إلى المشككين في المقاومة الشريفة
بقلم هاني مراد
أصبح كثير من الناس بكل أسف يخلطون الأوراق الآن ويدهم في الماء البارد، وهم أبعد ما يكونون عن أرض الصراع ودوي الرصاص وتفجيرات الصواريخ، وفقد الأرواح، وهدم البيوت.
وانتشرت فجأة نغمة أن حـماس عميلة لإيران، ونسوا عشرات السنين من الحروب النضالية ضد الصهيونية، ونسوا تضحيات المقاومة وعلى رأسها تضحيات القيادات، مثل الشيخ أحمـد ياسيـن الذي قضى سنوات قيد السجن والتعذيب، وكان يعيش على 600 دولار شهريا، تكفيه وعائلته بالكاد؟
نسوا القادة الذين دفعوا حياتهم مثل: الرنتيـسي وصلاح شحادة ونزار ريـان وسعيد صــيام ومحـمود المبـحوح ومهنـد الطاهر ورائـد العــطار وأحمد الجـعبري ومحمد الزواوي وفتـحي الشقاقي ويحيـى عياش وعمـاد عقل، وأولاد محمود الزهار، وغيرهم وغيرهم من القادة وأبنائهم وعائلاتهم؟ لو كان هؤلاء مثلما تقولون، لعاشوا مثل قادة السلـطة التي تتآمر على المقاومة وتعتقل شبابها، وتأخذ رواتبها من الاحتــلال!
قبل أن نسأل حـماس عن تقاربها مع إيران، نسأل: أين تتوجه وهي محاصرة من الأنظمة العربية قبل الصهيونية؟
هل علاقة حـماس مع إيران جديدة؟ هل شهدنا تنازلا من جانبها أو سماحا بأطماع إيران خلال علاقتها القديمة معها؟
عندما أبعدت سلطة الاحتلال أكثر من 400 قيادي فلسطيني معظمهم من حـماس، وتخلت عنهم الدول العربية، ولم يساندهم سوى إيران، أعلن الزهـار ترحيبه بكل سلاح لمواجهة العدو الصهيونـي، إذا كان دعما غير مشروط. ولم يكن ذلك القيد مجرد شعار، ففي العام التالي، اتصل الإيرانيون بالزهار لتذكيره بفعاليات يوم القدس التي ترعاها إيران، فأجابهم: “كنا نُخطط لتلك الفعاليات، أَما وإنكم قد اتصلتم فقد ألغيناها. قلنا لكم دون شروط”.
بعد فوز حـماس وتشكيلها الحكومة الفلسطينية 2006، كفر العرب بالديمقراطية عندما أوصلت الحركة، وأغلقوا في وجهها الأبواب، فتوجه الزهــار إلى طهران، وطلب إقامة مجمع طبي في القطاع، فوعدوه بإنشاء مجمع طبي كبير بطاقم من الأطباء الإيرانيين يداومون فيه عشر سنوات بعد أن يجهزوا الكوادر المحلية، ولكنهم اشترطوا السماح للفريق الطبي بإقامة حسينية شيعية في المجمع، فكان الرد حاسما: “لا نريد، وليبق الوضع الصحي منهارا. قلنا لكم: دون شروط”.
حـماس التي كانت تتمتع بامتيازات ضخمة في سورية، قد غادرتها بعد أن رفض بشار حليف إيران وقف عمليات القتل ضد شعبه ووأد ثورته، وقضت قيادات الحركة ستة أشهر في الطائرات بعد ذلك يجوبون الدول العربية، وكانت النتيجة رفض الدول العربية والإسلامية استضافة قيادات الحركة، إلى أن قبلت بهم قطر.
فهل إذا تمكنت حـماس من الحصول على صـواريخ الكورنيت الروسية من إيران عن طريق سورية، لردع العدو الصهيوني، نلومها؟ هل كنا نريد منها السكوت حتى يبيدها الصهاينة ويهدموا الأقصى تحت أنقاض غــزة؟
فإلى أولئك المشككين في التاريخ النضالي للمقاومة: من العيب أن نسوي بين حـماس وتاريخها المشرف من النضال وقياداتها التي قدمت كل ما تملك وما لا تملك من تضحيات، وبين غيرهم من ذوي التاريخ المخزي والعار المشؤوم!
(المصدر: موقع بصائر)