ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السّماء
بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)
قال تعالی: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ وقال ﷺ: {إنَّ إخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللّهُ تَحْتَ أيْدِيكُمْ..}
أقترح تسمية الإخوة ممّن ينظّف الشّوارع بمهندسي النّظافة! تكريما لهم ورفعا لمعنوياتهم وكان اللّه في عونهم على هذه المهمّة التي لا يقبلها أكثر النّاس خاصّة بهذه الأيّام ولولا أنّ اللّه تعالی سخّرهم لنا لأصبحت حياتنا جحيما لا يطاق ولفتكت الأوبئة بكلّ أفراد المجتمع! لذا فإنّ من حقّهم علينا أن نحترمهم ونساعدهم وأن نضع القمامة في الأماكن المخصّصة لها وأن نربّي أهلنا على عدم إلقاء النّفايات في الشّوارع ومن شبابيك السّيارات وأن نساهم مع هؤلاء المهندسين في إزالة الأذى عن الطّريق!
ونناشد الإخوة المسؤولين عنهم أن يتّقوا اللّه فيهم وأن يكون راتب أيّ عامل من هؤلاء الفقراء كراتب أيّ مدير عامّ! مع التّحيّة والتّقدير لهؤلاء الجنود الشّرفاء الأوفياء الذين يعملون بصمت صباح مساء على مدار العام في إزالة قاذورات الأنام! لقد قبل هؤلاء الأخفياء جزاهم اللّه خيرا قبلوا القيام بهذه المهنة الصّعبة في هذه الظّروف القاسية ولم يسرقوا كما سرق غيرهم! ولم يتّخذوا التّسوّل مهنة لهم!
ومن باب التّحدّث بنعمة اللّه أقول: لقد شاركت في كثير من المؤتمرات الإسلاميّة الدّوليّة وصافحت ملكا ورؤساء وزراء وأمراء ووزراء ووجهاء.. ولم أقبّل يد واحد منهم -ولا يشرّفني ذلك بالطّبع!- لكنّي بفضل اللّه تشرّفت بتقبيل يد عامل نظافة يكنس الطّرقات أصغر منّي سنّا! وقد ظنّ هذا الأخ الكريم أنّي لن أصافحه لأنّ يده متّسخة! فقبّلت يده أمام الملأ رغما عنه! وأشعرته وشعرت معه أنّ رائحته اطيب من ريح المسك! حينئذ نزلت دموعه غزيرة من عينيه في الوقت الذي بكى فيه قلبي شفقة عليه!!