أشد الناس عداوة اليهود
بقلم د. عبد الوهاب الطريري
يا أمة الإسلام …
هل أخزى .. وأردى .. وأخذل .. وأرذل .. من إخوة القردة والخنازير ؛ من يهود عبدة الطاغوت ..
هل أخزى من عقيدتهم ؛ هذه العقيدة التي هي مجموعة من العفونات الفكرية ، والسوءات العقدية ، ثم أي نوع من البشر تصنعه هذه العقيدة ، عقيدة قوم فقدوا الأدب مع الله جل جلاله ، فقالوا لموسى أرنا الله جهرة ! وقالوا يد الله مغلولة !
هؤلاء الذين وصفوا الله بكل نقيصة ! فهو في عقيدة يهود – جل جلاله وتقدست أسمائه ونزه وتعالت عظمته – إله يجهل ويلعب ! ويصارع ويُـغلَب ! ويندم ويـبكي ! تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً ..
فماذا تنتج هذه العقيدة ، التي يعتقدها من لا يرجون لله وقارا ! هل نظن بعد ذلك ، أن يكون عندهم احترام لبشر ؟! أو تقدير لإنسان ؟!
هؤلاء الذين عدوا إلى أنبياء الله ورسله وخيرته من خلقه فقتلوهم ! ومن لم يقتلوه بهتوه وكذبوا عليه ، حتى صوروا أنبياء الله على أنهم عصابة من السكارى والزناة والقتلة والغدارين !! هكذا وصفوا أنبياء الله ورسله ، وحاشا رسل الله ، وخيرته من خلقه ، والمصطفون من عبادة .
فمن كان هذا تعامله مع الأنبياء فهل ينتظر منه عطف على بشر ؟! أو حسن تعامل مع غيره من الناس !؟
هؤلاء الذين تربي فيهم عقيدتهم الأنانية واحتقار كل البشر من غيرهم . فهم في نظرهم شعب الله المختار ! وهم أبناء الله وأحبائه ! وأما غيرهم من البشر فهم حيوانات في صورة بشر ! الفرق بيـن اليهودي وغير اليهودي عندهم كالفرق بين الإنسان والحيوان ! هم الذين يرون غيرهم من البشر على أنهم خنازير برية ! ويعلمهم تلمودهم وتوراتهم تحريم الإحسان لغير اليهودي ! وأن الأممي إذا سقط في الحفرة فإن على اليهودي أن يسدها عليه بحجر ! وأن مال غير اليهودي مباح لليهودي ! { ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل } . فهل يمكن بعد ذلك أن نجد في عيبتهم لغيرهم إلا الختر والغدر والمكر والخيانة { ولا تزال تطلع على خائنة منهم } .
هذه العقيدة المظلمة لمَ تؤهل ؟! إنها لا تؤهل إلا لغضب الله ، ولعنة الله ، فاستوجبت هذه الأمة اليهودية لعنة الله وغضبه { فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكروا به } ، هذه اللعنة أحلها الله عليهم ، يتوارثها جيل إثر جيل ، يرثها الأحفاد عن الأجداد ، لما سبق في علم الله جل جلاله والذي لا يظلم أحدا أنهم فئة تجذرت الرذيلة في قلوبهم لا ينـزعون عنها ! ولا ينفكون منها ، فحلت عليهم اللعنة جيلا إثر جيل ، وأمة إثر أمة !
هذه العقيدة ؛ على ماذا تربي ؟! إنها لا تربي إلا على الحقد الأسود ، والحسد والعداوة لغيرهم ، ولذا ، فسيرتهم في التاريخ ظلام في ظلام ، وأيديهم القذرة ملأى بالإجرام .
لن نتحدث عن تاريخهم مع الإنسانية على سوئه وسوءاته ، ولكن يكفي أن نتحدث عن تاريخهم معنا نحن المسلمين لنعرف من هذه المسيرة المريرة ماذا يمكن أن يقدم مستقبل اليهود للمسلمين .
لقد بدأت عداوة يهود للدين منذ سطع نوره ، وأشرقت شمسه ، فشرق به يهود ، وأعلنوا عداوتهم له منذ أول يوم حقداً وحسداً من عند أنفسهم أن نزع الله النبوة منهم لما كانوا لها غير أهل ، وجعلها فينا نحن أمة محمد صلى الله عليه وسلم { أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الحكم والنبوة وآتيناهم ملكاً عظيماً } .
تحدث أمنا أم المؤمنين صفية بنت عدو الله حيي بن أخطب ، تحدث عن واقعة تبين هذه العداوة مبداها ومنشاها . قالت رضي الله عنها : (( لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء – انظر ؛ إلى قباء , أول مقدمه المدينة ! أي لم يصل إلى المدينة بعد ! – ذهب إليه أبي ، حيي ابن أخطب ، وعمي أبو ياسر ، ذهبا إليه مغلسين – عند الفجر – قالت : ثم رجعا عند غروب الشمس ، كالّين – كسلانين – , قالت : وكنت أحب بني أبويّ إليهما ، لا يراني أبي ولا يراني عمي مع أحد من أبنائهم إلا أقبلا عليّ وتركوا بنيهم – أي يحبها أبوها كأشد ما يحب الآباء الأبناء – قالت : فلقيتهما عند رجوعهما فأسرعت إليهما فما نظرا إليّ ! ولا أبها بي ! ورأيتهما مغمومين حزينين ، وسمعت عمي أبا ياسر يقول لأبي حيي : أهو هو ؟ أهو هو ؟ أمحمد النبي الذي ننتظره ؟ فقال حيي : نعم أي والله هو ، قال : فما عندك فيه ؟ قال : عداوته ما بقيت !! )) عداوته للنبوة منذ فجر بزوغها وهو يعلم أنه هو النبي الذي أرسله الله ، لكنه الحقد المتجذر في قلوب يهود لما رأوا نبيا يخرج من غير نسل إسرائيل ، حقد وحسد ، وقال ما عندي له إلا عداوته ما بقيت ، والنبي لا زال في قباء لم يصل إلى المدينة بعد . الدعوة لا زالت خيوط شعاعها تبدوا أوائلها ، لا زالت في مبدأ شروقها ! إنهم يعرفون النبي – كما أخبر الله – كما يعرفون أبنائهم ، عرفوا رسالته ، وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوا ..
ثم بدأت العداوة التي أقسم عليها حيي ، عداوة وكيد من النوع اللائق بيهود من العداوة ؛ هي العداوة الكائدة ، العداوة الجبانة ، العداوة المخاتلة ، ليست العداوة المواجهة ! إنها أمة ذليلة , ضربت عليها الذلة ، وضربت عليها المسكنة ، فلا تجرأ على المواجهة أبداً ! { ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة } فعداوتهم أبداً ، من النوع اللائق بهم .
انظر إلى قفزات عبر القرون ، نسير فيها مع عداوة يهود لهذا الدين ولهذه الأمة ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم :
عقد النبي صلى الله عليه وسلم معهم المعاهدة أول وصوله المدينة على أن يواجهوا سوياً أي عدو يواجههم ، فماذا كانت النتيجة ؟! تربصوا برسول الله صلى الله عليه وسلم , حتى إذا عاش المسلمون أحرج ظرف في حياتهم ، وأظلم ساعة في تاريخهم ، يوم تحزبت الأحزاب ، وبلغت القلوب الحناجر ، وزلزل المسلمون زلزالاً شديداً ، في هذه اللحظة الحرجة أعلن اليهود خيانتهم ونقضوا عهدهم ، وخانوا مواعيدهم ومواثيقهم ، وطعنوا المسلمين من الخلف !! فخانت بنو قريظة ، خانت المسلمين في هذه اللحظة الحرجة وأتتهم من ظهرانيهم ، وكان المسلمين في أحرج ساعة ، وأحلك لحظة ، وأشد موقف . ثم سر قليلاً لترى أنهم هم الجبناء الختالون الختّارون ، يهتبلون فرصة قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ديارهم ، يوم قدم إلى بني النضير بموجب المعاهدة التي بينهم على النصرة ، والحلف الذي بينه وبينهم ، جاءهم في ديارهم يستعينهم أن يعينوه بدية رجلين يريد أن يديهما صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا جلس في دورهم وبين ظهرانيهم ، ماذا فعلوا ؟ هل وفوا بالعهد وقاموا بواجب النصرة وأكرموا الضيف في الدار ؟ كلا ! تحركت في قلوبهم عقارب الخيانة فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ؛ وقالوا : إنكم لن تجدوا محمد في ساعة خير من هذه الساعة , فما العمل إذن ؟! يصعد رجل بحجر على هذا السطح فيلقيه عليه فيقتله ونستريح منه . قاتل الله يهود ! أهذا الذي تتفتق عنه عقولهم في هذه الساعة بدلا من المعاونة ومن النصرة ، الخيانة والاغتيال ! وينتدب لهذه المهمة القذرة أحدهم ، ويعمد إلى رحى يحملها ويرقى السطح ليلقيه على النبي صلى الله عليه وسلم ! ولكن خبر السماء كان أسرع من رقيه ، فيتنـزل جبرائيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره بغدرهم ومكيدتهم ، فيقوم النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً لأصحابه : انتظروا حتى أرجع إليكم ، ويظن اليهود أنه راجع إليهم ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يذهب إلى المدينة ، ويتباطؤه أصحابه فيبحثون عنه ، فيعلمون أنه قد عاد إلى المدينة .
قبحت تلك الأنوف والمعاطس ! التي لا يهديها تفكيرها إلا إلى غدر ! ولا تدلها عقولها إلا إلى غدر !
حتى إذا دخل النبي صلى الله عليه وسلم خيبر فاتحاً ، أفلست كل حيل يهود وكل مكائد يهود ، فعادوا مرة أخرى إلى المخاتلة ! فعمدت امرأة منهم إلى شاة ، ذبحتها وطبختها وأشربتها السم حتى نقع فيها ! ثم سألت : ما أحب اللحم إلى محمد ؟ قيل : الذراع . فعمدت إلى الذراع فسقتها السم ! ثم دعت النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه الوليمة ، وقدمت الشاة ، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم الذراع فأكل منها أكله ، ثم نطقت الذراع بأمر الله لتخبر رسول الله بمكيدة يهود ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ، وأمرهم أن يكفوا عن أكل الشاة ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أكل منها أكلة ، ما زالت تعاوده حيناً إثر حين ، حتى إذا مرض صلى الله عليه وسلم في آخر عمره ، قال : ما زالت أكلة خيبر تعاودني ! ما زال السم الذي أكله صلى الله عليه وسلم يعاوده ويتدافع أثره في جسده ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : فهذا أوان انقطاع أبهري ! هذا أوان انقطاع عروقه صلى الله عليه وسلم بأثر السم الذي سمه يهود ، فالمسلمون يحتسبون النبي صلى الله عليه وسلم شهيداً لقي الله إثر سم يهود ، المسلمون يحتسبون رسولهم صلى الله عليه وسلم شهيداً مات بكيد يهود والسم الذي سموه ؛ دفع الله عنه أثره حتى إذا أنهى رسالته للناس تحرك الأثر في البدن الشريف ، فانقطعت نياط عروق قلبه صلى الله عليه وسلم .
واستمرت مكائد يهود بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ، لتتحرك في زمن الخليفة الراشد ، الناصح ، الطيب ، المحسن : عثمان بن عفان رضي الله عنه ، على يد ابن السوداء : عبدالله بن سبأ اليهودي ، الذي تنقل بين الكوفة والبصرة والشام ومصر , يزرع بذور الفتنة ويؤلب الناس على هذا الخليفة الطيب الراشد ، حتى نبتت فتنته وتألبت فئة خارجة خارجية عدت على خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقتلته لتحدث في الأمة جرحاً ما التأم إلى اليوم ! وشقاً ما سُد إلى هذا التاريخ !
إنها المكيدة التي تدب في الخفاء ، إنها مكائد يهود ، من النوع الذي لا يحسنون غيره ، ولا يكفون عن ذلك ، فيمشي تاريخ المسلمين , تماشيه مكائد يهود ، فإذا ميمون ابن ديصان القداح يستنبت في الأمة مذهب الباطنية ، مذهب غلاة الرافضة الذي ظاهره الرفق وباطنه الكفر المحض ، يستنبت هذا المذهب دولتين في الأرض الإسلامية ، دولة في المغرب العربي ، ودولة في الأحساء ، دولة العبيديين المسماة بالفاطمية دولة يهودية ظاهرها الرفق وباطنها الكفر المحض ، بطشت بالمسلمين حتى إنهم أقاموا في تونس في مدينة المنستير داراً أسموها دار النحر ! قتلوا فيها في يوم واحد أربعة آلاف من علماء المسلمين وعبادهم وزهادهم ، بأي جريمة ؟! لأنهم ترضوا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى قال القائل :
وأحل دار النحر في أغلاله من كان ذا تقوى وذا إيمان
أما دولتهم في الأحساء فقد عدت على مكة ، فقتلت الحجاج في الحرم ، ورمت جثثهم في بئر زمزم ، حتى إذا سقطت الخلافة الإسلامية على يد المغول كان وزرائها وأعوانها وحاشيتها ، هم اليهود !
وحتى إذا قامت دولة الخلافة العثمانية كان سقوطها على يد اليهود ، يوم دخل يهود الدونمة في عقر الخلافة العثمانية ، وتسلقوا – وهم يتظاهرون بالإسلام – إلى أعلى المناصب فيها ، حتى دخل اليهودي التركي “قرّاصو” على السلطان عبد الحميد يطلب منه أن يمنح اليهود امتيازات في فلسطين ، وغضب السلطان وطرده ، وقال : اخرج أيها الخاسئ ! إن فلسطين أرض أخذت بالدماء ولا تباع بالذهب . وكان قد عرض عليه مائة مليون ليـرة ذهبية تدفع إلى الخزينة العثمانية ، ومنحة تقدر بخمسة ملايين ليرة ذهبية . طرد قرّاصو اليهودي من تركيا ففر إلى إيطاليا وأرسل من هناك برقية إلى السلطان عبد الحميد يقول : إنك قد طردتني ورفضت العرض الذي عرضته عليك ، وسوف تتحمل أنت ثمن ذلك ! وفعلاً , يصل اليهود إلى مركز تمكنوا منه من خلع السلطان عبد الحميد من الخلافة ، وكان الذي دخل عليه بقرار خلعه هو ذاك اليهودي المطرود قرّاصو ، يـبلغه بيده قرار الخلع والطرد !
ثم سر قليلاً ، إلى احتلال يهود لفلسطين عن طريق عصابات ” الهاجانا ” التي مكنت لها بريطانيا في فلسطين ، مكنت لها أشد ما يكون التمكين ، يوم جعلت لها معسكرات التدريب وأمدتها بالسلاح في الوقت الذي يقتل فيه المسلم إذا وجد عنده رصاصة فارغة ! واستغل يهود هذا التمكين فقاموا بمجازر وحشية ، كان منها مجزرة دير ياسين التي عدوا فيها على قرية صغيرة مسالمة ، عدوا عليها فقتلوا ثمانين ومائتي شخص من أهلها ! بقروا بطون الحبالى ، قتلوا الصبية والشيوخ ومثلوا بهم ، ثم ألقوهم في بئر في المدينة ، وجاء مندوب الصليب الأحمر ووقف ليشاهد المجزرة ، فلما أخرجت الجثث سقط مندوب الصليب الأحمر مغماً عليه ولم يستطع أن يعاين الجثث كلها ! حتى إذا قامت دولتهم اليهودية أقاموها من منطلق ديني عقائدي ، وليس مصادفة أن الدبابات التي دخلت سيناء ، تتقدمها دبابة كتب عليها آيات من التوراة !
هذه قفزات عبر القرون ، تبين شيئاً من مسيرة يهود ، معنا نحن المسلمين .
أمتي ..
هل ترى بعد هذه المسيرة والمريرة من العداوة والكيد ، هل ترى أمة تعقل التاريخ أن هذه العداوة يمكن أن تخبو جذوتها ؟! أو تطفأ نارها ؟!
هل يمكن ؛ أن نتوقع يوماً يأتي بنهاية عداوة اليهود لنا ؟! هل يمكن أن ننتظر يوماً يأتي بنهاية عداوتنا لهم ؟! نحن المسلمين الذين نحمل ثأراً لنا عند يهود يوم سموا نبينا صلى الله عليه وسلم ، حتى قطع السم نياط قلبه .
هل ننسى نحن المسلمين عداوة يهود ، وقرآننا وكتاب ربنا بين أيدينا يعلن غضب الله على يهود ولعنته لهم في أول سورة من كتابه ، وفي ثاني سورة من كتابه ، وفي ثالث ورابع وخامس سورة من كتابة ، حتى كاد القرآن أن يكون عن بني إسرائيل ، وحتى وكأن القرآن أنزل ليحذر من بني إسرائيل ، يحذر من خيانتهم ، ويخبر بعداوتهم ، ويفضح للأمة تاريخهم .
هل ننسى نحن المسلمين خبر الله ربنا ، العالم بالضمائر ، المطلع على السرائر ، الذي قال لنا وأخبرنا بأعدى من يعادينا ، فقال : { لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود } .
هل ننسى نحن المسلمين عداوة اليهود ، وهذا تاريخهم كله معنا خيانة وغدر ، ومكيدة ومكر ، فما فائدتنا من عقولنا وعلومنا إن لم تعلمنا الأيام وتحنكنا التجارب !
هل ننسى نحن المسلمين عداوة يهود وهم الذين لا زالوا يمارسون عداوتهم علينا وامتهانهم لقداسة أمتنا باحتلالهم الأرض المقدسة التي باركها الله ؟! هل نسينا أنهم يقيمون على أرضنا في فلسطين ، دولة لهم أسموها إسرائيل ؟!
ألإسرائيل تعلوا راية في حمى القدس وضل الحرم
هل نسينا ؛ جرائمهم فيها ؟ ومذابحهم فيها ؟ هل نسينا ؛ تشريدهم ، وتقتيلهم لأهلها ؟
نساء فلسطين تكحلن بالأسى وفي بيت لحم قاصرات وقصروا
وليمون يافا يابس في غصونه وهل شجر في قبضة الظلم يزهر
ألا يا صلاح الدين ، هل لك عودة فإن جيوش الروم تنهى وتأمروا
يحاصرنا كالموت ألف خليفة ففي الشرق هولاكو وفي الغرب قيصر
تناديك من شوق مآذن مكة وبدر تنادي يا حبيبي وخيبر
رفاقك في الأغوار شدوا سروجهم وجندك في حطين صلوا وكبروا
فلسطين .. هذه التي عرفناها يوم فتحها محمد صلى الله عليه وسلم ، فتحها ليلة الإسراء ، وأم في مقدسها الأنبياء .
فلسطين .. عرفناها يوم دخلها عمر رضي الله عنه ، دخلها فاتحاً مطهرا ، عرفناها يوم ندى سماءها بلال بندائه ، وعمر بدعائه ..
فلسطين .. التي نعرفها كلها يوم طهرها صلاح الدين يوسف ابن أيوب ، طهرها من رجس الصليبيين ، ودفع ثمناً لتطهيرها دماء المجاهدين ..
فلسطين .. التي نعرفها كلها يوم رفضت عصابات يهود ، وعافتهم ، وجاهدتهم ، فقامت فيها الحركات الجهادية بقيادة العلماء المجاهدين :
الشيخ عز الدين القسام ..
الشيخ المجاهد فرحان السعدي ، الذي شنق وهو في الخمسة والسبعين من عمره ..
المجاهد عبد القادر الحسيني الذي استشهد في القسطل ..
المجاهد الشيخ أمين الحسيني مفتي فلسطين ..
رحمهم الله .. هؤلاء ، وغيرهم من العلماء والمجاهدين ، الذين أعلنوا بجهادهم ، وكتبوا بدمائهم .. أن فلسطين ؛ ليست وطناً بلا شعب ! حتى تُعْطى لشعب بلا وطن !
فلسطين .. التي اشتريناها بأغلى ثمن وهو الدم !
دم من ؟!
دم الصحابة ! دم التابعين ! دم خيرة الله من المجاهدين ! وهذا الثمن لا يتنازل عنه بالمجان !
هذه فلسطين التي يجثم يهود بكل عدوانهم وجرائمهم ووحشيتهم وتاريخهم المخزي كله ، يجثمون على أرضها !
إنهم يهود ، بكل جرائمهم التي بدأت بمبعث محمد عليه الصلاة والسلام ، ولن تنتهي إلا بنـزول عيسى بن مريم عليه السلام ..
هؤلاء اليهود ؛ قد يمدون يد المصالحة ! قد يمدون يدهم القذرة للصلح مع الأمة ، وحينئذ فلتتذكر الأمة أن هذه اليد هي اليد الملوثة بالدماء ! الملأى بالخيانة !
إنها اليد التي حملت الحجر لتلقيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم !
واليد التي وضعت السم في طعام النبي صلى الله عليه وسلم !
واليد التي تسببت في قتل عثمان ابن عفان !
واليد التي قاتلت المسلمين باسم الفاطميـين !
واليد التي مدت قرار خلع الخلافة ، وإلغاء الخلافة ، لآخر خليفة للمسلمين !
اليد التي قتلت في دير ياسين ، وكفر قاسم ، ومدرسة بحر البقر ، وقتلت في سيناء ، وقتلت في الجولان ، وقتلت في لبنان !
هي هي اليد التي قد تُمد يوماً للمصالحة !
لنتذكر إذا مدوا يدهم للمصالحة أن فلسطين أرض لا يملك أي فلسطيني ، فضلاً عن غيره ، أن يتنازل عن قيد شبر منها ، فللمسلم في جزر المالديف ، وزنجبار ، حق فيها ، لأننا اشتريناها بدماء الصحابة ، ودماء التابعين ، ودماء جيوش صلاح الدين !
لنتذكر أن يهود إذا مدوا يدهم لمعاهدة صلح ؛ فإن الصلح الذي يريدونه إنما هو إعلان الهزيمة ، وإعلان الاستسلام لهم ، والاعتراف بأن لهم حقاً في أرض اغتصبوها !
إن السلام الذي يريده يهود ، هو ما يضمن لهم الهيمنة على المنطقة ، حتى يمتد نفوذهم بكل أشكاله : الدبلوماسي ، والثقافي ، والاقتصادي ، والسياحي ، يمتد إلى دول المنطقة كلها ! وهذا رأيناه واضحاً في دولة إسلامية عقدت معهم معاهدة سلام ، آسف ! معاهدة استسلام ! فامتدت هذه المعاهدة لتخرج ثماراً سميت التطبيع ! أخرج التطبيع ثماراً في المجال السياحي ، والاقتصادي ، والتعليمي ، وأثمر نشر الفساد ، ونشر المخدرات ، بل سرى ذلك إلى مناهج التعليم فحرفت في تلك الدولة الإسلامية مناهج التعليم لتتوافق مع بنود معاهدة الاستسلام ، فقلبت مناهج التعليم في تلك الدولة ، فوجدنا فيها أن يثرب مدينة يهودية ! وأظهر النبي صلى الله عليه وسلم بمظهر المعتدي المغتصب لديار اليهود في خيبر ، وعرضت المناهج الدراسية نصوصاً من التوراة والتلمود تزين باطل اليهود وتـخفي سوءاتهم ، ومحي اسم فلسطين من خرائط الجغرافيا !
كل ذلك إحدى ثمرات معاهدة سلام ، وعندما تقام معاهدة سلام أخرى فلا نأمن أن نسمع المطالبة بأن تتعاون التكنولوجيا الإسرائيلية مع اليد العاملة المصرية , مع رأس المال العربي ، في سبيل رفاهية المنطقة ! هذه الدعوة خرجت وأعلنت في كتاب : ” عندما تسكت المدافع ” !
هذا إذا تمت المعاهدة ! أما إذا رفضت ، فإن الذي سيرفضها اليهود ! إذا فشلت فلأن اليهود لم يقبلوا بها لأنها ليست على مستوى طموحاتهم ، وذلك أن إسرائيل لا تستمد قوتها من السلام ! ولكنها ككثير من الدول الكافرة مصدر قوتها أن الكل فيها يعمل بإخلاص لأمته ، أن الحاكم فيها سواء كان من الصقور ، أو من الحمائم ، وكلهم غربان ! لا فرق بين شامير ، أو شمعون ، الكل في منطلقاته سواء ، والكل في أهدافه سواء ، وإن اختلفت مناورات اللعبة ! لا هذا ولا ذاك يصل إلى الحكم إلا وطريقه للمجد والكرسي وإعادة الانتخاب أن يقدم أكثر لشعبه ، أما نحن فمصدر ضعفنا أن الحاكم هو قطب الرحى ، هو الثابت ! والكل متغير ! يضحي بدينه .. يضحي بعروبته .. بضحي بشعبه .. يضحي بأمته .. ليبقى له كرسيه ! ورأينا ذلك عياناً في صدام يوم دمر العراق ليبقى ماء وجهه ، ثم أخذ يوقع الشروط المملاة عليه بالجملة ليضل حاكماً ! ومن يرفض ذلك من شعبه فلن يعصمه إلا رؤوس الجبال أو مخيمات اللاجئين !
من هنا نعرف سر تعنت اليهود في رفض فكرة ، أو رفض مشروع سلام ، أو رفض فكرة الأرض مقابل السلام ، لأنهم حينئذ سيخسرون الأرض ولن يربحون السلام ..
أي سلام ؛ خير مما هم فيه ؟! أي سلام ، خير مما هم عليه الآن ؟! حيث تستقبل إسرائيل المهاجرين ، وتبني المستوطنات ، وتطور الأسلحة ، وتبني المفاعلات النووية !!!
كل ذلك في أمان ، لا أقول في أمان من الحرب ! ولكن في أمان من أن تتسلل الهجمات الفدائية عبر الحدود ، لأن هناك حراسة يقظة على تلك الحدود ، ينقلب اسمها بقدرة قادر في مؤتمرات القمة العربية لتسمى الصمود والتصدي ! وتأخذ على هذه الحراسة المكافآت الطائلة ، ولا يخسر اليهود مليما واحداً ، أو ملي متر واحداً .
إن إسرائيل لا تريد أن تركن إلى هؤلاء الحكام ، لأنها تعلم أنهم يمثلون أنفسهم ! أما الشعوب الإسلامية فإنها لن تقبل ولن ترضى أبداً ببقاء عدوهم آمناً في قطعة من أرضها ، فكيف إذا كان هذا العدو هم الأمة الملعونة ، إخوان القردة والخنازير ، وكيف إذا كانت هذه الأرض هي المسجد الأقصى مسرى المصطفى ، ومصلى الأنبياء ، والأرض التي باركها الله .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : { وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيد كثير منهم ما أنزل إليك من ربك طغياناً وكفرا وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين }
أيها الإخوة في الله ..
إن الذي ينبغي أن نعيه جيداً أن يهود مهما بلغ نفوذهم ، ومهما تنوع مكرهم وكيدهم ، وإن ملكوا أجهزة الإعلام ، وأَزِمَّـة الاقتصاد ، ووصلوا إلى مراكز التأثير في الدول العظمى ، والتقت مصالحهم مع مصالح أعداء المسلمين من الصليـبيـين وغيرهم ، فإن ذلك لن يضرنا إلا إذا بقينا كما نحن ! لن يضرنا إذا عدنا إلى هويتنا ، لن يضرنا إذا أعدنا بناء أنفسنا ، أعدنا بناء الأسس التي انهارت في نفوس كثير من المسلمين ..
يوم انهار ، حاجز العداء النفسي ضد أعداء الله .. انهار ، حاجز النفرة ضد اليهود في نفوس المسلمين .. انهارت ، أسس من أسس الولاء والبراء ..
تدجنت الأمة وتهجنت ، فلقيت اليهود أمة غير الأمة التي وعدت بالهزيمة أمامهم ، غير الأمة التي نصرت بالرعب عليهم ..
إننا وإن أظلمت هذه الأيام ، بما نرى من ظهور دولة يهود ، فإن الذي ينبغي أن نعلمه أنه ليس من مسئوليتنا أن نتصالح معهم ، وليس من مسؤولية أمتنا أن تعترف لهم بما ليس لهم ، وما ليس من حقهم ، وأن جيلنا إذا عجز عن إخراج يهود فينبغي أن لا يحمل عارا آخر وهو الاستسلام ليهود ! ولتبقى هزيمة يهود ، وإخراجهم من أرض فلسطين ، مسؤولية تتوارثها الأجيال جيلاً إثر جيل .
وإننا ننتظر موعوداً صادقاً من نبينا صلى الله عليه وسلم : (( لتقاتلن اليهود ، حتى يقول الشجر والحجر : يا مؤمن ، يا عبد الله ، هذا يهودي ورائي فاقتله )) . يوم يحقق المؤمنون عبوديتهم لله عز وجل ، يسخر الله الكون كله له بشجره وحجره ، سيخرج جيل يقاتل يهود بعبوديته لله ، بأيدي متوضئة ونفوس متطهرة ، جيل يقاتلون اليهود فيقيض الله لهم الكون كله نصيراً لهم , والله ناصر لهم ومعين .
وإن من آيات نبوته صلى الله عليه وسلم ، ذلك الحديث الحسن الذي أخرجه البزار عن “نهيك ابن صريم” : (( كيف بكم إذا قاتلتم يهود على نهر الأردن , أنتم شرقيه وهم غربيه ! )) . قال الراوي : ما كنت أدري ما الأردن يومئذ !
إن هذا الحديث يحمل بشرى نرجوا أن يكون منها أن إسرائيل لن تتمدد عن حجمها ذلك ، وأن تجمع اليهود في فلسطين إنما هو تجمع الخراف في حظيرة الجزار على أيدي العصبة المؤمنة ، وكيدهم وإن كادوا ، ومكرهم وإن مكروا ، سينتهي كما انتهى مكر إخوانهم في المدينة ، يوم انهار مكرهم أمام لقاء المسلمين ، فقذف الله الرعب في قلوبهم وأنزلهم من صياصيهم ، إنهم وإن كادوا ومكروا وملكوا من الإمكانيات ما ملكوا ، فإن ذلك سينتهي كله بمجرد عودتنا نحن إلى عقيدتنا وهويتنا وحقيقتنا { وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا } .
إنه عار على المسلمين أن تقوم دولة إسرائيل باسم الدين ، وأن يمتلأ الكنيست بالحاخامات والأحبار ورجال الدين اليهود ، وأن يقاتل اليهود باسم الدين ، ويحملوا في معاركهم أسفار التوراة ، ويكتبوا آياتها على الدبابات ، ثم لا يجدوا دولة تواجههم باسم الإسلام !!
إن هذا السلاح هو الذي بقي في أيدينا ، لنجربه بيـقين في قتال يهود ، وحينئذ يتحقق موعود رسول الله صلى الله عليه وسلم .
اللهم أنزل لعناتك على يهود ، إخوان القردة والخنازير ، اللهم أقر أعين المسلمين بتحرير المسجد الأقصى ، وهزيمة يهود ، وإقامة دولة إسلامية ، لا اشتراكية ، ولا علمانية ، اللهم اجعل نساءهم ورجالهم وسلاحهم ومستعمراتهم غنيمة للمجاهدين في سبيلك .
ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ..
(المصدر: هيئة علماء فلسطين في الخارج)