إندبندنت: حكومة الهند المتطرفة تلاحق نجوم السينما المسلمين
نشرت صحيفة “إندبندنت” تقريرا أعدته مانيا سكديفا حول محاولات القوميين الهنود المتطرفين إسكات صوت رموز الصناعة السينمائية الهندية “بوليوود” وملاحقتهم.
وأشارت الصحيفة إلى شاه روخ خان الذي يعد نجما عالميا وباع على مدى العقود للشباب الهنود قصص حب جعلته المفضل لهم، وفوق كل هذا فهو نجم له آراؤه الجريئة والصريحة. ولهذا جاءت قصة ابنه اريان خان الذي خرج من السجن بكفالة بقضية مخدرات.
وبعد شهر على خروجه بات من يتابعون عمل “بوليوود” يعتقدون أن الحكومة القومية الهندوسية المتطرفة تقوم باستعراض عضلاتها للسيطرة على الصناعة التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات والتي تعتمد على ماركة القوة، والممثل المسلم هو ماركة عالمية.
وترسل القضية رسالة للصناعة القلقة، وهي ألا أحد بعيد عن ملاحقة وتمحيص الحكومة. وتقول رنجاني مازومدار، أستاذة دراسات السينما في جامعة جواهر لال نهرو في نيودلهي: “ماذا يقول كل هذا عندما يجبر رمز قوي (مثل خان) إلى هذا الوضع”، و”ترسل رسالة أننا نستطيع ملاحقة حتى الرجال الأقوياء، وتخيل الرعب الذي سينتشر في البلد”.
وبدأت القصة في 2 تشرين الأول/ أكتوبر عندما اعتقل أريان، 24 عاما مع سبعة آخرين عندما داهم رجال بالزي المدني من وحدة مكافحة المخدرات سفينة سياحية كانت في رحلة موسيقية لمدة يومين.
وبعد المداهمة كشف “مكتب التحكم بالمخدرات” أنه صادر مواد ممنوعة و130.000 روبية هندية (1.260 جنيها استرلينيا) من السفينة الراقية.
ووُجهت تهم لأريان “بالتورط في تعاطي وبيع وشراء مواد ممنوعة”. وتم وضع صورة شاه روخ خان على كل محطات ووسائل الإعلام الهندية، وبدا قلقا.
وقالت ستشريتا تياغي، ناقدة الأفلام: “كل شيء بدا مريبا بعد فترة وجيزة”، و”عندما تكتشف الكمية التي تمت مصادرتها ورفض خروج أريان بكفالة عدة مرات، واختفاء محقق خاص فأنت لا تدري ما هي القضية في النهاية”.
وقالت المذيعة في راديو مومباي روهيني رامناثان: “هناك أمر أكبر كان يجري”، و”بالنسبة لي كانوا يريدون ضرب مثال في هذا الولد/أريان”، مشيرة إلى اعتقال الكوميدي منور فاروقي في يوم السنة الهندية الجديدة في 2021 بتهمة أنه كان سيصدر نكاتا تؤذي المشاعر الدينية للهندوس.
وقضى فاروقي 37 يوما في المعتقل قبل أن تقرر المحكمة العليا الموافقة على خروجه بكفالة مؤقتة. وقالت رامناثان: “على مدى الأشهر القليلة الماضية تم استهداف المسلمين الشباب في الإعلام”، ولاحظت التشابه بين أريان وفاروقي. وقالت: “هذان الشابان الهنديان تحت المراقبة العامة، وكل خطأ يرتكبانه يحسب على أنهما من طائفة دينية معينة”، لكن أريان ليس شخصية عامة، فوالده هو الهدف. فهو بطل الحب في “بوليوود”، ونجم أفلام مثل “ديلاولي دولهانيا لي جاينغي” و”كش كش هوتا هي” و”كابي خوشي كابي غام”، ويطلق عليه المعجبون به “الملك خان” رغم بدايته المتواضعة وكونه “خارجا” عن الصناعة.
ولد خان ونشأ في نيودلهي حيث درس في مدرسة مسيحية تبشيرية، وأكمل دراسته الجامعية في جامعة نيودلهي. وبدأ في عالم الترفيه عام 1988 من خلال قناة تلفزيونية بالهندية وبعد عامين توفيت والدته بالسرطان وانتقل إلى مومباي لمواصلة حياته في الأفلام.
وشارك خان في 61 فيلما حصد 17 منها على إيرادات فوق مليار روبية (13 مليون دولار)، ويملك شركة إنتاج، وفاز بعدة جوائز وطنية ودولية في وقت اعترف فيه بدور المشجعين له في حياته الفنية.
وفي فيلمه “مشجع” 2016، وهو عبارة عن تحية للنجومية والعلاقة المعقدة بين الممثلين وملايين المعجبين في أمة مهووسة بالسينما.
ويقول ناقد الفيلم أنكور باثاك: “هو ذلك النجم الذي لا أمانع بمتابعته والإعجاب به لأنه ذكي وقارئ ومسافر جيد، ولديه حس فلسفي قوي وهناك متعة بالحديث معه”.
وفي مقابلة حُضر إعلاميا لها بشكل واسع عام 2015 بمناسبة بلوغه الخمسين من العمر، طلب منه الصحفي بارخا دات التعليق على المناخ السياسي في البلد، وبخاصة في أعقاب فوز حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي “بهارتيا جاناتا” أجاب خان أن التعصب الديني سيعيد الهند إلى العصور الوسطى.
وقال: “لا يوجد شيء أقل أهمية من التعصب الديني”، و”ليس هو الطريق للأمام”. وتذكرت الصحفية كافيري بامزيا كيف تعرض الممثل للهجوم على منصات التواصل بعد المقابلة. وقارن، رئيس وزراء أوتار براديش والداعم المتحمس لفكرة الهند للهندوس “هيندوتفا” خان بالإرهابي.
وتعرض عامر خان، المعاصر لشاه روخ خان لنفس الهجمات عندما عبر عن “قلقه” في عام 2016 عن تزايد التعصب في الهند.
وأصبح النجم المشهور موضوعا لحملة على منصات التواصل حادة أسفرت عن قرار المنصة الإلكترونية التجارية “سنابديل” لاستبعاده كسفير لماركتها.
ويرى باثاك أن أي شخص يعبر عن موقف فستتم ملاحقته، فقد هاجمت مصلحة الضريبة منزل المخرج أنوراغ كاشياب والممثلة تابسي بانو في مومباي بداية هذا العام وتم شجب المداهمة في الصناعة بأنها انتقامية نظرا لنقد كاشياب وبانو لمودي، وكان المبرر الرسمي للمداهمة هو التهرب الضريبي.
وتقول بامزاي مؤلفة كتاب “الخانات الثلاثة وظهور السينما الجديدة في الهند” إن الحكومة الحالية في نيودلهي تفهم القوة الناعمة التي تتمتع بها “بوليوود” و”هذا هو السبب وراء محاولاتها السيطرة عليها”. وتقول إن الحكومة تقوم بدفع الرموز البارزة في صناعة السينما لتبني “فكرتها عن بناء الدولة” ولم يسارع الكثيرون لدعمها.
والخانات الثلاثة الذين تشير إليهم بامزاي هم شاه روخ حان وعامر خان وسلمان خان، وهم أنجح الممثلين في “بوليوود” على القائمة الأولى فيها. وكانوا غائبين عن الصورة الجماعية التي التقطها مودي مع الممثلين في عام 2019 قبل الانتخابات. وتقول تياغي: “حتى ولو لم تكن مشجعا لشاه روخ خان فلا أحد يمكن إنكار أثره، وفي أي حكومة أو نظام يحاول التأثير على نجوم الثقافة الشعبية، فشاه روخ خان لديه الخيوط”. والملاحظ أن الكثير من زملاء خان في الصناعة لم يسارعوا إلى الوقوف معه، وربما كان هذا بسبب مناخ الخوف والرقابة الذاتية التي فرضوها على أنفسهم. ولكن هناك دعم واسع وحب للممثل على الإنترنت ومن خلال هاشتاغ “#MySRKStory الذي تحول لترند على تويتر. وكل شخص كان لديه قصته مع شاه روخ خان أراد أن يشرك الآخرين بها.
وبحسب الاقتصادية شاريان بهتاشاريا فهذه هي القوة الحقيقية. وهي مؤلفة كتاب “أبحث بيأس عن شاه روخ خان” والتي تحاول فيه استكشاف قوة المرأة من خلال العلاقة بين حياة واستقلال والحرية وقصص مشجعات خان.
ومن أهم الموضوعات التي تقوم ببحثها هي قوة النجم “ما وجدته عن السيد خان أن كل واحد رأيته خلق هذه المساحة، بسبب أغانيه ومشاهده ومقابلاته- وهو ما سمح للناس بالحديث عن أنفسهم وبطريقة عميقة”.
ويرى بانثاك أن نجومية خان لم تتأثر بالفضيحة لأسباب عاطفية، فقد كان النجم الذي علمهم الحب مستعيدا مشاهد من فيلمه “المحبوب”، والكراهية لن تترك أي أثر على أسطورته كما يقول.
المصدر: عربي21