مقالاتمقالات المنتدى

إعلامي هندي يتحدى ازدواجية المعايير الإعلامية: فلسطين بلا رتوش

إعلامي هندي يتحدى ازدواجية المعايير الإعلامية: فلسطين بلا رتوش

بقلم أ. برهان احمد الصديقي (خاص بالمنتدى)

في زمن تتحكم فيه الآلة الإعلامية بصياغة الأحداث وتشكيل الرأي العام، يجد المتلقي نفسه بين حقيقة مُغيّبة وزيفٍ موجه تُصبح القضية الفلسطينية واحدة من أكثر القضايا التي تتعرض للتلاعب والتضليل. بينما يتعرض أهل غزة لأبشع أنواع القصف والدمار، تتحول شاشات الإعلام العالمي إلى منصات تبرر الجرائم بدلًا من كشفها،  وتعيد إنتاج السردية الإسرائيلية، حيث يُصور المعتدي على أنه الضحية، وتُطمس معاناة الفلسطينيين تحت عناوين مُضللة.

في وسط هذا التحيز الإعلامي الواضح، برز عدد من الصحفيين والمنصات الإعلامية الذين بذلوا جهودهم لتقديم تغطية متوازنة وموضوعية. من بينهم كان كَرَن ثابرمن صحيفة “The Wire” الذي أظهر التزامًا بالحقيقة والتحليل العميق من خلال سلسلة من المقابلات المؤثرة مع الخبراء والمثقفين وساهم في تسليط الضوء على الأبعاد المختلفة للحرب وساهم في رفع مستوي الوعي العالمي بمعاناة المدنيين في غزة ومنح الفلسطينيين منصة عالمية للتعبيير عن معاناتهم ولإيصال رسالتهم إلى العالم الخارجي.

ازدواجية المعايير الإعلامية: الحقيقة المُغيبة

ما يمر به الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية يتجاوز حدود التصوّر. القصف المستمر، التشريد، وانتهاكات حقوق الإنسان، هي حقائق دامغة لا يمكن إنكارها، لكن الإعلام الغربي يعيد إنتاج السردية بشكل مختلف. الضحية تصبح الجاني، والمُحتل يصبح المُعتدى عليه!

في مقابل ذلك، برزت أصوات إعلامية مستقلة تُصرّ على كشف الحقيقة كما هي بلا رتوش, دون أن تُخضعها لموازين القوى الدولية أو المصالح السياسية. كَرَن ثابر أحد هؤلاء الإعلاميين الذين قرروا خوض هذه المواجهة، عبر إجراء مقابلات تحليلية تكشف زيف الرواية الرسمية الإسرائيلية وتعرض الانتهاكات بالصوت والصورة.

كَرَن ثابر: صوت الحقيقة في وجه التضليل

في مقاله فلسطين بعيون الدولة الإسرائيلية،  الصادر في 2 ديسمبر 2023، سلّط ثابر الضوء على السياسات العنصرية التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين، موضحًا كيف أن القوانين الإسرائيلية، مثل قانون الدولة القومية لعام 2018، جعلت الفلسطينيين مواطنين من الدرجة الثانية.

أبرز المحاور التي تناولها المقال:

🔹 التمييز القانوني: كيف يُستخدم القانون الإسرائيلي كأداة لشرعنة التمييز ضد الفلسطينيين داخل إسرائيل.
🔹 الاعتقالات التعسفية: كيف تلجأ إسرائيل إلى الاعتقال الإداري لسجن الفلسطينيين دون تهم أو محاكمات.
🔹 التوسع الاستيطاني: كيف تواصل إسرائيل بناء المستوطنات رغم مخالفتها للقانون الدولي.
🔹 القمع اليومي: كيف تُقيّد إسرائيل حركة الفلسطينيين عبر الحواجز العسكرية والجدار الفاصل.
🔹 الهجمات العسكرية على غزة: كيف تُخلّف العمليات العسكرية مآسي إنسانية وضحايا من المدنيين.

حوار كَرَن ثابر مع البروفيسور آفي شلايم

في مقابلة مهمة مع البروفيسور آفي شلايم، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أكسفورد، تناول ثابر الأبعاد التاريخية للصراع. أكد شلايم أن إسرائيل كانت تفضل السيطرة على الأرض بدلًا من تحقيق السلام، خاصة بعد حرب 1967، عندما رفضت مبدأ الأرض مقابل السلام وسعت إلى ضم الضفة الغربية إلى مشروع إسرائيل الكبرى“.

🔹 الادعاء الصهيوني بفلسطين: تساءل ثابر عن مدى شرعية الادعاءات الصهيونية في ظل الوجود العربي الأصيل في فلسطين.

أكد البروفيسور آفي في رده  أن الادعاء الصهيوني بأحقية فلسطين يستند إلى أسس ضعيفة ويشوه الحقيقة، حيث كانت فلسطين تضم مجتمعًا عربيًا متجذرًا ومزدهرًا قبل المشروع الصهيوني.
🔹 الفرص الضائعة بعد عام 1967:
تساءل ثابر عن سبب عدم موافقة إسرائيل على مبدأ “الأرض مقابل السلام” بعد حرب 1967، رغم أنها كانت تملك الفرصة للقيام بذلك.

أوضح شلايم أنه بعد حرب 1967، فضلت إسرائيل الاستيلاء على الأرض بدلاً من تحقيق السلام، مدفوعةً بموجة من النزعة القومية ورغبتها في ضم الضفة الغربية إلى “إسرائيل الكبرى“.

هذا الطرح يشير إلى أن إسرائيل لا تسعى إلى شريك فلسطيني للسلام، بل تهدف إلى تكريس سيطرتها على الأراضي الفلسطينية.

حوار كَرَن ثابر مع جيرشون باسكين:

في مقابلة مهمة مع كَرن تابر, ووجه جيرشون باسكين، مدير منطقة الشرق الأوسط في منظمة المجتمعات الدولية، انتقادات حادة لخطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب المقترحة بشأن قطاع غزة. ووصف باسكين الخطة بأنها إمبريالية وتطهير عرقي، معبرًا عن قلقه العميق من تداعياتها المحتملة.

مستقبل حل الدولتين:
تسأل ثابر عن مدى إمكانية تحقيق حل الدولتين في ظل خطة ترامب والواقع الجيوسياسي الأوسع.

حلل باسكين مستقبل حل الدولتين، معبرًا عن مخاوفه بشأن تراجع إمكانية تحقيقه بسبب الإجراءات الأحادية وغياب التزام حقيقي من الأطراف الرئيسية.

وجهة نظر اليمين الإسرائيلي المتطرف:
سعى ثابار للحصول على رؤية باسكين حول رد فعل اليمين الإسرائيلي المتطرف على خطة ترامب، وتأثيراتها المحتملة على السياسة الإسرائيلية.

خطة ترامب لغزة: مشروع إمبريالي بنكهة التطهير العرقي

في فبراير 2025، كشف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن خطة مثيرة للجدل تهدف إلى السيطرة على قطاع غزة، عبر ترحيل أكثر من مليوني فلسطيني إلى دول مجاورة، وتحويل غزة إلى ريفييرا الشرق الأوسط“.

خطة ترامب واجهت بانتقادات واسعة، حيث وصفها العديد من الخبراء، ومن بينهم جيرشون باسكين، بأنها إمبريالية وتطهير عرقي“.

في مقابلة مع كَرَن ثابر، ناقش باسكين هذه الخطة، محذرًا من أنها ستؤدي إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة. كما حذّر من أن الإعلام الغربي سيلجأ لتبرير هذه الخطوة بنفس الأساليب التي يشرعن بها الاحتلال الإسرائيلي.

أصبح الضحية متهما والمحتل صاحب قرار في مصير الأرض وأهلها

بينما تغرق غزة تحت القصف المستمر، وبينما يُهدم الحجر فوق رؤوس المدنيين، ويبقى الأطفال والنساء في مواجهة حرب لا تعرف الرحمة، يظهر مشروع آخر أشد فتكًا،  تحت شعارات زائفة مثل إعادة الإعمارو**”التطوير الاقتصادي”**، تخفي الخطة مخططًا استعماريًا لترحيل الفلسطينيين من غزة قسرًا وتحويلها إلى ريفييرا الشرق الأوسطعلى حساب الدماء التي تُسفك. خطة لا تختلف عن مشاريع التطهير العرقي في التاريخ، حيث يصبح الضحية متهمًا، والمحتل صاحب قرار في مصير الأرض وأهلها.

  • كم عدد الأرواح التي يجب أن تُزهق حتى يعترف العالم بأن غزة تواجه إبادة جماعية؟
  • كيف يمكن للعالم أن يتحدث عن التنمية في غزة بينما يُخطط لإفراغها من سكانها بالقوة؟
  • هل ستسمح الأنظمة العربية بتمرير هذه الخطة، أم أن هناك من سيقف ليقول: كفى!؟
  • هل تشرق الشمس على فلسطين المستقلة ذات دستور في حياتنا؟ ومتي تنتهي معاناة الفلسطينيين؟ كم أتمني أن أري ذلك يحدث!

اليوم، غزة لا تحتاج إلى عبارات الشجب والإدانة، بل تحتاج إلى إعلام حر ينقل مأساتها بصدق، وأصوات تُطالب بالعدالة، ومواقف تُحاسب المحتل على جرائمه. فهل سنكون جزءًا من الصمت القاتل، أم جزءًا من الحقيقة التي لا تموت؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى