مقالاتمقالات مختارة

اتقوا الله في بلاد الحرمين.. الصهيونية على أبواب خيبر

اتقوا الله في بلاد الحرمين.. الصهيونية على أبواب خيبر

بقلم إبراهيم الطالب 

في الشهر الحرام والبلد الحرام في عاصمة المسلمين الكبرى حيث حجهم وقبلتهم، وفي مهبط الوحي ومحضن الإسلام الأول، ترجع القينات من جديد وتروج المحرمات والمحظورات وكأن الإسلام عاد لغربته الأولى.

هذه مراسلة رسمية (الوثيقة المرفقة بالمقال) تثبت أن الاختلاط المشوب بالتهتك والمجون وشرب الشيشة وارتكاب المحرمات يقع في مكة مهبط الوحي، وقلب الإسلام.

ويبدو أن العلمانية الكامنة تتسلل اليوم من جحورها لتتمظهر في اقتصاد اللذة، معملة معاول الهدم في مجتمع مكة والمدينة، مأرز الإيمان كما وصف وأخبر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.

قبل ما يزيد عن 12 سنة تأخرت طائرتي فاضطررنا للمبيت في جدة، ذهبت أنا ورفقتي للبحث عن مقهى لشرب القهوة التي دونها لا يستقيم المزاج، خصوصا مع التعب والسفر والانتظار، حاولت أن أدخل من أحد أبواب المقهى فوجدت حارسا منعني من الولوج، استدرنا جميعا حول المبنى الكبير فوجدنا بابا مفتوحا يستقبل الزبائن دلفنا إلى داخله ثم جلسنا.

طلبنا القهوة، وفي وقت الانتظار لفت انتباهي أن الناس غير الناس في مكة والمدينة، وأن حركاتهم تخفي شيئا يبدو أن القانون يمنعه، بعد برهة التحق بنا أحد أفراد جماعتنا فتناولنا بالنقاش تلك الحركات المريبة، تدخل رفيقنا المتأخر في الوصول، فأفادنا أنه دخل من الباب الخلفي للمبني الذي حاولت الدخول منه قبله فمُنعت، فوجد جوا من الصخب والدخان والرقص بين الرجال والنساء، وكأنه في بلاد الإسلام التي طال عليها العهد في الاحتلال والتغريب ومزقتها العلمانية بفصل أخلاقها عن قوانينها، فما عادت تشريعاتها تحفل بالحلال والحرام.

حينها تذكرت ما كان يعرض لعقود على MBC والقنوات الرسمية السعودية من مواد تفتت منظومة القيم، ناهيك عن حملات الغزو المتمثلة في حركة الابتعاث التي يتكون خلالها جيوش من أبناء السعوديين في جامعات لندن وباريس ليرجعوا إلى بلاد الحرمين بأفكار مناقضة للعقيدة الإسلامية ومناهضة للشريعة الربانية، ليُعملوا نيران الاستغراب في مجتمع بدوي منفتح، فعلمت حينها أن الخرق سيتسع على الراقع خصوصا بعد هذه الثورة التواصلية الإعلامية التي يشهدها العالم.

لم تمض سوى سنوات حتى حُلت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأقيمت على أنقاضها هيئة الترفيه، وضيق على العلماء وسجن كل معارض للعلمنة الممنهجة، واتهمت العقيدة السلفية في عقر دارها بالوهابية والمسؤولية عن التطرف والإرهاب، تلك التهمة التي كانت بريطانيا تتهم بها المجاهدين عندما جيشت محمد علي لغزو حركة محمد بن عبد الوهاب التحررية حتى تخضع المقاومة لحركتها الإمبريالية.

اليوم محمد بن سلمان يريد أن يرسو بالسفينة السعودية بمرفأ العلمانية التي يسميها علمانيو الجزيرة العربية بالليبرالية، فأصبحنا نرى جون ترافولتا والمغنيين من كل جنسية يحيون الليالي الحمراء والبنفسجية والوردية، في شبه إعلان للمنهج الجديد للدولة التي بدأت بالشراكة بين القرآن، الذي تولى تلاوته آل الشيخ، والسيف الذي تولى إعماله ورفعه آل سعود في وجه الأعداء والمناوئين.

لقد اختار الغرب حاكم السعودية للخمسين سنة القادمة ليفتح الأبواب في وجه الصهيونية المتغلغلة في بلاد الإمارات على مرمى حجر من مكة والمدينة وخيبر، ومن يقرأ الأحداث جيدا يفهم لماذا تم تغيير قانون الجنسية في الإمارات، فقد تم بعده مباشرة تجنيس 5 آلاف يهودي صهيوني، الأمر الذي يفسح لهم المجال للتجول والبيع والشراء والتغلغل في كل دول مجلس التعاون، وعلى رأسها بلاد الحرمين الشريفين.

فإن لم يتحرك عقلاء السعودية اليوم وعقلاء المسلمين جميعا، فإن عهد ما بعد سلمان سيكون أكثر غلوا وأشد فظاعة من كل ما سبقه، يخشى معه أن نستفيق يوما فنجد يهود بني قينقاع والنظير وقريظة في خيبر.

إن الفساد والإفساد الذي تتعرض له بلاد الحرمين والجزيرة العربية برمتها، هدفه تفتيت الجانب الديني والعقدي للعربي المسلم؛ حتى يقبل بالديانة الإبراهيمية التي تفسخ للصهاينة اليهود كل المجالات في بلاد الإسلام الأولى.

لقد استطاعت الصهيونية أن تنتزع حق العودة لليهود السفارديم حتى يرجعوا إلى إسبانيا، بعد أن طردوا منها صحبة المسلمين في قرون التطهير العرقي الذي شهدته بلاد الأندلس.

لم يستنكف ساسة الإسبان من التصريح بأن هذا القرار هو تصحيح لخطأ تاريخي ارتكب في زمن الملك فرناندو الثاني والملكة إزابيلا، ليعلن الملك فيليبي السادس في حفل لليهود سنة 2015 قائلا لهم: “إسبانيا اشتاقت لكم”، وذلك احتفاء بقانون اتخذته الحكومة الإسبانية يمنح اليهود “حق إرجاع صلتهم بماضيهم”.

فإذا كانت الصهيونية بهذا التفكير وهذا التخطيط وهذه القوة، فإن عينها بعد القدس وفلسطين على المدينة وخيبر، فقد قرأنا منذ عقود مضت أن رئيسة وزراء الصهاينة السابقة العجوز غولدمائير لما زارت منطقة جنوب طابا، وقفت على خليج العقبة، ونظرت شرقا، ثم قالت بكل عنجهية وتكبر: “إنني من هذا المكان أشتم نسيم خيبر ويثرب.. وإنني أشتم رائحة أجدادي هناك”.

وسبقها في هذا الطموح التوسعي الإرهابي وزير حربها “موشي دايان” الذي دخل باحات الأقصى بعد احتلال القدس عام 1967، وقال: “هذا هو يوم خيبر.. لقد وصلنا أورشاليم وما يزال أمامنا يثرب وأملاك قومنا فيه”.

إن صفقة القرن وحملات التطبيع الواسعة التي تجري باضطراد كل يوم يجب أن يقرأها عقلاء المسلمين على ضوء ما أسلفنا، فإن عالم ما بعد كورونا يهيأ بشكل يكون فيه اليهود الصهاينة أكبر الساسة والقادة في بلاد المسلمين، ويتم الإعداد لذلك على كل المستويات التشريعية والثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فمثلا في المغرب من سيمنع أي يهودي صهيوني له جنسية مغربية من الترشح ليكون عمدة مدينة أو رئيس جهة أو برلمانيا أو وزيرا.

ففي سنة 2011 في غمرة الربيع العربي وصعود الإسلاميين تم ترسيم المكون العبري دستوريا، لنرى بعد أقل من 10 سنين إبرام اتفاقية تطبيع كاملة الأركان، ويعلم الله أين سيقف النفوذ اليهودي والاختراق الصهيوني في المغرب.

لقد كنا في الجامعات نرفع شعارا للتضامن مع قضية الأقصى وفلسطين مضمونه “خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سيعود”؛ لكن يبدو أن الصهيونية تشق طريقها نحو خيبر فيما نحن نصوغ الشعارات الرنانة المسجوعة، ويزايد بعضنا على بعض في رفع شعارات مضادة من قبيل “تازة قبل غزة”، في الوقت الذي تخترق فيه الصهيونية كل بلداننا من المحيط إلى الخليج.

نسأل الله أن يحفظ بلاد الحرمين وبلادنا وكل بلاد المسلمين ويهيئ لعلمائها ومصلحيها وصالحيها أمر رشد.

وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

المصدر: هوية بريس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى