إرهاب النسويات… ومعركة الحمامات! – د. محمد العوضي
بقلم محمد العوضي
زارت (نيكي) الشهيرة في صنعة المكياج والتي يتابعها أكثر من 12 مليوناً في الانستغرام الكويت، وبعد انخراطها واختلاطها وسلامها واحتضانها ومعانقتها للبنات والزوجات في زيارتها للكويت، ظهرت أخيراً في مقطع يوتيوب لتصرح فيه للجماهير الغفيرة أنها Transgender، ولدت ذكراً!
فاستنكر البعض هذا الغش الذي مارسته على النساء، وانتهاك خصوصيتهن ثم التصريح بأثر رجعي بعد أن بلعت أموال من خدعتهن!
لكن البعض لم يعجبه هذا الاعتراض، فتورمت أنوف واحمرت وجوه وانتفخت أوداج هذه المخلوقات بحجة الغيرة على قيمة (الحرية الشخصية) (واحترام خيارات الآخرين)، هذا المفهوم الذي ابتذل على كثير من الألسنة وفرغ من مضامينه الفكرية ومستلزماته السلوكية وعمقه الفلسفي، ويزداد العجب أن بعض الإناث اللواتي يحسبن على ما يسمى بالنسويات، قد انتصرن لمن غشتهن مما يجعلني أستعير اسم كتاب جورج طرابيشي (أنثى ضد الأنوثة)، في إشارة إلى نوال السعداوي ليدخلن في ذات البوتقة!
نحن أمام مؤشرات هزيمة نفسية تدفع أصحابها إلى الارتماء عند أعتاب التنوير الظلامي والحداثة المعطوبة، وتقليد ممجوج للجانب المرذول في الثقافة الغربية.
لتكون شذوذات المنتصر الغربي معياراً يتجمل به المفتون الشرقي، من دون مراعاة لا للخصوصيات الثقافية ولا السياقات التاريخية التي ولدت فيها هذه الانحرافات، وازدياد معدلاتها كماً ونوعاً على حساب الإنسانية المشتركة والأسرة، بل والعجب أن تنتصر إناث مجتمعاتنا المنبهرات بالآخر لمن أهان المرأة وزور الأنوثة بذريعة (الحرية الشخصية)، وعجزهن عن اتخاذ موقف مبدئي شجاع في الإدانة، وكأنهن يمضين رويداً رويداً نحو الغرق في مستنقع النسبية الأخلاقية (العندية) وغياب المعيارية!
لقد تجلى ضعف شخصية المدافعات عن المنظومات السلوكية والمعرفية المستوردة (أياً كانت)، في فنائهن بالآخر لدرجة الاندثار والعجز عن استيعاب ومحاكمة هذه المفاهيم والسلوكيات الفكرية النفسية المركبة، مما جعلهن يتعامين عن حقوق وخيارات من وقع عليهن غش (نيكي)، فانتصرن للغشاش العابر للقارات على حساب من مورس عليهن الغش من بنات الوطن والدين والقرابة ويا لها من حرية شرقية حمقاء.
شخّصها المفكر الألماني مراد هوفمان – الذي رحل عن الحياة منذ يومين – بعنوان كتابه المترجم (الأدمغة المستعمرة… وخواء الذات)!
والآن لأقفز بهذه التساؤلات التي أطرحها عادة في حواري مع طلبتي وفي بعض المجالس ومع النخبة المثقفة، لأبين من خلالها التبعات واللوازم التي تكشف الخلل في التفكير والتعبير والتدبير المحيط بمفهوم الحرية الفردية، التي لا تنفصل عن شبكة العلاقات الاجتماعية، ولا عن السلوك الشخصي المعجون بتفاصيل حركة الإنسان في مناشط الحياة والمرتبطة بثقافته وهويته التي تتباين مع الثقافات الأخرى الغربية بالذات، من خلال التفريق بين مجتمعات ينتمي فيها الفرد للمجتمع والمجتمعات التي ينتمي المجتمع فيه للفرد.
فنتساءل ونسأل :
هل إذا مات (الجنس الثالث) (المثلي) (المتشبه) بالنساء في مجتمعنا، يقوم الرجال بتغسيله وتكفينه أم النساء؟
وهل أصدقاؤه من (المتحولين) أو (المثليين) يكونون في عزاء النساء، أم في عزاء الرجال؟
وهل يصلي في مصلى النساء ومعهن، أم مصلى الرجال وبينهم؟
وهل يعطى هذا الآدمي ميراث الأنثى أم ميراث الذكر، (غالبا عند هذه النقطة يعودون إلى رجولتهم بل ويحاولون استعراض ما بقي من فحولتهم )؟!
هل يدخل حمامات النساء أم حمامات الرجال، وإذا كانت معركة دخول المثليين الحمامات النسائية/ القانونية والدستورية/ اندلعت في أميركا العلمانية إبان حكم أوباما، فماذا عسى أن يحدث في مجتمعات مسلمة؟
هل نضعه في عنابر السجناء أم عنبر السجينات أم تخصص عنابر لهم؟
هل يشترك في أحواض السباحة الرجالية أم النسائية أم كل مرة مكان و(خلط ملط) تقليدا للمجتمعات العلمانية؟
وإن كان رياضياً متحولاً هل يمارس الرياضة في المنافسات الرسمية مع الرجال أم النساء؟
وماذا عن غرف تبديل الملابس إلى أي الفريقين يذهب؟!
وإذا كان موظفاً يعمل في قسم العلاج الطبيعي، هل يعالج المرضى أم المريضات؟
وهل يتزوج أم يتزوجونه ومن يتزوج أصلاً؟
وإذا كان لديه أو لديها نادٍ صحي منفصل، هل يصح أن يشرف على النساء ويخالطهن أم العكس؟
وهل في الأوراق الثبوتية الشخصية (البطاقة المدنية) و(جواز السفر) (الجنسية) يسجل ذكرا أم أنثى وبأي اسم؟
هل يخلو هذا السلوك والخيار عن الجوانب والتبعات الأمنية؟!
من الطرائف التي يتداولها الناس:
أن أحد هؤلاء المتحولين تاب؟ فسألوا ما علامة توبته، فكان الجواب أنه تحجب!
ومن المهازل فقد ظهر على قناة لبنانية جنس يناقش، وهو في كامل حجابه!
السؤال الأخير بالنسبة للإرهاب الذي يمارس على وسائل التواصل، والتحشيد ضد كل من يدافع عن قيم إيجابية هل هو حشد موجه من كتلة فريق؟ أم عفوي؟ هل هذا الإرهاب الذي يمارس بالقصف المكثف سواء من ما اصطلح عليه بالذباب الإلكتروني في جميع القضايا السياسية والفكرية والأخلاقية داخلياً وخارجياً، يعكس الواقع الحقيقي أو هجوما مكشوفا؟
ختاماً مصطلح النسوية دلالاته أوسع من أن يختزل في ما ذكرت.
لذا للحديث بقية…
(المصدر: صحيفة الراي الالكترونية)