أسد فلسطين.. 15 عاماً على استشهاد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي
بقلم نصير سيد
قال ذات مرة في لقاء: “الموت آتٍ سواءً بالسكتة القلبية أو بالأباتشي وأنا أفضل الأباتشي”، وبالفعل هكذا اغتيل واستشهد. عبد العزيز الرنتيسي أحد مؤسسي حركة حماس، وأبرز قادتها، يصادف اليوم الـ17 من أبريل الذكرى الخامسة عشر لاستشهاده مع اثنين من مرافقيه عام 2004 بعد أن قصفت طائرات الاحتلال سيارته في قطاع غزة. وفي ذكرى استشهاد القائد المؤسس الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، نستعرض أهم محطات حياته.
وُلِد القائد الكبير الدكتور عبد العزيز علي عبد الحفيظ الرنتيسي في 23/10/1947 في قرية يبنا (بين عسقلان ويافا) لجأت أسرته بعد حرب 1948 إلى قطاع غزة، واستقرت في مخيم خانيونس للاجئين وكان عمره وقتها ستة شهور. التحق بمدارس وكالة الغوث واضطر للعمل أيضاً وهو في هذا العمر ليساهم في إعالة أسرته الكبيرة التي كانت تمرّ بظروف صعبة. أنهى دراسته الثانوية عام 1965، وتخرّج من كلية الطب بجامعة الإسكندرية عام 1972، ونال منها لاحقاً درجة الماجستير في طب الأطفال، ثم عمِل طبيباً مقيماً في مستشفى ناصر (المركز الطبي الرئيسي في خانيونس) عام 1976 .
متزوّج وأب لستة أطفال (ولدان وأربع بنات). شغل الدكتور الرنتيسي عدة مواقع في العمل العام منها عضوية هئية إدارية في المجمع الإسلامي، والجمعية الطبية العربية بقطاع غزة (نقابة الأطباء)، والهلال الأحمر الفلسطيني. كما عمِل في الجامعة الإسلامية في غزة منذ افتتاحها عام 1978 محاضراً يدرّس مساقاتٍ في العلوم وعلم الوراثة وعلم الطفيليات. اعتقل عام 1983 بسبب رفضه دفع الضرائب لسلطات الاحتلال، وفي 5/1/1988 اعتُقِل مرة أخرى لمدة 21 يوماً. هو والسبعة الأوائل في الحركة، أسّس تنظيم حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في القطاع عام 1987. اعتقل مرة ثالثة في 4/2/1988 حيث ظلّ محتجزاً في سجون الاحتلال لمدة عامين ونصف على خلفية المشاركة في أنشطة معادية للاحتلال الصهيوني، وأطلق سراحه في 4/9/1990، واعتُقِل مرة أخرى في 14/12/1990 وظلّ رهن الاعتقال الإداري لمدة عام.
أُبعِد في 17/12/1992 مع 416 شخصٍ من نشطاء وكوادر حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى جنوب لبنان، حيث برز كناطقٍ رسمي باسم المبعدين الذين رابطوا في مخيم العودة بمنطقة مرج الزهور لإرغام الكيان الصهيوني على إعادتهم. اعتقلته قوات الاحتلال الصهيوني فور عودته من مرج الزهور وأصدرت محكمة صهيونية عسكرية حكماً عليه بالسجن حيث ظلّ محتجزاً حتى أواسط عام 1997. كان أول من اعتُقل من قادة الحركة بعد إشعال حركته الانتفاضة الفلسطينية الأولى في التاسع من ديسمبر 1987، ففي 15/1/1988 جرى اعتقاله لمدة 21 يوماً بعد عراكٍ بالأيدي بينه وبين جنود الاحتلال الذين أرادوا اقتحام غرفة نومه فاشتبك معهم لصدّهم عن الغرفة، فاعتقلوه دون أن يتمكّنوا من دخول الغرفة.
خرج الدكتور عبد العزيز الرنتيسي من المعتقل ليباشر دوره في قيادة حماس التي كانت قد تلقّت ضربة مؤلمة من السلطة الفلسطينية عام 1996، وأخذ يدافع بقوة عن ثوابت الشعب الفلسطيني وعن مواقف الحركة الخالدة، ويشجّع على النهوض من جديد، ولم يرقْ ذلك للسلطة التي قامت باعتقاله بعد أقلّ من عامٍ من خروجه من سجون الاحتلال وذلك بتاريخ 10/4/1998 وذلك بضغطٍ من الاحتلال كما أقرّ له بذلك بعض المسؤولين الأمنيين في السلطة وأفرج عنه بعد 15 شهراً بسبب وفاة والدته وهو في المعتقلات الفلسطينية.. ثم أعيد للاعتقال بعدها ثلاث مرات ليُفرَج عنه بعد أن خاض إضراباً عن الطعام وبعد أن قُصِف المعتقل من قبل طائرات العدو الصهيوني وهو في غرفة مغلقة في السجن المركزي في الوقت الذي تم فيه إخلاء السجن من الضباط وعناصر الأمن خشية على حياتهم، لينهي بذلك ما مجموعه 27 شهراً في سجون السلطة الفلسطينية.
الدكتور الرنتيسي تمكّن من إتمام حفظ كتاب الله في المعتقل وذلك عام 1990 بينما كان في زنزانة واحدة مع الشيخ المجاهد أحمد ياسين، وله قصائد شعرية تعبّر عن انغراس الوطن والشعب الفلسطيني في أعماق فؤاده، وهو كاتب مقالة سياسية تنشرها له عشرات الصحف. في العاشر من حزيران (يونيو) 2003 نجا من محاولة اغتيالٍ نفّذتها قوات الاحتلال الصهيوني، وذلك في هجومٍ شنته طائرات مروحية صهيونية على سيارته، حيث استشهد أحد مرافقيه وعددٌ من المارة بينهم طفلة. في الرابع والعشرين من آذار (مارس) 2004، وبعد يومين على اغتيال الشيخ أحمد ياسين، اختير الدكتور الرنتيسي زعيماً لحركة “حماس” في قطاع غزة، خلفاً للزعيم الروحي للحركة الشهيد الشيخ أحمد ياسين.
وإلى أقصى ما تمنّاه، ولطالما ردد الشهيد القائد الدكتور أنه يفضل الشهادة بطائرات “الأباتشي” الصهيونية، بدلاً عن الموت بمرض، فكان له ما أراد. 17-4-2004م، طائرات حربية صهيونية من النوع التي أرادها القائد الرنتيسي، تستهدفه وعدد من مرافقيه، فاستشهد الدكتور الرنتيسي مع اثنين من مرافقيه، ليخرج قطاع غزة عن بكرة أبيه يودع القائد المجاهد المؤسس في زفاف مهيب يليق به وبجهاده.
(المصدر: مدونات الجزيرة)