أصول حُكم الشُّعوب المسلمة ومقاييس تطبيق العدالة 6 من 9

إعداد د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

علاقة الإخوان بالشِّيعة

لم يخفِ مهدي عاكف، المرشد الأعلى لجماعة الإخوان المسلمين (2004-2010م)، تأييد الجماعة منذ تأسيسها للفكر الشِّيعي، واعتبار معتنقيه فرقة من المسلمين لا تختلف عنهم ولا تنحرف عن عقيدتهم. أعلن عاكف في مداخلة مصوَّرة له على قناة المنار اللبنانيَّة الشِّيعية أثناء حرب حزب الله اللبناني مع إسرائيل في صيف 2006م، تأييده حزب الله، معارضًا الأصوات المندِّدة بدعم حزب الله ‘‘الرَّافضي’’ أو مجرَّد الدعاء له. قال عاكف نصًّا “إنَّنا أمَّة احدة، نعبد ربًّا واحدًا، ولنا قرآن واحد، ورسول واحد، ولنا قبلة واحدة”، معتبرًا أنَّ المذاهب الإسلاميَّة، سنيَّة وشيعيَّة، لا تختلف على صحيح العقيدة، ومشيرًا إلى إصداره بيانًا يعلن فيه تأييد حزب الله. وقد نشرت جريدة اليوم السَّابع المصريَّة في 30 يوليو 2017م، مقالًا تفصيليًّا عن علاقة الإخوان المسلمين بإيران، الَّتي تبيَّن أنَّها ترجع إلى زمن مؤسس الجماعة، حسن البنَّا، وفق ما يذكره الباحث في الشَّأن الإيراني، محمَّد مصطفى.

“التَّاريخ الأسود للعلاقة بين الإخوان وإيران”.. إسرائيل الوسيط بينهما.. حسن البنَّا بدأها سرًّا.. والطَّرفان خطَّطا ضد مصر.. ويوسف ندا عرَّاب الجماعة في طهران.. ولقاء أمين التَّنظيم الدُّولي بمستشار الثَّورة الإيرانيَّة يفضحهما

قال محمد مصطفى: “استضافت إيران القيادات الإخوانيَّة بعد 30 يونيو على أراضيها وسمحت للإخوان الإيرانيين بالاحتفال في أحد أشهر ميادين طهران، رافعين شعار رابعة، ومندّدين بالرَّئيس المصري عبد الفتَّاح السِّيسي، ما يؤكِّد استضافتها للإخوان، واستغلال أزمة السَّعوديَّة وإيران خلال الأحداث الإرهابيَّة الَّتي شهدتها مصر كشفت تسليح إيران للإخوان، حيث كشفت وزارة الدَّاخليَّة في بيان لها عن خليَّة إرهابيَّة كبيرة تابعة للإخوان، وكان لافتا اكتشاف أسلحة إيرانيَّة كتب عليها صنع في إيران”.

يستشهد المقال برأي القيادي المنشقِّ عن جماعة الإخوان، طارق البشبيشي، عن نشأة علاقة الجماعة بإيران:

من جانبه، أكد طارق البشبيشى، القيادي السَّابق بجماعة الإخوان، أن العلاقة بين الإخوان وإيران تعود لزمن حسن البنا، وكان هناك زيارات ولقاءات متبادَلة بين الجماعة وحسن البنَّا وبين مسئولين إيرانيين، بل إن الجماعة لم تمانع في المساعدة على نشْر المذهب الشِّيعي.

وقد ذكر محمد جاد الزغبي، الباحث في التَّاريخ الإسلامي، أنَّ التَّقارب بين الإخوان والشِّيعة عقائدي في المقام الأوَّل:

كشف محمد جاد الزغبي الباحث الإسلامي، المتخصِّص في الشَّأن الشِّيعي، العلاقة بين الإخوان والشِّيعة قائلا: “التَّواصل التَّاريخي بين جماعة الإخوان والشِّيعة في إيران، وهو تواصُل واتِّصال يعود لحسن البنَّا نفسه مؤسس جماعة الإخوان، والتَّواصل بين الجماعة والشِّيعة كان تواصلا شبه عقائدي لأنَّه تم في فترة ما قبل الثَّورة الإيرانيَّة بكثير، فالعلاقة بينهما لم تكن بين الإخوان وبين إيران كدولة، بقدر ما كانت بين الإخوان والشِّيعة كعقيدة. وأضاف: “بدأت جماعة الإخوان بقيادة حسن البنَّا بدايَّة دعويَّة كما هو معروف، لكن الرجل كان في مخططاته أشياء لم يفصح عنها لا لأعضاء الجماعة ولا لكبار الفقهاء والمفكرين الَّذين أعجبهم تحمس الشَّاب المتديَّن حسن البنَّا ــ كما ظهر لهم بتلك الفترة، وكان أهم عنصرين احتفظ البنا بفكرتهما لنفسه هي مسألة إنشاء الجناح العسكري للإخوان، والعنصر الثَّاني مد أواصر الصلة مع كبار مراجع الشِّيعة في إيران”.

جدير بالإشارة، أنَّ اليوم السَّابع قد نشرت عن زيارة الرَّئيس الإيراني السَّابق، محمود أحمدي نجاد، مصر فبراير من عام 2013م، في فترة حُكم الرَّئيس المعزول، محمَّد مرسي، لأوَّل مرَّة منذ قيام دولة ملالي الشِّيعة في 1979م.

نجاد يصل غدًا في أول زيارة لرئيس إيراني لمصر بعد 34 عاما من الانقطاع الدِّبلوماسي.. ولقاؤه بالرَّئيس مرسى وشيخ الأزهر وزيارة المناطق الأثريَّة أبرز محطَّاته في القاهرة

وقد نشرت شبكة فرانس 24 الإخباريَّة عبر موقعها في 5 فبراير 2013م، أنَّ الهدف وراء تلك الزيارة هو تطبيع العلاقات.

أحمدي نجاد في القاهرة في أول زيارة لرئيس إيراني منذ عقود لبحث تطبيع العلاقات

غير أنَّ تجربة نجاد في مصر أثبتت فشل مخططه للتطبيع مع الدُّول العربيَّة، في ظلِّ استمرار سياسات إيران التَّوسُّعيَّة في المنطقة، وسعيها المتواصل لنشر المذهب الشِّيعي، وبخاصَّة في البلدان الَّتي تهاجمها عسكريًّا، مثل سوريا والعراق. وتضمَّن بيان قمَّة منظمة التَّعاون الإسلامي، الَّتي جاء نجاد لحضور اجتماعاتها، بانتقاد حادٍّ لممارسات إيران العدوانيَّة، ودعوة إلى تجريم تجاوزات الشِّيعة في حقِّ الصَّحابة وبعض أمهات المؤمنين، وإلى عدم التدخُّل في شؤون الدُّول العربيَّة، ذات الأقليَّات الشِّيعية، كما قال الباحث السِّياسي الفلسطيني، د/أحمد أبو مطر، عبر موقع إيلاف في 7 فبراير 2013م.

زيارة نجاد للقاهرة: تقبيل في المطار وتعنيف في الأزهر

وخلافات وقطيعة داخل الأزهر

من المهم ملاحظة أنّه من بين 26 رئيسًا عربيًّا وإسلاميًّا وعشرات وزراء الخارجيَّة الَّذين حضروا اجتماعات هذه القمة في القاهرة، كان الرَّئيس الإيراني أحمدي نجاد الوحيد من بين هؤلاء المسؤولين الَّذي قام يوم الثَّلاثاء، الخامس من فبراير 2012، بزيارة شيخ الأزهر الدُّكتور أحمد الطَّيِّب في مقر المشيخة بالقاهرة، وهو أول لقاء بين الطَّرفين، وقد اتَّخذ أهميته من كونه اجتماع بين ممثل أكبر مؤسَّسة إسلاميَّة سنِّيَّة في العالم الإسلامي و بين رئيس أكبر دولة شيعيَّة المذهب في العالم الإسلامي الَّذي يتألف مما لا يقلّ عن 57 دولة ولو بالاسم فقط!!!. حدث في هذا الاجتماع ما لم يتوقعه أحمدي نجاد فقد كان شيخ الأزهر أكثر شجاعة ووضوحًا دون مواربة أو مجاملة، فقد أصدر بيانًا حول اللقاء داعيًا الدَّولة الإيرانيَّة إلى عدَّة مطالب بدونها لن يتم التَّحالف أو التَّنسيق، وهذه المطالب هي:

1. عدم التَّدخل في شؤون دول الخليج العربي.

2. احترام دولة البحرين كدولة عربيَّة شقيقة.

3. رفْض المدِّ الشِّيعي في بلاد أهل السُّنَّة والجماعة.

4. إعطاء أهل السُّنَّة والجماعة في إيران وبخاصة في إقليم الأحواز حقوقهم الكاملة كمواطنين. (وكان ملحوظًا للجميع أنَّ مصر قبل هذه القمَّة بأيام قد استضافت مؤتمرًا لدعم عرب الأحواز، كان المؤتمر الأول الَّذي تشهده الدُّول العربيَّة بحضور نشطاء وسياسيين من إقليم الأحواز المحتل إيرانيًا).

5. استصدار فتاوي من المراجع الدِّينيَّة تجرّم وتحرّم سبّ السَّيِّدة عائشة والصَّحابة الكرام أبي بكر وعمر وعثمان والإمام البخاري حتَّى يمكن لمسيرة التفاهم أن تنطلق. (المطالب الخمسة السَّابقة كما وردت نصّا في بيان شيخ الأزهر).

لذلك لا تفاهم بل استمرار القطيعة والضَّغينة.

زار نجاد مسجد السَّيدة زينب في القاهرة، والَّتي يُشاع أنَّ فيه يرقد جثمان زينب بنت عليٍّ، حفيدة الرَّسول (ﷺ)، والتقطت له صور وهو يبكي أمام المقام، المفترض أنَّ السَّيدة زينب مدفونة بداخله.

وكان محمَّد مرسي قد زار إيران نهايَّة أغسطس 2012م، في زيارة استهدفت تطبيع العلاقات مع إيران، وإعادة الود المنقطع منذ عام 1978م، بعد دور الشَّاه بهلوي في التقريب بين مصر وإسرائيل لإبرام اتفاقيَّة كامب ديفيد. وتجدر الإشارة إلى أنَّ مرسي حرص خلال كلمته على إبراز مخالفته لموقف الشِّيعة الرَّوافض من صحابة الرَّسول(ﷺ)، بأن بدأ كلمته بالصَّلاة على الرَّسول، ثم أعقبها بقوله “اللهم ارضَ عن ساداتنا أبي بكر وعمر وعثمان وعليٍّ”.

المصدر: رسالة بوست