أيّها المؤمنون توكّلوا علی الحيّ القيّوم
بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)
قال تعالی: ﴿وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ وقال تعالی: ﴿فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ وقال تعالی: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ وقال تعالی: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ عن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما قال: ﴿حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ ﷺ حِينَ قَالُوا: ﴿إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ قال أنس رضي اللّه عنه: إنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضي اللّهُ عَنه قالَ لهُ: نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رُءُوسِنَا وَنَحْنُ فِي الْغَارِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَقَالَ: “يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا”؟ وعن ابن عبّاس أَنَّ الرّسولَ ﷺ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ: {لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} وقال عمر رضي اللّه عنه: لقد علمتم أنّ السّماء لا تمطر ذهبا ولا فضة!
قال الإمام ابن القيّم: التّوكّل علی اللّه من أعظم الأسباب التي يحصل بها المطلوب ويندفع بها المكروه فمن أنكر الأسباب لم يستقم معه التّوكّل ولكن من تمام التّوكّل عدم الرّكون إلى الأسباب وقطع علاقة القلب بها فيكون حال قلبه قيامه باللّه لا بها وحال بدنه قيامه بها فالأسباب محلّ حكمة اللّه وأمره ونهيه والتّوكّل متعلّق بربوبيّته وقضائه وقدره فلا تقوم عبوديّة الأسباب إلّا على ساق التّوكّل ولا يقوم ساق التّوكّل إلّا على قدم العبوديّة!
والحقّ يقال أيّها الإخوة الكرام: إنّ التّوكّل الحقيقيّ يقتضي الأخذ بالأسباب والتّوكّل قبل ذلك وبعد ذلك علی ربّ العباد وأن نبذر الحَبّ في الأرض ونعتمد علی مولانا الرّبّ وأن نتعاهد الزّرع بالسّقي ونتجنّب أسباب الخسارة والفشل وأن تظلّ قلوبنا متعلّقة باللّه عزّ وجلّ لا بما نبذله من سبب لأنّ الأسباب وحدها لا تضرّ ولا تنفع ولا ترزق ولا تمنع!
نقول في الختام: لا يتحرّك متحرّك ولا يسكن ساكن إلا بما جری به القضاء وما دام ذلك كذلك فتوكّلوا علی ربّ الأرض والسّماء إخوتي الأعزّاء!