أسئلة لن يجيب عليها أحد
بقلم أ. عماد الدين عشماوي (خاص بالمنتدى)
الرؤساء العرب والأمريكان وأبناء العم في تل أبيب وغالب المحللين وأساتذة العلوم السياسية العرب والإعلاميين عندما يتحدثوا عن سرقة فلسطين من المحتل الصهيوني نجدهم يؤكدون على ضرورة السلام والتعايش السلمي وتحقيق الأمن للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، والتعاون في إطار المنطقة الشرق أوسطية كما يسموننا اليوم من أجل الرخاء والنمو للجميع ونبذ الماضي وما حدث فيه وفتح صفحة جديدة بين أبناء العم.
سنفترض أن ذلك كله جميل ومفيد ولا خلاف عليه، وسنفرض فرضاً جدلياً مستحيلاً أن الشعب الفلسطيني ومعه غالبية الشعوب العربية قد أقتنعوا أخيراً بحتمية السلام مع دولة إسرائيل كما اقتنع حكامنا العرب؛ لبعد نظرهم ورؤيتهم الاستراتيجية البعيدة وقلوبهم الطيبة وبصيرتهم الإيمانية الملهمة التي تعرف الصواب أكثر من كل تلك الشعوب الجاهلة التي ابتلي بها هؤلاء الحكام الذين لا يستحقون أن يحكموا هذه الجماهير من الغوغاء لكنه قدر الله عليهم وجميل انهم صبروا علينا كل هذه السنين حتى يقنعونا بالصواب في أمر الصهيونية وإسرائيل والغرب وأنهم على غير ما نظن لفرط غبائنا وتعصبنا وجهلنا بأمور ديننا ودنيانا.
وفي الأخير سنفترض أننا قد أقتنعنا بأن إسرائيل حق؛ كما أن الموت حق، وأن الاستعمار له فوائد عظيمة؛ كما نار جهنم تماماً، وأن ما مضى من أعمار الأمة وشهداؤها في سبيل تحرير فلسطين وباقي الأرض العربية المحتلة كان محض غباء وتعصب وافتراء على أبناء العم المسالمين الذين اضطروا اضطراراً لمحاربتنا لما رأوه من غلظة وجهل وتعصب وجهل وحماقة منا في مقابلتهم وهم الذين حملوا أموالهم وخبراتهم وعلومهم وجاءوا كي يعلمونا الحضارة ويرفعوا من شأننا.
وحدث ما لن يحدث واقتنع الجميع: الفلسطينيون وباقي العرب والمسلمين بعصر السلام والرخاء والاقتصاد والسياحة والحياة الرغدة التي لا شقاء فيها حيث ينعم الجميع بخيرات المنطقة، ستظل هناك تساؤلات كثيرة تحتاج إلى إجابات، لا يهتم هؤلاء بإطلاعنا عليها حتى نطمئن لسلامة ما يقولونه لنا وما يروجونه بين أبناءنا وما يخططون له من وراءنا حتى نطمئن أنهم قد صدقونا ونكون على سلامهم من الشاهدين، من أهمها:
السؤال الأول: هل سنعرف لدولة إسرائيل حدوداً نهائية ودستوراً واضحاً يحدد تلك الحدود النهائية التي لا يمكن أن تتجاوزها فيما بعد، ومساواة في الحقوق والواجبات بين جميع أبناء شعبها من اليهود والفلسطينيين؟
السؤال الثاني: هل سيتم إعلان الدولة الفلسطينية التي تريدها إسرائيل والحكومات العربية، وما هي حدودها التي لا يمكن لدولة إسرائيل أن تنتهكها؟ ومتى؟
السؤال الثالث: هل تكف دولة إسرائيل عن تجنيس أشخاص من دول أخرى بجنسيتها وتهجيرهم إلى دولتها حيث لم تعد هناك حاجة لذلك في عصر الأخوة والسلام حيث يعيش كل مواطن في وطنه؛ وخصوصا اليهود الذين اطمئنوا على حياة إخوانهم بعد إعلان الأخوة الجديد مع أبناء عمومتهم من العرب الجدد مواليد عصر السلام ؟
السؤال الرابع: هل ستكف الدول الغربية عن السماح لمواطنيها بالتجنيد في جيش الدفاع الإسرائيلي بعد حلول السلام، وهل ستكف عن دعم دولة إسرائيل بالمعونات والمنح بالمليارات وحدها لتغدق على أبناء عموتهم العرب من خزائنها المادية والعلمية والتكنولوجية التي لا تنفد حتى ننمو جميعا ونتطور وننعم بتلك الخيرات باعتبارنا صرنا من محبي الحمام والسلام؟
السؤال الخامس: هل تعلن دولة إسرائيل عن التخلي عن برنامجها النووي مع حلول عصر السلام أو تشاركنا السلام النووي كأبناء عم لنا حق في نوويهم كما لهم كل الحق في كل مناحي حياتنا؟
السؤال السادس: هل تتوقف الدول الغربية عن بيع السلاح لدولة إسرائيل والدول المحبة لها وللسلام من حولها وتنصح أبناء العم وحكام العرب الطيبين بتوجيه تلك المليارات لمهام تحقيق السلام والرخاء والعيش الرغد لأبناء العم مجتمعين؟
السؤال السابع: هل تتوقف الدول الغربية عن استنزاف موارد تلك المنطقة النفطية والغاز وغيرها وترجع كل ودائع الدول النفطية لتستثمر لصالح أبناء عصر السلام؟
السؤال الثامن: هل تترك الدول الغربية الشعوب العربية تختار حكامها بحرية كما تترك أبناء العم في إسرائيل، وهل ستدافع عن حقوق كل أبناء عصر السلام من العرب من القتل العشوائي والاختفاء القسري والنشر بالمناشير والحبس الاحتياطي مدى الحياة وغيرها من مخلفات عصر الصراع والحروب حتى ننعم بما ينعم بها أبناء العم في تل أبيب من حقوق للإنسان؟
السؤال التاسع: هل ستعيد دولة إسرائيل الشقيقة بحسب حدودها التي ستكون الجولان لسوريا وتحترم حدود لبنان والأردن ومصر أم أن هناك تصورا آخر تعتزم القيام به: ترى ما هو ؟
السؤال العاشر: إلى من ستوجه كمية الأسلحة ومعدات الحرب التي تكفي لفناء البشرية المكدسة في مخازن الدول العربية المحبة للسلام والمخزنة في المخازن الإسرائيلية والتي دمرت فلسطين وعدة عواصم عربية عدة مرات، هل سيتم إعدامها جميعا في عصر السلام، أم ستوجه لحرب جديدة، ترى ستكون حرب ضد من ولماذا؟
السؤال الحادي عشر: ماذا سنفعل في قرآننا وسنة وسيرة نبينا ومعتقداتنا الدينية وإيماننا بالله واليوم والآخر والجنة والنار في عصر السلام، وكيف يمكننا أن نواءم بين محبة أبناء العم ليعم السلام والإيمان بما جاء به كتابنا ورسولنا؟ ومن سيجدد لنا ديننا؛ وليس إيماننا، لنولد في نعمة السلام من جديد؟ وهل سنكون ساعتها مسلمين أم يهود أم ماذا؟ سؤال يستحق أن يجيبنا عليه حكامنا الحكماء العلماء أئمة الإيمان المسالم أو السلام المؤمن، ومن سيجدد لنا ولهم الإيمان نتنياهو أم جالانت أم ترامب؟
السؤال الثاني عشر: وهو مرتبط بالسؤال السابق، فيما يتعلق بتاريخنا الرسمي الذي علمنا إياه حكامنا العرب عبر مناهجهم الدراسية لأكثر من قرن في مدارسهم الرسمية: بأننا أمة عربية، وبأن الصهيونية استعمارية عنصرية غاصبة، وأن فلسطين عربية، ماذا سنفعل في هذا التاريخ؟ وكيف يمكن محوه من القلوب والعقول والذاكرة بعد محو الدين منهما؟ وهل بعد ذلك سنكون عرباً أو حتى مصريين أو اردنيين أو أي جنسية عربية أخرى؟ أم ماذا سيطلق علينا ساعتها؟ وكيف سننظر لهويتنا؟، ونفس الأمر متعلق بأبناء العم شركاء السلام والرخاء: هل سيتم محو كل ما يتعلق بالأغيار في التوراة والتلمود وغيرهما من مصادر الديانة اليهودية؟ وهل سيتم إلغاء قانون الجنسية وقانون القومية؟ وهل سيتم إلغاء كل العنصرية والتحريض على كراهية العرب من التاريخ الرسمي لدولة أبناء العم؟ ويا ترى هل سيكونوا لحظتها يهودا فعلاً أو حتى صهاينة أو متصهينين كبايدن وترامب أو إسرائيليين؟ أعتقد أن حكامنا العرب مع إخوانهم في تل أبيب وواشنطن ولندن وباريس يجب أن يفكروا في اسم جديد يطلقوه على الجميع؟
بالطبع لن يجيب أحد على هذه الأسئلة، لأن الإجابات معروفة ب لا، ولأن الإجابة عليها بنعم ستعني الكثير جداً مما لا يطيقه أبناء العم ولا رعاة البقر ولا محبو السلام.
لكن كل هذه الأسئلة تحتاج جمع غفير من العلماء والباحثين والأدباء والكتاب والفنانين ومبتكرو الأفكار لعرضها على الشعب العربي في أشكال كثيرة مختلفة على وسائل ووسائط التواصل الاجتماعي الحديثة حتى تعرف الأجيال الجديدة مصيرها إن ظلت على حالة السبات الغريبة التي نحن عليها الآن ونحن نساق لحتفنا سعداء لاهون.