أساس الحريَّة الأخلاقية بين التفكير الفلسفي والتفكير الإسلامي (1)
بقلم مقداد يالجن
نحاول أن نجيب في هذا المقال عن سؤال: هو: هل الإنسان حر في اراداته واختياره، وإذا كانت له حريَّة الاختيار فهل له حريَّة التنفيذ أيضاً؟ وإذا كان الأمر هذا أو ذاك فما مدى ذلك؟
وقبل بيان رأي الإسلام في ذلك تعرض الاتجاهات الفلسفية بشأنه، وفي هذا المقام نجد عدة اتجاهات عامَّة وأهمها الاتجاهات الآتية:
أولاً: الاتجاه الجبري:
وهذا الاتجاه ينقسم إلى قسمين رئيسيين: الأول: الجبرية الميتافيزيقية، والثاني: الجبرية الطبيعيَّة، فالأول يرى أن الإنسان مجرد من حريَّة الفعل، بل أن إرادة الإنسان بيد الخالق يتصرف فيه كما يشاء كالريشة في مهب الريح، وهذا ما ذهب إليه الجبرية من المتكلمين المسلمين، والثاني يذهب إلى أن الإنسان مجبور أمام القوانين الطبيعيَّة: قوانين البشرية والطبيعة الكونية، ومن أنصار هذا المذهب (فولتير) الذي يقول (إننا عجلات في آلة كبرى وعقولنا تفكر كما لو كانت حرة) (1) ومنهم أيضاً سبنسر الذي يقول (إننا مجبورون على السير في الطريق الذي رسمته لنا الطبيعة فإننا لا نسير في الطريق الذي نحبه ولكننا لم نحب نحن هذا الطريق ولكن الطبيعة التي جعلتنا نحبه وهي التي تجبرنا على السير فيه) (?) ومنهم (شوبنهور) و(هوبز) فالأول يرى أن الحريَّة ذات طابع ميتافيزيقي ولا توجد في نطاق العالم الطبيعي، وجعل الإرادة تابعة لطبيعتنا. ويرى الثاني أن الإرادة أقوى رغبة تابعة للدوافع الأولية (3).
ومهما يكن من اختلاف بين الفريقين فإنَّ هذا الإتجاه في عمومه يهدم المسئولية الأخلاقية من أساسها.
ثانياً: اتجاه حريَّة الإرادة:
من أنصار هذا الإتجاه (أرسطو) الذي يبني الأخلاق على حريَّة الإرادة وهو يفرق بين العمل الإرادي وغير الإرادي، فالأول تكون فيه علة داخلية للفعل مثل تردد الإنسان بين عملين يستطيع القيام بهما ولكن إذا قام بأحدهما يفوت عليه الاخر، فترجيح أحدهما على الاخر في هذه الحالة يعتبر عملاً إرادياً. والثاني تكون علته خارجية مثل وقوع الإنسان لزوال الحجر من تحت رجليه أو لأي دافع قسري آخر.
كذلك يفرق بين عمل بلا إرادة وعمل ضد الإرادة، فالأول هي الأعمال القسرية والثاني هو العمل ضد ترجيح الإرادة كأن يختار الإنسان عمل من بين الأعمال ثم يعمل عملاً آخر غير الذي اختاره، ثم يفرّق أرسطو بين العمل بسبب الجهل وبين العمل ضد الإرادة، فالأول لا يعقبه الندم، والثاني يعقبه الندم بعد فعله، ويعتبر كل عمل غير أخلاقي عملاً شراً والإنسان في حدِّ ذاته لا يريد الشر ولكن إذا أدى عمله إلى الشر بسبب اعتسافه أو بسبب جهله ما ينبغي أن يفعله الإنسان العاقل يعد من هذه الجهة قد اراد الشر (4).
ومن أنصار هذا الاتجاه المعتزلة الذين قالوا بحرية الإنسان في الإرادة والتصرف وفرقوا بين إرادة الله تعالى وإرادة العبد، فالعبد قد يريد خلاف ما يريده الله سبحانه واذا كان علم الله تعالى شاملاً لإرادة العبد إلا أن علمه لا يؤثر فيها ومن هنا قالوا أن سبب الشر في حياة الإنسان هو الإنسان نفسه (5).
ومن أنصار هذا الاتجاه أيضاً الفيلسوف الألماني (كانط) فهو يرى أن الإنسان حرٌ في ارادته ولا تخضع هذه الإرادة إلا للقانون الذي تضعه لنفسها بنفسها ولا تخرج عنه لأنَّ شعورها بأنها هي التي وضعته لنفسها هو أساس الإحساس الداخلي بالواجب الذي يدفع الإرادة الإنسانية إلى السلوك الأخلاقي لا لهدف نفعي، بل لأنه مطابق للقانون العقلي ولهذا فهو يعتبر مبدأ حريَّة الإرادة أو الاستقلال الذاتي المبدأ الأوحد في الأخلاق. فالحريَّة عنده هي الخاصَّة الجوهريَّة التي تتميَّز بها الإرادة الإنسانية في حين أنَّ الضرورات هي التي تملي على الكائنات غير العاقلة سلوكها. فالحريَّة هي علَّة الأفعال الأخلاقيَّة.
أما الضرورة فهي العلَّة في حدوث الظواهر الطبيعيَّة غير أنَّ هذه الحريَّة في رأيه ليست متحررة تماماً عن القوانين بل هناك قوانين خاصَّة بها، كما أنَّ للطبيعة قوانين خاصَّة بها، وهذه القوانين مخلوقة للطبيعة، وتلك مخلوقة للإرادة الحرة.
إلا أنَّ الأولى لم تخلق قوانينها لنفسها، والأمر في ذلك على خلاف قوانين الإرادة الحرة، ومن هنا يفرَق بين الإرادة الحرة والإرادة الخاضعة وان كانت هي هي نفسها فهي من حيث إنها ألزمت نفسها بالخضوع لهذه القوانين التي خلقتها بنفسها فهي من هذه الجهة إرادة خاضعة، ويرى أنَّ دليل هذه الحريَّة ليس التجربة لأن وجودها سابق للتجربة أي أنَّ دليلها قبلي، لأنَّ كل كائن لا يمكن أن يفعل فعلاً إلا بتأثير فكرة الحريَّة وقد يبدو هنا في تفكيره أن الشعور بالحريَّة أساس للإحساس بالخضوع لهذه القوانين وأنَّ هذا الإحساس أساس للإحساس بالحريَّة وكان هناك دوراً يجيب على ذلك (كانط) فيقول: (إن الحريَّة والتشريع الذين تضعهما الإرادة لنفسها كلاهما في واقع الأمر ضرب من الاستقلال الذاتي ويحل أحدهما الآخر تبعاً لذلك، وهذا هو السبب في أننا لا نستطيع أن نستعين بأحدهما لتفسير الآخر وبيان الأساس الذي يُبنى عليه، ويقول أيضاً: (إن الإنسان باعتباره عضواً في عالم الحس خاضع لقوانين الطبيعة، ويدرك هذه القوانين عن طريق الحواس، وهو باعتباره عضواً في عالم المعقول خاضع لقوانين هذا العالم ويدرك قوانينه عن طريق العقل، وإحساسه بالحريَّة يؤدي إلى الشعور بالاستقلال الذاتي، وهذا الشعور بالاستقلال الذاتي يدل على وجود القانون الأخلاقي. إذن القانون الأخلاقي أساس للشعور بالحريَّة إلا أننا حين نتصور أنفسنا ملتزمين بالواجب نُعتبر أعضاء في العالم المعقول، كما نجد أنفسنا في الوقت نفسه أعضاء في عالم المحسوس (6).
ويدخل في هذا الاتجاه أيضاً بصفة عامَّة اتجاه الماتريدية مع وجود فروق بينهم وبين غيرهم في بعض النواحي فهم يقولون (إنَّ الله خلق في الإنسان قدرة وأن الإنسان له حريَّة استخدام هذه القدرة في الخير أو الشر ونتيجة استخدامه لهذه القوة في أحد الضريين يتحمل مسؤولية عمله أو كسبة القائم على اختياره لهذا العمل أو ذاك) غير أنهم يقارنون قدرة الله تعالى مع قدرة العبد عند التنفيذ أي تنفيذ العمل المختار. على أي حال فإنهم يعترفون بوجود حريَّة الإرادة في الإنسان.
ثالثاً – اتجاه الوسط بين الاتجاهين السابقين:
من أنصار هذا الاتجاه (ابن مسكويه) فهو يقول: (إنَّ وجود الجوهر الإنساني متعلق بقدرة فاعله وخالقه، وأما تجويد جوهره فمفوض إلى الإنسان وهو متعلق بإرادته (7).
ومن أهم المذاهب التي تمثل هذا الاتجاه من الناحية الميتافيزيقية مذهب الأشاعرة ويمكن أن نقول إنَّ الأشاعرة يقسِّمون الحريَّة فيعطون نصفها للإنسان ويحرمونه من النصف الآخر ذلك إنهم يعطون للإنسان حريَّة الإرادة، ولا يعطون له حريَّة التنفيذ فالعبد له أن يختار وليس له أن ينفذ، أي له قدرة الاختيار، وليست له قدرة التنفيذ المختار. أما التنفيذ فإنَّ الله تعالى هو الذي يخلق الفعل الذي يختاره العبد.
ويمكننا أن نُدخل في هذا الاتجاه الوسطي رأي (الغزالي) فهو عندما يتكلم عن الأسباب والمسبِّبات وأثر العبد في أفعاله وأثر الرب في أفعال عباده يتخذ موقفاً وسطاً بين الجبر والاختيار ويقسِّم الأسباب مبدئياً بين ما هو مقدور للعبد وغير مقدور له. فهناك أسباب ليست في قدرة العبد العمل بها وأسباب أخرى مقدورة له، فالأول: كأسباب السموات، والأرض أو خلقهما وأسباب خلق الحيوانات، والثاني: كأسباب إيجاد الصناعات والنظم والمجاهدات وما إلى ذلك يقول: (الأمور الموجودة تنقسم إلى ما لا يرتبط حصولها بقدرة العباد أصلاً كالسماء والأرض والكواكب والحيوان والنبات وغيرها وإلى ما لا يرتبط حصوله إلا بقدرة العباد وهي التي ترجع إلى أعمال العباد كالصناعات والسياسات والعبادات والمجاهدات) (8).
وأما فيما يتعلق بأثر العبد في أفعال نفسه في الأعمال التي يمكن أن يكون له أثر فيها وأثر الرب تعالى في أفعال عباده هذه فيرى أنَّ للعبد أثراً في أفعاله كما أنَّ للرب أثراً في أفعال عباده، وعن طريق هذه الفكرة يفسر الآيات التي تسند الأفعال أحياناً إلى الله تعالى وأحياناً أخرى إلى العباد فهو يشرح رأيه كالآتي (فإن قلت فكيف الجمع بين التوحيد والشرع ومعنى التوحيد لا فاعل إلا الله ومعنى الشرع إثبات الأفعال للعباد فإن كان العبد فاعلاً فكيف يكون الله فاعلاً، وإن كان الله تعالى فاعلاً، فكيف يكون العبد فاعلاً ومفعول بين الفاعلين غير مفهوم فأقول: نعم ذلك غير مفهوم إذا كان للفاعل معنى واحد وإن كان له معنيان ويكون الاسم مجملاً مردداً بينها لم يتناقض كما يقال قَتَل الأمير فلاناً ويقال: قتله الجلاد ولكن الأمير قاتل بمعنى والجلاد قاتل بمعنى آخر، فكذلك العبد فاعل بمعنى والله عزَّ وجل فاعل بمعنى آخر فمعنى كون الله تعالى فاعلاً أنه المخترع الموجد ومعنى كون العبد فاعلاً أنه المحل الذي خلق فيه القدرة بعد أن خلق فيه الإرادة بعد أن خلق فيه العلم فارتبطت فيه القدرة بالإرادة والحركة بالقدرة ارتباط الشرط بالمشروط وارتبط بقدرة الله تعالى ارتباط المعلول بالعلة وارتباط المخترِع بالمختَرع وكل ما له ارتباط بقدرة فإنَّ محل القدرة يُسم فاعلاً له كيفما كان الأمر. كما يُسمى الجلاد قاتلاً والأمير قاتلاً لأنَّ القتل ارتبط بقدرتيهما ولكن على وجهين مختلفين فلذلك سمي فعلاً لهما فكذلك ارتباط المقدورات بالمقدرتين، ولأجل توافق ذلك وتطابقه ينسب الله تعالى الأفعال في القرآن مرة إلى الملائكة ومرة إلى العباد ونسبها بعينها مرة أخرى إلى نفسه فقال تعالى: [قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ المَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ] {السجدة:11} ثم قال عزَّ وجل [اللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا] {الزُّمر:42} وقال تعالى [أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ] {الواقعة:63-64} (9).
وبذلك يجمع الغزالي بين الجبر والاختيار في أفعال العباد بل تغلب عليه النزعة الجبرية عندما يتعمق في الخلق والايجاد، كما يُفهم هذا بوضوح من المثال الآتي الذي يضربه لبيان فكرته، فيقول رحمه الله تعالى: (لو أراد الإنسان أن يجز رقبة نفسه لم يملكه لا لعدم القدرة في اليد ولا لعدم السكين ولكن لفقد الإرادة الداعية المشخصة للقدرة وإنما تنفذ الإرادة لأنها تنبعث بحكم العقل أو الحس يكون الفعل موافقة وقتل نفسه ليس موافقة له فلا يمكنه مع قوة الاعضاء أن يقتل نفسه إلا إذا كان في عقوبة مؤلمة لا تطاق فإنَّ العقل هنا يتوقف في الحكم ويتردد لأنه تردد بين شر الشرين فإنَّ ترجح له بعد الروية أن ترك القتل أقل شراً لم يمكنه قتل نفسه وإن حكم بأن القتل أقل شراً وكان حكمه جزماً لا ميل فيه ولا صارف عنه انبعثت الإرادة والقدرة وأهلك نفسه… لأن داعية الإرادة مسخَّرة بحكم العقل والحس والقدرة مسخرة للدَّاعية والحركة مسخَّرة للقدرة والكل مقدور بالضرورة فيه من حيث لا يدري فإنما هو محل ومجرى لهذه الأمور، فإما أن يكون منه فكلا ولا. فإذن معنى كونه مجبوراً أنَّ جميع ذلك حاصل فيه من غيره لا منه ومعنى كونه مختاراً أنَّه محل لإرادة حدثت فيه جبراً بعد حكم العقل يكون الفعل خيراً محضاً موافقة وحدث الحكم أيضاً جبراً فإذن هو مجبور على الاختيار ففعل النار في الاحراق مثلاً جبر محض وفعل الله تعالى اختيار محض وفعل الإنسان على منزلة بين المنزلتين فانه جبر على الاختيار (10).
إذن خلاصة رأيه : أن للعبد أثراً في أفعاله وللرب سبحانه أيضاً أثراً في أفعال عبده لأنه تعالى الخالق ولأنه سبحانه موجد القدرة في عبده الذي يؤثر في أفعاله فالعبد له اختيار وتأثير محل قدرة الله تعالى فمن هنا يبدو أنه مجبور من جهة مختار من جهة أخرى وتسمى المنزلة بين المنزلتين (الجبر والاختيار).
كما يمكن أن ندخل في هذا الاتجاه رأي ابن رشد فهو نفسه وضع رأيه وسط الاتجاهين بعد أن استعرض رأي الاتجاهين السابقين وأدلتهما قال رحمه الله تعالى: (فإذا كان الأمر كذلك فكيف يجمع بين هذا التعارض الذي يوجد في المسموع وفي المنقول نفسه ؟ قلنا الظاهر من قصد الشارع ليس هو هذين الاعتقادين وإنما قصده الجمع بينهما على التوسط الذي هو الحق في هذه المسألة وذلك أنه يظهر أن الله تعالى قد خلق لنا قوى نقدر بها أن نكتسب أشياء هي أضدادها، لكن لما كان الاكتساب لتلك الأشياء ليس يتم لنا إلا لموافاة الأسباب التي سخرها الله تعالى لنا من خارج وزوال العائق عنها كانت الأفعال المنسوبة إلينا تتم بالأمرين جميعاً (11).
وفي صدد هذه الدراسات الفلسفية في الإرادة لا أريد أن يفوتنا نوع آخر من الدراسات في الإرادة قامت بها المدارس السيكولوجية الحديثة فأود هنا إعطاء فكرة عن آرائهم المختلفة وطريقتهم في دراستهم للإرادة (12).
الإرادة في نظر المدارس السيكولوجية الحديثة:
إنَّ المدارس السيكولوجية تختلف في موضوع الإرادة كالمدارس الفلسفية فقوم من السيكولوجيين يرون أن موضوع الإرادة ينبغي أن يعالج من الناحية الميتافيزيقية كموضوع الوجود والعدم، وقوم منهم يرى أنه ينبغي أن يعالج من الناحية البيولوجية وفريق ثالث يرى أنه من اختصاص علم الاجتماع اذ لابدَّ من وجود أنظمة وزواجر اجتماعية للحكم على أنَّ هذا السلوك إرادي أم غير إرادي.
وأما الذين يدخلون هذا الموضوع في الدراسات السيكولوجية فيختلفون أيضاً في وجود حريَّة الإرادة فمنهم من يقول أنَّ الإرادة لا تعدو أن تكون مجرد الاختيار والعزم دون التنفيذ ومنهم من يرى أنَّ حريَّة الإرادة لا تتم إلا بالتنفيذ (13) لكن التربويين يرى بعضهم وجود حريَّة الإرادة في الإنسان لأنَّها أساس التربية والتعليم وأساس النمو والتكامل الإنساني (14).
والقائلون بالإرادة الحرة يحددونها من حيث المظهر ومن حيث تكويناتها ثم من حيث الوظيفة.
أما من حيث المظهر فلها مظهران للسلوك الإرادي فأولهما: الكفُّ أو المنع أي الامتناع عن عمل ما أو الوقوف ضد ميول ودوافع معيَّنة، والمظهر الثاني: هو الانتباه والسير نحو إتجاه معيَّن وهو ينطوي على عمليتين هما عملية الكفّ أولاً ثم عملية التركيز في إتجاه معيَّن دون غيره من الاتجاهات.
ومن ناحية المكونات يحددونها من ثلاثة نواح؛ الأولى: الناحية البيولوجية، والثانية: الناحية السيكولوجية، والثالثة: الناحية الاجتماعية لأنَّ الناحية البيولوجية تعتبر بواعث أولية للسلوك والناحية السيكولوجية تقوم بدور الاختيار من بين تلك البواعث وتحقيقه في الوجود الخارجي والناحية الإجتماعيَّة تقوم بدور تكيف عملية تنفيذ الاختيار وفقاً للقيمة الأخلاقية والعادات الاجتماعية.
وأهم وظيفة للإرادة في حياة الإنسان هي اختيار عمل معيَّن من بين الأعمال ثم تنفيذها، وبناء على كل هذا يعرفون حريَّة الإرادة من الناحية السيكولوجية الآتي: الإرادة هي العملية النفسية التي ترمي إلى تكييف الاستجابة التي كان قد أدى الصراع القائم بين مجموعتين من الميول إلى إرجائها وذلك بترجيح كفة الميول التي تبدو في نظر الشخص أنها أسمى من غيرها (15). ويمكن أدخال بعض آراء السيكولوجيين في الاتجاه الأول وبعضها الآخر في الثاني وبعضها في الثالث.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
المصدر: مجلة الهادي، سنة 1351 – العدد 6
=====
(1) مشكلة الحريَّة ص 55 هو الدكتور زكريا ابراهيم.
(?) المرجع السابق ص 55 وما بعدها.
(3) المرجع السابق.
(4) أرسطو: علم الأخلاق:1/269وما بعدها.
(5) موقف البشر تحت سلطان القدر: ص 55.
(6) تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق ص 76 -116 أما نويل كانط. ترجمة الدكتور عبد الغفار مكاوي، ط. الدار القومية للطباعة والنشر.
(7) تهذيب الأخلاق لابن مسكويه ص ??.
(8) الإمام الغزالي: المقصد الأسنى ص 46.
(9) احياء علوم الدين: 4/256
(10) احياء علوم الدين: 4/254.
(11) مناهج الأدلة في عقائد الملة – ابن رشد – تحقيق الدكتور محمود قاسم، ط? ص: 226.
(12) لم يذكر الدكتور رأي مدرسة أهل البيت المركز في هذا السبيل، حيث جمع بين الاعتقاد بالقدرة الإلهية المطلقة ووجود التشريع والأخلاق والعقاب والثواب، بما يستلزم حريَّة الإنسان. (الهادي)
(13) مبادئ علم النفس العام، الدكتور يوسف مراد ص341.
(14) فلسفة التربية. فليب هوفينكس، ترجمة الدكتور محمد لبيب النجيحي ص: 343.
(15) مبادئ علم النفس العام. د يوسف مراد ص 343.
(المصدر: رابطة العلماء السوريين)