأنظمة العربية، فماذا لو تلاشى تلاشي التهديد الإيراني للعرب، أو حدثت مصالحات تلك الأنظمة مع معارضتها الإسلامية والقومية، وظهر جيل جديد في منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية والأنظمة العربية، قادر على تجاوز خلافاتهم والتوافق بشكل أفضل على حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً، كما حدث مراراً في التاريخ العربي، خاصة في ظل تردي واضح لمكانة الولايات المتحدة الأمريكية في العالم، والتي لن تظل مهيمنة على عالمنا مدى الدهر.

كل التحليلات تؤدي لاستحالة نجاح استراتيجية التطبيع، على الرغم من كل ما نراه من تطبيع حكومي عربي مع الكيان الصهيوني.

 

 

المبحث الخامس

نحو استراتيجية عربية لمقاومة التطبيع

يظل الاتجاه الحقيقي للتاريخ غير معروف تماماً، سوى للمنجمين والدجالين، ومثبطي الهمم، وسوس الأمم وتجار وسماسرة أو طلائع الاستعمار ودعائم الاستبداد. فنحن نعيش في عالم معقد وغير يقيني وهناك دائماً في التاريخ شيء يمكنك التعلم منه. والأمور ليست بالسوء الذي تبدو عليه دائماً، إن نظرنا إليها متسلحين بإيماننا ودورنا وإمكاناتنا.

فلا يمكن لقارئ حقيقي للتاريخ، ومتابع واع لنفوس الأجيال الجديدة من العرب، أن يتكهن أية نتيجة يمكن أن ينتهي إليها وضع الضياع الحالي، فلحظتنا الراهنة في ضوء أحداث الماضي واستشراف المستقبل مفتوحة على كل الاحتمالات، فيمكن للبعض أن يقول أن منطقتنا تدخل الآن في شتاء عاصف طويل،  نتحالف فيه مع عدونا الصهيوني، وعلينا أن نعزي أنفسنا في عروبتنا وإسلامنا ومستقبلنا.

 لكن على الضفة الأخرى، حيث يسكن الأمل في سجلات التاريخ، صوت عاقل يقول لنا: إن السنوات القادمة، ولاشك، تحمل من تباشير الخير لأمتنا الكثير، فمد الحرية، الذي بدأ يعلو منذ سنوات ست مضت؛ ولم يبلغ مداه بعد ليذهب بالزبد الذي ران على سطح المشهد السياسي، مستمر لم يزده الاستبداد إلا إصراراً على تجاوز الفشل والتخبط الذي رافقه، وسيحمل في الأجل القريب تباشير ربيع يكشف قساوة هذا الشتاء الكالح.

وحسب كل عربي مؤمن بعروبته وإسلامه وعراقة تاريخه وحضارته، أن نذكره ببعض العلامات الأبرز على ذلك في زماننا: فتحت الضغط الهائل للأنظمة القمعية ولد الربيع العربي. وفي كل مرحلة كانت ريح التطبيع الهوج تهب على مجتمعاتنا العربية، كانت مصدات الأمة وانتفاضات المرابطين في فلسطين ومظاهرات الغضب العربي والإسلامي تعيدها إلى حيث أتت خاسرة.

ومسيرات العودة وصيحات الغضب على القرار الأمريكي باعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني، ورفض السلطة الفلسطينية صفقة القرن والرفض العربي الشعبي لهذا الكيان ، كلها تؤكد أننا قادرون على مقاومة التطبيع والمطبعين. وكل ما يبذله الكيان الصهيوني من محاولات لتغيير الوعي العربي لم تنتج سوى خضوع الحكومات وبعض الأفراد له، لكن جسم الأمة الرئيسي مازال رافضاً لهذا الكيان السرطاني، ولا يحتاج سوى استراتيجية واقعية تفعل طاقات الأمة لمقاومته والانتصار عليه.

نحو استراتيجية شعبية عربية لمقاومة التطبيع

فمن خلال تفعيل الامكانات والطاقات العربية والإسلامية والإنسانية، عبر تسلحنا بخطة استراتيجية للكفاح الشعبي العربي الإسلامي، المنظم طويل النفس والشامل في جميع ميادين النزال مع الصهيونية ومن يطبعون معها، تقوم على دراسة الوضع العربي والإسلامي والعالمي، والوعي بتضاريس الاستراتيجية التطبيعية للكيان الصهيوني ورصد موضوعي لأهدافها، ومواقفه المحتملة تجاهها.

وعبر تنويعة من الآليات، يقوم بها كيان جماعي اختصاصي عربي إسلامي شعبي غير حزبي، يمكننا تحويل ميادين التطبيع الحالية إلى ميادين مقاومة ورفض له، وبناء وعي جديد للأمة يمكننا من تحقيق النصر في معركتنا ضده، تكون بداية طريق نحو تحرير فلسطين.

أولاً: جوهر الاستراتيجية

1-أن نؤمن بعقولنا قبل قلوبنا أن حقوقنا في فلسطين غير قابلة للمساومة، وأننا قادرون على استرجاعها، ومطالبون ديناً وعروبة أن نعمل من أجل ذلك. وأن الخيار الذي تقدمه لنا الولايات المتحدة في ما يسمى صفقة القرن، ليس قدراً محتوماً علينا الرضوخ له.

2-وأن الحق والعدل، هما جوهر استراتيجية مقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني. فمقاومة التطبيع، واجب ديني وقومي وإنساني حتى تعود الأرض لأصحابها ويتحقق العدل لأبنائها، وتظل الثروات العربية ملكاً لشعوب العرب لا للكيان الغاصب أو داعميه الأمريكان ومن يساندونهم.

3-وأن تحرير فلسطين، يبدأ من تحرير كل العواصم العربية من التطبيع مع الكيان الصهيوني، ومن التبعية لراعيه الأمريكي.

ثانياً: أسس الاستراتيجية

1-مسألة التطبيع داخلة في خيارات الأمة، وليست داخلة في ضرورات الأنظمة[20]. ونحن نسلم للأنظمة أن تفاوض، ولكن لها أن تفاوض في حدود الضرورة وليس خارج حدود الضرورة…ومن حقنا بل من واجبنا أن نجعل تلك الاتفاقات من دون مضمون[21].

2-فضح صورة وأسس التسوية السياسيّة الخاطئة للحكومات العربية التي تقوم على التطبيع مع الكيان الصهيوني، وبيان الصورة العادلة التي من شأنها أن تقودنا إلى تحقيق حالة العدل، الذي يعني دولة فلسطينية والقدس عاصمة لها وعودة اللاجئين، وتفكيك العقيدة الصهيونية.

3-المقومات والإمكانات التي يمتلكها  الصوت الشعبي العربي والإسلامي الرافض للتطبيع، هي القادرة على التصدي لمحاولات التطبيع بكافة أشكاله المباشرة وغير المباشرة، من خلال التركيز على العمل الشعبي وتحويل الشعب العربي كله إلى مصدات للتطبيع.

4- رفض احتكار أي فصيل أو نظام سياسي فلسطيني أو عربي أو إسلامي للمقاومة أو احتكار التحدث باسمها. وبذلِ كل الجهود لرأب الصدع في البيت الفلسطيني، وإنهاء الانقسام لحماية القدس والقضية الفلسطينية في ظل مخاطر التهويد والتطبيع التي تهددها.

ثالثاً: آليات الاستراتيجية

ا-آليات سياسية

1-الحصول على المساعدة الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية من الدول العربية والإسلامية الرافضة للتطبيع، من خلال إنشاء الكيان المطلوب وتدعيم حركة المقاومة بداخلها.

2-إنشاء وتفعيل لجان شعبيه لمناهضه التطبيع والتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني العربية والإسلامية الرافضة للتطبيع داخل كل بلداننا العربية والإسلامية لتفعيل المقاطعة واستمرارها.

3- ترميم الروابط والعلاقات بين الفلسطينيين والشعوب العربية، واستغلال كافة الأدوات الممكنة لجعل التواصل مستمراً بين الفلسطينيين وباقي الشعوب العربية من خلال كافة المناسبات السياسية.

ب-آليات اقتصادية

1-تفعيل المقاطعة الشعبية للشركات والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والحركات السياسية والشخصيات التي تدعم الكيان الصهيوني.

2- مقاطعة كافة المنتجات الصهيونية، والشركات التي تعاونه والتي تبيع منتجاتها  في الدول العربية، والبحث عن بدائل في دول ترفض التطبيع،  وتشجيع الصناعة العربية لخلق بدائل لها.

3-استغلال قوة الدين والقومية العربية في تحويل الصراع مع الكيان الصهيوني الى المستوى الاجتماعي والثقافي، وإخراج الشعوب العربية من طور القوة الكامنة الرافضة للتطبيع  إلى طور الإمكان والتحقيق العملي، من خلال البذل والإنفاق في وقف عربي كبير لمواجهة التطبيع، يسهم فيه كل عربي رافض للتطبيع، وتمنيته بشكل دائم ومبتكر حتى لا تتوقف لنقص التمويل،.

ج-آليات رياضية

 1-استغلال كافة المناسبات الرياضية للتذكير بالقضية والمقاطعة والتبرع لفلسطين بكل السبل الممكنة.

2-دعوة الفرق الرياضية الفلسطينية، ودعمها في كل ميادين تنافسها وجعلها فرصة للتعريف بصمود الشعب الفلسطيني وحقه في الحياة ومقدار ما يعانيه من ظلم تحت الاحتلال الصهيوني.

د-آليات إعلامية وفنية

1-إنشاء مواقع الكترونية لمناهضه التطبيع والتعريف بمخاطره. وابتكار حملات في مواقع التواصل الاجتماعي العربية وبلغات مختلفة تهدف إلى إضفاء شرعية دينية وقومية وحياتية وجودية على الاهتمام بالقضية الفلسطينية ومقاطعة الكيان الصهيوني. ولفضح حقيقة الكيان الصهيوني، وضرورة مقاطعته، ومقاطعة المطبعين معه.

2-تصوير الصراع العربي الصهيوني، ضمن العناوين الرئيسية على الشاشات الرافضة للتطبيع عربياً وإسلامياً ودولياً، عبر توظيف المحاورين المحترفين لبيان أهداف التطبيع الخبيثة في تصفية القضية الفلسطينية ونهب ثروات العرب.

ه-آليات فكرية بحثية

بناء مرصد معرفي عربي، وتخصيص فرق بحثية عربية تدرس:

1-تاريخ التطبيع واستراتيجية الكيان الصهيوني وداعميه وتاريخ حملات المقاطعة في الوطن العربي وحملات المقاطعة دوليًا من أجل الاستفادة من خبراتها والبناء عليها.

2-الخطوط العريضة للاستراتيجية الإسرائيلية المضادة لحركة المقاطعة، وكيف استفادت من المناخ الدولي والقصور الفلسطيني والتفكك والضعف العربي في اختراق الحكومات وبعض الأفراد والمؤسسات العربية والتطبيع معها، من أجل تطوير استراتيجية مضادة لها.

3- كيفية تحقيق قدر من الانسجام بين الموقفين الشعبي والرسمي من التطبيع، يوقف الهرولة العربية نحو إنشاء علاقات دبلوماسية واقتصادية مع الدولة اليهودية، وتغيير معادلة القوة على جانبي الحكومات والمعارضة، لأن حقبة التسوية ستمتد  ولا بد من التعامل معها بطرق مبتكرة.

4-إعداد مادة دراسية باسم القدس وفلسطين، تتوخى تربية الأجيال الجديدة على الانتماء لفلسطين والقدس لجميع المراحل السنية، وتحويلها إلى دراما فنية وخصوصاً للأطفال والناشئة، وتطوير شخصيات روائية وكرتونية تجذب الناشئة العربية، تعبر عن الواقع الفلسطيني والعربي الرافض للتطبيع.

5-مناقشة كيفية التواصل مع أهل فلسطين وجهاً لوجه، حتى يتعرف العرب على معاناة إخوانهم ويتشجع الفلسطينيون لوجود إخوانهم معهم في قلب معركتهم مع الكيان الصهيوني، وهنا يجب فتح الباب لمناقشة واسعة لكيفية ذهاب العرب إلى فلسطين المحتلة  دون الوقوع في التطبيع السياسي الاقتصادي مع العدو الصهيوني.

6-كيفية بناء مناهج لتغيير الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية، واقتراح خطة التحرك ضد العدو الصهيوني لمقاطعته عالمياً في ظل بيئة دولية : جانب منها معادي لحقوق الفلسطينيين، جانب آخر يتبنى الرؤية الصهيونية للصراع لنجاح الكيان في فرض تلك الرؤية أو توافقها مع معتقدات هذا الجانب مثل المسيحيين الصهاينة.

و-آليات دينية وقومية

1-استغلال كافة المناسبات الدينية والقومية، للتذكير بخطورة التطبيع على وجود أمتنا العربية والإسلامية.

