![](https://www.msf-online.com/wp-content/uploads/2025/02/ظفر_20250211124556-780x470.jpg)
إصدار ترجمة إنجليزية جديدة للقرآن الكريم في الهند
نيو دلهي: تم تدشين أحدث ترجمة للقرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية رسميًا هنا يوم السبت في المركز الثقافي الإسلامي الهندي. وقد استقطب الحدث جمهورًا متنوعًا، شمل علماء الدين وسياسيين وأساتذة جامعيين وطلابًا وأفرادًا من المجتمع، مما أبرز أهمية رسالة الإسلام في العصر الحالي.
وقد بدأ الحدث بتلاوة من القرآن الكريم وترجمتها، مما أضفى على الفعالية طابعًا روحانيًا، وتبع ذلك إلقاء قصيدة لماهر القادري عبَّرت عن حزن القرآن لهجر المسلمين إياه.
وتحدث الدكتور ظفرالإسلام خان، مترجم وشارح هذا العمل ، المعنون بـ The Golorious Quran ، بإسهاب عن الحاجة إلى ترجمة حديثة بلغة إنجليزية بسيطة تكون في متناول الجميع في هذا العصر الذي انتشرت فيه الإنجليزية في جميع أنحاء العالم، ولكن الترجمات المتاحة لا تواكب احتياجات العصر الحالي، كما أن شروحاتها لا تجيب عن الأسئلة المطروحة في الوقت الراهن. ورأى المترجم أن مثل هذه الترجمة ستسهل على المسلمين الامتثال لأوامر الله، كما ستوفر لغير المسلمين نافذة لفهم الكتاب المقدس للإسلام بشكل أفضل.
ويُعد الدكتور ظفرالإسلام عالِمًا إسلاميًا بارزًا درس في الأزهر وجامعة القاهرة وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة مانشستر في بريطانيا . وقد ألّف وترجم الدكتور ظفرالإسلام أكثر من خمسين كتابًا باللغات العربية والإنجليزية والأردية. وذكر أن هذه الترجمة مع الشروح متاحة في نسختين: إحداهما تحتوي على النص العربي والترجمة بالتوازي ، والأخرى تتضمن الترجمة الإنجليزية فقط، كما أن كلا الإصدارين يتضمن حواشي وملاحق كتبها المترجم خصيصًا لهذا العمل. وأشار أيضًا إلى أن هذه الترجمة متاحة الآن للكل على الإنترنت عبر الرابط https://thegloriousquran.net/ إلا أن النسخة الإلكترونية لا تزال قيد الإعداد والتحسين.
وعبر الدكتور ظفرالإسلام عن دوافعه وراء ترجمة القرآن إلى الإنجليزية فقال موضحًا أنه شعر بالحاجة إلى تنفيذ هذا المشروع نظرًا لوجود العديد من الترجمات المتاحة – التي أعدها المستشرقون في البداية ثم بعض المسلمين لاحقًا – لكنه وجد أن هذه الترجمات تعاني من العديد من الأخطاء والنواقص. وأوضح أن ترجمة عبد الله يوسف علي، على وجه الخصوص، حظيت بشعبية واسعة بين المسلمين، لكنه أدرك منذ أوائل الثمانينيات وجود الكثير من الأخطاء فيها كلما احتاج إلى اقتباس ترجمة لآيات معينة في خطبه أو كتاباته. وقد دفعه هذا الأمر إلى أن يقرر نشر نسخة مصححة من ترجمة عبد الله يوسف علي يومًا ما.
وقد تأثر الدكتور ظفرالإسلام عاطفيا أثناء استذكاره كيف بدأ العمل على الترجمة، فقال إنه في عام 2010 أدى فريضة الحج مع زوجته، وهناك في المسجد الحرام بمكة المكرمة، قرر ألا يؤجل هذا العمل أكثر. وعند عودته إلى وطنه، بدأ مراجعة الترجمة في يناير 2011. وفي البداية، كان التقدم بطيئًا بسبب انشغاله بمسؤوليات أخرى، لكنه من عام 2020 إلى 2023 كرس نفسه بالكامل لإنجاز هذا المشروع، لدرجة أنه توقف حتى عن قراءة الصحف خلال تلك الفترة.
وأوضح الدكتور ظفرالإسلام أن عمله استند إلى اعتماد أقدم المصادر العربية وأكثرها موثوقية، وبذل جهدًا كبيرًا لتقديم ترجمة للقرآن الكريم وشرح مبادئ الإسلام كما فهمها أقدم علماء المسلمين ومفسرو القرآن الكريم الأوائل . وأكد أنه تجنب أية مناقشات فلسفية أو فقهية أو لغوية لأنها تؤدي إلى خلافات وانقسامات بين المسلمين. وأضاف أن عمله بدأ كمحاولة لتصحيح ترجمة عبد الله يوسف علي إلا أنه تطور تدريجيًا إلى ترجمة جديدة تمامًا تضمنت مقدمة مطولة عن القرآن الكريم، وفصلًا عن حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والعديد من الملاحق بما في ذلك مصطلحات إسلامية وفهرس قرآني، مما جعلها دليلًا شاملًا عن القرآن الكريم والإسلام. وأكد الدكتور ظفرالإسلام أنه على الرغم من إتقانه للغة العربية كأبنائها إلا أنه أجرى بحثًا مكثفًا وعملًا دقيقًا في التفاسير القيمة والمعاجم العربية المعتمدة لفهم معاني الكلمات والمصطلحات المستخدمة في القرآن الكريم.
وترأس حفل الإطلاق الدكتورة سيده سيدَين حميد، العضو السابق بمفوضية التخطيط بالهند. وشمل المتحدثون البروفيسور سليم إنجنيير، نائب رئيس الجماعة الإسلامية في الهند، والشيخ محب الله الندوي، عضو البرلمان، والبروفيسور عبد المجيد قاضي من قسم اللغة العربية بالجامعة الملية الإسلامية ، والبروفيسور محمد قطب الدين من قسم اللغة العربية بجامعة جواهر لال نهرو، والدكتور وارث مظهري الأستاذ بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة همدرد، وعبد الودود ساجد، رئيس تحرير صحيفة “انقلاب” الأردية اليومية.
وفي بداية الحفل، تمت قراءة رسالة من نجيب جنك، المدير السابق للجامعة الملية الإسلامية وحاكم ولاية دلهي سابقا، الذي لم يتمكن من حضور الحدث بسبب كونه خارج دلهى. وقال إنه طالع العديد من الترجمات الإنجليزية للقرآن الكريم منذ طفولته، لكنه لا يتردد في القول: إن ترجمة الدكتور ظفرالإسلام هى “أفضل أفضل الترجمات على الإطلاق”. وأضاف: “بلغته البسيطة، لا يقدم الدكتور ظفرالإسلام ترجمة من الدرجة الأولى فحسب، بل هو يقدم أيضًا شروحا توضح القضايا والأمكنة المذكورة في كتاب الإسلام المقدس، مما يجيب على كل الأسئلة التي طرحناها على مر السنين.”
ووصف رئيس تحرير “انقلاب”، عبد الودود ساجد، ترجمة الدكتور ظفرالإسلام بأنها “إنجاز هائل”، وتحدث بإسهاب عن أوامر العدالة الاجتماعية في القرآن الكريم.
وقال نائب رئيس الجماعة الإسلامية في الهند، البروفيسور سليم إنجنيير، إن رئيس الجماعة السيد سعادة الله حسيني، كان من المفترض أن يحضر ويتحدث في هذا التجمع المبارك، إلا أنه أضطر للسفر إلى حيدرآباد بسبب حالة طارئة في أسرته. وأضاف أن ترجمة الدكتور خان للقرآن الكريم إلى الإنجليزية واضحة للغاية ويمكن قراءتها دون الحاجة إلى قاموس. كما أشار إلى أن المقدمة والحواشي والملاحق الشاملة تقدم تفسيرات تفصيلية للمفاهيم والمصطلحات الإسلامية ، مما يجعل فهم القرآن الكريم سهلًا للناطقين بالإنجليزية.
وأشاد الشيخ محب الله الندوي، عضو البرلمان الهندي، بعمل الدكتور ظفرالإسلام ، قائلًا إن الملايين سيقدرون هذا الجهد الذي تم تنفيذه بدقة مستخدمًا تفسيرات الأجيال الإسلامية المبكرة والمصادر الأصلية للإسلام. ووصف الشيخ محب الله الندوي هذه الترجمة بأنها إنجاز رائع بحق.
وقال البروفيسور عبد الماجد قاضي إنه قرأ هذا الترجمة بالكامل ووجدها جميلة وممتازة للغاية. وسلط الضوء على تاريخ ترجمات القرآن إلى مختلف اللغات، بدءًا من أقدم الترجمات إلى اللاتينية وغيرها من اللغات الأوروبية، والتي قام بها في المقام الأول مستشرقون وعلماء مسيحيون لتقديم صورة مضللة من الكتاب الإسلامي المقدس. وقال إن الترجمات المبكرة كانت تهدف إلى إثبات تفوق المسيحية على الإسلام.
وأشار البروفيسور عبد الماجد قاضي إلى أنه قد تمت ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية أكثر من مئة مرة، وكان معظم هذه الترجمات من قبل المستشرقين وكذلك من قبل القاديانيين. ومع ذلك، لاحقًا بدأ المسلمون أيضًا في ترجمة القرآن. ومن بين الترجمات التي قام بها المسلمون، تبرز ترجمة مارماديوك بيكتال باعتبارها الأهم، تليها ترجمة عبدالله يوسف علي ومحمد أسد. وذكر البروفيسور عبد الماجد قاضي أن هذه الترجمات المبكرة كانت تعاني من نواقص كبيرة، بينما نجحت ترجمة الدكتور ظفرالإسلام إلى حد كبير في تصحيح هذه المشكلات، مما جعلها ترجمة جميلة ومقبولة للغاية للنص الإسلامي المقدس. وأكد البروفيسور عبد الماجد قاضي أن ترجمة الدكتور ظفرالإسلام صيغت بلغة سهمة وبسيطة للغاية، ولكن الحقيقة هي أن إنتاج مثل هذه الترجمة البسيطة السهلة هو أمر صعب للغاية. ولتوضيح هذه النقطة، ذكر مثلًا إيطاليًا يقول: “الترجمة خيانة”، مشيرًا إلى أن الفهم الحقيقي لجوهر أي كتاب يتطلب معرفة عميقة باللغتين من أجل أداء المهمة بإنصاف.
وقدّم البروفيسور محمد قطب الدين من قسم اللغة العربية بجامعة جواهر لال نهرو مراجعة شاملة للترجمة وأقرّ بأن الدكتور ظفرالإسلام ليس مجرد مترجم، بل هو أيضًا عالم جليل يجتهد حيثما دعت الحاجة، فهو يوضح مصطلحات وعبارات محددة، بما في ذلك القضايا المتعلقة بحجاب المرأة، وحقوق أهل الذمة، وقضايا الهجرة الحديثة، ومسائل المسلمين الذين يعيشون كأقليات.
أما الدكتور وارث مظهري ، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة همدرد، فقال إن هذه الترجمة للقرآن الكريم تتميز بسهولة ووضوح كبيرين، مع كونها شاملة في ذات الوقت. وأكد على ضرورة أن يكون المترجم متمكنًا من اللغتين، وأن يمتلك فهمًا عميقًا للبلاغة النصية، وأن يتحلى بالإيمان بما يترجمه. وقال إن كل هذه الصفات متوفرة في الدكتور ظفرالإسلام الذي يتقن اللغتين العربية والإنجليزية، ولديه فهم راسخ للقضايا الراهنة المتعلقة بالمسلمين داخل بلاده وخارجها.
وأشاد الدكتور وارث مظهري بالترجمة لكونها تتناول القضايا المعاصرة مثل وضع المرأة، والسياسة، والجهاد الدفاعي، والمفاهيم الحديثة المتعلقة بأهل الذمة، والرجم، والردة، ومكانة المرأة في الحياة المعاصرة. وأضاف أن الدكتور ظفرالإسلام قد تناول كل هذه القضايا في ترجمته بأسلوب رائع.
وفي الختام، هنأت رئيسة الفعالية، العضوة السابقة بمفوضية التخطيط الدكتورة سيده سيدَين حميد، الدكتور ظفرالإسلام على إنجازه المميز في ترجمة القرآن الكريم. وأعربت عن سعادتها بالمشاركة في مثل هذا الحدث للمرة الأولى فى حياتها .
وأدار حفل التدشين الصحفي والكاتب المخضرم معصوم مرادآبادي، الذي هنأ الدكتور ظفرالإسلام على إنجازه البارز كما قدم لمحة عن أكثر من خمسين عامًا من حياة الدكتور ظفرالإسلام كعالم وصحفي وقائد للمجتمع المسلم الهندي
المصدر: الإتحاد
اقرأ أيضا: الأستاذ محمد عمار الحسني الندوي أمينًا عامًا جديدًا لندوة العلماء في لكناؤ