اسم الكتاب: أحكام الصَّلاة على الكراسي ومسائلها المُستجَدَّة.
اسم المؤلف: محمَّد بن أحمد علي واصل.
عدد الصفحات: 144 صفحة.
الناشر: مدار الوطن للنشر.
نبذة عن الكتاب:
هذا الكتاب هو عبارة عن بَحْث عِلمي مُحكَّم، يتحدَّث عن ظاهرة جَديدة، ألَا وهي (ظاهرة الصَّلاة على الكراسي)، وقد غدَتْ هذه الظاهرةُ واسعةَ الانتشار أكثرَ من ذي قَبل، حتى لا يكاد يخلو مسجدٌ ولا جامعٌ من مصلِّين عليها، وتنوَّعت أحوالُ الناس في أداء الصَّلاة على الكراسي بين المُخطِئ والمصيب، واختلفت أنواع الكراسيِّ التي يُصلَّى عليها – من حيث صناعتُها، وأحجامُها، وطريقةُ تثبيتها – اختلافًا قد يُوقِع في الخطأ، واستجدَّت فيها مسائلُ تحتاج إلى البحث عن أحكامها، ومع ذلك قلَّ من تطرَّق للحديث عنها، بل إنَّ بعضًا ممَّا استجدَّ من مسائلها لم يُكتبْ فيها، أو لا تكاد يُوقَف على كلامٍ لأحدٍ من أهل العلم يُناقشها بخصوصها.
فجاء هذا البحث ليوضِّح ويبيِّن حُكمَ الصَّلاة على الكراسي، متطرِّقًا لِمَا استجدَّ من مسائلها. وقد بدأ المؤلِّفُ بحْثه بمقدمةٍ: ذكر فيها ما دَعاه إلى الكتابة في هذه المسألة، مبيِّنًا أهمية بحثها، وتوضيح مسائلها. وتحت عنوان (الدِّراسات السابقة) ذكَر الباحث أنَّه لم يجِد سوى بحثٍ صغير لم يتطرَّق فيه مؤلِّفُه إلى مستجدَّات الصلاة على الكراسي، إضافةً إلى وقوفه على بعض الفتاوى المتناثِرة تتحدَّث في قليلٍ من فروع المسألة، مُستنتِجًا أنَّ أغلب مسائل بحثه لم يُكتب فيها، ولم يُوقف على كلامٍ لأحدٍ من أهل العلم يناقشُها. ثم بعدَ ذلك ذكَر منهجَه في البحث، خاتمًا المقدِّمة بخُطَّة البحث.
وقسَّم المؤلِّف البحث إلى تمهيدٍ وفصلين، وتحت كلٍّ من التمهيد والفصلين اندرجتْ عِدَّة مباحث، وبعض هذه المباحث تفرَّعت عنها مطالب، وفي طِيَّاتها مسائل.
فجاء التمهيد الذي هو “في مفهوم الصلاة وعناية الشارع بها، وبيان أنواع الكراسي” مشتملًا على أربعة مباحث:
المبحث الأوَّل: عرَّف فيه الصَّلاة في اللغة والاصطلاح، وذكَر أهميَّة الصلاة وعِناية الشارع بها في المبحث الثاني.
والمبحث الثالث: كان عن بيان أركان الصَّلاة، تحدَّث فيه المؤلِّف من خلال مطلبين: أولهما: عرَّف فيه الركن لغة واصطلاحًا، وثانيهما تكلَّم عن أركان الصلاة، ذاكرًا ما اتَّفق العلماء عليه من الأركان، وعرَّج بعدَها على المُختلَف فيه باختصار بناءً على أنَّ الحديث عنها ليس هو المقصود من البحث.
والمبحث الرابع: تحدَّث فيه عن مفهوم الكُرسي، وبيان أهمِّ أنواعه. وقسَّم كلامه فيه على مطلبين كذلك؛ عرَّف في المطلب الأوَّل: الكرسي في اللغة والاصطلاح، وفي المطلب الثاني: تطرَّق لأنواع الكراسي من حيثُ إمكانُ استعمالها في الصَّلاة عليها.
وجاء الفصلُ الأوَّل (أحوال أداء الصَّلاة على الكرسي) في ثمانية مباحث:
المبحث الأوَّل: خصَّ الحديث فيه عن أداء المنفرِدِ صلاتَه على الكرسي، وفيه مطلبان: أحدهما: عن جلوس مصلِّي الفريضة على الكرسي في صلاته وفي مسائلَ أربعٍ فصَّل القول في أحكام جلوس المصلِّي للفريضة على كرسي، ذكَر في المسألة الأولى اتِّفاقَ العلماء على عدَم جواز الصلاة على الكرسي للقادِر على القيام في الفريضة، وفي المسألة الثانية ذكر اتِّفاقهم على جواز الجلوس في صلاة الفريضة للعاجِز عن القيام، وفي المسألة الثالثة تحدَّث عن حُكم إتيان المفترِض بتكبيرة الإحرام جالسًا، والمسألة الرابعة عن كيفيَّة الجلوس على الكرسي في الصَّلاة، وحُكم التربُّع فيه. وثاني مطالب هذا المبحث: عن حُكم الجلوس على الكرسيِّ في صلاة النافلة، موضِّحًا أنَّ مصلِّي النافلة؛ إنْ صلَّاها جالسًا لعجْز عن القيام فله الأجْر كاملًا، وإن صلَّاها جالسًا لغير عُذر فهو جائزٌ، لكن أجره على نِصف أجر القائم كما جاء عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
وأما المبحث الثاني: فتكلَّم فيه عن الضابط فيما يلزم المصلِّي على الكرسيِّ من أركان الصلاة وواجباتها، موضِّحًا: (أنَّ ما استطاع المصلِّي على الكرسي فِعلَه من الأركان والواجبات – أقوالًا وأفعالًا – وجَب عليه فِعلُه، وما عجَز عنه سقط إلى بدلِه الذي يستطيعه، إنْ كان له بدل، وأنَّ ما سقط عنه بسبب العجز لا يكون سببًا في سقوط المقدور عليه من أقوال الصَّلاة وأفعاله كلها).
وكان المبحث الثالث عن كيفية مُصافَّة المأموم على الكرسيِّ في صلاة الفريضة، وفيه مطلبان:
الأول: عن كيفية مصافَّة المأموم إذا صلَّى قاعدًا محلَّ القيام في صلاته كلِّها، ونقل اتِّفاق فقهاء المذاهب الفقهيَّة الأربعة على أنَّ مَن جاز له الجلوس في محل القيام من صلاته كلِّها، فإنَّ العبرة في مصافَّته خلف الإمام: أن يُحاذي الصفَّ بمقعدته لا بأقدامه.
والثاني: عن كيفية مصافَّة المأموم إذا جلَس على الكرسيِّ محلَّ الركوع والسجود.
وتحدَّث في المبحث الرابع: عن قُرب المصلِّي على كرسيٍّ من الإمام، إذا كان من أُولي الأحلام، ذاكرًا ثلاث حالات يختلف فيها حُكم قُرب المصلِّي على الكرسيِّ من الإمام.
ثمَّ المبحث الخامس: تكلَّم فيه عن حُكم جعْل المصلِّين على الكراسي في صفٍّ واحد، ومال إلى جواز ذلك، وأنَّ الجواز هو الظاهر من عموم أدلَّة الشريعة.
وكان كلامُه في المبحث السَّادس: عن حُكم إمامة المصلِّي على كُرسي ونحوِه، ذاكرًا خلاف العلماء في المسألة وأقوالهم وأدلتهم، ومرجِّحًا القول بصحَّة صلاة القادر على القيام والركوع والسجود خلفَ العاجز عن تلك الأركان أو عن بعضها، سواء صلَّى الإمام على الأرض، أو على كرسي ونحوه.
أمَّا المبحث السابع: فجاء عن مدى اعتبار العَجز عن القِيام ونحوه من مُسقِطات الجُمُعة والجماعة، ونقل المؤلِّف الاتفاق على سقوط حضور الجمعة والجماعة عمَّن أعجزه المرضُ عن القيام ونحوه في صلاة الفرض، إنْ لم يكن في المسجد، فإن كان لزمه الحضور.
وفي المبحث الثامن والأخير من هذا الفصل: تَطرَّق الباحث إلى مِقدار أجْر المصلِّي على الكرسي، مبيِّنًا أنَّ المصلي جالسًا لا يخلو من حالين: أن يكون مضطرًّا لأداء الصلاة جالسًا، ففي هذه الحالة اتَّفق أهل العلم على أن للمصلِّي أجرًا كاملًا غير منقوص، كصلاته قائمًا، والحالة الثانية: ألَّا يكون المصلِّي مضطرًّا للجلوس ولا صاحب عُذر؛ ففي هذه الحالة إمَّا أن تكون الصلاة فرضًا أو نفلًا، فإنْ كانت فرضًا بطلَتْ؛ لترك ركن القيام، وإنْ كانت نفلًا فله نِصف أجر القائم.
وأمَّا الفصل الثاني: فكان عن النوازل المتعلِّقة بالصلاة على الكرسي، واشتَمَل هذا الفصل على سَبعةِ مباحث:
المبحث الأوَّل: كان عن حُكم وضْع كراسيَّ ثابتة في متكآت المسجد، واستظهر أنَّ حُكمها لا يخلو من حالتين:
الأولى: أنْ تكون مرنةً تُمكِّن مَن أراد أن يصلِّي عليها من تقديمها أو تأخيرها بما يتناسب مع عجزه ونحوه، وحُكمها في هذه الحالة يكون حُكم وضع الكراسي مشروعًا، إمَّا وجوبًا أو استحبابًا، بحسَب الحاجة لها.
والحالة الثانية: أن تكون الكراسي ثابتةً على حال واحدة، فوضعها بهذه الطريقة منهيٌّ عنها؛ إمَّا تحريمًا أو كراهةً على حسَب المخالفة التي تُفضي إليها عند الجلوس عليها.
وفي المُبحَث الثاني: تحدَّث الباحثُ عن حُكم وقْف الكراسي على المساجِد، أو الأفراد، وضَمَّنه مطلبين:
الأول: عرَّف فيه الوقف لغةً واصطلاحًا.
والثاني: تحدَّث فيه عن حُكم وقْف الكراسيِّ على المساجِد والأفراد؛ وبنَى الباحث مشروعية الوقف من عدم المشروعيَّة على مسألة حُكم تثبيت الكراسي في المسجِد. وأمَّا إن كانت متنقلةً فقد بيَّن أنَّ الأصل مشروعية وقْفها، مبيِّنًا كذلك أنَّه لا فرق بين الوقف على المساجد أو على الأفراد، إلَّا من ناحية الاستعمال؛ فمتى كانت موقوفةً على أفراد معينين لا يجوز لغير هذا المعيَّن استعمالُها إلا بإذنه؛ لأنَّ التعيين كالملك. فإذا استعملها غير المعين بدون إذن فهو معتدٍ آثم، ضامن له لو تلِف.
وفي المبحث الثالث: كان الكلام عن تحريك المصلِّي للكرسيِّ في الصَّلاة بطريقة آلية، أو يدوية. ووضح أن حكم تحريك المصلي للكرسي على وجهين: الوجه الأول: أن يكون تحريك المصلي لكرسيه من أجل مصلحة الصلاة فهذا سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لحركته في قصة خلعه نعله. والوجه الثاني أن يكون التحريك عبثًا وهذا لا يخلو من حالين: أن تكون الحركة يسيرة متفرقة فهي مكروهة وغير مبطلة للصلاة، أو تكون كثيرة متوالة فهي محرمة مبطلة للصلاة.
وأمَّا المبحث الرَّابع: فقد كان عن حُكم كون الكرسيِّ نجسًا، أو معلَّقًا عليه نجاسة، وفي هذا المبحث مطلبان:
الأول: عن كون النجاسة في موضعَ جلوس المصلِّي من الكرسي، وذكر فيها خلافا، مرجحا صحة الصلاة.
والثاني: عن كون النَّجاسة مُعلَّقة في جانبٍ من جوانب الكرسي، وذكر الخلاف في المسألة، ورجَّح صحة الصلاة في هذه الحالة.
وفي المبحث الخامس من هذا الفصل: تطرَّق الباحث إلى مسألة حُكم الصَّلاة على الكرسيِّ المصنوع من النَّقدين (الذَّهب والفِضة)، أو ما كان من الكراسيِّ مموَّهًا بهما. ورجَّح الباحث حُرمةَ الصلاة عليها مع صِحَّة صلاة مَن فعل ذلك.
وخصَّ المبحث السادس بالحديث عن الصَّلاة على كرسي مسروقٍ أو مغصوبٍ، مرجِّحًا صحةَ الصلاة على الكراسي المغصوبة أو المسروقة مع حُرمتها.
وخَتَم المؤلِّف مباحث هذا الفصل بمبحثٍ عن الصَّلاة على كراسي وسائل النَّقل الحديثة، وكان الكلام هنا في ثلاثة مطالب:
الأول: عن حُكم استقبال القِبلة للمصلِّي على كراسي وسائل النَّقل الحديثة، واعتبَر الباحث الركوبَ وسيلة من وسائل التنقل والسفر كالطائرة والسفينة والقطار والحافلة ونحو ذلك من الأعذار التي تُسقط شرطَ استقبال القِبلة.
والثاني: عن حُكم صلاة المنفرد على كراسي وسائل النقل الحديثة.
والثالث والأخير: عن حُكم صلاة الجماعة على كراسيهم في وسائل النَّقل الحديثة، وأطال في تقريرها.
ثمَّ ختَم المؤلِّف كتابه بخاتمة ضمَّنها أهمَّ النتائج المستخلَصة من البحث؛ منها: انعقاد الإجماع على أنَّ من أخل بركن القيام أو الركوع أو السجود عمدًا بغير عذر فصلاتُه باطلة، ولا يسقط واحد منها إلا بالعجز عنه إلى بدله وهو الجلوس، أو الاضطجاع. وأن صلاة المفترض العاجز عن أيٍّ من أركان صلاتِه، صحيحةٌ معتدٌّ بها، متى أداها حسب قدرته واستطاعته، وأجره غير منقوص، كما لو لم يكُن عاجزًا. ومنها أن الإجماع قائم على أنَّ العجز عن بعض الأمور لا يَسقط به المقدورُ، وأنَّ الميسورَ لا يسقط بالمعسور، من الأركان والواجبات في الصَّلاة وغيرها، وأن المعجوز عنه في الشرع ساقطُ الوجوب، ومنها أنه لا بد للمصلي جالسًا لعجزه عن القيام من الإتيان بتكبيرة الإحرام حال قيامه المستتم عند قدرته عليه… وغير ذلك والله أعلم.
المصدر: الدرر السنية.