بقلم الشيخ سالم الشيخي
علمتني محنة السجن والهجرة أن ما يحجز بيننا وبين رؤية أقدار الله هو عامل الزمن لا غير ، فالزمن هو الحجاب الحاجز الذي خلقه الله بيننا وبين رؤية أقداره في الكون والوجود، ففي عام 1986 عندما جرى اعتقالنا وتعذيبنا لم نكن نتصوّر أنّ أكثر الذين عذّبونا هم الآن بين يدي الله – غفر الله لهم جميعًا -.
ولم نكن نتصوّر أنّ كبارهم اليوم بين قتيل وسجين، ولو قيل لنا في وقتها: إنّكم ستعيشون أيامًا ترون فيها بأمّ أعينكم مصير كل هؤلاء لاستعجلنا ذلك قبل وقته ، لكنه قدر الله ودعاء المظلوم الذي ليس بينه وبين الله حجاب ، ورحم الله ابن عطاء الله إذ يقول في حكمه : لا يكن تأخر العطاء مع الإلحاح في الدعاء موجبًا ليأسك ، فهو ضمن لك الإجابة فيما يختاره لك لا فيما تختاره لنفسك.
واليوم ونحن مع اشتداد المحنة في كل بقعة من بقاع الأرض لو قيل لنا: اصبروا عمّا قليل فرج الله قادم لا محالة لوجدنا في أنفسنا تلك العجلة التي تجعلنا نتمنّى رؤية أقدار الله وانتقامه من الظالمين في أسرع وقت ممكن.
أعود فأقول: إخواني وأخواتي ممن ضاقت صدوركم بشدة الظلم في كل مكان ليس لكم إلا الاستعانة بالصبر والصلاة ،وليس لكم إلا الدعاء بيقين، وعمّا قريب ينكشف قدر الله في كل ما حولكم من المحن والبلايا، وقد تضحكون على أنفسكم لما كانت عليه من العجلة، ورحم الله شيخي محمد عوض الدمشقي إذ كان يعلّمني على الدوام ويذكرني بقوله : لو اطّلعت على الغيب لما اخترت أفضل مما اختاره الله لك.