خاص بمنتدى العلماء
في خضم الحروب العسكرية المدمرة على بلاد المسلمين، وفي ظلال فُرقة مزقت وتمزق شمل المسلمين بدواعٍ وأزمات سياسية يخرج دخنها من تحت أقدام بني جلدتنا، يشتد سعار دعوى “العلمانية” في بلاد الحرمين، مهبط الوحي ومهد الرسالة ومهوى أفئدة المسلمين ومثوى أشرف الخلق رسول الله محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه.
حملة مسعورة يمسك بخطامها طائفة من “المنحلّين”، تلهث بهذه الدعوى “الجاهلية” الجديدة، يمكرون لمحو الدين وتضليل المسلمين.
يصدق في هذه الفئة الضالة المضلّة القول:
أسدٌ عليَّ وفي الحروب نعامةٌ … فتخاء تنفر من صفير الصافر
هذه الفئة هي آلة صماء في يد عدونا، يديرها كما شاء ويريدها على ما شاء، يحركها للفتنة فتتحرك لتغطي الشمس بغربال، يدعوها لتفريق الصفوف فتستجيب، وتجيد الخريب، يريدها حمىً تنهك، فتكون طاعوناً يهلك، يريدها لساناً فتكون لساناً وعيناً وأذناً ويداً ورجلاً ومقراظاً للقطع وفأساً للقلع ومعولاً للصدع.
ما يشاء العدو إخماد حركة إلا وكانت على يديها الهلكة، فتهيأت فيها أدوات الفتنة فجمعها وفردها “غبيُ العين عن طلب المعالي .. وبالسوءات شيطان مريد”.
“العلماني” بينه وبين الأمة إدغام بغير غنة:
طويل اليد اليسرى وأما يمينه .. فليس لها في المكرمات بنانُ
في كل محنة يبرزون، يكثرون النعيق، ويتابعون النهيق، يدفعون أمتهم للانغماس في مستنقع عدوها بمرّه وشرّه، لأنهم عبيده، والعبد وما ملك لسيده، وهذا ديدنهم كلما نزلت بالأمة نازلة أو ألمت بها ملمّة.
أصدق الوصف فيهم قوله عز وجل: “ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنّهم في لحن القول”.
ما كان هناك من حدثٍ إلا ويظهرون في صور وأشكال قد تتباين لكن المخازي واحدة.
ألسنةٌ لا تترجم عن حق، ولاتصدر عن يقين، مبدؤها لا فرق بين قراء البقرة وعبّاد البقرة.
وما هم اليوم إلا من عرفناهم بالأمس، حال الأمة معهم يقول بقول القائل:
أشكو إلى الرحمن من علقٍ يعيش على جراحي .. من جلدتي لكن أشدّ عليَّ من طعن الرماحِ
أخذ الديانة عن مسيلمة الكذوب وعن سجاح .. من كل تيسٍ كلما كبّرتُ بربر للنطاح
عميٌ بصائرهم طمسٌ مشاعرهم .. كأنهم في مراعي وهمُّهم غنمُ
فالشر منطقهم والغدر شيمتهم .. والخبث ديدنهم إن العدوَّ هُمُ
الفتنة العلمانية تضرب اليوم بأطنابها عقر دار الإسلام، ومقالتهم باختصار: “إما أن تكون علمانياً وإلا فأنت داعشي”.
أما رب البيت العتيق فقوله وقوله الحق “ومن يرِد فيه بإلحادٍ نذقه من عذابٍ أليم”، وإن غداً لناظره لقريب.