إعادة بناء مفهوم الشهود الحضاري | الجزء الثالث محاولات إعادة بناء مفهوم الشهود الحضاري لدى المعاصرين
بقلم أ. عماد الدين عشماوي (خاص بالمنتدى)
بعد أن تتبعنا سيرة المفهوم وبذوره وجذوره وثماره في التجربة الدينية وتمامه في التجربة الإسلامية في التاريخ، وتتبعنا تحولاته وتراجعاته حتى أفوله ومحاولات إعادة بنائه في زمن الإمام الغزالي وفي واقعنا المعاصر اليوم، نحاول في هذا الفصل محاولة إعادة بنائه من جديد في افق العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.
مقدمة
عملية بناء المفاهيم، من أهم عمليات تأسيس المعرفة العلمية والعملية في حياة أي أمة. فالمفاهيم، هي اللبنات التي نبنى بها صروحنا النظرية والفكرية وعليها تقووم تصوراتنا وتطبيقاتنا في حياتنا اليومية. والناظر في تجربة أمتنا الإسلامية، في التاريخ، يستطيع دون عناء أن يربط بين صعودها وهبوطها، عبر تأمل رحلة صعود وهبوط المفاهيم في قلوب وعقول أبنائها وممارساتهم الحياتية اليومية، وفي القلب منها مفهوم الشهود الحضاري.
فقد ترافق الصعود الكبير لأمتنا، مع إحسان الفهم والتطبيق لمفاهيم القرآن عن الحياة ومعناها والإنسان ووظيفته فيها، كما تدلنا لحظات الهبوط المهينة، إلى تشوه المفاهيم القرآنية أو غيابها عن تلك العقول والقلوب وممارساتها الحياتية اليومية.
فتاريخ الاجتماع الإسلامي يمكن تمثيله بنموذجين أساسيين حتى اليوم :النموذج المثال، الذي تكون واستقر ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبانت ملامحه واكتملت أركانه وتمت به النعمة على الأمة والعالمين، والذي كانت قاعدته مؤسسة على مفهوم الشهود الحضاري. والنموذج الثاني، الذي عاشته الأمة غالب تاريخها بعد عصر الراشدين وحتى اليوم، والذي تشوه خلاله هذا المفهوم.
1-محاولات إعادة بناء المفهوم في القرن الماضي
دخل المسلمون، القرن العشرين، وهم في شر حال تصاب به أمة، بعد عزة ومنعة قرون عديدة؛ فخلافتهم قد سقطت، وأراضيهم اقتسمها غرماؤهم التاريخيون (الأوروبيون)، وانتشر الجهل وساد التقليد، وتخلت الأمة عن قوانينها وشريعتها لشريعة وضعية وافدة. كانت الأزمة شاملة وعنيفة، وكان الانحطاط كبيراً.
وقد فرضت هذه الأزمة الحضارية المستمرة، على كثير من مفكرينا، أن يوسعوا دائرة تفكيرهم لمعنى الفقه الحضاري وأسسه ومرتكزاته، وازداد التواصل مع الفكر المقاصدي للشريعة الإسلامية، لعله يسعف المفكرين والعاملين في بحثهم عن تمدن اسلامي أصيل، ومنفتح على العالم، دون الوقوع في أسر تجارب فاشلة جديدة لا تتحملها الأمة.
ونهض الكثيرون، أفراداً وجماعات للتصدي لهذا كله، عبر طرح فقه جديد للتمدن والحضارة، يأخذ في حسبانه سنن تطور المجتمعات الإنسانية تقدماً أو انتكاساً، وحاولوا تنبيه الغافلين إلى قوانين التقدم والتمدن، مستعينين بالتراث والعلوم المعاصرة المستمدة من الغرب، وأحيوا فقه الاستخلاف القرآني، كمنطلق لمعاودة النهوض وبالتالي الشهود الحضاري من جديد.
وقد حاولت مدرسة التجديد في الفكر الإسلامي تناول وتطوير المفهوم. والتركيز على التحضر والعمران، كمفهوم قرآني أشمل وأكثر تعبيراً عن طبيعة حضارتنا الإسلامية. مؤكدين على معاني “الحضور والشهادة بجميع معانيها، التي ينتج عنها نموذج إنساني يستبطن قيم التوحيد والربوبية، وينطلق منها كبعد غيبي يتعلق بوحدانية خالق هذا الكون وواضع نواميسه وسننه والمتحكم في تسييره، ومن ثم دور الإنسان ورسالته في تحقيق الخلافة عن خالق هذا الكون في تعمير أرضه وتحسينها وتزجية معاش الناس فيها[1].
2-محاولة بناء المفهوم لدى بعض المفكرين المعاصرين
نحاول في السطور التالية تتبع رؤية أربعة مفكرين مسلمين للمفهوم.
ا-مالك بن نبي
أنفق مالك بن نبي-رحمه الله- ثمرة فكره وجل عمره، من أجل بيان المشكلة الحضارية التي يعاني منها عالمنا الإسلامي، وأنها السبب الرئيسي لتراجعه، حتى أنه صدر عناوين كل كتبه بعنوان” مشكلات الحضارة”. وأكد في كل كتاباته أن “مشكلة كلِّ شعْب هي في جوهرها مشكلةُ حضارته”[2]، وأن شروط حلِّ هذه المشكلة هو الارْتقاء بالفِكر إلى درجةِ الوقائِع الإنسانيَّة ذات الطابع العالَمي؛ للإلمام بشروطِ النهضة والتحضُّر، وأسباب التخلُّفِ والانهيار، فلا ” يُمكن لشعبٍ أن يفهمَ أو يحلَّ مشكلته ما لم يرتفعْ بفكره إلى الأحداث الإنسانيَّة، وما لم يتعمَّق في فَهم العوامل التي تَبني الحضارة أو تهدمها”[3].
وكانت مشكلات الحضارة، هي الرابط بين كل مؤلفات بن نبي، إذ كان مهمومًا بإيجاد مخرج للأمة الإسلامية من المنحدر الذي تعيشه. فقد “غاص بن نبي عميقًا في المشكلة، ونادى دائمًا بالرجوع لأصل الفكرة، ومنبت الحضارة وهي الفترة النبوية. ورأى مالك بن نبي، أن مصير الإسلام في المستقبل ومصير الإنسانية واحد، ومن ثم فالحل لا بد أن يكون في مستوى الإنسانية[4]. فالإسلام هو دين نهاية الزمن”[5].
فالحضارة-حسب تعريفه، هي “مجموع الشروط الأخلاقية والمادية التي تتيح لمجتمع معين أن يقدم لكل فرد من أفراده في كل طور من أطوار وجوده، منذ الطفولة إلى الشيخوخة، المساعدة الضرورية له في هذا الطور أو ذاك من أطوار نموه”[6].
والدين، شرط لا غنى عنه في النهوض الحضاري، فالدين، كما يقول، “يخلق نظاماً اجتماعياً يستحيل فيه الفرد إلى أفراد كثيرين، فالعلاقة الروحية بين الله وبين الإنسان، هي التي تلد العلاقة الاجتماعية، وهذه بدورها تربط ما بين الإنسان وأخيه الإنسان[7].وعندما تقوى العلاقة الدينية في(المجتمع)، فإن درجة الفراغ الاجتماعي تقل قلة، تصبح معها صورة المجتمع؛ بعض ما يوحي به قوله، صلى الله عليه وسلم: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً[8].
فالحضارة، ليستْ وليدةَ الجغرافيا والمناخ في صورةِ التحدي والاستجابة، ولا العامل الاقتصادي، بل تصنعها فكرةٌ دينيَّة ومبدأ أخلاقي مِن خلال التأليف والتوحيد بيْن عناصرها الثلاثة: الإنسان التراب والوقت، فتشكل الفِكرة الدِّينيَّة المركَّب في كلِّ تجديد حضاري أو نَهضة حضاريَّة”[9]،
وقد حدد مالك بن نبي، خمسة عناصر أساسية للتجدد والبناء الحضاري، تتمثل في: “العدَّة الدائمة”، العامِل الرُّوحي، التغيير، البِناء لا التكدُّس، والتوجيه،
وأخيراً، فإن الحضارة- حسب مالك بن نبي-، تشهد ثلاثةَ أطوار: طور النهضة والميلاد، وطور الازدهار والأوج، وطور الفساد والأفول، أمَّا الطور الأول، فهو رُوحي تنتظم وتنضبط فيه الغرائزُ تحتَ سلطان الرُّوح بتوجيهٍ مِن الفِكرة الدِّينيَّة، ويتطوَّر المجتمع الذي أنجبتْه الفكرة الدينيَّة في المرحلة الثانية بفِعل اكتمال روابطِه الاجتماعيَّة، وبمدَى انتشار الفِكرة الدينيَّة في العالَم، فتبرز المشاكلُ وتكثُر المطالب، وتكون النتيجة التالية: فإمَّا أن يكونَ هناك تطابُق “مع النهضة كما نراها بالنِّسبة إلى الدورة الأوربيَّة، وإمَّا أن يتطابق مع استيلاءِ الأُمويِّين على الحُكم كما هو شأن الدورة الإسلاميَّة”[10]. وهو الطرح الذي يتوافق مع مراحل ميلاد وهبوط وغيوم مفهوم الشهود الحضاري كما تتبناه الدراسة.
وفي معرض إجابته، عن سؤال: هل الجماعة الإسلامية لديها الاستعداد بصورة واضحة لتحمل دور الشاهد واللاعب الفاعل في ملحمة الحضارة الإنسانية[11]، أكد على أن “العالم الإسلامي ليس مجمعة منعزلة اجتماعيا بحيث تستطيع أن تحقق تطورها في وعاء مغلق، إنه في صميم الملحمة الإنسانية، ولا بد أن يقوم فيها بدور الشاهد وموضوع الشهادة[12]. وطرح فكرة “كمنولث” إسلامي في عالمنا الحاضر، لأنها تحدد عالمية الرسالة الإسلامية في طبيعتها الأساسية[13].
وشدد، على أن ” القرآن يعين المسلم لدور الشاهد أو المشاهد الأمين لأعمال الآخرين، والشاهد في أساسه هو الحاضر، وهذا ليس دوراً سلبياً، فعندما يكون الشاهد حاضراً يمكن لحضوره فحسب أن يغير من سير الأحداث. وقد ختم النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع بإشهاد ذي أهمية خاصة من وجهة النظر الأخلاقية، إذ توجه بخطابه إلى جموع المؤمنين التي كانت تستمع إليه بعد أن أدى آخر وصاياه، فقال لهم: ألا فليبلغ الشاهد الغائب. فالمسلم الحاضر في سفح جبل عرفات لا يمثل شخصه وجيله ولكن يمثل الأجيال التي ستأتي[14].
وأكد، على أننا “لو حالنا تحديد دور المسلم عامة ما كان لنا أن نختار سوى ما اختاره الله له دوراً في التاريخ. يقول عز وجل” وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً” البقرة 143.هكذا يحدد الله دور المسلم بصورة عامة، وليس لنا أن نختار له دوراً أشرف وأفضل منه”[15].
وقد تصور بن نبي دور المسلم في نهاية القرن الماضي” طبقاً لضرورات داخلية وضرورات خارجية. ضرورات إنشاء وتشييد في الداخل، وضرورات اتصال وإشعاع في الخارج”[16]. وأكد على أن المسلم إذا أراد أن يؤدي مهتمه في العالم، ويسد الفراغ الروحي في النفوس المتعطشة له على مستوى عالمنا، “فيجب أولاً أن يرفع مستواه إلى مستوى الحضارة أو أعلى منها كي يرفع الحضارة بذلك إلى قداسة الوجود[17]. وأكد أن دور المسلم باعتباره رسالة[18] هو” إنقاذ نفسه وإنقاذ الآخرين. هذه هي رسالة المسلم”[19].
وهي رؤية كما بينا تعني تحقيق مفهوم الشهود الحضاري كما تعرضه هذه الدراسة.
ب-طه جابر العلواني
وممن أسهموا بنصيب وافر في الترويج والتأصيل لمفهوم الشهود الحضاري، الدكتور طه جابر العلواني رحمه الله، من خلال التدريس والكتابة، ومن خلال مؤسسة المعهد العالمي للفكر الإسلامي التي أسهمت بقسط وافر في نشر الكتابات المتعلقة بالشهود الحضاري ونظمت الندوات والمؤتمرات وطبعت الكتب من أجل ذلك.
فالدكتور العلواني،-رحمه الله-، يرى أن عملية بناء المفاهيم من أهم عمليات تأسيس المعرفة العلمية، فالمفاهيم هي اللبنات التي نبنى بها صروحنا النظرية والفكرية؛ فإن لم تستوف هذه المفاهيم شروط تحديدها وصياغتها هوت النظريات المؤسسة عليها هشيماً تذروه الرياح[20].
ويؤكد طه العلواني، أن حال المفاهيم تعبير عن طبيعة المرحلة الحضارية التي تمر بها الأمة، حيث تظهر أعراض الانحطاط أول ما تظهر على مفاهيم الأمة فتعتريها الميوعة والغموض فتقع في الإجمال والإبهام وتتأثر بذلك سائر العمليات المعرفية الأخرى، ومن ثم تغيب إمكانات الحوار المشترك بين عقول الأمة وتضعف قدرات التقويم والنقد وعليه تضعف مناعة الأمة الفكرية وتصبح المفاهيم حمى مستباحًا من المفاهيم الوافدة[21].
ويؤكد العلواني، على أن تحقيق المشروع الحضاري المستقل، يجب أن يبدأ من إعادة بناء قيم الإنسان والمجتمع المسلم على هدي القرآن المجيد. ومن ثم كان التوجه إلى القرآن الكريم بالسؤال، عن كيفية إعادة بناء الأمة وتحقيق شهودها الحضاري وبناء عمرانها الإيماني المحقق لوحدتها وقوتها وحياتها الطيبة وشهادتها على العالمين، هو المخرج مما تمر به الأمة.
ولهذا يقترح العلواني، حسب رؤيته القرآنية المنطلقة من المقاصد العليا: التوحيد والتزكية والعمران، الخطوات التالية للمشروع الحضاري المستقل لإعادة بناء الأمة والدعوة في عصرنا الحالي:
أولاً: إجراء دراسات تاريخية على هدي منهجية القرآن المعرفية، تبين كيف وقع الخلل؟
وذلك من خلال تقسيم تاريخ الأمة إلى مراحل ثلاثة[22]:
المرحلة الأولى: هي المرحلة الممتدة من عصر النبي– صلى الله عليه وآله وسلم– وحتى عصر التدوين.
المرحلة الثانية: من عصر التدوين حتى بداية مرحلة الاحتكاك بالغرب.
المرحلة الثالثة: وهي التي بدأت فيها الأمة محاولة اللحاق بالركب الغربي الأوربي.
ومن خلال الإجابة على الأسئلة التالية، يمكننا الإجابة على الأسئلة التي حيرت أمتنا طويلاً، والمتمثلة في[23]:
1-كيف بنى الله – جل شأنه–هذه الأمة، وكيف صنعها على عينه؟ وما هي دعائم ذلك البناء، وما هي الخصائص الذاتية التي أودعها الله ذلك الكتاب، وأناط بها بقاءه واستمرار تقدمه ودوامه، أو غرس فيها قابليات التجدد وقابليات الانهيار، واستعدادات الاستقامة، وبذور الانحراف؟
2-كيف يمكن أن نصحح العقيدة والرؤية الكلية القائمة عليها، بحيث نجعل منهما وسيلة ومنطلقاً لإيجاد وعي عقيدي صادق لدى المسلم المعاصر، يتسم بالحيوية والحياة والحركة، قادر على فهم التاريخ، وتحليل عناصره، واستيعاب دروسه، وتحويلها إلى رافد يرفد الوعي، ويزيد في حركيته، نحو إعادة بناء الأمة؟
3-كيف يمكننا الكشف عن سائر العناصر السلبية في فكر الأمة، وكيف نشأت، ومم نشأت، وما الذي أدت إليه، وكيف يمكن تطهير عقلية ونفسية الأمة من تلك الإصابات؟ وكيف يمكن إيجاد جهاز مناعة يمنع من إصابة العقلية والنفسية الإسلامية بهذه السلبيات في المستقبل؟ والكشف عن مبادئ ووسائل تكوين آلية عقلية ونفسية تعمل على تشكيل طاقة فكرية سليمة ومعطاء، تؤدي إلى توليد ذاتي لعناصر المناعة والقوة، وإيجاد الأفكار السليمة باستمرار لئلا يكون هناك فراغ تمتد الأفكار السلبية فيه؟
4-كيف ندرك فعل الزمن وصيرورته، في تغيير مستويات القوة والتفوق، وأثر ذلك في تغيير الوسائل والإمكانات التي تمكن من توظيف مؤشرات الوحي وقوانين الكون وسننه، والطاقات الإنسانية بشكل علمي منهجي مترابط قادر على توليد عناصر القوة المناسبة للمستويات المختلفة، فلا يحدث خلل أو فراغ أو تعطيل في أي جانب؟
5-كيف يمكن إدراك العلاقات الجدلية القائمة بين الغيب والإنسان والكون، والذي بدونه يتعذر أن يتمكن العقل المسلم من القيام بمتطلبات النقد والمراجعة التي تقود الإنسان المسلم إلى حالة التجدد والتجديد والتحقيق الشهود والعمران الحضاري؟
ومن هنا كانت دعوته للعودة للقرآن لتجديد مفاهيمنا وفق منظومته المقاصدية التوحيدية العمرانية المزكية للإنسان حتى يتحقق الإنسان والأمة المسلمة بالشهود الحضاري، وهو إن لم يستخدم المفهوم، وإنما يفضل أن يسميه “العمران الإسلامي” الذي يتحقق من خلال التوحيد والتزكية. ويمكننا من خلال الإجابة على هذه الأسئلة أن نضع أقدامنا على سبل بناء الأمة ومشروعها الحضاري المستقل.
وهو الأمر الذي يقع في صلب عملية إعادة بناء مفهوم الشهود الحضاري كما تدعو إليه الدراسة.
ج-عبد المجيد النجار
يعد عبد المجيد النجار، من أهم المفكرين المعاصرين، الذين أسهموا في الترويج والتأصيل لمفهوم “الشهود الحضاري” في كتابه القيم: (الشهود الحضاري للأمة الإسلامية) الصادر عام 1999م, في ثلاثة أجزاء, حمل الجزء الأول عنوان: (فقه التحضر الإسلامي), وحمل الجزء الثاني عنوان: (عوامل الشهود الحضاري)، وحمل الجزء الثالث عنوان: (مشاريع الإشهاد الحضاري).
وهو، يفتتح كتابه، بقوله تعالى في وصف الأمة الإسلامية “وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً”[24]. مؤكداً أن “الشهادة على الناس في هذا السياق مثقلة بمعاناة، بعضها مستصحب من معاني الأصل اللغوي، وبعضها متأت من النظم الذي صيغت به الآية. فمن حيث الأصل اللغوي تفيد مادة(شهد) معاني: الحضور، والعلم، والبيان والتبليغ. ومن حيث النظم تفيد الشهادة على الناس معنى المناعة والعزة والنفاسة، وذلك لأنها علة للوسطية، والوسطية تتضمن هذه المعاني كما بينها المفسرون”[25].
وهو يرى أنه “لاستجماع صفة شهادة الأمة الإسلامية على الناس لهذه المعاني اخترنا عبارة الشهود الحضاري لتكن عنواناً لهذا البحث إيحاء بأن التحضر الإسلامي الذي نريد أن نبحث شهوده إنما هو مفهوم مفعم بمعاني الشهود التي أشرنا إليها، فهو تحضر قائم على العلم بحقائق الوجود غيباً وشهادة، وهو ظاهر في منجزات عملية حاضرة في حياة الناس مؤثرة فيها، وهو مبين للعالمين ومبلغ إليهم حقائقه ومنجزاته على سبيل تعميم الخير للناس كافة، ثم إنه محقق للأمة عزتها ومناعتها”[26].
ويؤكد عبد المجيد، أن القران بين التحضر وبين الشهود “يقتضي أن يكون البحث في التحضر الإسلامي وأسبابه متناولاً إياه من حيث هو تحضر شاهد على الناس بما يقوم عليه من العلم والحضور العملي والتبليغ والعزة، وليس باعتباره تحضراً مطلقاً من هذه القيود، فهو إذن اقتران يحمل معنى معيارياً؛ إذ هو يحدد الأوصاف التي ينبغي أن يكون عليها التحضر الإسلامي المنشود بناء على المبادئ العقدية، واستنارة بالتجربة التاريخية للتحضر الإسلامي”[27].
والنجار، يرى أن “الأمة الإسلامية هي أمة شاهدة على الناس بمعنى الشهود الذي مر بيانه، وذلك بمقتضى تحملها للإسلام دينا؛ إذ هو دين يقوم على قيم العلم والعمل والتبليغ للناس جميعاً، والتحضر الذي يدعو إليه إنما هو تحضر متقوم بهذه القيم. فالشهادة على الناس هي إذن من مقتضيات التدين بالإسلام، ومن لوازمه المطلوبة، والأمة حينما تكن أمة إسلامية حقاً فإنها تكون شاهدة على الناس بالتحضر على وجه الضرورة، وهو المستفاد من الآية الآنفة الذكر، فجعل المسلمين وسطاً شهداء على الناس إنما هو متمثل في المن عليهم بالإسلام، فهو علة الوسطية والشهادة”[28].
وبهذا المعنى يكون الشهود الحضاري بالنسبة للأمة الإسلامية-كما يقول النجار- “تكليفاً دينياً، إذ هو من مستلزمات التكليف بالتدين، وهو فرض جماعي تكون الأمة-إذا ما نهضت به- موفية بركن أساسي من التكليف بالدين، كما تكن مخلة إخلالاً عظيماً بذلك التكليف إذا ما تخلف الشهود الحضاري[29].
ويؤكد النجار، على أن هناك سنناً وقواعد لا بد من توافرها حتى يتحقق لأي أمة الشهود الحضاري. فالشهود الحضاري لديه” شأن كل واجب تكليفي يكون الطريق إلى تحقيقه رهن قواعد وسنن لا يحصل في الواقع بدونها وإن صدق الإيمان وخلصت النية.. فالشهود الحضاري تكليف لا يتحقق في الواقع إلا عبر سنن وقواعد إذا ما اتبعت أوصلت إليه، وإذا ما أهملت أدى إهمالها إلى القصور دونه، فهل من شهادة للأمة على الناس-بما تحمل من معاني تبيين الحق الغيبي والكوني للعالمين ودعوتهم إلى الخير والقسط-إذا لم تكن هذه الأمة آخذة بأسباب العلم والعمل الصالح وهل لها أن تكون وسطاً-أي مصونة عزيزة، والعزة من عناصر الشهود-إذا لم تكن آخذة بأسباب العزة والصيانة؟”[30]
وهو يؤكد كذلك على أن “الشهود الحضاري تكليف عام للأمة الإسلامية مبني على معنى الاختيار الحر شأن سائر التكاليف، ومحكوم بقوانين وسنن في تحقيقه، فإن اجتمع فيه الاختيار واتباع القوانين والسنن تحقق في الواقع، وإن تخلف أحدهما تخلف وقوعه، فهو إذن مندرج ضمن القدر الجماعي للمسلمين في الجهاد بمظهريه: جهاد النفوس، وجهاد التعمير في الأرض، وعلى قدر إخلاص هذا الجهاد يكون تحقق الشهود الحضاري[31].
وقد جعل النجار، مفهوم الشهود الحضاري معياراً أساسياً في تقييمه لمشاريع التحضر الإسلامي في القرون الأخيرة، والتي قسمها إلى ثلاثة مشروعات كبرى هي: المشروع السلفي، المشروع التحرري، المشروع الإيماني الشامل.
وبعد أن قارن بين تلك المشروعات في ضوء فقه وعوامل التحضر الإسلامي التي اقترحها، يصل إلى نتيجة أن: هذه المشاريع كانت في عمومها مندرجة في إطار ذلك الفقه وتلك العوامل، ولكنها على اختلاف بينها كانت تفتقر إلى الشمولية في الأخذ بذلك الفقه وبتلك العوامل، فما من مشروع منها إلا وهو إن أخذ ببعض من ذلك فقد أخل بالبعض الآخر إما إخلال جزئياً أو كلياً، وعلى قدر ما يكون الإخلال أقل يكون التقدم في طريق النهضة أكبر، والعكس صحيح[32].
د-سيف الدين عبد الفتاح
وممن أسهموا في شيوع المفهوم عبر الكتابة العلمية والتدريس والكتابة العامة، سيف الدين عبد الفتاح، وهو يتتبع خطى مدرسة المشروع الحضاري وأعلامها المجددين في محاولة إعادة تجديد المفاهيم لتحقق الأمة نهوضها وشهوها الحضاري.
ويرى سيف الدين عبد الفتاح أن “حقيقة الشهود الحضاري تعلق بتأصيل جوهر الوظيفة الحضارية للأمة الإسلامية، باعتباره، أي الشهود، المحتوى الحقيقي لهذه الوظيفة، ليس لأنه من ضروريات عقيدة التوحيد” كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله”، فحسب بل ولأنه كذلك من ضرورات الاستخلاف في الأرض وعمارتها “وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم. وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً، يعبدونني لا يشركون بي شيئاً”[33].
كما أنه(أي الشهود الحضاري) أحد دلائل قدرة الأمة على حفظ دينها شريعة وعقيدة، والانطلاق من هذا الحفظ نحو تجسيد حقيقة صلاحيته في الزمان والمكان باعتباره الرسالة الخاتمة، التي تفرض على أمة المسلمين الاستجابة لله وللرسول لأن في ذلك حياتها وهو شهودها الحضاري” “يأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم”[34].
وكذلك فإن “الشهود الحضاري للأمة الإسلامية هو وحده القادر على تجاوز الأزمة الحضارية المعاصرة، ذلك لأنه يملك في ذاته-مقومات هذا التجاوز سواء كانت تلك المقومات عقيدية أو حركية أو نظمية، فعقيدته تنطلق من التوحيد لتحدث الفاعلية في العلاقة بين الإنسان والكون والحياة، بما يحدث من إعمار وتعمير، دون فساد أو إفساد لأطراف هذه العلاقة الثلاثية، وحركة تنضبط بعقيدته ومبادئها الأساسية فإذا بها حركة مستقيمة تنظم علاقة الأمة بربها وعلاقتها بذاتها، وكذا علاقتها بغيرها، وذلك مقام تجسيد الشهود على العالمين الذي ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، ونظم الشهود الحضاري لا تقل انضباطا بالعقيدة عن الحركة، إذا تشكل الواسطة للأمة في الربط بين عقيدتها وحركتها بما يجعلها قادرة على الاستجابة لتحديات الواقع المعاش مستلهمة في ذلك رصيدها وتراثها الحضاري، مستشرفة من خلال ذلك آفاق مستقبل شهودها الحضاري وتمكينه”[35].
ومن خلال هذا الفهم للشهود الحضاري، يؤكد سيف الدين عبد الفتاح، في تناوله للمشروع الحضاري المستقل، أن الأمة تحتاج، في ظل الظروف القاسية التي تمر بها والتحديات التي تحيطها، إلى مشاريع حضارية راقية تحفظ لها كيانها السياسي ووجودها الاقتصادي والعسكري وقرارها الأساسي في نموذجها التنموي والسياسي، وثروتها التراثية والفكرية والثقافية، وتضمن لها جيلًا واعيًا راشدًا، جامعًا بين الوعى والسعي[36]..
وهو يعتمد، في دخوله لتعريف المشروع الحضاري ومنطلقاته وحملته، على تصنيف الدكتور عبد المجيد النجار في كتابه “مشاريع الإشهاد الحضاري”، والتي حددها في ثلاث مشروعات كبرى يمكن تطويرها إلى مشروعات أخرى قد تتقاطع معها أو تتولد عنها، أو هي محاولات جادة ومستأنفة للإجابة على أسئلة تتطلب إجابات جديدة مع تحديات ومعطيات جديدة :
– المشروع السلفي الذي يضم كلًا من الحركة الوهابية والسنوسية والمهدية.
– المشروع التحرري الذى جمع أعلامًا من المصلحين والحركات، والذي يمثله على وجه بارز الطهطاوي والأفغاني ومحمد عبده والكواكبي وخير الدين التونسي، وابن باديس.
-مشروع الإحياء الإيماني والتربوي الشامل، والذي اتخذ طابعًا حركيًا تربويًا بارزًا، والذي يمثله بالأخص الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية في شبه الجزيرة الهندية. لكنه، يضيف إليه: اجتهادات معاصرة ومشاريع فكرية لكل من (مالك بن نبي والحكيم البشري والدكتور محمد عمارة). بالإضافة إلى مشروع إسلامية المعرفة، ومشروع مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، والتي دشنت مشروعًا مقاصديًا، تأصيلًا وتفعيلًا وتشغيلًا. بالإضافة، طبعاً، إلى مشروعات حركية معاصرة ارتبطت بما سُمى بـ “الصحوة الإسلامية” [37].
ويعرف عبد الفتاح، “المشروع الإسلامي”، بأنه” تلك الحالة العامة التي تعبر عن أفكار وخطابات وكيانات وممارسات وتفاعلات تجتمع على أن الإسلام مرجعية حضارية وشاملة لتجديد مجالات الحياة في هذه الأمة وفي علاقاتها مع العالم. هذه الحالة التي تتسع وتتمدد في العالم العربي والإسلامي وفي نطاقات خارج هذه الجغرافيا هي المشروع الحضاري الكبير الذي لا يفصل الدين عن الحياة ولا يفصل القيم عن السياسة ولا يفصل العلوم الشرعية عن علوم الأمة والعمران أو العلوم الاجتماعية والإنسانية، إنما يجتهد ليقدم للعالم تصورًا يجمع بين المشترك الإنساني والتميز الإسلامي.
ثم يتناول فقه هذا المشروع الحضاري، قائلاً: فالمشروع الإسلامي، بحكم اسمه وطبيعته مشروع حضاري، له فقهه الحضاري، محركه: عقيدة دافعة بأوسع معاني الدافعية، ووقوده: شرعة رافعة بأقوى دلالات الرفعة والرافعية، قوامه: قيم قائمة على كل معنى بالتقويم والإقامة والاستقامة (دينا قيمًا.. دين القيمة)،وجهته: مقاصد كلية عامة حافظة، وعاؤه: أمة وسط، وإطاره: العالم والإنسانية برمتها، ومجاله: الأرض الواسعة الطهور، وضابطه: سنن شرطية قاضية، ذاكرته وشجرته لها امتداد تاريخي كبير، وأفقه: مستقبل الإنسانية الذي يجب أن يشارك كل إنسان في صياغته وضمان تجدده لا تبدده، وواقعه: إحياء وبعث، وصحوة ويقظة، وتجدد وتجديد، وإصلاح وثورة، ودعوة وتعليم وتربية، وخدمة وتكافل وإغاثة وتضامن، وسياسة ورعاية ومسئولية وأمرهم شورى بينهم وحكم بالعدل وأداء للأمانات، وحفظ مال ومقدرات جعلها الله للناس قوامًا، وبناء مجتمع البنيان المرصوص والجسد الواحد، وتشييد سفينة الأرض القائمة على أمر البشرية بما يصلحه[38].
ويتحدث عن الإنسان حامل هذا المشروع، فيقول: وهذا المشروع يتجذر مع وجود الإنسان وحضوره في هذا العالم، حضوره بفرادته وتميزه، بتكريمه وتسخير الأكوان له بأمر خالقه، بحمله الأمانة الكبرى والرسالة العظمى (إني جاعل في الأرض خليفة) (إنا عرضنا الأمانة – إلى قوله – وحملها الإنسان)، (وعلم آدم الأسماء كلها) (اسجدوا لآدم فسجدوا) (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر)..
وهو، يشدد على أن هذا المشروع ليس مشروع الإنسان الفرد وفقط لكنه مشروع الأمة، فيقول: إنّه مشروع متكامل تتداعى لإقامته أمة بأسرها، وتستفيد من أصوله وفروعه البشرية جمعاء؛ لأنه مشروع للإنسان وبالإنسان بأقوم معاني الإنسان والإنسانية التي تتصل بهدي الخالق الذي يعلم من خلق، ويريد به اليسر ولا يريد به العسر، ولا يفعل شيئا بعذاب الناس إن عدلوا ولم يظلموا وأحقوا الحق وأبطلوا الباطل[39].
وهو، يحدد أهم سمات هذا المشروع، بأنه: مشروع، ثورة وإصلاح؛ ثورة على الخرافة وتغييب العقول بالمخدرات مختلفة الألوان والأنواع، المشروع الحضاري الإسلامي مشروع أمة أوسع من مفاهيم الدولة والقطرية والقوميات الحابسة، إلا أن تتحاضن فيحتضنها ويرقى بها للمصاف الحضاري والتنافس العالمي والموضع الذي يليق بها. كما أنه: فهو ليس مشروع حركة أو تيار أو جماعة أو مؤسسة أو مفكر أو فقيه، وإن كان ذلك كله من لبناته وأدوات بنائه؛ حيث تتضافر الدولة والمجتمع، والفرد والجمع، والمرأة والرجل، والريف والمدينة، والمؤسسات العلمية الدينية والدنيوية ووحدات الإنتاج الزراعي والصناعي والشركات التجارية والهيئات الخدمية الرسمية وغير الرسمية، والجاليات المسلمة عبر العالم، والكفاءات والقوى العاملة في كل مكان.. تتضافر قدر الوسع وقدر ما يسعنا التنظيم والتخطيط والتنسيق والتواصل والتبادل والتكامل.. لكي تتجلى الأمة من جديد في بللوريتها الجامعة[40].
وأخيراً، يؤكد عبد الفتاح، أن المشروع الحضاري، هو مشروع شباب الأمة، الذي لم تتلبسهم العُقد الذهنية والنفسية لأجيال سابقة، بهرها بريق الغرب ولو كان يقتلها ويقمعها، أو أذعنت لوضعية الضحية والفريسة أمام جلاديها المستبدين ورضيت بخدمتهم ولو أذاقوا الأمة مرّ الهوان، إنما فتحوا عيونهم على فورة الوعي وثورة التحرير والنموذج الحضاري للانتفاضة الشعبية في عالم العرب والمسلمين، ولم يتكلسوا وراء أوهام العلمنة والتغريب والاستلاب، أو دعوات الجمود والتكلس والانغلاق[41].
من خلال العرض السابق لجهود مفكرينا الأربعة لتأصيل والترويج لمفهوم الشهود الحضاري، نجد أنهم جميعا متفقون على ثوابت محددة متعلقة بمصادر المفهوم، تتمثل في: القرآن والسنة وممارسات النفر القدوة من الصحابة ومن تبعهم بإحسان من الأجيال التالية. كما أنهم متفقون على ضرورة ان تمثل الإنسان المسلم المفهوم في عقله ونقلبه حتى يمكنه أن يقوم بواجبه الإيماني ويكتمل توحيده الرباني. كما نجد أنهم يدعون إلى ضرورة وجود مؤسسات تحمل مشروع تحقيق المفهوم واقعا في حياة الأمة.
ومن خلال ما عرضناه من جهود للغزالي، لهؤلاء المفكرين، نحاول أن نعطي للمفهوم بعداً عملياً وتشغيله في واقعنا في المبحث التالي.
[1] عارف، نصر، الحضارة والثقافةوالمدنية.القاهرة:المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 1993م، ، ص59.
[2] بن نبي، مالك.شروط النَّهضة، ترجمة عمر كامل مسقاوي وآخر(مترجم)، الدوحة:وزارة الثقافة والفنون والتراث،2011.ص، 23.
[4] مسقاوي، عمر. في صحبة مالك بن نبي، بيروت:ددار الفكر، ط1، 2009م، ج1، ص21
[5] المرجع السابق، ص33
[6] المرجع السابق، ص32
[7] المرجع السابق،ص56
[8] المرجع السابق، ص57
[9] بن نبي، مالك. آفاق جزائريَّة، ص 83.
[10] بن نبي، مالك. شروط النهضة، مرجع سابق، ص: 103.
[11] مسقاوي، عمر.في صحبة مالك بن نبي، مرجع سابق، ص493
[12] المرجع السابق، ص498
[13] المرجع السابق، ص781
[14] المرجع السابق، ص785
[15] بن نبي، مالك. دور المسلم ورسالته في الثل الأخير منالقرنالعشرين، بيروت:دار الفكر، 1991، ص10 -11
[16] المرجع السابق، ص 37
[17] المرجع السابق، ص43
[18] المرجع السابق ص45
[19] المرجع السابق ص48
[20] عشماوي، عماد الدين ، مرجع سابق
[21] عشماوي، عماد الدين ، مرجع سابق
[22]العلواني، طه جابرالعراق الحديث، القاهرة:مكتبة الشروق الدولية، ط1، 2005م، ص83-84.
[23] المصدرالسابق، ص84-86.
[24] البقرة 143
[25] النجار، عبد المجيد.فقه التحضر الإسلامي، بيروت:دار الغرب الإسلامي، ط1، 1999م، ج1، ص10
[26] المرجع السابق، ص10
[27] المرجع السابق، ص10-11
[28] المرجع السابق، ص11
[29] المرجع السابق، ص10-11
[30] المرجع السابق، ص12
[31] المرجع السابق، ص12
[32] المصدر السابق، ص7، ص9-12، ج3، ص273-291
[33] النور: 55
[34] الأنفال: 24
[35] عبد الفتاح، سيفالدين.مدخل القيم:مشروع العلاقات الدولية في الإسلام، القاهرة: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 191995م، ص177
[36] عبد الفتاح، سيف الدين.المشروع الإسلامي الحضاري، على الرابط التالي:
http://www.masralarabia.com/%D9%85%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%AA/949149-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D9%8A-%D9%85%D9%84%D9%81-%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84-%D8%A8%D9%82%D9%84%D9%85-%D8%B3%D9%8A%D9%81-%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD
[37] المصدر السابق
[38] المصدر السابق
[39] المصدر السابق
[40] المصدر السابق
[41] المصدر السابق