وكالة “اينا” – باريس.
نشرت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية تقريرا صحافيا تطرقت فيه إلى ست أفكار نمطية عالقة في أذهان المواطنين الفرنسيين بخصوص الإسلام وتمويل دور العبادة، لاسيما وأن هذه المواضيع تأخذ حيزا واسعا في النقاش الدائر حاليا في البلاد مع بدء الحملات الانتخابية للرئاسة الفرنسية.
وتطرق التقرير في البداية إلى مدى صحة تمويل غالبية المساجد في فرنسا من قبل الدول الأجنبية، مؤكدا أن هذه الفكرة خاطئة تماما. فاستنادا إلى آخر تقرير عن تنظيم الإسلام ودور العبادة وتمويلها في فرنسا، أظهرت نائبتان من مجلس الشيوخ أن تمويل عملية البناء وإصلاح المساجد تقوم بها الجالية المسلمة الفرنسية لوحدها دون اللجوء إلى جهات أجنبية، وذلك بفضل تبرعات الأفراد المسلمين، خاصة خلال شهر رمضان الذي يحث على الجالية المسلمة التصدق والزكاة بسخاء.
وأشار عمار لصفر، رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية لفرنسا، إلى أنه “باستثناء عشرين مسجدا تقريبا ممولا من قبل منظمات أو دول أجنبية، فغالبية دور العبادة في فرنسا يمولها أفراد الجالية المسلمة بأنفسهم”.
وحسب بيرناد غودراد، المسؤول بوزارة الداخلية، فإن “نسبة الأموال القادمة من الدول الأجنبية لتمويل دور العبادة تتراوح ما بين 20 إلى 30 في المئة”.
وحول مساعدات الدول الأجنبية للمساجد، أوضح تقرير مجلس الشيوخ أن” دولة المغرب تأتي في مقدمة الدول الممولة لدور العبادة بحوالي 6 مليون سنويا، تليها السعودية بـ3.8 مليون ثم الجزائر بـ2 مليون”، فيما تعمل مؤسسة قطر الخيرية والمؤسسات المماثلة على “تمويل بناء المدارس الإسلامية الخاصة، بحسب ما قاله مخلوف ماميش، رئيس فيدرالية التعليم الخاص الإسلامي في فرنسا.
وأكد التقرير الصحفي أن فرنسا لا يمكنها التخلي تماما عن التمويل الأجنبي لدور العبادة الإسلامية، إذ يصعب العمل بدونها ولا يمكن للفرد أن يحل محل التبرعات الأجنبية؛ فذلك سيعد خرقا لنظام العلمانية.
وأوضحت نائبة في مجلس الشيوخ، ناتالي غوليه، أن المساجد لا يمكنها التوصل بأموال أجنبية دون أن يكون قسم مكافحة تبييض الأموال التابع لوزارة الداخلية على علم مسبق بذلك. وعلى أساس ذلك، فإن “الوزارات تعرف جيدا مصدر التمويلات الأجنبية، فتلك التمويلات قابلة للمراقبة”.
وبخصوص مدى إمكانية فرنسا تكوين أئمتها لوحدها، حض التقرير على أن الأمر غير ممكن في الوقت الحالي، نتيجة ندرة المؤسسات التعليمية المتخصصة. ومن أجل تقديم الخطب والوعظ الديني، تحتاج الجمعيات الدينية الإسلامية إلى أزيد من “300 إمام”.
ويشار إلى أنه في الفترة الماضية، عززت فرنسا من عقودها مع المغرب والجزائر من أجل ضمان التكوين الأئمة ومراقبة الأطر الدينية.
وفي سياق متصل، كشف التقرير عن استحالة وضع الدولة الفرنسية لضريبة على المواد الحلال قانونيا في إطار الجمهورية العلمانية القائمة على أساس الفصل بين الكنائس والدولة. فمحاولة تحصيل ضريبة من أجل تقديمها للإسلام أو إلى إحدى مؤسساته في فرنسا يعد خرقا للمادة الثانية من قانون العلمانية لعام 1905، إذ لا يجوز تقديم حصيلة ضرائب إلى مؤسسة خاصة سوى في حال ضلوعها بمهمة للقطاع العام.
وفي آخر فكرة شائعة دحضها التقرير الصحفي، نجد أن التمويلات الأجنبية لا تنحصر على المساجد ودور العبادة الإسلامية، فهناك أيضا الكنيسة البروتستانتية التي تعد، وفق غودار، “أكبر مشروع تمويلي، مقارنة مع دور العبادة الإسلامية، إذ تساهم فيه روسيا بحوالي 100 مليون يورو”.