مقالاتمقالات مختارة

أدرعي وكوهين وجوه إسرائيل المفضوحة على وسائل التواصل الاجتماعي

أدرعي وكوهين وجوه إسرائيل المفضوحة على وسائل التواصل الاجتماعي

بقلم د. أنور يوسف

لا بد من الإذعان بأن جميع غفير من مُرتادي وسائل التواصل الاجتماعي كان قد مر على أذهانهم في صفحات الفيس بوك وتويتر حسابات لأفيخاي أدرعي وإيدي كوهين فتلك الأسماء أصبحت مشهورة لدى الشارع والجمهور العربي أكثر من رئيس الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو ورئيس أركانه. فما السر في الترويج لشخصية كأفيخاي أدرعي وإعطاؤه ذلك القدر من الدعم من قبل الكيان الصهيوني ليصبح أشهر من نار على علم رغم أن رتبته العسكرية كما مكانته لا ترقى لذلك الدعم الحثيث من قبل مؤسسات عديدة ناشطة بقلب الكيان الصهيوني والتي تعمل على بذل جهود حثيثة في محاولة اختراق الشارع العربي عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.

هنا وفي هذا الصدد يجب أن نعترف بأنه هناك نقص وعي لدى شريحة كبيرة في المجتمع العربي تجاه التعاطي مع تلك القضايا وأيضاً إلى نقص المعرفة والإحاطة بأساليب الكيان الصهيوني ببث سمومه الذي يمارس عن طريقها نهجاً غير تقليدي في محاولة اختراق الشارع العربي عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها للوصول إلى التطبيع معه. فالمحتل يبقى محتل ولو استغل أي ثغرة بين الإخوة ليصطاد في الماء العكر كما يحاول دائما كوهين وأدرعي بالعمل على ذلك.

وهنا لست بصدد التطرق علمياً وتقنياً بشرح آلية الاستغلال من جانب الكيان الصهيوني بأساليب أقل ما يقال عنها من جانب العاقل بأنها مفضوحة لأنني سأحتاج مئات الصفحات والتحليل العميق الموثق بالأدلة وتحليل البيانات الضخمة لذلك ارتأيت بتوضيح الصورة بشكل عملي ومبسط وبعيداً عن التعقيد ليفهمه العامة من الناس ويحققوا الغاية المرجوة والمتمثلة بمعرفة أساليب الكيان الصهيوني في بث سمومه عن طريق تلك الوجوه في وسائل التواصل الاجتماعي وصولاً للتنبه من خطرها على المستقبل البعيد.

فشخص مثل أفيخاي أدرعي من أصول عراقية درس العربية بمصر وأيدي كوهين التي تتحدث تقارير كثيرة عن أصوله اللبنانية وترعرعه هناك هي وجوه مناسبة لممارسة مهمة محاولة اختراق الشارع العربي والتطبيع مع الكيان الصهيوني نظرا لإتقانهم اللغة العربية وثقافتها ناهيك عن دراسة الطابع الاجتماعي والسلوكي أضافة للتوجه الديني الغالب على شرائح تلك المجتمعات ألا وهو الدين الإسلامي. إلى جانب ذلك يعمل الكيان الصهيوني بالموازاة على إدارة صفحات إسرائيلية تخاطب الشارع العربي كصفحة إسرائيل بالعربية وإسرائيل تتكلم بالعربية وتروج للحياة الكريمة والابتكارات والقياس من زاوية واحدة مفضوح لكيان يرتكب مئات المجازر بحق الفلسطينيين.

فما فائدة نشر تلك الصفحات بأن الكيان الصهيوني توصل لإنجاز علمي يخدم البشرية وهو يحارب البشرية بقتل الأبرياء وارتكاب المجازر بحق المدنيين وما هي الغاية من وضع تقرير صحفي لعمليات جراحية قلبية للأطفال السوريين وهي تقتل منهم دوماً كما حدث أخيرا وتوفي طفل بمنطقة صدنايا بدمشق نتيجة لغارة صهيونية. فالأشخاص والصفحات الرسمية من وزارة خارجية الكيان الصهيوني جنباً إلى جنب مع أدرعي وكوهين في اختراق الشارع العربي عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي المتضمنة المنصات الأكثر شهرة في العالم.

أفيخاي أدرعي عند دخوله اليوم الأول كمتحدث بلسان جيش الاحتلال الإسرائيلي بالعربي كان على معرفة بأنه لا يأبه بالردود والشتائم والمعاداة ولكن كان الهدف المكلف به متمثل بتوصيل رسالة بشكل متكرر ولو على حساب شخصيته على أن يصبح في المستقبل البعيد شخصية مشهورة ولو كانت مذمومة وقد نجح في ذلك والآن كما يعرف الجميع بأنه بات شخصية مشهورة في الشارع العربي أكثر من رئيس الكيان نفسه.

