مقالاتمقالات المنتدى

أحلام_الصالحين

أحلام_الصالحين

بقلم الاستاذ أنور الخضري ( خاص بالمنتدى)

عندما واجه ابن تيمية -رحمه الله- التتر في زمانه لم يواجههم بجيش من الملائكة ولا من الصحابة، بل بجيش من مسلمي زمانه بكل أخطائهم وإشكالاتهم، حتى أنه مات محبوسا في القلعة من قبل مجتمعه الذي قاتل معه وحلف اليمين تحقيقا لا تعليقا على انتصارهم على التتر!.
ابن تيمية استحث المماليك ولهم في التاريخ من الطوام ما لهم، هناك من يبرز إيجابياتهم ويغلبها لكنه في الحقيقة يطمس الوعي، فالمماليك كان فيهم طوام وثقتها كتب التاريخ، لكن لم تكن طوامهم أمام التتر سوى حسنات.
أقول هذا لأن كثيرا من الصالحين في اليمن غير متجاوبين مع الجيش الوطني ولا مع المقاومة الشعبية، فلا زيارات ولا لقاءات ولا الانخراط معهم لتقديم نموذج حسن وقدوة طيبة، فالصلاح لا ينتشر بالتوجيهات واللغة الاحتسابية بل ينتشر بالقدوة اللصيقة القريبة من الأنفس، التي تعمل على حل الإشكالات بحكمة والانحرافات بتدرج، والأخطاء بالنصيحة، واللمم بالتغافل، مع زرع القضايا الكبرى والمعاني الكلية والمبادئ العليا، خصوصا في ظل ظروف تستوجب عدم النزول في التفاصيل.
الصالحون في بلادي يريدون فتحا مبينا لكن لا أدري من أين؟! وينتظرون مخلصا بصفات أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وجيشا كأهل بدر، وإن لم يصرحوا بذلك وضوحا لكن تشاكيهم وتباكيهم من الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وتعميمهم للصورة السوداوية يجعلك تحتم القول بأننا بحاجة إلى نزول ملائكة من السماء أو طير أبابيل أو بعث يبعثه الله من البقيع ليسترد لنا صنعاء!
أخطر ما يعيق إصلاح الواقع هي المثالية المستحيلة، وأحلام الصالحين التي تعطل جهود المصلحين، ففي حين يعمل المصلحون في إصلاح الأوضاع بما هو ممكن، وما هو موجود، والبدء بما هو أخطر وأهم عما يحتمل التأخير والتأجيل، مع حفظ الموجود المختل طالما وأن البديل مفقود.
الصالحون قد يكونوا أكثر عبادة وذكرا وتقى لكن ليس بالضرورة أقدر على الإصلاح، وعندما اصطدم أبو ذر رضي الله عنه مع سياسة معاوية رضي الله عنه بالشام ألزمه عثمان رضي الله عنه الخروج من الشام والعودة للمدينة إعمالا لمبدأ أن الصالح قد يعيق المصلح وهو يحسب أنه يحسن صنعا.
فيا أيها الصالحون دونكم والميدان وإلا فلا تثبطوا الناس عما لم لا تستوعبه عقولكم وقلوبكم وتستوعبه شريعة الهدى والرشاد والحكمة المحمدية.
الجيش الوطني والمقاومة الشعبية هما درفتا الباب الذي يحمي اليوم الدولة والوطن فإن كسرت إحدى الدرفتين لاقى اليمن فتن أعظم مما يعيشها اليوم. لهذا فينبغي الوقوف مع هذين المكونين وحشد الطاقات والنصيحة لها وغض الطرف عن مساوئها فإنهم يعطون أرواحهم وهو أعظم العطاء في سبيل الله تعالى، لهذا كان الجزاء أن يغفر لهم مع أول قطرة دم.
وينبغي أن تضع القوى الوطنية خطة لدعم الجيش الوطني والمقاومة الشعبية ولو خارج إطار السلطة المرتهنة.

إقرأ أيضا:(أقلام البشر تجاه المرابطين في الثّغر)!!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى