بسم الله الرحمن الرحيم
ؤ (من صفحة محفوظ بن الوالد على الفيسبوك)
(خاص بالمنتدى)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
وبعد:
فإن الله عز وجل يخلق ما يشاء ويختار، خلق الملائكة فاختار منهم المقربين..
وخلق الناس فاختار منهم النبيين ، والصديقين، والشهداء والصالحين.
وخلق الأمكنة فاختار منها المساجد، والبقاع المقدسة…
وخلق الأزمنة، فاختار منها ما اختار.. اختار من أيام الاسبوع الجمعة، ومن ليالي السنة ليلة القدر، ومن شهورها شهر رمضان.
وأفضل ما اختاره الله من أيام السنة كلها أيام عشر ذي الحجة.
وسوف نتحدث عن فضل هذه الأيام أولا، وأفضل الأعمال الصالحة فيها ثانيا.
أولا: فضل عشر ذي الحجة
مما ورد في فضل عشر ذي الحجة:
1- أن الله عز وجل أقسم بلياليها فقال : { وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ} (الفجر/1-2)
وقد فسرت الليالي العشر بليالي عشر ذي الحجة، وقال ابن كثير إنه الصحيح.
2- أنها الأيام المعلومات، وقد قال تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} (البقرة/ 28)
كما قال ابن عباس، وابن عمر رضي الله عنها.
3- قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس الذي أخرجه البخاري في صحيحه: ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام – يعني أيام العشر – قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء. )
4- ماروى الإمام أحمد رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من أيام أعظم ولا احب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد. )
5- وعن جابر رضي الله عنه؛ أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:
(أفضل أيام الدنيا العشر -يعني: عشر ذي الحجة).
قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: ولا مثلهن في سبيل الله، إلا رجل عُفِّر وجهه بالتراب) [ رواه البزار ،وابن حبان، وصححه الألباني في صحيح الجامع]
6- ما روى ابن حبان رحمه الله في صحيحه عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( أفضل الأيام يوم عرفة).
ثانيا: أفضل الأعمال في أيام عشر ذي الحجة
هذه الأيام هي الأيام الوحيدة التي يجتمع فيها من العبادات، والطاعات ما لا يتأتى في غيرها من الازمنة والأوقات.
ولعل هذا السبب في تفضيلها على غيرها.
يقول ابن حجر رحمه الله: ” والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره” (فتح الباري 2/460)
والعاقل من ينظر الأعمال الصالحة فيقدم أفضلها.
وأفضل الأعمال في هذه العشر:
1- أداء الفرائض
ويدخل في ذلك حقوق الله تبارك وتعالى، و حقوق العباد.
وفي مقدمة حقوق الله تحقيق التوحيد، وأداء الصلوات المكتوبات، والمحافظة على طهارتها، وشروطها.
وفي مقدمة حقوق الناس برالوالدين، وأداء الحقوق الزوجية، وصلة الأرحام، وحقوق الجيران، و قضاء الديون.
2- الإكثار من النوافل
ومنها نوافل الصلاة، كالرواتب مع الفرائض، وقيام الليل، وصلاة الضحى، ونوافل الصيام، والصدقة.
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته ” رواه البخاري.
3- اجتناب المحرمات
مما يتأكد في هذه الأيام إلى جانب استباق الخيرات، اجتناب المحرمات، والحذر من المعاصي والسيئات.
فكما أن الحسنات تضاعف في الأزمنة والأمكنة الفاضلة، فكذلك السيئات يعظم إثمها، ويزداد وزرها.
وترك المنكرات، أيسر من فعل الطاعات التي قد يعجز عن بعضها بعض الناس.
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم) رواه مسلم.
4- الحج المبرور
الحج أفضل ما يعمل في هذه الأيام، وهي وقته الذي لا يصح في غيره، كما أن رمضان وقت الصيام.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) متفق عليه.
5- الصيام
الصيام من أفضل الأعمال، ويتأكد في هذه الأيام ..
وهو داخل في عموم العمل الصالح المرغب فيه في الأيام التسع الأولى من هذه الأيام.
وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم هذه الأيام…
ويتأكد صيام يوم عرفة وهو اليوم التاسع منها.
روى أبو داود وأحمد وصححه الألباني عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر، أول اثنين من الشهر وخميسين).
وروى مسلم رحمه الله عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده ) .
6- الإكثار من الذكر
ذكر الله تعالى من أفضل الأعمال، ويتأكد الإكثار من الذكر في هذه الأيام.
قال الله تعالى: ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ) .
وقد فسرت بأنها أيام عشر ذي الحجة.
وقد قال صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر السابق : (فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد). رواه أحمد.
وهذا تنبيه خاص على فضل الذكر خاصة في هذه الأيام.
وكان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في العشر ، فيكبرون ويكبر الناس بتكبيرهم .
وأفضل الذكر قراءة القرآن مع التدبر.
وأفضل الذكر كتاب الله
مع التدبر والانتباه.
7- الكف عن الأخذ من الشعر والأظافر لمن أراد الأضحية.
روى مسلم رحمه الله وغيره عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضّحي فليمسك عن شعره وأظفاره ) وفي رواية ( فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي ) ولعل ذلك تشبهاً بمن يسوق الهدي ، فقد قال الله تعالى : ( وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ.)
وهذا النهي يخص صاحب الأضحية ولا يعم غيره من أفراد أسرته الذين يشركهم في الأضحية.
8- الاجتهاد في الدعاء يوم عرفة
يستحب تحري يوم عرفة، والاجتهاد فيه بالدعاء، فدعاؤه أفضل الدعاء.
روى مالك في الموطأ (أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ..) وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
9- الأضحية
من السنن المؤكدة في هذه الأيام الأضحية، وقيل بوجوبها.
وهي سنة إبراهيم عليه السلام.
وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبّر ووضع رجله على صفاحهما .
ويستحسن اختيار الأضحية من أجود المقدور عليه.
10 صلاة العيد وسننه وآدابه
وهي سنة مؤكدة، وقيل بوجوبها.
وسوف نتحدث عن آداب العيد وأحكامه بشكل مستقل إن شاء الله.
هذه أمهات الأعمال الصالحة في هذه الأيام المباركة.
وفي الختام، فكل طاعة خارج هذه الأيام فهي في هذه الأيام أعظم أجرا، وكل معصية خارج هذه الأيام ، فهي في هذه الأيام أعظم وزرا.
وفقنا الله وإياكم لفعل الخيرات، وترك المنكرات، في كل الأوقات…
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.