ولكن أفيخاي الذي كان يعمل في وحدة الاستخبارات الإلكترونية الشهيرة والمعروفة بـ وحدة 8200 الإلكترونية لا يدير صفحته ومواضيعه وطريقة وأسلوب التعاطي مع الشارع العربي لوحده كما تظن الغالبية بأنه عبارة عن شخص لديه صفحة ويقوم يومياً بكتابة البوستات بشكل عفوي على فيس بوك والتغريد على تويتر ولكن في الحقيقة هذا نتاج طاقم كبير ومختص من قيادة حروب السايبر في جيش الاحتلال وأفراد لهم خبرة كبيرة في علم النفس السلوكي ودراسة المجتمعات والأديان.

فكما هو ملاحظ بأن أفيخاي لا يفوّت مناسبة دينية إلا ويكتب عنها خاطب ودّ المسلمين الذي يقتل جيشه المئات منهم شهرياً فبدءاً من التذكير بأذكار يوم الجمعة مروراً بالتهاني في شهر رمضان ونهاية بالتبريك بالأعياد وتطرقه لأحاديث عميقة في صلب الديانة الإسلامية مستخدماً منها ما يبث الفرقة بين طوائف المسلمين وهذا ما أدى إلى تفاعل شريحة كبيرة من الشارع العربي معه من مبدأ السخرية ولكن لكثرة تكراره عبر الزمن أصبح شيء معتاد عليه وعن طريق الخطأ يقوم أشخاص كُثر بالتعليق والمشاركة على سبيل السخرية والغضب ولكن هم في الحقيقة يقومون بالترويج عن دون قصد ليأتي هنا دور وحدة الاستخبارات الالكترونية عبر أنشاء حسابات عديدة بأسماء عربية وظيفتها بث الفتنة والرد على تعليقات الأشخاص لخلق جو من التفاعل . كل ما سبق يُصبح شئ عادي لدى الكثيرين مع مرور الوقت.

هذا يحصل مع صفحة إسرائيل باللغة الفارسية على تويتر أيضا التي تخاطب الشارع الإيراني الذي لا يقل أهمية في اختراقه عن نظيره العربي وكان وجه الشبه واضح ذلك بأن اللغة الفارسية عند الترجمة تظهر أخطاء جمّة في المترجم ويتضح بأن هذه الجملة كانت قد تُرجمت عبر ترجمان آلي فموقع الفعل يأتي خاطئ في كثير من الأحيان وهذا ما ستلاحظه أيضا باللغة العربية عبر الركاكة الواضحة في ردود صفحات أفيخاي أدرعي وصفحات تابعة لهم كإسرائيل بالعربية إضافة إلى عدم وجود صور حقيقة في الغالب لتلك الحسابات وإن وجدت تكون صور مزيفة أُخذت عن طريق الإنترنت أو صُممت عن طريق أحد برامج الذكاء الاصطناعي.

وتبعاً لظاهرة أفيخاي في التفاعل ولو كان بمظهر الذم ولكن لا حرج فالذم يجلب الشهرة وهذا ما تبلور بشكل واضح عندما أصبح أدرعي موضح بحث عن طريق تشكيل محور مواجهات بين الإعلاميين والفنانين العرب على أثر ما ينشره في تويتر، على الصعيد الاخر ينشط إيدي كوهين على تويتر أكثر من الفيس بوك وهذا ما ستلاحظونه بأنه يُغرد بين الفينة والأخرى على تويتر بينما تفاعله على موقع الفيس بوك محدود عكساً لأدرعي.

فتحليلات البيانات أظهرت بأن إيدي كوهين يحاول التكلم بلهجة بلدان الخليج كالسعودية والإمارات والبحرين ويستخدم عبارات تلك الشعوب ويقوم بشكل لافت بنشر تسريبات أمنية على مستوى عالي في غالبيتها تكون أخبار لامعة ليتضح لاحقاً بأن غالبيتها كانت كاذبة ولا أساس لها من الصحة.

إتباع هذا الأسلوب أدى لاستقطاب عدد غفير من شعوب تلك المناطق التي تجد في تلقفها لمثل تلك الاخبار مرجعاً ذلك بأن لدى شريحة كبيرة من الشارع العربي لديها فكرة أن رجال المخابرات الإسرائيلية يتحدثون عن تقارير أمنية عالية المستوى وفيها من الصحة الكثير وهذا غير صحيح حسب الدلائل التي أظهرتها تحليلات البيانات. فعند متابعة أخبار وتسريبات كوهين على تويتر يتضح للعامة بأنها عارية عن الصحة وأقرب إلى الهزل والخيال.

الأفكار بين أفيخاي وكوهين متشابه ولكن الأسلوب مختلف لتأدية نفس الهدف وهو التقرب واختراق الشارع العربي بأي وسيلة كانت وجعل التطبيع ولو على أساس أي ثمن فكرة عادية وهذا ما يجب أن يتنبه له الشارع العربي ويعمل على محاربته أو مقاطعته كلياً وعدم استضافتهم في المنابر العربية وإتاحة الفرصة لهم للاستغلال الشرخ الحاصل في الدول العربية سعياً منهم لتحقيق مصالحهم ومأربهم في اختراق الشارع العربي والتطبيع معه.

(المصدر: مدونات الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى