مقالاتمقالات المنتدى

أوصافُ النَبيِّ محمدٍ (صلى الله عليه وسلم) كأنك تراه

أوصافُ النَبيِّ محمدٍ (صلى الله عليه وسلم) كأنك تراه

 

بقلم عارف بن أحمد الصبري “عضو هيئة علماء اليمن” (خاص بالمنتدى)

 

لله الحمدُ والفضلُ والمنةُ أن وفقني لنقل جانبٍ مما ذُكِر في وصف خيرِ خلقِ الله محمدٍ صلى الله عليه وسلم.

إنه محمدٌ عبدُ الله ورسولُه.
أَحبُّ خلقِ الله إلى الله، وأكرمُ، وأزكى وأتقى وأنقى وأصفى وأهدى وأَعبَدُ خلق الله لله.

إنه رسولُ الله، أرحمُ الخلق بالخلق، وأحلم وأعفى وأرأف وأعدل وأنبل وأكمل الخلق خَلْقاً وخُلُقاً.

إنه رسولُ الله المعصومُ من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، وعاءُ الخيرِ الذي لا شرَّ فيه، وليس للشيطان فيه حظٌّ ولا نصيب.

إنه رسولُ الله المخصوصُ بفضائل لا يشاركه فيها أحدٌ، وصاحبُ الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود والدرجة العالية في الجنة.

إنه عبدُ الله ورسولُه، وأستغفرُ الله لعجزي عن الوفاءِ بحقه.

إنه رسولُ الله المَهيبُ، الذي وصفه جمعٌ من صحابته رضوان الله عليهم، في حين لم يستطع بعض أصحابه ذِكرُ أوصافه، ليس لِقصورٍ في بلاغتهم، أو عيبٍ في بيانهم، ولكن لأنَّهم لم يَجرؤوا على إطالة النَّظر في وجهه الكريم مهابةً وإجلالاً له، فهذا عمرو بن العاص رضي الله عنه يقول: (ما كان أحدٌ أحبَّ إليَّ مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أجلَّ في عَيني منه، وما كنتُ أُطيق أن أملَأ عيني منه إجلالًا له، ولو سُئلتُ أن أصِفه ما أطقتُ؛ لأنِّي لم أكن أملأ عيني منه).

إنه لم يوصف إنسانٌ في التأريخ كله بالدقة التي وُصِف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إن هذا الوصف الدقيق لرسول الله صلى الله عليه وسلم يفيدنا بمسألةٍ شرعيةٍ تجعلنا نُمَيِّز حقيقةَ رؤيته في المنام، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رآني في المنام فقد رآني؛ فإن الشيطان لا يتمثل بي).
فإذا رأى النائم في منامه مثلاً شخصاً وقال إنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقيل له صفه لنا، فقال مثلاً كان شعر رأسه كله أبيضَ.
قلنا له هذا الشيطان وليس رسول الله؛ لأن رسول الله مات والشعرات البيض في رأسه ولحيته لا تتجاوز عشرين شعرة.

وكما أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أكمل الناس خُلُقَاً، فهو أحسنُ الناس خَلْقَاً.
يقول أبو هريرة رضي الله عنه: (ما رأيت شيئاً أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن الشمس تجري في وجهه).

إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه بعض أوصافه:

لونُه:
كان صلى الله عليه وسلم أبيضَ مشرباً بحُمرة.

هيئته:
ليس بنَحيلٍ ولا سمينٍ.
معتدلُ القامة، لا عوج فيه ولا ميل، أحسن الناس قوامًا، وأحسنهم وجهًا، وأحسنهم لونًا، وأطيبهم ريحًا، وأقواهم حواسَّاً.

طوله:
كان وسطاً بين الرجال، ليس بالطويل البائن الطول، ولا بالقصير الممغط، وكان إلى الطُّول أقرب.
ومع ذلك فلم يماشِ أحدًا من الناس إلا طاله.
وإذا جلس يكون كتِفه أعلى من الجالس بجواره.
طوله وعرضه متناسبان على أتمِّ صِفة.
ومن غريب ما يتعلق بقامته أنه ما أُهدي إليه ثوبٌ فلبسه إلا جاء على قدره.

رأسه:
ضخمُ الرأس، كثيرُ الشَّعر، كان شعره يصِل إلى أنصاف أُذنيه إذا قصَّره، وإذا غفل عن تقصيره وطال زمَنُ إرساله وصَل إلى منكبه.

شعره:
ليس بالمنبسط المسترسل ولا بالمتكسر؛ بل بينهما، أحيانًا يرسله على جبهته، وأحيانًا أخرى يفرِّقه في وسط رأسه، ولا يترك منه شيئًا على جبهته.
شديد سواد الشعر، وشعراته القليلة البيض شديدة البياض.

جبينه:
واسِعٌ أملَس جليٌ، إذا طلع بوجهه على الناس تراءى كأنَّه السِّراج المتوقد يتلألأ.
وكان في جبهته أسارير يبرق منها النور، وكان الصحابة يشبهون وجهه بفلقة القمر أو بالشمس في رابعة النهار.

حاجباه:
دقيقان طويلان ممتدَّان إلى آخر العينين، متقوسان ومتصلان اتِّصالًا خفيفًا لا يُرى لأحدٍ إلَّا إذا دقَّق النظر فيهما.
بين حاجبيه عِرْقٌ يحرِّكه ويظهره الغضب، فكان إذا غضب امتلأ ذلك العِرق دمًا، فيظهر ويرتفِع، وكان لا يَغضب إلا لله.

عيناه:
أحور العينين، أدعجهما، والحَوَر اِتساع العين، والأدعج شديد سواد سواد العين، وشديد بياض بياض العين.

طويلُ شعرِ أجفانهما، كأنَّه أكحل العينين، أكحل الأشفار من غير اكتحال.

أنفه:
أقنى الأنف: أي أنفه معتدِلة حسَنةُ الطول، دقيقة الأرنبة، مرتفعة الوسَط، لها نورٌ يَعلوها، يشع من مارنها يشهده الإنسان.

خدَّاه:
سهلُ الخدَّين، أي منبسطين غير بارزين.
أصلبان، قليلٌ لحمهما، رقيقٌ جلدهما، ليس فيهما نتوء أو ارتفاع.
حَسَنُ الوجنتين تُشَبَّهانِ بالزهر الأحمر في غب المطر.

فمه:
واسِعُ الفَم، رقيق الشفتين، أسنانه برَّاقةٌ بيضاء كالؤلؤ، لونها كلون الثلج في أول نزوله، صافيةٌ محدَّدة، متباعدة ما بين الثنايا، والرباعيات.
إذا تكلَّم رُئي كالنُّور يخرج من بين ثناياه.

رائحةُ فمه أحسنُ من رائحة المسك، وتُشَمُ تلك الرائحة في بصاقه، وفي كل شيءٍ بصق فيه، وتزداد نكهته طيباً عند الاستيقاظ من النوم وفي آخر الليل.

ضحكه:
لا يضحك إلَّا تبسُّمًا، ولم يكن يستغرق في الضحك.
إذا ابتسم يرى البرق من فمه.

لحيته:
كثُّ اللحية، شديدُ سواد شعرها، مستديرةٌ، ما بين ذَقنه وشفته السفلى بارزٌ ومرتفع، تحت شفته السفلى شعرٌ منقادٌ على شعر اللحية كأنَّه منها.

انتقل إلى الرفيق الأعلى ولم يبلغ شعره الأبيض في رأسه ولحيته عشرين شعرةً، أكثرها في لحيته ما بين ذقنه وشفته السُّفلى، أمَّا شعره الأبيض في رأسه، ففي مَكان مَفرق رأسه.
وكان جميلَ الطُّرة: أي طرة الشارب، وكان يحف شاربه حفاً شديداً.

وجهه:
مُستديرٌ، شديدُ الحسن، ظاهرُ الوَضاءة والإشراق، يتلألأ كما يَتلألأ وجه القمر ليلة البدر، يُؤنِسُ كلَّ مَن شاهده.
إذا سُرَّ برقت أساريرُ وجهه، وهي الخطوط التي تكون في الجبهة.

رقبته:
طويل الرقبة، طويل العنق؛ عنقه كالفضَّة في صفائها، إذا ظهر للشمس فكأنَّه إبريق فضَّة مشربٌ ذهباً، يتلألأ في بياض الفضَّة وحمرةِ الذهب.
إذا ابتعد عن الشَّمس فكأنَّه القمر ليلة البدر.

كتفاه:
عريضُ الكتفين، بَعيدُ ما بين المنكبين مما يدلُّ على سعة الصدر والظهر.
على منكبيه شعر كثيرٌ.

خاتم النبوة:
يوجد عند الكتف الأيسر لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاتَم النبوَّة، وهو قطعة لَحم مرتفعة، قدر بيضة الحمامة، وعليها شعرات، وتكثر فيها الخِيلان: أي حبات الخال.

صدره:
عريضُ الصَّدر، بطنه مستوٍ مَع صدره، لم يكن منتفخ الخاصِرة ولا نحيلها.
موصولٌ من أسفل الحلق إلى السرَّة بشعرٍ يجري كالخطِّ، وليس على صدره وبطنه شعر سوى ذلك.

إبْطاه:
بِيضٌ لا شَعر فيهما.

يداه:
ضخم الكفين، طويل الأصابع، أصابعه تُشبَّهُ بالزبد للينهما، وبجونة العطار لحسن رائحتهما، طويل الذِّراعين عريضهما.
عظام ساعديه وساقيه ممتدَّة ليس فيها نتوء، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر.

كفاه:
واسعتان ممتلئتان باللحم، أنعم من الحرير، لَيِّنُ الراحتين، شديدٌ بردهما، فإذا وضع يده على إنسان حسَّ ببردهما على كتفيه، وكذلك البرد في بطن قدميه، فلما وضع بياض رجليه في بطن علي بن أبي طالب، قال عليٌّ: (أحسست ببردهما في ظهري).

قدماه:
ضخم القدمين ليِّنُهما، ليس فيهما تَكَسُّرٌ ولا شقاقٌ، غليظُ الأصابع والراحة.
سبَّابة قدمه أطول من سائر أصابعه.
أسفل قدميه شديد التجافي عن الأرض، عقباه لحمهما قليل، قدماه تشبهان قدم سيدنا إبراهيم عليه السلام، كما هي آثارها في مقام إبراهيم.

ساقاه:
كأنَّها جمارة نَخل فيها دقَّة لمعان.

عَرَقُهُ:
أطيب ريحًا من المِسك الشديد الرائحة، إذا صافَحه أحد ظلَّ طَوالَ يومه يجد ريحَه.
كان عَرَقُه في وجهه مثل اللُّؤلؤ، ومع هذا كان يَستعمل الطِّيبَ في أكثر أوقاته مُبالغةً في طيب ريحه لملاقاة الملائكة وأخذ الوحي ومجالسة المسلمين.

صوته:
في صوته بَحةٌ وحُسنٌ وخُشونةٌ، إذا تكلَّم سما وعلاه البهاء، وإن صمَت فعليه الوقار.

كلامه:
وسَطٌ ليس بالقليل ولا بالكثير.

مشيه:
إذا مشى أسرع حتى يهرول الرجل وراءه فلا يدركه، فيه مَيلٌ للأمام إذا مشى كأنما ينزل من انحدار.

إلتفاته:
إذا التفَتَ التفَت بجسمه كلِّه.

فصاحته:
أفصح العرب لسانًا، وأوضحهم بيانًا، وأعذبهم نطقًا، وأشدُّهم لفظًا، وأبْينُهم لهجةً، وأقومهم حُجةً، وأعرَفُهم بمواقع الخطاب، وأهداهم إلى طريق الصواب، من رآه هابه، ومن خالطه أحبَّه.
يخاطب العربَ على اختلاف شعوبهم وقبائلهم، يخاطب كلًّا منهم بما يفهمون، ويحادثهم بما يعلمون.

أوضح خلق الله إذا لفَظ، وأنصحهم إذا وعظ، لا يقول فحشًا، ولا ينطق هذرًا، كلامه كلُّه يثمر علمًا وحكمةً، لا يتفوَّه بَشرٌ بكلامٍ أحكَمَ منه في مقالته، ولا أجزل منه في عذوبته.

أحكمُ الخلقِ تبيانًا، وأفصحهم لسانًا، وأوضحهم بيانًا، ما ولدت العربُ فيما مضى ولا تلد فيما بقي أفصحَ منه. وصدق القائل:

خُلقتَ مبرَّأً من كلِّ عيبٍ…. كأنَّك قد خُلقتَ كما تشاءُ

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى