أخبار ومتابعات

اختتام ملتقى “ترشيد الصحوة الإسلامية وتجربة القائد صلاح الدين في المدارس الشرعية” وبيان ختامي مهم

اختتام ملتقى “ترشيد الصحوة الإسلامية وتجربة القائد صلاح الدين في المدارس الشرعية” وبيان ختامي مهم

اختتمت أعمال “الملتقى الثامن للعلماء”، والُمقام في ولاية ديار بكر التركية، بمشاركة الأمين العام للاتحاد الشيخ الدكتور علي القره داغي، وبعض أعضاء مجلس أمناء الاتحاد.

ونظم الملتقى اتحاد العلماء والمدارس الإسلامية بالتعاون مع معهد صلاح الدين، في الفترة 9/30 – 1/10/2023م، وتمحور حول: “ترشيد الصحوة الإسلامية وتجربة القائد صلاح الدين في المدارس الشرعية”.

وحظيّ الملتقى بمشاركة ما يقارب (۳۰۰) شخصية من العلماء، والأساتذة، وممثلي المنظمات غير الحكومية، وأكاديميين، من شتى دول العالم منها؛ العراق، إيران، سوريا، فلسطين، مصر، قطر، الكويت، الجزائر، لبنان.

وخرج الملتقى ببيان ختامي، كما يلي:

البيان الخِتامي لملتقى العلماء الثامن

الحمدُ لله رب العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومَن سار على هديهم إلى يوم الدين، فقد قُمْنا بعون الله تعالى بتنظيم «ملتقى العلماء الثامن» في المركز العام لاتحاد العلماء بديار بكر في الفترة من 15 إلى 16 ربيع الأول عام 1445هـ/ الموافق 30 أيلول-1 تشرين الأول عام 2023م، واختتم الملتقى بمشاركة العلماء مِن مختلف الدول والمدن، ونعرض لعلماء الإسلام وعموم الأمَّة الإسلامية ما توصَّلْنا إليه مِن نتائج بعد العروض والمناقشات في اجتماعنا:

* أولًا: إنّ الله تعالى ذكر شهادة العلماء بعد شهادته سبحانه وبعد شهادة الملائكة، فقال تعالى: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائمًا بالقسط، لا إله إلا هو العزيز الحكيم) [آل عمران: 18].

ونبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم أكرَمَ العلماء بأن جعلهم مِن ورثته، فقال: «العلماء ورثة الأنبياء، وإنّ الأنبياء لم يُورِّثوا درهمًا ولا دينارًا، ولكن ورَّثوا العِلم، فمَن أخذ به أخذ بحظٍّ وافرٍ»، رواه التِّرْمِذِيُّ (2682).

وفي هذا الصَّدَد، فإنّ المسؤولية الأساسية للعالِم هي السَّعيُ الدائم للحق والحقيقة، وتبليغُ دين الله، والتبشيرُ بدين نبينا صلى الله عليه وسلم، وتعليمُ السُّنة النبوية، وقيادةُ المجتمع لأجل إقامة الحق.

* ثانيًا: إنّ أعداء الإسلام يقِفون في وجه الإسلام عَبْرَ التحالف مع بعضهم، وقد تجاوز هذا العِداءُ الدولَ والمجتمعاتِ الإسلامية، ووصل إلى مستوى استهداف الأفراد، بغَضِّ النَّظَر عن الجنس أو العمر، ذكرًا كان أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا، وفي مواجهة هذا العِداء التام ليس أمام المسلمين خيارٌ سوى الاتحاد.

واليوم، لا توجد استراتيجيةٌ أكثرُ أهميةً مِن منعِ إراقة دماء المسلمين، ومنعُ إراقة دماء المسلمين ممكنٌ مع وحدة المسلمين، واليوم، لا يوجد أيُّ عُذرٍ يمكن أن يُبرِّر تأجيج الصراعات بين المسلمين.

* ثالثًا: قال الله تعالى: (إنّ هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) [الأنبياء: 92]، وقال سبحانه: (كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر…) [آل عمران: 110].

فليست الأمَّة وحدها، بل البشرية جمعاء تنجرِف نحو الكارثة يومًا بعد يوم، عن طريق الكفر المعاصر الذي يستبعد الوحي، ويتمرَّد على توجيهاته، وفي مُقابل هذا لم يعُدْ أحدٌ يُصدِر صوتا تجاه ما يحدث سوى المسلمين.

ونحن ندْعو المسلمين إلى دمج أفكارهم أوَّلًا، ثمّ توحيد جميع إمكانياتهم للوقوف في وجه إفساد الكفر.

وفي هذا الإطار، ينبغي تطوير الأحكام التي تلبِّي احتياجات العصر بشجاعةٍ، وفي الوقت نفْسه ينبغي معارضةُ البدع في الدِّين.

* رابعًا: إنّ الصحوة الإسلامية هي الحلُّ الوحيد مقابل الانحطاط الأخلاقي والانهيار القانوني الذي انجرفتْ إليه البشرية، ويجب التغلُّب على التحديات والتهديدات التي تواجه الصَّحوة الإسلامية، والتي تطوَّرتْ خارجيًّا وداخليًّا، ولهذا الغرض ينبغي عقدُ لقاءات تشاورية كبيرة بين المسلمين على غِرار الجمعية العامة للأمم المتحدة.

* خامسًا: إنّ إغلاق المدارس الشرعية هو واحدٌ مِن أكبر الكوارث التي حلَّتْ بالأمة الإسلامية، ويسعى علماء الإسلام إلى إحياء التربية الإسلامية ومؤسَّساتها والمدارسِ الشرعية التي هي السبيل الوحيد لإحياء وبناء عقول المسلمين وَفْقَ السُّنَّة النبوية السَّنِيَّة، ويجب دعْمُ جهودهم، وتجنُّبُ أيِّ قرارات أو ممارسات مِن شأنها أن تُصعِّب عليهم عملهم.

* سادسًا: لن يقوم علماء الإسلام بتوجيه المجتمع فحسْبُ، بل سيُبلِّغون الحق أيضًا بشكل عَلَنيٍّ وشُجاعٍ إلى أولئك الذين يشغلون مناصبَ سياسية أو عسكرية أو بيروقراطية مختلفة، وفي الوقت الذي يُرشدونهم فيه إلى الصواب سيكونون قُدوةً لهم في مقاومة الظُّلم والجَوْر.

* سابعًا: إنّ وقوع القدس المشرّفة ومُحيطِها الطاهر التي هي قِبْلةُ المسلمين الأولى، ونقطةُ تقاطع الإسراء والمعراج للنبي صلى الله عليه وسلم تحت الاحتلال الصهيوني الغاشم ما هو إلا نتيجةٌ للوضع الذي تعيشه الأمة.

وتحسُّنُ أوضاع الأمَّة سيُنقِذ المسجد الأقصى والقدسَ مِن الغزو الصهيوني، وإذا كانت الأمَّةُ موحَّدةً وقويَّةً، فسوف تنعَم القدس بالسلام، والتاريخُ الإسلاميُّ يجعلنا ندرك ذلك.

* ثامنًا: إنّ الأرض التي ربَّتِ السلطان صلاح الدين الأيوبي فاتحَ القدس، هي أثرٌ مِن آثار الإمام الجُوَيْني، والإمام أبي إسحاق الشِّيرازي، والإمام الغزاليِّ الذين أحيا الله بهم التعليم الإسلامي، وأرشدوا الأمَّة الإسلامية.

وبعد أنْ فتَح السلطان صلاح الدين القدسَ، هاجم بسيفه الحملة الصليبية الثالثة وقاومها، ومِن ناحية أخرى، فإنّه أنشأ المؤسَّسات العلمية الإسلامية التي مِن شأنها أن تعمل بقلم الإسلام، كما اهتمَّ بالتعليم الإسلامي وتوجيه الأمَّة.

واليوم ينبغي على التعليم الإسلامي وتوجيه الأمَّة أن تمضي قُدُمًا في سبيل إنقاذ القدس مِن الاحتلال الصهيوني، فتعليمُنا وتوجيهُنا سيُربِّي الغزاليين، والأرضُ التي تُنجِب لنا الغزاليين هي التي ستكون وسيلةً لفتح القدس.

* تاسعًا: إنّ القوى العالمية التي تعمل بحرصٍ على الغزو لا تترك أيَّ مساحة خاصة للإنسانية، فهُم يُنفِّذون مشاريعهم واحدةً تلك الأخرى، والتي تهدف إلى تدمير الأسرةِ موطنِ حُبِّ الإنسانية ومَلْجَئِها، ومَقَرِّ حماية الجيل وإنجاب الأطفال.

وإنّ الفجور هو سلاحُ برنامجِ التدمير هذا، حيث يتم التقليلُ مِن قيمة الإنسانية وجرُّها نحو الفجور، وبالتالي استعبادهم للفجور.

واليوم لم يعُدِ الفجور ضعفًا فرديًا، بل تحوَّلَ إلى سلاح سياسي، ووسيلةً لسلب حرية الناس واستعبادهم، فأنْ تُصبحَ فاجرًا يعني أن تصبح عبدًا، ومشاريعُ الفجور هي عدوَّةٌ للحرية.

وبهدف مكافحة الموجة العالمية التي تُدمِّر الأسرة والقِيَم والأخلاق، لا بدَّ مِن مدِّ جسور التواصل مع العالم الإسلامي خاصة، والعالم أجمع بشكل عام، ويجب إقامة تضامُنٍ دوليٍّ بقيادة المسلمين ضد الفجور الذي يُهدِّد حرية الإنسان.

* عاشرًا: إنّ القوى العالمية التي لا تعرف حدودًا لطموحها، تستغِلُّ كلَّ فرصة للسيطرة على الإنسانية واغتصاب إرادة الشعوب، وفي هذا المعنى تُستعمَل وسائلُ التواصل التي توفِّرها أحدث التقنيات لإفساد البنات والشباب، وجعلهم يناضلون ضد القِيَم الإنسانية الأساسية.

ولقد لعبتِ المرأة المسلمة والشباب المسلم دورًا مهمًا في نهضة المسلمين في كل عصر، وعلى المسلمين أن يستغِلُّوا وسائل التواصل المتزايدة للنهضة ضد الفساد، وينبغي تنشيط نسائنا وشبابنا مِن خلال وسائل التواصل.

* الحادي عشر: إنّ الإسلام هو النظام الوحيد الذي أعطى المرأة حقوقها، وإنّ اغتصاب حقوق المرأة في المجتمع الإسلامي ينبُعُ مِن الابتعاد عن الإسلام.

فيجب إحياءُ مكانة المرأة المسلمة، وخوضُ نضال حقيقي مِن أجل الحقوق المادية التي أعطاها الإسلام للمرأة، مثل الميراث، وتطويرُ برنامج تعليمي وإرشادي لأجل توعية الوالدين وجميعِ مؤسسات المجتمع بأحكامه، بحيث يحصُل التوازن بين حقوق وواجبات كلِّ فردٍ مِن أفراد الأسرة.

وينبغي عدمُ تأخير أيِّ عمل ضروري لتغيير نظام التعليم بهذا الاتجاه، وفي هذا السياق أيضًا لا بدَّ مِن وضع استراتيجية لحماية الأسرة وتقويتها.

* الثاني عشر: مِن الحقائق المتَّفق عليها أنَّ عصرَنا هذا هو “عصر المعلومات والاتصالات”، والتواصلُ الإسلامي ينشأ على أساس الإرشاد والجماعة بين المسلمين، ودعوة وتبليغ وهداية غير المسلمين.

ونحن نعتقد أنّ الإرشاد والتبليغ الذي هو مِن واجبات المسلمين الأساسية ينبغي أن يتم وَفْقَ عصرِ المعلومات والاتصال، ويكون ملائمًا لظروف العصر.

* الثالث عشر: نحن في حالةٍ ينبغي علينا أن نستعيد الجَوْدة والتميُّز في إرشاد الشباب المسلم الذي كان حاملًا لراية الإسلام في كل عصر، والجَوْدةُ في التوجيه تعني أن نكون قُدوةً، ونحن ندعو العلماء والقادة السياسيين والعسكريين والمربِّين وقادة الرأي وأولياء الأمور إلى أن يكونوا قُدوةً يهتدي بهم الشباب المسلم، وينبغي أن نَعْلَم أن صدقنا وثباتنا على الحق سيكون مُرشِدًا للشباب.

* الرابع عشر: إنّ القوى التي اغتصبَت الحقوق السياسية للشعب الكردي المسلم في القرنين الماضيين تقوم اليوم بمحاولة تشويهِ سُمْعةِ الشعب الكردي المسلم، وكما دمَّر العالَمُ العِلمانيُّ الحقوقَ السياسيةَ التي جلبها الإسلام للشعب الكردي بالأمس، فإنّه يسعى اليوم إلى تدمير سُمْعة وأخلاق وشخصية الشعب الكردي.

وإن السُّمْعةَ التي اكتسبها الشعب الكردي المسلم داخلَ الإسلام بقِيَمٍ؛ مثل الصدق والشجاعة والولاء والشجاعة والإخلاص للشرف، والسُّمْعةَ التي اكتسبها العلماء والقادة الذين يُشكِّلون تاريخ العالم؛ يتعرَّضون لتهديد تاريخي مع العَلْمَنة اليوم.

فالعَوْلَمةُ اللِّيبراليةُ لا ترى أنّه يكفي حِرْمان الشعب الكردي مِن قِيَمه، بل تطالبه أيضًا بمحاربة القِيَم الأخلاقية.

وتحاول القوى الأيديولوجية المعقَّدة جعْلَ الأسرة الكردية المسلمة تحارب السُّمْعة الكردية، وإنّ الوعود بمنح الحقوق السياسية مُقابلَ تدميرِ القِيَم ما هي إلا خِداعٌ، وليستْ مقبولةً.

فحمايةُ كرامة الشعب الكردي ممكنةٌ مِن خلال تنشيط قِيَمه الإسلامية؛ مثل الصدق والشجاعة والوفاء والشجاعة والإخلاص للشرف، وكذلك مِن خلال تنشئة شخصيات رائدة تقود البشرية مرة أخرى في المعرفة والعلم.

* الخامس عشر: إنّ العنصرية في حالة الحرب ضد الإنسان هي سببُ إيذاء الشعب الكردي، ولن يكون هناك طريقةٌ لتحريره، ولقد ناضل الأكراد مِن أجل حقوقهم ضد القِيَم الإنسانية، وحصلوا على “أحسنت” مِن القوى العالمية، ولن يحقِّقوا ذلك عَبْرَ انتزاعها، بل مِن خلال الوقوف إلى جانب القِيَم الإنسانية وحمايتها وقيادتها، هذا هو الطريق نحو التحرير.

المصدر: الاتحاد + ilkha

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى