إرهاب النظم الحاكمة
بقلم د. عز الدين الورداني
من أشد وأسوأ أنواع الإرهاب وأكثرها عمومية وتنظيما ودقة واتباعا للأساليب الوحشية المقننة!!! وغير المقننة إرهاب الحكومات، والذى مورس ويمارس عبر التاريخ في شتى أرجاء الأرض دون رادع حقيقي من قبل المجتمع الدولي الذى لا تتحرك القوى الفاعلة فيه ضد ذلك الإرهاب المنظم إلا إذا حدث خلاف على المصالح مع تلك الحكومات، بل تترك تلك الحكومات الإرهابية في غيها حتى تسقط بصراع داخلها أو مع شعبها، والأمثلة في ذلك كثيرة: كالإمبراطورية الرومانية والفارسية، والصينية، وحتى الخلافة والدول الإسلامية والعربية؛ إذ لم تخل كافة الأنظمة على اختلاف توجهاتها السياسية وعقيدتها الدينية وبالمخالفة لها – بالتأكيد في حالة الأديان السماوية الصحيحة – من ممارسة الإرهاب في أغلب مراحلها التاريخية. ويمارس الإرهاب الحكومي بغية الحفاظ على سلطة النظام القائم وحمل سائر المنظمات والجماعات العرقية والدينية داخل الدولة على تبني الرؤى السياسية والدينية والثقافية لمن بيده السلطة والانصياع التام لها.
وتقوم تلك الحكومات بممارسة الإرهاب عبر آلة قمع رسمية تمثل جزءا من منظومة ومؤسسات الدولة مثل: الشرطة والجيش وأجهزة المخابرات مستعينة بسيطرتها على وسائل الإعلام والهيئات القضائية والسجون والمؤسسات الديموقراطية الشكلية، وكلها أجهزة وتنظيمات شرعية معترف بها داخل الدولة وخارجها، مما يسمح للحكومة الإرهابية بممارسة القمع والإرهاب على نطاق واسع يتمتع بغطاء قانوني مفصل بعناية لقمع كافة أشكال المعارضة، ومحو كل مظاهر الاختلافات الثقافية والدينية، مع تبرير إعلامي بل وأخلاقي مزيف.
ومن أعنف عمليات الإرهاب الحكومي في التاريخ الحديث والمعاصر: الإرهاب الفرنسي في الجزائر ومقتل (1,5) مليون شهيد جزائري غير مئات الآلاف من الجرحى والمعتقلين، مشكلات الشيعة والسنة في العراق وإيران، حالات الاضطهاد والتمييز العنصري التاريخي غير المسبوق ضد السكان الأصليين السود في الأمريكيتين وأستراليا وغيرها.
الاضطهاد السوفيتي البشع ومقتل وترحيل عشرات الملايين من سكانه، مأساة الروهينجا في ميانمار، أزمة كشمير، الصين ومحاولتها تدمير عقيدة وثقافة أعراق متعددة داخلها في التبت وتركستان الشرقية التي تشهد كافة أنواع الاضطهاد الديني والثقافي للأغلبية المسلمة داخل المقاطعة التي وصل بها عدد المسجونين إلى 1/5 من عدد السجناء في الصين، بينما لا يمثل سكانها 1.5% من سكان الصين، هذا فضلا عن وجود نحو مليونين من المعتقلين فيما تسميه الصين زورا وبهتانا معسكرات التدريب وإعادة التأهيل.
ويعد مصطلح الإرهاب أحد المصطلحات الأكثر شيوعاً في الصراعات الداخلية أو الدولية ذات الأبعاد الإيديولوجية أوالدينية أو العرقية والثقافية لمحاولة إلحاق صفة الإرهاب بالآخر، وذلك للحد من التعاطف القومي أو الإقليمي أو الدولي مع قضيته أو مطالبه. ولا أشهر الآن من مصطلح (الإسلاموفوبيا) وإلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام والمسلمين ليبرر من يشاء ما يريد.
(المصدر: تركستان تايمز)