2-الاستفادة من مواقف المؤسسات الدينية الرافضة للتطبيع لدعم استراتيجية مقاطعة التطبيع، من خلال الفتاوى والبيانات والتوعية عبر منابر الدعوة المختلفة، والدعوة للتبرع بالمال ووقف الأوقاف. واستعادة دور الأزهر الشريف والكيانات الإسلامية الفاعلة الشبيهة لتقوية الحركة.

ي-آليات قانونية دولية

1-حشد المجتمع الدولي المدني الرافض لسياسات الكيان الصهيوني العدوانية ضد الشعب لعربي الفلسطيني، من خلال حركة المقاطعة الدولية. وتوحيد كل الجهود العربية والفلسطينية والإسلامية الرافضة للتطبيع في كل دول العالم. مثل الحملة الأميركية من أجل الحقوق الفلسطينيّة، والصوت اليهودي من أجل السلام، وحركات مقاومة التطبيع في الدول الإسلامية مثل ماليزيا وغيرها.

 

 

رابعاً: أهم العوامل المؤدية لنجاح استراتيجية قاطعة التطبيع

1- لن تنجح دون قيادة المثقفين والدعاة العرب، وقيامهم ببذل النفس والنفيس في سبيل إنجاحها بالدعوة العملية والإنفاق مما في أيديهم، حتى يقدموا القدوة الحقيقية للشعوب حتى تضحي بكل ما تملك لتحرير فلسطين.

2- استحداث وقفية اقتصادية باسم فلسطين، تكون مهمتها الأولى والدائمة تفعيل استراتيجية مقاومة التطبيع.

3-التركيز على عامة الشعب العربي: المرأة والفلاح والعامل والطالب، وتخصيصهم بخطاب شعبي بسيط مركز حول قضية فلسطين وخطورة التطبيع مع الكيان الصهيوني، لأنهم عماد نجاح أي استراتيجية عربية لمقاومة التطبيع.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة

التطبيع، يكون مع الكيانات الطبيعية، أما الكيانات المصطنعة العدوانية فلا سبيل للتطبيع معها؛ إلا من خلال تفكيك عدوانيتها وكشف زيف اصطناعها ووظيفيتها، وهوما يعني في الأخير زوالها واندثارها. وقد أثبت التاريخ والتحليل العلمي المعرفي أن مواجهة المشروع الصهيوني للتطبيع ممكنة، على الرغم من التطبيع الحكومي. وأن ما ينقص أمتنا العربية، هو استراتيجية واقعية للتعامل مع التطبيع، تبدأ من الإيمان بقدرتنا على مقاومته، ولن تنتهي إلا بتحرير فلسطين من هذا الكيان الغاصب.

لكن هذه الاستراتيجية تواجه العديد من التحديات الواجب التعامل معها حتى يمكن أن تتحقق، ومن أهم هذه التحديات: كيف يمكن تنشيط حملات مقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني في ظل موجة تطبيع الأنظمة التي تتعامل بقسوة بالغة مع المعارضين للتطبيع؟ وكيف يمكن فهم والاستفادة من الأدوات والآليات والأدوار التي استخدمها الصهاينة في دوائر التأثير وتكوين الرأي العام وصنع القرار الدولي والعربي والإسلامي للترويج للتطبيع وتحقيقه واقعاً؟

وما هي الأدوات التي يمكن إبداعها لتقدم حلولاً وأدوات للشعوب العربية، اليوم، للجهاد بكافة أشكاله لمقاومة التطبيع، ولاستدامة وجود القضية في قلوب وعقول ناشئة الأمة وأجيالها الجديدة؟ وكيف يمكن تكوين حلف شعبي عربي مضاد للحلف الحكومي العربي المتساوق مع السياسات الإسرائيلية، يعمل على كشف محاولات قلب القضية والترويج لسلام عربي إسرائيلي على حساب فلسطين، وكشف زيوف التطبيع وفوائده التي تروج الآن؟

[1] حماد، مجدي. نحو استراتيجية وخطة عمل للصراع العربي الصهيوني، بيروت:مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، 2000م، ص15

[2] المسيري،عبدالوهاب.موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، القاهرة:دار الشروق، ط1، 1999م، ج7، ص13

[3] راجع في ذلك نصوص اتفاقيات السلام بين مصر والأردن والكيان الصهيوني

[4] راجع حوار مع بنيامين نتنياهو مترجم في: مجلة الدراسات الفلسطينية المجلد 8، العدد 29(شتاء 1997)، ص78

[5] راجع تقرير: إسرائيل مبرّرةً برنامجاً للتجسس: تعزيز الأنظمة القمعية مصلحة استراتيجية، جريدة العربي الجديد على ارابط التالي:

https://www-alaraby-co-uk.cdn.ampproject.org/c/s/www.alaraby.co.uk/amp/politics/2019/2/18/%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%85%D8%A8%D8%B1%D8%B1%D8%A9-%D8%A8%D8%B1%D9%86%D8%A7%D9%85%D8%AC%D8%A7-%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%AC%D8%B3%D8%B3-%D8%AA%D8%B9%D8%B2%D9%8A%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%B8%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%85%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B5%D9%84%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9

[6] يكفي في بيان ذلك مراجعة تصريحات وزراء خارجية البحرين والسعودية وسلطنة عمان في مؤتمر وارسو الأخير، في التقرير الذي نشرته جريدة الشروق المصرية بعنوان: مؤتمر وارسو أثبت أن إسرائيل وصلت إلى مرحلة جديدة في كل ما يتعلق بالتطبيع مع الدول العربية، على الرابط التالي

http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=17022019&id=612d6e94-b274-4757-b425-a771ce06a453

[7] راجع تفاصيل أكثر عن ذلك، في:

الشلبي، سهيلا سليمان.المشروع الصهيوني وبدايات الوعي العربي لمخاطره (1897-1917)، بيروت:مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، 2016م، ص27-81

[8] عيسى، صلاح، وآخر.صك المؤامرة:وعد بلفور،القاهرة: كتب عربية، دون تاريخ أو طبعة، ص89-100

[9] راجع مجلة الأهرام العربي، عدد اليسار التذكاري، على الرابط التالي:

http://arabi.ahram.org.eg/News/112672.aspx

[10] مقال الدكتور حبيب إلياس: مشاريع التسوية السلمية للقضية الفلسطينية، على موقع جريدة دنيا الوطن، على الرابط التالي:

https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/344219.html

[11] بيريس، شيمون يوم قريب ويوم بعيد. في: مجموعة مؤلفين.من الفكر الصهيوني المعاصر، بيروت:مركز الأبحاث منظمة التحرير الفلسطينية، ط1، 1968م، ص 145

[12] راجع تقرير: آفاق التطبيع من وجهة نظر صهيونية، على بوابة الهدف الإخبارية، على الرابط التالي:

http://hadfnews.ps/post/43314/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A-%D8%B5%D9%87%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%B5%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%87%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9

[13] راجع تقرير عن اليسار العربي في مجلة الأهرام العربي،ورد فيه هذه المعلومة، على الرابط التالي:http://arabi.ahram.org.eg/News/112672.aspx

[14] راجع مقال محسن محمد صالح: التطبيع الإسرائيلي- الخليجي: الركض وراء السراب، على الرابط التالي:

مقال: التطبيع الإسرائيلي – الخليجي: الركض وراء السراب… د. محسن محمد صالح

[15] راجع مقال محسن محمد صالح: التطبيع الإسرائيلي- الخليجي: الركض وراء السراب، على الرابط التالي:

مقال: التطبيع الإسرائيلي – الخليجي: الركض وراء السراب… د. محسن محمد صالح

[16] راجع تصريحات وزراء خارجية البحرين والسعودية في مؤتمر وارسو، على موقع جريدةالشروق، على الرابط التالي:

http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=17022019&id=612d6e94-b274-4757-b425-a771ce06a453

[17] لتفاصيل أوسع عن حركات المقاطعة العالمية، راجع:

مجموعة مؤلفين.استراتيجية المقاطعة ضد الاحتلال الإسرائيلي ونظام الأبارتهايد، الدوحة:المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ط1، 2018م.

[18] راجع تغريدة حديثة لبنيامين نتنياهو، على الرابط التالي:

[19] راجع مفهوم المعرفي والنموذج التحليلي، عند الدكتور عبد الوهاب المسيري، في:

المسيري، عبد الوهاب،”نحو نموذج تفسيري اجتهادي”، إسلامية المعرفة،السنة الرابعة، العدد السادس عشر(1999م)، ص150 وما بعدها.

[20] شمس الدين، محمد مهدي.التطبيع بين ضرورات الأنظمة وخيارات الأمة، بيروت:المؤسسة الدولية للدراسات والنشر، ط3، 1997م، ص10 التطبيع

[21] المصدر السابق، ص 36

(المصدر: المجلات الأكاديمية العلمية العراقية)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى