“اتفاق التطبيع” يهدد القدس والحرم.. هنا القصة
بقلم محمد عايش
تقرير بالغ الأهمية والخطورة صدر عن مركز إسرائيلي يديره المحامي والناشط السياسي الإسرائيلي المعروف دانييل سيدمان يتحدث فيه عن البند الوحيد المعلن حتى الآن من اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي الذي يتحدث عن “حق المسلمين في الصلاة بالمسجد الأقصى، وحق باقي الأديان في الصلاة بالمدينة المقدسة”.
الخطير في النص المعلن من الاتفاق، والذي بات واضحاً بأن إعلانه جاء من باب الاحتفاء الإسرائيلي به ومن أجل تثبيته في الأذهان؛ هو أنه يتضمن لأول مرة إقراراً بحق الأديان الأخرى (اليهود) في الصلاة داخل الحرم القدسي الشريف، كما يتضمن -ولأول مرة- اختصار حق المسلمين في “المسجد الأقصى” وحده، أي مبنى “الجامع القبلي” فقط، وليس الحرم القدسي الشريف الذي يعتبره المسلمون بالكامل المسجد الأقصى، وهو كل ما هو داخل أسوار الحرم، وتبلغ مساحته 144 دونماً.
يقول تقرير دانييل سيدمان: إن هذه المرة هي الأولى التي يتم فيها إقرار هذا المبدأ في وثيقة أو اتفاق بين إسرائيل وطرف عربي، فقد سبق أن وقعت السلطة الفلسطينية 13 اتفاقاً مع الاحتلال، كما وقع الأردن ومصر معاهدات سلام، ولا يوجد ما يشير إلى حق اليهود أو غير المسلمين في المسجد الأقصى، أو فيما هو داخل أسوار الحرم القدسي الشريف، وهي المنطقة التي يسميها الإسرائيليون “جبل الهيكل”.
هذا تحوّلٌ بالغ الخطورة، وثمة نص مشابه في “صفقة ترامب” التي رفضها الفلسطينيون والأردنيون بشكل قاطع ونهائي، وبذلت دول خليجية جهوداً ومارست ضغوطاً من أجل دفع الفلسطينيين للموافقة عليها، وبالمناسبة هذا الطرح -وربما أفضل منه- كان قد رفضه الرئيس الراحل ياسر عرفات خلال مباحثات كامب ديفيد في العام 2000، وقرر أن يدفع حياته ثمناً لهذا الرفض، لأنه يعني التنازل عن الحرم القدسي الذي يناضل من أجله الفلسطينيون منذ سبعة عقود، والذي هو أيضاً قضية عربية وإسلامية دينية ليس لأي دولة بمفردها الحق باتخاذ قرار منفرد بشأنها.
البند الجديد في اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي يتحدث عن حق المسلمين في المسجد الأقصى وليس “الحرم الشريف”، أي حقهم في المسجد وليس في الحرم الذي تبلغ مساحته 144 ألف متر مربع، حيث إن المسجد يشكل 10% فقط أو أقل من الحرم، وهذا تنازل عربي غير مسبوق يتعلق بقضية القدس.
قضية القدس لم يتم حسمها في اتفاقات أوسلو، كما أنها كانت السبب الرئيس لانهيار مفاوضات الحل النهائي عام 2000 واندفاع الانتفاضة الفلسطينية الكبرى.
أما على المستوى الأردني فإن هذا البند يشكل انتهاكاً للمادة التاسعة من معاهدة وادي عربة، والتي تنص على أن “تحترم إسرائيل الدور الحالي الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس، وعند انعقاد مفاوضات الوضع النهائي ستعطي إسرائيل أولوية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن”.
هذا الاتفاق يُشكل في نهاية المطاف تهميشاً لحق الفلسطينيين في عاصمتهم، وهي القدس، وحق المسلمين في حرمهم القدسي الشريف، كما أنه يشكل تهميشاً وانتهاكاً للولاية الأردنية الهاشمية على المقدسات والحرم الشريف، وهي الولاية التي أقرتها المعاهدة المبرمة بين الأردن وإسرائيل عام 1994، وبهذا البند يتم انتهاكها ونقضها.
(المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام)