مقالاتمقالات مختارة

أدوية ربانية في زمن الأنا المتضخمة

أدوية ربانية في زمن الأنا المتضخمة

بقلم د. عبد الرحمن بشير

إن كنت ذَا سمعة طيبة كداعية، أو كمفكر، أو حتى كشخص له موقع في المجتمع، وأردت أن تعرف من يقدًرك، ومن لا يقدّرك، فانظر إليه حين يتحدث الناس عنك ماذا يفعل؟ إن كان يجعل نفسه غائبا فهو يكرهك، وإن كان يتدخل بشكل غير عادي حين يتم الحديث عنك، فاعلم أنه لا يحب أن يسمع الناس عنك خيرا، وبهذا فهو يحسدك، ولكن من المشكلة أن تتوقف له، أو أن تعطيه فرصة التدمير على سمعتك، ومن هنا يطرح بعض الخبراء توجيهات عدة لمواجهة هذه الأنواع من البشر:

أولا: تحدّث عن إنجازاته وإيجابياته أمام الآخرين، وحاول أن تمنحه بعض الدفء حتى يعالج هو نفسه من مشكلة الحسد، فالحسد داء قاتل، وهو الذي أخرج إبليس من السماء، وجعل إخوة يوسف يخططون في التخلص منه، وقليل من العظماء ينجون من شرّه.

ثانيا: عِش كما أنه ليس لك أعداء، ولا تمنح هؤلاء فرصا لنقل أمراضهم إليك، فالحياة قصيرة، وليس من الحكمة أن تجعل حياتك محل تجارب، ومحطة التقاء الحاسدين عليها.

ثالثا: عِش بلا أحقاد، وامنح الناس أهمّ ما فيك، ولا تستمع من ينقل إليك من الأخبار السيئة عن المحيط، فاجعل حياتك مليئة بالسرور، وعش كما يعيش الأطفال سعيدا، واختر من الزملاء المحبين الذين يفهمونك، أو يحاولون أن يفهموك.

رابعا: يقولون: من حسدك رزقك، فلا تهتم بكثرة الحاسدين عليك، لأن كثرة الحاسدين دليل على النجاح، فالناس لا يحسدون الفاشلين، ولكنهم يحسدون الناجحين، والسعداء في حياتهم.

خامسا: عِش مع الله الواحد، ومن كان راضيا بما أنعم الله عليه من النعم فهو فى نعمة وجنة، فإنه قد يحرم عليك بعض النعم لأسرار هو يعلمها، ولكنه يعطيك بدلا عنها نعما أخرى، ومن الأدب مع الله، الشكر عند النعم، والصبر عند الفقد، وهذا لا يحصل إلا من كان مؤمنا.

سادسا: لا تنظر إلى فعل المخلوق، ولكن انظر وتأمل إلى فعل الخالق، فهنا يمكن السر، وحين التقى موسى عليه السلام مع الخضر عليه السلام وجد رجلا كله أسرار، ولكنه ليس معروفا، فما تفعله مع الله أفضل بكثير مما تفعله مع الخلق.

سابعا: عِش طويلا مع القصص في القرآن، فليس هناك ما هو أفضل من ذلك، فمن أراد النجاح فعليه قراءة قصة سليمان عليه السلام، ومن أراد العلم والصبر عليه حتى يصل إلى مبتغاه فعليه قصة موسى عليهما السلام مع الخضر، ومن أراد العيش في الغربة فعليه قصة يوسف عليه السلام، وما من مشكلة إلا وفى قصص القرآن عبرة لها، وفيها دروس لا تنتهي.

ثامنا: كل شيء له نهاية، فالمشاكل لها نهاية، والأفراح لها نهاية، وما لا نهاية له هو الإيمان وحده، والعيش مع الله، فلا تنس أن تكون مع الله في كل الأحوال، فالناس يَرَوْن فيك، وفى غيرك المظاهر، والمسلم يحاول أن يرى الحقائق في ذاته، وفى غيره، وهنا مكمن السر فى قوة المسلم.

تاسعا: اترك الناس لرب الناس، فلا تتدخل في حياتهم الخاصة، ولكن كن مع ضعيفهم حتى يقوى، ومع صغيرهم حتى يكبر، ومع جاهلهم حتى يتعلم، ومع مظلومهم حتى ينتصر، ومع فقيرهم حتى يستغنى، ومع عازبهم حتى يتزوّج، وبهذا تعيش سعيدا من الداخل.

عاشرا: كن مع قوله تعالى (حسبي الله ونعم الوكيل) فيكون الله وحده حسيبك، وكن مع قوله تعالى (رب اشرح لي صدري) يشرح الله لك صدرك، فقد سأل موسى ذلك، وأُعطي، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطي ذلك بدون سؤال (ألم نشرح لك صدرك)، فمن كان الله معه، فلا فقد شيئا، ومن شرح الله صدره فكان من الناجين، والفائزين.

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى