إسلام ” خالي الدسم ” !
الدكتور ونيس المبروك – مقالات
يسعى بعض الدعاة إلى تسويق خطاب ديني ، يخلو من المكونات ” الصلبة” التي أعطت هذا الدين خصائصه وخصوصيته، واستحق بها أن يكون رسالة الله الخالدة، ومنهاجه الذي ارتضاه للناس جميعا . ومن أهم سمات هذا الخطاب بحسب ظني وتقديري ما يلي :
1- ينبذ التغيير ويراه فتنة، مالم يأت في تدرجٍ، لا دور للنضال الإنساني فيه ، تدرجِ متروك لسيرورة القدر وحركة الحياة، و يعتبر أن ما تحتاجه مجتمعاتنا هو شيء من الإصلاح لبناء الدولة، أوالترقيع لثوبها المهتريء، والتجميل لوجهها القبيح .
2- لا يعتني بالتربية الجهادية، ولا يتضمن خطابه حديثا عن الجهاد ودفع الصائل ورد المظالم ونصرة المظلوم إلا في إطار المقاومة التي يجيرها المجتمع الدولي وترضى عنها أممه المتحدة .
3- ينظر لقضايا الصراع حول الدين والمقدسات وتدافع الحق والباطل، على أنها نزاعات، بشرية المنطلق والمآل، ولا يتعاطى معها إلا في شقها الإغاثي الإنساني، وينصاع للمؤسسات والمواثيق الدولية ولو تعارضت مع الدين والقيم الإنسانية باعتبارها قدرا غالبا تواطأ عليه الناس .
4- يتكلم عن الأخلاق ولكن في سياق الآداب والذوق والعيش المشترك و (الإيتكيت) ولكن ليس في نطاق القيم الكبرى كترسيخ العدالة والحرية والكرامة ونصرة المظلوم، ويهتم كثيرا بقيمة الحب في الله ويتفنن في عرض روافدها وأسبابها، ولكنه لا يتكلم عن قيمة البغض في الله وأثرها وآثارها .
5- يقدم الإستقرار على العدل، والتنمية على الحرية، وضريبة الذل مع السلامة عنده أقل من ضريبة العبودية مع الإبتلاء، صلبا ” خارجيا ” مع العوام والدعاة والعلماء ، لينا ” مرجئا ” مع الفراعنة ورجال المال وصناع القرار .
6- يعتبر النجومية و “القيادة ” هدفا يُقصد بجملة من المهارات والإجراءات، وليس ثمرة توهب بمسيرة من البحث العلمي العميق والتضحية والجهد المتواصل، …و معايير نجاح الإنسان في الحياة عندهم، هي تعدد الشهادات الأكاديمية، واتقان اللغات، والقدرة على القيادة، والتموضع في بؤرة اهتمام عامة الناس (النجومية).
7- يعتمد كثيرا في مسيرته الإصلاحية والدعوية، على المعلومات الدينية المشوقة، والأفكار السطحية البراقة ، ويكتفي بعرض خلاصة الدراسات الغربية منزوعةً من سياقها المعرفي وجذورها الفلسلفية،.. ويعتمد في نشر أفكاره على الفضائيات ووسائل الإعلام المعاصر، ومهارات التواصل الإنساني، والتنقل بين المؤتمرات والندوات، ويضيق ذرعا بالتأليف العلمي المنهجي الرصين الذي ينطلق من طول البحث والمقارنة والمقاربة والتدليل والمعلومات …..
8- خطابه الديني يرفض العلمانية العربية ولكنه يتوافق مع مفهوم العلمانية الغربية التي لا تبعد الدين عن المجتمع وعن السياسة ولكنها تترك له حضورا روحياً ناعماً، لا يتعارض مع فلسفة الحداثة الغربية ولا يناقض أطرها الحاكمة للحياة .
9- له القدرة على التصالح مع أي وضع سياسي قائم مادام متغلباً، واعتباره قدراً وواقعاً يجب القبول به وادخال تحسينات متدرجة، وليس لأتباع هذا التيار رؤية استراتيجية متكاملة ثابتة للتغيير السياسي بخاصة إن كانت له كلفة باهضة من التضحيات .
10- يرى أن الإسلام دين ودولة، ولكنه ينظر للدولة في إطارها الديمقراطي الغربي الذي يساوي في شؤون الولاية العامة، بين البر والفاجر، والعدل والفاسق، والمسلم والكافر، والعفيف والسارق، والعالم والجاهل ، والأمين والخائن …. مادام مواطنا نال وثيقة الجنسية بحكم العرق والحدود المصطنعة