مقالاتمقالات مختارة

أيها المداخلة.. نفذ رصيدكم!

أيها المداخلة.. نفذ رصيدكم!

بقلم د. أحمد زكريا

نجحت ثورات الشعوب العربية في تجاوز كل الأفكار المثبطة والمخذلة لروح الثورة لدى الشعوب المظلومة، التي ذاقت مر الهوان والاستبداد على مدى سنوات طويلة.

ورغم وجود بعض المنتسبين للدعوة الإسلامية الذين بحثوا عن مبررات دائمة للمستبدين والطغاة، لكن رفضت الشعوب هذه التبريرات المتهالكة، وداستها بأقدام الثورة والبحث عن الحرية والعدالة.

وقالت الشعوب بصوت مسموع لهؤلاء المخذلين الذين كانوا بمثابة ورقة التوت التي تستر عورات المستبدين: ادخلوا مساكنكم!

رأينا هذا واضحا جليا في ثورة السودان والجزائر، وسيتم بإذن الله في بقية بلادنا العربية.

ويمثل هذا النموذج الفج الفكر المدخلي الذي نفذ رصيده في الشارع العربي، وتجاوزه الجميع.

فقد أخذت طاعة ولاة الأمور لدى المداخلة منحنى القدسية فأصبح ولي الأمر حتى ولو كان كافراً يستحق الطاعة المطلقة ولا يجب الخروج عليه.

إن القول بعدم جواز عزل الحاكم قد تجاوز مرحلة فسق الحاكم ومعصيته إلى القول بعدم جواز عزله مهما فجر وطغى، ومهما أباح وحرم، ومهما أظهر من ألوان الكفر الإعتقادي والقولي والعملي، وهذا القول -بحمد الله- لم يقل به أحد من علماء الإسلام المعتمدين، وإنما قال به جماعة من أدعياء العلم والفقه وسماسرة الكلمة الذين يبيعون ذممهم بحفنة من الدراهم، أو ينافقون مع الحكام الكفرة خوفًا من ظلمات السجن وأعواد المشانق، فيهرولون إلى عتبات الحكام الكافرين بالفتاوى المعلبة الجاهزة التي يعلمون مسبقًا أنها تنال رضا الحاكم وتبرق لها أسارير وجهه..

حتى لو باع البلاد لليهود والمشركين فهو ولي الأمر، وهذا بسبب أن بعض دعاة هذا الفكر نشر بعض أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وغفل عن البقية “أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض”.

ويظن طلابهم أن هذه الأحاديث هم من وصلوا إليها ولا أحد قبلهم، وأن مشايخنا لا يعرفوها.

ليست القضية في إثبات جواز الخروج على الحاكم أو لا بقدر إثبات أن المسألة خلاف سائغ بين العلماء قديماً وحديثاً.

فعقيدة المدخلية هي بالمختصر:

خوارج مع الدعاة (أي يكفرونهم ؟)

مرجئة مع الحكام (أي لا يتهمونهم وأمرهم مرجئ إلى الله؟)

رافضية مع الجماعات (ترفض كما رفض الشيعة ولاية أبو بكر وعمر!)

قدرية مع الكفار (أي لهم عقيدة القدرية كون ما آل إليه من حال المسلمين مقدور

لهم؟)

هذه المجموعة التي اتخذت التجريح ديناً ومثالب الصالحين منهجاً جمعوا شر ما عند الفرق الضالة: فهم مع الدعاة إلى الله خوارج يكفرونهم بالخطأ ويخرجونهم من الإسلام بالمعصية. وأما مع الحكام فهم مرجئة يكتفون منهم بإسلام اللسان ولا يلزمونهم بالعمل.

أيها المداخلة: نفذ رصيدكم، فاتركوا الشعوب تحقق أهدافها، فلن ينفعكم الطغاة يوم الحساب.

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى